|
إضاءات
لأني في نهاية المطاف لا أبحث إلا عن مخرج إنساني، يعطي كلِّ ذي حقٍّ ما شاءت له الألوهة من حقِّه المفترض، ويحافظ على ما نستحقه من هذه الأرض المقدسة؛ تراني في هذا السياق أواجه، منذ البداية، إشكالية فكرية وأخلاقية تقول أني أصبحت أتحدَّث عن حقوق نسبية عوضًا عن تلك المطلقة والأزلية التي أؤمن بها. كما أصبحت أتحدث عن بقايا بلد مدمَّر نسعى جاهدين للحفاظ عليه، ما يعني أني أصبحت شبه يائس، إن لم أقل متشكك، أنه بوسعنا الحفاظ عليه موحدًا. لأنه، وكما قالت سيمون ﭬايل: هناك اليومَ درجةٌ عاليةٌ جدًا من الفوضى والتعارض بين الواجبات... وبالتالي، نحن نواجه اليوم واقعًا مقيتًا يضعنا أمام خيارٍ صعبٍ يقول: إنَّ من يتصرَّف بحيث يزيد من هذا التعارض يكون مثيرًا للفوضى. ومن يتصرَّف بحيث يقلِّل منه يكون صانعًا للنظام. وأن من ينفي بعضَ الواجبات لتبسيط المشاكل يكون قد أقام رابطةً مع الجريمة.
قبل الدخول في صلب موضوعنا، لابد من إعطاء فكرة عن طبيعة النظام الذي بدأ بالتشكل في سوريا منذ انقلاب الثامن من آذار 1963 والتصفيات الداخلية المتكررة التي جرت ضمنه، إذ أن أطيافًا متعددة من المعارضات التي ظهرت خلال الفترة المعنية كانت نتيجة مباشرة لتلك التصفيات، فكل فصيل أو رمز من رموز السلطة تمت إزاحته عن مواقعه انقلب بالضرورة إلى فصيل و/أو رمز معارض، هذا طبعًا إلى جانب فصائل وشخصيات أخرى عارضت الانقلاب ووقفت ضده منذ البداية.
أيقونة أخرى للحرية التونسية في عيد ميلادها... يبدو أنَّ السؤال عن الحرية لم يعد ممكنًا في لغة المفاهيم الناعمة من قبيل "ما هي الحرية"؟ أو "أين تبدأ حريتك وأين تنتهي"؟ أو"الحرية: هل هي معطى طبيعي أم مكسب مدني"؟ إلخ من أنواع الأسئلة التي تعوَّد التقليد الفلسفي والأكاديمي والنظري على إتيانها. في هذا السياق التاريخي الذي نحن فيه الآن في البلاد العربية بعد ثورات الربيع العربي، ربما من الأنجع أن نأتي سؤال الحرية من وجهة مخصوصة: فنتحوَّل عن سؤال "ما هي الحرية"؟ إلى سؤال "ما ثمن الحرية"؟
ما برح وضع النساء العربيات في مجتمعات تنشد التحديث والانفتاح على جميع الأصعدة وتتشبَّث بمنظومة العلاقات التقليدية بين الجنسين وضعًا مثيرًا للجدل وجديرًا بالتحليل والنقد. وينطبق هذا الوضع على ما وسمه الأستاذ عبد المجيد الشرفي بحالة الانتماء المتأزم، وهي أيضًا حالة الخطاب النسوي العربي انطلاقًا من منتصف القرن الماضي لاسيما بالنظر إلى سيل الاتهامات التي تُوجَّه للنسويات إمَّا بالتبعية للغرب وتفسخ الهوية أو بالاستكانة والتمجيدية الفجَّة للخطاب السائد.
اختلف فقهاء الدستور حول القواعد التي يجب الاستناد إليها في إعداد الدساتير، وتحديد مصادر التشريع فيها، ومن ثم مصادر شرعيتها، وإن كان الفقه الدستوري كاد يستقر على أن الدستور هو التعبير السياسي والقانوني عن العقد الاجتماعي بما يتضمنه من مبادئ وقيم اجتماعية وثقافية وعقائدية واقتصادية تختلف من مجتمع إلى آخر في التفاصيل لكنها محكومة بمنظومة قيم إنسانية، تكاد تكون عامة، تتعلق بحقوق الإنسان الأساسية في المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص وعدم التمييز بين أفراد المجموعة البشرية على أساس من اللون أو العرق أو الجنس أو الدين أو الحالة الاجتماعية والاقتصادية.
ضمن برنامجها للعام 2012، وبالتعاون مع منظمة السلام المسيحي Pax Christi، أقامت معابر عدة حلقات حوار إذاعية مع عدد من الشخصيات المستقلة في البلد حول عدد من المواضيع المتعلقة بالأوضاع الراهنة. حلقات يمكنكم سماعها على الروابط التالية: http://souriali.com/cms/?p=120 https://www.facebook.com/RadioSouriaLi https://twitter.com/RadioSouriaLi ***
تحركت قريحة مجموعة من الفاعلين الأمازيغيين المغاربة مؤخرًا بسرعة مضاعفة لانتقاد الدولة في مماطلتها في دسترة اللغة الأمازيغية وعدم استصدارها لقوانين تنظيمية لذلك، وتجندوا أيضًا لطرح إشكالية الأسماء الأمازيغية وضرورة العمل على إنهاء "محنة" هذه الأسماء، كما انزوى البعض مبرئًا الحركة الأمازيغية مما نسب اليها من إقامة لـ"محاكم شعبية" بالحرم الجامعي بمراكش، وقد كان خبر بتر بعضٍ من أعضاء الطلبة وأيديهم وأرجلهم غير مستساغ بالنسبة للحركة الأمازيغية وخصوصًا في هذه الظرفية بالذات. من جهة أخرى، ولكثرة الكتابات المنشورة أضحينا نرى أن هناك صراعًا خفيًا ما بين "مثقفين حداثيين" لكنهم عرقيين بامتياز، و"مثقفين أصوليين" يروجون لـ"يوتوبياتهم" بطريقة دعوية، لكن الخلاف الظاهر أن كلا المثقفين نراه يتناسى قيم العقلانية ويلعب على وتر العواطف مدغدغًا لمشاعرٍ أكثر منه مُسْتَفِزًا لفكرنا النقدي.
تُعتبر "الذاكرة" قوة مذهلة للذات الإنسانية ويعود ذلك للدور المهم الذي تؤديه في جعل المكان أكثر سموًا وروحانية وذلك من خلال منحها الموضوعات المادية التي تعرفها أو تلك التي تتخيلها وجودًا غير مادي. إضافة إلى ذلك، ما من أحدٍ يستطيع أن يُنكر دور "الذاكرة" البارز أيضًا إزاء الزمن، فمن خلال قدرتها على حثِّ الصور المحفوظة في رحاب ميدانها الداخلي للمشاركة بفعَّالية في الديمومة الداخلية للزمن يستطيع هذا الأخير أن يسمو ويصبح أكثر روحانية. لا يمكن حصر موضوع "الذاكرة" فقط بالأشياء العابرة أو المُتحركة، ففي رده الشهير على نبريديوس Nebridius، دحض القديس أوغسطين هذه الفكرة قائلاً: لا بدَّ من التنويه بأن ما يمكننا تذكره ليست فقط الأشياء العابرة، وإنما أيضًا، وفي أغلب الأحيان، الأشياء التي تستمر في وجودها.
مصير المفقودين وإظهار حقائق ما جرى وتحديد المسؤوليات ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات والجرائم عبر المؤسسات القانونية والقضائية، وهذا شرط لازم وواجب وضروري، فلا يمكن أن تبرد روح الثأر والانتقام ومحاصرة الفوضى المحتملة، ما لم يشعر المتضررون بأن حقوقهم لن تضيع وأن المرتكب لن يفلت من العقاب، ولا يمكن الإنسان أن يغذي انتماءه إلى المجتمع ويساهم ببنائه إذا لم يطمئن إلى أنه سيحصل على العدالة.
1.
لم تكن الأحداث التي عصفت بمدينة حماه ذلك العام هي
الأولى من نوعها بعد انقلاب الثامن من آذار 1963، فلقد عاشت المدينة أحداثًا
مشابهة في شهر نيسان من العام 1964، لكن على نطاق أضيق وحصيلة من الضحايا
والدمار أقل.
-1- لم يكن أحدًا ليتوقع بأن منظمة "شبيبة هتلر" (Hitler-Jugend) البائسة التي أعلن عن تأسيسها في اجتماع الحزب النازي السنوي عام 1926 في مدينة فايمار، ذات التاريخ الثقافي العريق، سيكون لها شأن كبير في الفترة اللاحقة من عمر الرايخ الثالث حين استولى الحزب على السلطة في مفارقة تاريخية، جعلت أحد المضطربين نفسيًا يتربَّع على رأس أعلى سلطة في بلاد الجيرمان. كان هتلر لا يمل هذيانًا عن دور الأطفال واليافعين في التأسيس والمساهمة في بناء جبروت القوة الألمانية العارية التي بشَّر فيها في كتابه الشهير مستندًا إلى أصول عرقية لا تعرف للمنطق حدودًا. بعد عبورها من شبيبة "حزبية" إلى شبيبة "الدولة" ومع تلبُّد غيوم الحرب العالمية عشية العام 1939 صدر قانون "الخدمة الإلزامية للشبيبة" الذي ما أن جف حبره إلا وقد كان ما يقارب 8 ملايين طفل ويافع ألماني ونمساوي دون سن الثامنة عشرة، ومن كلا الجنسين، ملتحقين بهياكله وملتزمين بنشاطاته التي أصبحت مميتة بعد حين. تلقى هؤلاء الأطفال واليافعين تربية صارمة ووضعوا في معسكرات كانت أشبه بالثكنات العسكرية رغم وجود بعض النشاطات التي تسمح لهم بنوع من الإحساس بالمغامرة وحب الفضول الشقي. لم تكن نشاطاتهم تقف عند جمع مخلَّفات الأسلحة والمساعدة في بعض أعمال الصيانة والبناء، والاطلاع على صنوف الأسلحة والمثابرة على دروس "فلسفة الأعراق" الخالدة وتعاليم "الدين النازي" الجديد فحسب، وإنما تعدَّتها إلى المشاركة في الأعمال العسكرية القتالية واللوجستية، التي كانت تتزايد تباعًا مع دخول الحرب أوقاتها الحالكة واشتداد المعارك حول وداخل المدن الألمانية الكبرى. مع الإشارة إلى أن من يشتدُّ عوده منهم يتم تزكيته لفرق العاصفة، إحدى أشرس الفرق القتالية الألمانية
|
|
|