|
إضاءات
ما الذي يشترك فيه الناسُ جميعًا؟ ما هي الأمور التي تبقى مشترَكةً بيننا على الرغم من اختلافاتنا كلِّها؟ ما هي الروابط التي يمكن لنا اعتمادُها في التعامل بيننا، نحن المختلفين جدًّا من بني الإنسان؟ ما الذي يشترك فيه المؤمن وغير المؤمن؟ وما الذي يشترك فيه اليهودي والمسيحي والمسلم؟ ما هو حد الاختلاف الذي لا يمكن العيش معه على أرض واحدة؟ وما هو المشترَك الذي يمكن معه ضمان العيش للجميع؟ إن أكبر ثورة فكرية وروحية شهدها الغرب في وجه الثقافة المادية والملحدة والاستهلاكية إبان القرن العشرين قادها رجلٌ من الشرق، وشكَّلتْ بديلاً من التعصب الثقافي ومركزية دينية تُلازِم نظرةً إلى العالم استعماريةً لا تزال ماثلة في إيديولوجيات سياسية يمينية أو يسارية. ينفتح بك على غابة من الأسئلة... أسئلة تتعلق بتاريخك، بمعتقداتك، بحقيقة وجودك. ومن ثم يضعك وجهًا لوجه أمام باحثٍ آثَر البحث التاريخي، فكرس جلَّ جهده للبحث في الأسطورة وتاريخ الأديان، لتأتي كتبُه مغامرة العقل الأولى (1978)، لغز عشتار (1985)، دين الإنسان (1994)، الرحمن والشيطان (2000)، الحدث التوراتي (1989)، آرام دمشق وإسرائيل (1995)، تاريخ أورشليم (2001)، الوجه الآخر للمسيح (2004)، إلخ، ثمارًا لهذا المشروع، ولتطرح اسمَه كباحث عالميٍّ يتصف بالموضوعية والحياد، غدت مؤلفاتُه المؤسِّس الأساسي لتفكير أجيال أتت بعده.
التواتر والإجماع إذا كان الإجماع يشكِّل الحلقة الثالثة من الأصول الأربعة التي تنضِّدها مصفوفةُ الشافعي، متمثلةً بالكتاب والسنة والقياس والإجماع والاجتهاد، – نقول: إذا كان الإجماع يأتي ترتيبُه ثالثًا في مصفوفة علم الأصول، إلا أنه يشكل عنصرًا تكوينيًّا فاعلاً في منظومة الأصول الأربعة، حيث إن القرآن والسنة، كما وصلانا، إنما وصلانا بالتواتر الذي يتأسَّس، لإسناده القوي وخبره الصحيح، على الإجماع، الذي يبلغ حدًّا في فاعليته المنهجية أن يعتبره الغزالي "أعظم أصول الدين؛ فهو الذي يُحكَم به على كتاب الله تعالى وعلى السنة المتواترة".
1 تعتمد الأسُس الأولى لأيِّ دين على مجموعة من المعارف والقيم الأخلاقية، منها الأمان والتسامح والمحبة والخدمة وتطوير إنسانية الإنسان والتكامل من خلالها. ولا يخلو الدين الإسلامي من هذه المقولات العامة ومن محاولات تطبيقها على السلوك الإيمانيِّ عِبْر تاريخه الطويل الذي امتلأ بأشكال مختلفة من الاعتقادات والرؤى، الخاصة والعامة، بخصوص تشغيل مفهوم الربوبية وتفعيل حركته الواقعية والتشريعية التي أنتجتْ رؤى متباينة للنظر إلى هذا المفهوم؛ فتعددتْ من خلاله الحقائقُ الربوبية، وبالتالي، طبيعةُ المعتقدات والمرتكزات التي يتم من خلالها تفعيل الحقائق المتعلقة بالربوبية، التي أنتجتْ نماذج متعددة من الأرباب، ينتمون إلى التسمية الكبرى للربِّ الواحد الأحد، ويختلفون في تطبيق آلية العمل وطُرُق التواصل وتنظيم الذاكرة الدينية وشَحْنها بما يتناسب مع إيمان كلِّ فرقة في تفسيرها معالم الغيب الواحد.
إن كلَّ حوار يقوم على إخصاب متبادل، لا على تسامح أبوي.
لقد أرسلتَ – يا ربُّ – أنبياء لكلِّ الشعوب، ذلك أنه ما من مخلوق يستطيع أن يفهم معنى لانهائيتك. نيقولاوس الكوزاني، أسقف كوزا (القرن 13)
وكانت ليالٍ غارَ نجمُها، وتقنَّع قمرُها، وكثرتْ وشوشاتُ أقدارها. وكانت نهارات مثقلة بالسِّعايات والنكايات، وبالعجيج والضجيج، والحقد والغضب، والبغض والصخب...
الدين، بما هو ظاهرة نفسية، حقيقة؛ وبما هو وظيفة، ضرورة. نسبي، بما هو شكل؛ مطلق، بما هو مضمون. خطورتُه وخطرُه أن ينقلب الشكلُ فيه مضمونًا، والنسبيُّ مطلقًا. عندئذٍ، يتصلَّب المعنى في الحرف فلا يُجاوِزُه، ويضمُرُ المضمونُ في الشكل فلا يتعدَّاه. وعندئذٍ، أيضًا، يغدو أداةَ انحطاط، بَدَل أن يكون عاملَ ارتقاء وخَلْق وحافزَ تطور وتطوير. وعندئذٍ، أيضًا وأيضًا، تنهض الحاجةُ إلى الرفض أو الاحتجاج في هيئة هرطقة أو زندقة.
القَصَص القرآني كله ليس تاريخًا، "وإنما المراد بها الاعتبار والعظة من السياق". وليس المهم في القصة ما تحكيه من وقائع وأحداث، بل المهم هو أسلوب السرد ذاته الذي تُستنبَط منه العظة.
|
|
|