الذاكرة والديمومة عند القديس أوغسطين

 

م. مورو

 

تُعتبر "الذاكرة" قوة مذهلة للذات الإنسانية ويعود ذلك للدور المهم الذي تؤديه في جعل المكان أكثر سموًا وروحانية وذلك من خلال منحها الموضوعات المادية التي تعرفها أو تلك التي تتخيلها وجودًا غير مادي. إضافة إلى ذلك، ما من أحدٍ يستطيع أن يُنكر دور "الذاكرة" البارز أيضًا إزاء الزمن، فمن خلال قدرتها على حثِّ الصور المحفوظة في رحاب ميدانها الداخلي للمشاركة بفعَّالية في الديمومة الداخلية للزمن يستطيع هذا الأخير أن يسمو ويصبح أكثر روحانية. لا يمكن حصر موضوع "الذاكرة" فقط بالأشياء العابرة أو المُتحركة، ففي رده الشهير على نبريديوس Nebridius، دحض القديس أوغسطين هذه الفكرة قائلاً:

لا بدَّ من التنويه بأن ما يمكننا تذكره ليست فقط الأشياء العابرة، وإنما أيضًا، وفي أغلب الأحيان، الأشياء التي تستمر في وجودها.

على كل حال، انطلاقًا من هذا التأكيد الأوغسطيني، تُطرح من جديد مسألة التذكُّر، فعلى الرغم من أن الموضوع الجوهري للتذكُّر هو الماضي فإن وظيفة الذاكرة تتركز على جعل الماضي حاضرًا، مُستحضِرة في ذاتها الزمن الذي انقضى بعيدًا عنها، ساعية لإدماج اللحظات الزمنية المنقضية في رحاب ميدانها الداخلي، مانحة في الوقت ذاته بعضًا من وجودها إلى أطيافهم غير الملموسة. بعبارٍة أخرى، تحفظ الذاكرة في أعماق الذات الإنسانية صور رؤاها الماضية وذلك من أجل استحضارها لاحقًا في صور حاضرة وفقًا لظروف مرتبطة بالذات الإنسانية؛ وبهذه الوظيفة المزدوجة، تؤدي الذاكرة دورًا جوهريًا في الحياة اللاواعية والواعية للذات الإنسانية.

يستخدم القديس أوغسطين في ذات الرسالة الموجهة إلى نبريديوس الصيغة التالية التي تستحيلُ ترجمتها حرفيًا ولكنها تشرح بشكلٍ واضحٍ عبر "الذاكرة" القلق المرتبط بالماضي:

من أجل ذاتها، يقول أوغسطين، تتطلَّب "الذاكرة" إجمالاً امتلاك استطاعة يُمكنها فرض هيمنتها على الماضي أو كما نقول بصورة عامية: استطاعة قادرة على الامساك به.

تبدأ هذه الهيمنة، أساس كل استعارة مُبهمة، من لحظة امتلاك الإحساس بشيءٍ ما. وما تجدر الإشارة إليه هنا هو أنه بعيدًا عن الذاكرة أو عن تدخلها، سيكون من المستحيل بلورة مفهوم ما.

يوضح القديس أوغسطين هذه الحقيقة المهمة من خلال تحليله لكيفية سماع أنشودة الشكر والتمجيد للقديس أمبروز Ambroise (الله خالق كل شيءٍ[1]) التي تُعتبر واحدة من الأناشيد المقرَّبة جدًا إلى قلب القديس أوغسطين. فمن أجل سماع الإيقاعات الصوتية لا بد من تذكرها، وإلا فسنغفل عن ترابطها المنطقي وعن تسلسلها الزمني في أثناء تعاقبها السريع. فعندما ننشد مقطعًا شِعريًا في فترةٍ زمنية محددة بين لحظتي البدء والانتهاء، نلاحظ أن إنشاده يتم على الأقل في زمنين مُختلفين. وهكذا فبعيدًا عن أن يكون – المقطع الشعري – ثابتًا، فهو يقوم، بدءًا من لحظة البدء بإلقائه مرورًا بلحظة الوصول إلى منتصفه وأخيرًا لحظة الانتهاء من إلقائه، بحركاتٍ متنوعة ومتتالية خلال فترة زمنية هي بدورها متغيرة أيضًا، لا يمكن لهذه اللحظات الثلاث المُتعاقبة أن تتواجد معًا في وقتٍ واحد، وبالتالي لن يكون بإمكان الأذن إدراكهما إلا الواحدة تلو الأخرى، لكنْ إذا ما حاولنا إدراكها معًا في وقتٍ واحد، عندئذ سيكون لا بد من تدخُّل "الذاكرة" التي تعمل على ترسيخ الحركة المُماثلة والمُنتَجة في الذات الإنسانية وهذه بدورها تُدخل هذه الحركة في ميدانها الداخلي مانحة إياها وجودًا دائمًا في حين تكون الحركة المادية التي أنتجتها قد تلاشت في الوسط الخارجي. يقول القديس أوغسطين في كتاب الموسيقا:

لسماع حتى ولو أصغر مقطع شِعري يُعد تدخل "الذاكرة" أمرًا لا غنى عنه، وذلك لكي يكون بإمكان الحركة المُنتجة داخل الذات الإنسانية الاستمرار في لحظة إلقاء هذا المقطع الشِعري؛ لا لحظة البدء بإلقائه وإنما لحظة الانتهاء منه وإلا سيتعذر علينا سماع شيء[2].

هناك انقلاب غريب للمعطيات الذاتية! الصورة التي كانت تتطلب الإحساس كشرط أساسي لوجودها تصبح هي ذاتها شرطًا لهذا الإحساس.

إذا بدا للبعض أن هذا التحليل لآلية سماع مقطع شِعري صغير رائع، سيعترفون لاحقاً بأن سماع مقطعين شِعريين مُتعاقبين يستلزم بشكلٍ لا يدع مجالاً للشك تدخُّل الذاكرة وذلك لأنه لا يمكن للمقطع الثاني أن يترك صداه في نفس الوقت الذي ما زلنا نسمعه[3].

وهكذا يمكن للإحساس المحض أن يُكمل نفسه بصورة فورية، ولكن بعيدًا عن "الذاكرة" لا يمكنه أن يكون إلا متجزئًا وغير قابل للإدراك.

يمكن تشبيه هذه القدرة المتميزة "للذاكرة" داخل الزمن بقدرة العين داخل المكان. فمن خلال الطاقة الحيوية المُستمدة من الذات الإنسانية، المصدر الحيوي للجسد والذي تُعتبر حدقة العين جزءًا منه، تستطيع حدقة العين في الأبعاد الضيقة، لا بل والمُتناهية في الصغر، ليس فقط الهيمنة وضم كافة مسافات المكان الرحبة وإنما تجاوزها أيضًا. بالطريقة نفسها، تضم "الذاكرة" المُعرَّفة كنور مُضئ للفترات الزمنية كافة أشكال هذه الفترات الزمنية بالمقدار الذي تستطيع من خلاله أن تظهرها وترسم لها صورًا خاصة بها في رحاب ميدانها الذي هو ميدان روحي بامتياز مُتعالٍ على الزمان والمكان الماديين[4]. في الواقع، تؤدي هذه المُشابهة الغنية بمدلولاتها دورًا هامًا في إظهار مقدرة "الذاكرة" الروحية على تجاوز لا بل أيضًا على الوصول إلى أكثر الموضوعات المادية تنوعًا وامتدادًا؛ لأنه بمقدار ما تكون حدقة العين حيوية وبمقدار ما يكون أفق رؤيتها مرتفعًا، كحال حدقة عين الصقر مثلاً، وبمقدار ما تكون واسعة الامتداد وأحيانًا دقيقة، تكون قادرة على اكتشاف الآفاق بكل تفاصيلها. بطريقة مماثلة، يمكننا القول إن إدراك خصائص موضوعات مادية ضخمة ومحاولة معرفة هل هي دائرية أو مربَّعة الشكل يتوجب على العين متابعة إطارها الخارجي وفي الوقت ذاته محاولة الإحاطة به – أو على الأقل الإحاطة بما يبدو اعتياديًا أو أكثر عمومية –. بالمقابل يتوجب على "الذاكرة" أن تحفظ ما كان قد سبق للعين أن أدركته تدريجيًا من هذه الموضوعات، فضلاً عن ذلك، يتوجب عليها، تحت إشراف العقل، أن تتمسك جيدًا بصورها المُتعاقبة فهي بالتالي تُؤخر أو تُوقف أو تطيل تطور هذا الإدراك في الزمن وتطيل لاحقًا هذا المفهوم الزمني. باختصار، إنها تمنحه نوعًا من الامتداد الروحي[5].

عبر هذا التحليل البسيط الموجز إلى حدٍ ما، ندرك جيدًا امتياز "الذاكرة" المالكة من القدرة ما يُؤهلها لإبطاء أو لتغيير أو حتى لقلب مسار الزمن، فهي لا تبدل مكانه فحسب، بل إنها، وبعيدًا عن أي رابط مشترك مع مستوى الموضوعات المادية، لا تكف عن الحركة مانحة بذلك الزمن صورًا جديدة متمركزة داخل الذات الإنسانية المستمرة في وجودها. لكي نفهم بشكلٍ عميق هذا التحول الروحي الذي تنجزه الذات الإنسانية لا بد لنا من العودة إلى إشكالية الزمن محاولين معرفة حقيقة الزمن الخارجي الذي لا يُعتبر فقط مقياس تاريخ العالم وإنما أيضًا مقياس تاريخنا الشخصي كما أكد القديس أوغسطين في العديد من أعماله وبشكلٍ خاص في مدينة الله La cité de Dieu وفي الاعترافات ConfessionsLes وفي كتبه حول سفر التكوين Genèse La.

عُرِّف الزمن كمقياس للحركة، لكن لا يمكن قبول هذا التعريف لأنه إذا كان بمقدور الحركة التوقف، فالزمن ماضٍ في تقدمه. ومع ذلك يَستحيل على الزمن أن يُوجد بدون حركة يُنتجها مخلوق مادي أو روحي، وذلك لأنه في الله الخالق للزمن تسود الأبدية التي لا يُعتبر الزمن إلا أثرًا أو رمزًا لها. "يتعذر على الأزمنة أن تُوجد بدون حركة الأجسام المادية، فمن خلال حركة هذه الأخيرة تصبح الأزمنة أكثر وضوحًا للإنسان". وبشكلٍ خاص، حركة الكواكب. سيكون من المُناسب لاحقًا التساؤل عما إذا كان بإمكان الزمن، بعيدًا عن حركة الأجسام المادية، الوجود بدون حركة لمخلوق روحاني كالذات الإنسانية التي تتحرك في ميدان أفكارها، مُميِّزة بهذه الحركة المُتقدم عن المُتأخر اللذين لا يُمكنهما أن يكونا مُدرَكين بدون فترات زمنية. إذًا، منذ البداية، كان هناك كائن استطاع أن يَختبر الزمن وأن يُدخله في ميدان حركاته الروحية.

إذًا كان لا بد من وجود حركة لمخلوقات مادية كانت أم روحية لكي يستطيع الزمن أن يُوجد، بمعنى ما، لكي يكون بإمكان انتظار المستقبل التسلل عبر الحاضر إلى الماضي وذلك لأن جوهر الزمن، إذا كان بالإمكان التحدث عن جوهر لشيءٍ عابر (فانٍ)، يتكوَّن من خلال هذا العبور الذي لا يتوقف عن التجدد، من مستقبل قريب إلى ماضي قريب مرورًا بحاضر يُعتبر الوسيط بينهما[6]. في الواقع، يُعد الزمن مفهومًا غير قابل للإدراك وذلك لأنه في جوهره ما هو إلا عبور، ولنقل بشكلٍ أكثر دقة، عبور سريع لدرجة يبدو وكأنه في حالة جري أو طيران سريعين.

الزمن الذي نعيشه يتناقص بنفس مقدار الحياة التي لا تكون إلا جريًا نحو الموت لأنه مذ يبدأ الإنسان يكون في الجسد الصائر إلى الموت فلا شيء يحدث إلا وينبئ بالموت. طوال هذه الحياة، هذا إن وجب أن نسميها حياة، كياننا الذي لا يعرف الاستقرار يتوق دومًا إلى الموت[7].

إذ قمنا بتحليل الزمن خلال تقدُّمه المستمر سنلاحظ أن جوهره يتكون من حركة دائمة،

يتحول الزمن إلى شكل حركة دائمة يتقدم جزء منها أولاً ليلحقه بعد ذلك جزء آخر دون أن يتمكن هذان الجزءان من التواجد معًا[8].

وهكذا بمقدور كائنٍ ما أن يتحرك أو أن يُحدث تغيرًا معينًا تارة بهذه الطريقة وتارة بطريقةٍ أخرى، ولكن يستحيل عليه أن يُنجز هاتين الحركتين في وقتٍ واحد. إنه يبدأ أولاً بالأولى ويفعل الثانية في وقتٍ لاحقٍ، محدثًا بذلك زمنًا يُمكن التعبير عنه بفتراتٍ زمنيةٍ أكثر أو أقل طولاً يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أبعاد مُتضامنة فيما بينها، ولكنها غير ثابتة: المستقبل الذي نتنبأ به، الحاضر الذي نراه، الماضي الذي يمكننا أن نراه من جديد؛ وفي متابعته لتطور هذه العملية يضع الفكر نفسه في حالة من عدم الاستقرار، إنه لا يتوقف عن الحركة[9].

لا يملك الزمن أي كثافة مقارنة بالأبدية البعيدة عن كل حركة والمستقرة في ثباتٍ دائم الحضور، إنه بدون جوهر، لا بل إنه بدون وجود بالمعنى الدقيق لهذه الكلمة. في الواقع هناك فرق واختلاف كبيرين بين ما هو متناه وما هو غير متناه، تمامًا كالفرق بين قطرة من الماء والبحر بكامله؛ وذلك لأنه إذا ما حاولنا اقتطاع أجزاء مهما كانت كبيرة مما هو غير متناه، سنجد أن لا شيء ينقص من لاتناهيه، بينما إذا انتزعنا أو سحبنا حتى و لو أصغر الأجزاء مما هو متناه، سنلاحظ في الحال أن هذا الأخير يبدأ بالتلاشي. بالمقارنة مع ذاك الذي لم يعرف لا بداية ولا نهاية، نجد أن ما قد بدأ وتوقف عند حد ما، لن يكون فقط متناه في الصغر وإنما سيكون بالأحرى بمثابة عدم محض[10]. من الواضح أنه لا يمكننا، عبر تقدم الزمن، أن ندرك الماضي الذي لم يعد موجودًا ولا المستقبل الذي لم يُوجد بعد، وإذا أمعنا النظر جيدًا في الحاضر، سنلاحظ أنه لم يعد أيضًا في متناول إدراكنا: نحن لا نستطيع الحديث عن مئة سنة حاضرة ولا عن سنة حاضرة أو عن شهر أو يوم حاضرين ولا حتى عن لحظة حاضرة.

الساعة عينها مؤلفة من أجزاء هاربة ومقسمة بين الماضي والمستقبل، حتى اللحظة الزمنية المتناهية في الصغر تكون قابلة للانقسام أو لنقل إنها لا تملك أي امتداد[11].

على هذا النحو عندما يبحث الانسان في مجرى الزمن عن الحاضر فلن يجده، إذ لا مساحة في المرور من المستقبل إلى الماضي[12]. إنه مرور متحرك زائل، إنه ليس بمكان للمرور، بل هو المرور المحض، لدرجة أنه لا يجد استقراره إلا في هذا الانطباق أو بالأحرى في هذا التحول من المستقبل إلى الماضي: ليس الحاضر بحالة، كما أنه ليس بفعل، إنه، بالمعنى الإتيمولوجي للكلمة، ظاهرة (حدث). يمكننا القول أيضًا إنه مظهر أكثر من كونه ظهورًا. باختصار، لا يملك الحاضر من الوجود أكثر من المستقبل أو من الماضي، إنه يسعى مثلهما إلى اللاوجود، إلى العدم، ومن هنا يتوجب علينا أن نطلق عليه اسم (المارّ) وعلى المستقبل (القابل للمرور) قبل أن يصبح كل منهما ماضيًا. ولكي نستوعب جيدًا الزمن، يبدو أن من المهم تقسيمه ومن ثم إعادة تقسيمه إلى ما لا نهاية، بحيث يكون جزؤه الأكثر صغرًا قابلاً للانقسام إلى درجة أنه لن يكون بإمكان الحواس أو حتى الذات الإنسانية إدراكه. تشير أسطورة المغزل القديمة إلى هذه الحركة غير المتوقفة لأبعاد الزمن الثلاثة والتي لا تجتمع إلا في انفصالها الواحدة عن الأخرى، إنها لا توجد إلا بشكلٍ تعاقبي وذلك عبر تلاشيها التبادلي.

من أجل إحكام سيطرتنا على الزمن الذي نحن بداخله مأخوذون ومشاركون في الوقت ذاته، لا بد من إيجاد طريقة للخروج منه ومن ثم العمل على إعادة توجيهه: وهذا لن يكون ممكنًا إلا من خلال التوجه نحو الأبدية والسعي للمشاركة في ديمومتها. الله يُدير ويقيس الزمن وذلك لأنه مستقل عنه بشكلٍ كامل،

فكما أنه يعرف الأزمنة بدون أي مفهوم زمني، فهو يحرك الأشياء الزمنية بدون أي حركة زمنية[13].

إنه يُدير الحركة من خلال الثبات، والتعاقب عبر التزامن، والتعددية من خلال الوحدة، والماضي عن طريق المستقبل، وأخيرًا الزمن من خلال الأبدية. إنه يحيا بالروح لأنه الروح. وهكذا بعيدًا عن إدراك الزمن بواسطة الجسد، سيكون بمقدور الإنسان، أو لنقل بشكلٍ أكثر دقة، بواسطة روحه، أو ذاته أو وعيه، ليس فقط إدراك الزمن وإنما التحرر منه أيضًا، مضيفين إلى ذلك أنه إذا كانت حركة الجسد تتم داخل الزمن والمكان، فإن حركة الذات الإنسانية تتم فقط داخل الزمن وذلك من خلال تذكرها ونسيانها، معرفتها وجهلها، خمولها ونشاطها؛ لهذه الحركة ذات الطبيعة الروحية امتياز يُخولها أن تبقى إلى حدٍّ ما مستمرة وذلك بفضل حياة الذات الإنسانية؛ فإن كان هناك حركات مختلفة ولكنها مُتماسكة فيما بينها بحيث أن الواحدة منهما تعقب الأخرى، تستطيع "الذاكرة" أن تُطيل هذه الحركة أو تلك مانحة إياها نوعًا من الثبات، إنها تستطيع استحضار الماضي والمستقبل بوصفهما حاضرين، كما أن بإمكانها العمل على استطالة الحاضر مانحة إياه وجودًا روحيًا على نموذج الأبدي الذي يستحق وحده اسم " الحاضر".

يُقال أيضًا إن وظيفة الذاكرة هي الاحتفاظ؛ فهي تحفظ الماضي في حاضره الخاص به، بحيث يكون من المستحيل بدونها إدراك حتى ولو أصغر كلمة أو حتى أصغر أنشودة، فكل إحساس يفترض وجود صورة:

إذ لم ترسم الذات الإنسانية فورًا في ميدانها الخاص صورة لما كانت قد أدركته عبر الأذنين وإذ لم تحفظه في ذاكرتها، سيكون عندئذٍ من المستحيل عند سماعها مقطعًا شعريًا ثانيًا إدراك أن هذا هو المقطع الثاني، ذلك لأن المقطع الشعري الأول لم يعد موجودًا بالنسبة للذات الإنسانية، ففي نفس لحظة دخول صداه في الأذن يصبح من الماضي، وهكذا كل حديث، أو كل أنشودة، أو كل حركة مادية نرتكبها في أفعالنا لن تكون إلا جزءًا منفصلاً وغير قادر على تحقيق أي تقدم لاحق إذا لم تستحضر الذات الإنسانية من الذاكرة الأفعال المادية المكتملة وذلك من أجل ربط هذه الأخيرة مع سابقاتها في الحدث[14].

إذًا، لن يكون بإمكان الذات الإنسانية أن تستحضر من الذاكرة هذه الحركات في حال لم تكن هذه الأخيرة قد تحولت إلى صورٍ أو لنقل بشكلٍ أكثر دقة، طالما أنها لم تكن بعد مُتخيلة من الذات الإنسانية وحاضرة في رحاب ميدانها الداخلي. فصور الحركات المُستقبلية تُنبئ بنهاية أفعالنا.

ماذا نفعل في الواقع بالأجسام التي لم تكن الذات الإنسانية قد نظمتها بعد في ميدانها الفكري متنبئة هي ذاتها ومستخدمة بطريقةٍ مُؤكدة صور كل الأفعال المرئية؟[15]

تلك هي المعجزة المُنجزة من قبل "الذاكرة": إنها تسمح لنا أن نجمع في ميدان عالمنا الداخلي الزمن الذي تعذر علينا جمعه في العالم الخارجي مُتيحة لنا إدراكه بوصفه، واقعيًا وروحيًا، حاضرًا في ذاتنا؛ كما أنها تجعل كلاً من الماضي والمستقبل حاضرين وذلك عندما نفكر بهما مستندين على ضوئها.

حين نسرد قصةً ماضية لا تصدر عن ذاكرتنا الحقائق عينها التي لم يعد لها وجود، بل الألفاظ المنبثقة من الصور التي نسجناها لأنفسنا عن تلك الحقائق، إذ حين تجتاز حواسَّنا تترك في فكرنا آثار أقدام، وهكذا فإن طفولتي التي لم يعد لها وجود انتقلت إلى ماضٍ قد تلاشى مثلها، ولكن حين أتذكرها وأتحدث عنها أرى صورتها في الحاضر إذ لا تزال في ذاكرتي[16].

وتلك هي تمامًا حالتنا عندما نتأمل في أعمالنا المستقبلية، فنحن نرى علاماتها وأسبابها في الحاضر؛

فعندما أتنبأ مثلاً بشروق الشمس، فالذي أتأمله هو الحاضر، وما أتنبأ به هو المستقبل، فليست الشمس مستقبلاً لأنها موجودة بل شروقها هو المستقبل لأنه لم يأتِ بعد، بيد أن هذا الشروق عينه لولا الصورة التي ارتسمت عنه في ذهني لما استطعت ان أتنبأ به[17].

لا يوجد إذًا ثلاثة أزمنة وذلك لأنه لا يُمكننا أن نرى إلا ما هو موجود، وما هو موجود لايمكن أن يكون إلا الحاضر. إذًا يوجد كحد أقصى ثلاثة أبعاد للحاضر:

حاضر الماضي، وحاضر الحاضر، وحاضر المستقبل، ويعبر كل واحد من هذه الأبعاد الثلاثة للحاضر عن حالة معينة في الذات الإنسانية، فالأول هو الذاكرة والثاني هو الرؤية المباشرة والثالث ما هو إلا الترقب[18].

تستلزم هذه الأبعاد الثلاثة للحاضر نشاط "الذاكرة"؛ فنحن لا نقيس الزمن إلا في لحظة مروره، وبالتالي عندما لا يمر أو عندما يبقى في حالةِ ثباتٍ، تستطيع الذاتُ الإنسانية بالاعتماد على امتدادها التوجه نحوه (امتداد الذات animi Distensionem)[19]. فبينما تتعاقبُ الواحدة تلو الأخرى وتتلاشى في الهواء الأبيات والمقاطع الشعرية لأنشودة الشكر والتمجيد للقديس أمبروز تحتفظ الذاكرة بمجموعةٍ من الصور السمعية وتُثبتها على مرأى من الذات الإنسانية. لن تكون هذه الصور هي ذاتها المقاطع الشعرية التي نقيسها في الزمن والمكان الماديين وإنما التأثير الذي تتركه في الذات الإنسانية في أثناء مرورها والذي يبقى رغم ذهابها محفورًا في ذاكرتنا[20]؛ نحن نقدر حالة ذاتنا الإنسانية الدائمة الوجود والحاضرة حاليًا تحت تصرف إدراكنا.

هذه هي الطريقة التي من خلالها تخلقُ "الذاكرة"، المستقبلة بشكلٍ متوالي ودقيق للمقاطع الصوتية لقصيدة ما على شكل صور، نوعًا من الاستمرارية ليس فقط بين المقاطع الصوتية الماضية والحاضرة وإنما أيضًا بين المقاطع الصوتية الحاضرة والمستقبلية وذلك من خلال مَدٍّ مزدوج يطيل من جهة المدة الزمنية ومن جهة أخرى يُسرعها، تُطيل الذاكرة داخل الذات الإنسانية القصيدة التي تكون قد تلاشت في الهواء، في الفم وفي الأذن بالمقدار الذي تطيل به ذاتها؛ فمن جهة، تحفظ الأصوات التي تتلاشى ومن جهة أخرى، تُنبئ بالأصوات التي ستعقبها. إنها تسمح بوقتٍ واحد بالتذكر وبالتنبؤ، علاوة على ذلك، يمكن القول إنه بفضل التذكر تسمح الذاكرة لنا بالتنبؤ، ومن السهولة بمكان أن نختبر ذلك عبر أية أغنية أو أي حوار. لن يقتصر ميدان الرؤية المُكتشف من قبل "الذاكرة" على الماضي أو على الحاضر وإنما سيمتد أيضًا إلى المستقبل. نحن لا نتخيل الأشياء الماضية عبر الأشياء المستقبلية وإنما العكس فنحن نتنبأ بالأشياء المستقبلية من خلال الأشياء الماضية. ما تجدر الإشارة إليه هنا، هو أن هذا العمل الفذ والمُذهل "للذاكرة" يَكتمل في أعماق ذاتنا الإنسانية ومن خلالها أيضًا.

"الذاكرة" هي القوة الروحية التي تمد وترفع إلى مستواها الصور المُنتَجة عبر الحركة المستمرة للذات الإنسانية. إنها القوة التي يُمكُنها إيقاف الزمن أو تجميد تقدمه، وبشكلٍ أكثر دقة، تصنع الذاكرة عبر تقدم الزمن مثيلاً روحيًا وتَنشره بأفضل ما يمكن وذلك على مرأى من الذات الإنسانية. تجمع هذه القوة التركيبية في حدسٍ واحد دائم الوجود أبعاد الزمن المتقلِّبة والزائلة: الماضي والحاضر والمستقبل، وقد تم تمثيل هذا الجهد المُوجَّه، هذا المجهود الفكري الروحي أو هذه المشيئة intention، بالمعنى الإتيمولوجي لهذه الكلمة nintentio، عبر الميثولوجيا القديمة في شخصية جانوس[21] Janus. لقد اعتاد هذا الإله ذو الوجه المُضاعف أن يُراقب العالم في اتجاهين مُتعارضين (الأمام والوراء)، هذا يعني أنه يراقب معًا بداية الأشياء ونهايتها، بينما تركز نظرة قريبه ترمينوس Terminus على نهاية الشيء، فقد كان من المنطقي أكثر ربط بداية الأشياء ونهايتها معًا. في كل الأحوال، وانطلاقًا من هذه الأسطورة، يبدو أنه كان من الضروري التركيز في وقتٍ واحد على بداية ونهاية فعل الفاعل وذلك لأن كل من لا يأخذ بعين الاعتبار بداية عمله لا يتنبأ حقًا بنهايته، وعلى هذا النحو فكل تطلع إلى المستقبل مرتبط حتمًا بالذاكرة التي تختزن الماضي، من ينسى ما بدأه لن يعرف كيف ينتهي[22].

هذا هو امتداد الذات الإنسانية، هذا الإسقاط المضئ "للذاكرة" هو ما يسمح لنا أن نمنح حتى للصمت وجودًا ومقياسًا، وذلك لأن الصمت يدوم كالصوت وعندما نقارنه بهدف تحديد مدته، نجد أنفسنا مجبرين على أن نركز جيدًا تفكيرنا متخيلين أن هناك صوتًا مازال يدوي وذلك من أجل قياس مسافات مشابهة أو موازية لهذا الصمت[23]. ينقل الفكر، من خلال امتداده وطاقته الروحية، الزمن إلى ميدانه الداخلي ويخلق عبر ديمومته الخاصة تكافؤًا يُمكن قياسه بحرية ولمدةٍ طويلة: إذ يمكننا، بدون أن نستعين بنبرة صوتية أو بحركة شفهية، ترديد أناشيد وأبياتٍ شعرية وخطبًا، كذلك سيكون من الملائم قبل إلقائنا بصوتٍ عالٍ لجملة طويلة إلى حد ما أن نُحضرها بفكرنا مُقدرين بصمت النسبة الموجودة في حركاتها وعلاقات مداها المتبادلة، وأن نسلم هذا الحساب إلى "الذاكرة" قبل أن نطلق الجمل وفقًا للتناغم المُراد. تسمح هذه النية المُسبقة و الحاضرة الآن pramdeditado بالتنبؤ بحدثٍ مُستقبلي rperdutu. وهكذا سيتم داخل الذات الإنسانية التواصل والتركيب العميقين بين أبعاد الزمن الثلاثة: الماضي والحاضر والمستقبل وذلك لأنه عبر انتباهنا أو تيقظنا الحاضر يتلاشى المستقبل في الماضي[24] Praesens intentio.

ستكون هذه الصيغة الجوهرية التي تُوجز سيطرة الذات الإنسانية على الزمن وعلى ديمومته حاضرةً في العديد من الشروحات الفلسفية. ففي كتابه خلود الذات الإنسانية animaeimmortalite De  أشار مسبقًا القديس أوغسطين إلى أنه عبر امتدادها، tension intention (لهذا المصطلح أهمية بالغة في الفكر الأوغسطيني)، تستطيع الذات الإنسانية أن تحفظ في وقتٍ واحد ذكريات الأشياء الماضية والتنبؤ بالأشياء المُستقبلية وذلك لأنها تتمتع بحيوية عميقة وبحياة روحية خالدة. إذًا، عبر هذا التمركز الروحي للذات الإنسانية يستطيع هذان البعدان الزمنيان المُكمل أحدهما الآخر الاحتفاظ بوجودهما في مكان أساسي والذي بدوره يعمل على ربطهما أو لِنقل بشكلٍ أكثر دقة على جمعهما. هكذا يُمكننا القول إنه داخل حركة الفكر المُغذى من قبل "الذاكرة" يتحقق هذا الدوران أو هذا الانصهار للماضي وللحاضر وللمستقبل.

يقدم الكتاب الحادي عشر من الاعترافات الشرح النفسي وحتى الميتافيزيقي لهذه العملية السامية. لا يمكن للمستقبل أن يتناقص وللماضي أن يتضخم إلا لأن هناك ثلاث عمليات أساسية متواجدة بشكلٍ تزامني في الذات الإنسانية: الانتظار والانتباه (الرؤية المباشرة) والتذكر. لا يستطيع المستقبل والماضي أن يكونا معًا إلا لأنهما يتواجدان حاليًا ويشاركان في الحياة العقلية للذات الإنسانية والتي بدورها تدعمهما؛ فالمستقبل الذي لم يوجد بعد ماديًا يوجد مسبقًا روحيًا في الذات الإنسانية التي بانتظارها تتخيله[25]؛ وما يزال ذاك الماضي الذي لم يعد موجودًا ماديًا يحتفظ روحيًا بوجوده داخل الذات الإنسانية التي تتذكره[26]. لن يكون بإمكان المستقبل والماضي أن يكونا طويلين إلا من خلال عمليتي الترقب والانتظار. إنهما [المستقبل والماضي] يستمدان وجودهما، إذا جاز لنا القول، من الذات الإنسانية التي أنتجتهما وغذتهما من ماهيتها الخاصة.

نريدُ أن ننشد قطعة كنا قد حفظناها عن ظهر قلب: قبل البدء بإنشادها نوجه فكرنا إلى القطعة بكاملها وذلك بفضل فعل الانتظار tenditur expectio وكلما انتقلنا من نغمة إلى أخرى وفقًا لتسلسل نغمات مُتآلفة فيما بينها تقوم "الذاكرة" عبر امتدادها أيضًا باستقباله. ما تجدر الإشارة إليه أن هذا الجهد الفكري المضاعف لن يكون ممكنًا إلا عبر توسط عنصر ثالث والذي بدوره سيدعم قوته واستمراره: إنه الانتباه الحاضر[27] adtentio...praesens. هذا الجهد الفكري، الذي يضمن في الواقع التواصل بين المستقبل والماضي ويسمح بانتقال ما لم يحضر بعد إلى ما لم يعد موجودًا، يبرز بوصفه بهاءً للذات الإنسانية ومقياسًا لقوتها. تعبر عنه المفردات: هدف tenditur، مُمتد distenditur، مُحقق attenditur، كثيف intenditur. وبمقدار ما تتمكن الذات الإنسانية من التمدد ومن استجماع أفكارها، بمقدار ما تتمكن من احتواء مجال بصري واسع الأفق وسيكون بالتالي بإمكانها الولوج إلى الجوهر الداخلي للحقائق القابعة في ميدانها الداخلي. هذا يعني أنه سيكون من الممكن عبر نظرة واحدة حادة الرؤية أو عبر حدس لحظي واحد تأمل ليس فقط قصيدة بكاملها أو حدث ذي امتداد واسع وإنما تأمل حياة الإنسان بكاملها، لا بل تأمل تاريخ الإنسانية بأكمله[28].

هذه هي أمنية كل إنسان تواق للخلاص وللفوز بالأبدية وهذه هي الآهة المتأججة للقديس أوغسطين المتعب من اضطراب تفكيره ومن التغيرات الزمنية التي أفسدته[29]. وهكذا هو الفكر الذي يستطيع السمو إلى بهاء الأبدية إذ سيرى أن كل شيء فيها حاضر بآنٍ واحد وأن المستقبل والماضي الزمنيين يستمدان وجودهما وخلقهما وتطورهما من الحاضر الأزلي. وإذا كان الماضي والمستقبل يستمدان ماديًا وجودهما من الأبدية، فروحيًا يستمدانه من ديمومة الذات الإنسانية، بدءًا من ذاكرتها وصولاً إلى الخدمة المقدمة من خلال وعيها العقلي. والخلاصة، إن الديمومة الذاتية هي الوسيط بين الزمن الذاتي والأبدية الإلهية وسيكون من المثالي للذات الإنسانية أن تمد أكثر فأكثر ديمومتها الذاتية باتجاه الأبدية السامية.

تؤكد هذا الميلَ الميثولوجيا القديمةُ الشارحةُ لأصل الموسيقى والتي يقتبسها أوغسطين مع بعض التحفظات إن لم نقل مع قليل من الازدراء. فكما يُعتقد بأن الذات الإنسانية هي حاضرة دائمًا ومكرسة، كالأرقام، على أنها خالدة، ومن ناحية أخرى، أن الصوت كظاهرة حسية يتلاشى في الزمن الماضي ويُرسخ نفسه داخل "الذاكرة"، كان العقل قد أوحى إلى أصحابه الشعراء بأن مصادر الإلهام تكمن في بنات زيوس وفي الذاكرة وكانوا قد أطلقوا اسم الموسيقى على الفن الذي يعتمد على الحواس وعلى العقل. بعيدًا عن هذا الوصف المجازي لهذا الشرح، يبقى من المهم الإشارة إلى قدرة "الذاكرة" على تحويل ما يتلاشى إلى ذاك الذي يستمر وعلى قدرتها على حفظ ما هو مادي وذلك لكي تستطيع الذات الإنسانية الاستفادة منه عبر سعيها لبلوغ ما هو عقلي، وبمعنى أكثر دقة إيقاف الزمن وذلك من أجل التقدم جيدًا نحو الأبدية.

للعودة إلى تحليل أبيات شعر الإيامبي المقربة جدًا من قلب القديس أوغسطين، يمكننا القول بأن الذاكرة تستوعب بسرعة كبيرة الإيقاعات الموسيقية لقصيدة يتم إلقاءها في الزمن؛ تحررها من ترتيبها المؤقت وتقودها وتحفظها في صمت غامض وعميق بحيث يُمكنها لاحقًا أن تكون مُتخيلة ومحط تأمل لفكرٍ قادرٍ على التذكر. وهكذا تتغذى الذات الإنسانية من الصور محاولة تحقيق تقدم في العلم ودعم للتعليم منتظرة دائمًا أن تستقي من المصدر الحسي العناصر التي ستعمل على تجنب النسيان وذلك لأن استحضار الذكريات يقتضي بالضرورة حفظها وبالطريقة ذاتها حفظ الذكريات يقتضي تذكرها. هذه هي ديمومة الذاكرة الموضوعة في خدمة العقل، إنها تملك قوة تتصف بمرونة روحية تجعلها قادرة على حفظ واستطالة وتثبيت الزمن، إنها القوة الخالقة للديمومة.

ترجمة: عفراء اسماعيل

*** *** ***


 

horizontal rule

[1] انظر القديس أوغسطين، الموسيقا، VI ، VI، XVI.

[2] المصدر السابق، VI، VIII، XXI.

[3] المصدر السابق.

[4] المصدر السابق.

[5] المصدر السابق.

[6] والحاضر لو بقى دومًا حاضرًا دون أن يتلاشى في الماضي لبطل أن يكون وقتًا ولكان أزلاً". انظر: القديس أوغسطين، الاعترافات، XI، XIV، XVII.

[7] القديس أوغسطين، مدينة الله، XIII، X.

[8] القديس أوغسطين، في المزامير، XXXVIII، VII.

[9] شرح القديس هذه الفكرة في الكتاب XI من الاعترافات عندما كتب: "كيف يستطيع المستقبل أن ينقص ويتلاشى طالما لا وجود له؟ أم كيف يتضخم الماضي وهو ماضٍ لم يعد له وجود، إن لم يكن بالفكر حيث تمر كل المراحل وتتعايش عمليات ثلاث: الانتظار والانتباه والتذكر؟ يمر أمام الانتظار موضوع الانتظار ويتحول إلى ذكريات". انظر القديس أوغسطين، الاعترافات، XI، XXVIII، XXXVII.

[10] "ولكن اعتبروا أن المدى الزمني الحقيقي ليس ما يجد له حدودًا وأن الأجيال بأسرها في أعدادها اللامتناهية، والتي لا بد من أن تجد لها حدودًا؛ وإذا قورنت بالأبدية اللامحدودة تعتبر عدمًا صرفًا". انظر القديس أوغسطين، مدينة الله، XII، XII.

[11] انظر: القديس أوغسطين، في المزامير، XXXVIII، VII.

[12] انظر القديس أوغسطين، مدينة الله، XIII، XI. انظر القديس أوغسطين، التكوين في معناه الأدبي، VIII، XXIV، LXV. في الكتاب VIII كتب القديس أوغسطين: "الله كلي الثبات، باق هو ذاته في أبديته، في ماهيته وفي إرادته، بدون أن يكون هو ذاته متحركًا في الزمن أو في المكان، يحرك في الزمن المخلوقات الروحية ويحرك أيضًا في الزمن والمكان المخلوقات المادية". انظر م ن.

[13] انظر: القديس أوغسطين، التكوين في معناه الأدبي، IIX، IVX، IIIXXX.

[14] انظر م. ن.

[15] انظر: القديس أوغسطين، الاعترافات، XI، XXVIII، XXIII.

[16] انظر م.ن.

[17] "من الخطأ القول بوجود ثلاثة أزمنة: الماضي والحاضر والمستقبل. وقد يكون الأصح أن نقول: في الكون أزمنة ثلاثة: حاضر الماضي وحاضر الحاضر وحاضر المستقبل، وهذه الطرق الثلاث موجودة في عقلنا ولا أرى لها وجودًا إلا فيه. فحاضر الأشياء الماضية هو الذاكرة وحاضر الأشياء الحاضرة هو الرؤية المباشرة وحاضر الأشياء المستقبلة هو الترقب (الانتظار)". انظر: م . ن، XI، XX، XXVI.

[18] "إن الزمن نوعٌ من الامتداد". انظر م . ن، XI، XXVII،  XXXV.

[19] انظر م . ن. XI، XXVII،  XXXVI.

[20] انظر: القديس أوغسطين، الثالوث الأقدس.

[21] جانوس هو ملك قديم لإيتوم الإيطالية. قُدِّسَ كإله بعد وفاته وأصبح يعرف بإله الممرات، العتبة والباب. صُوِّر على شكل قدم بوجهين ناظرين للدخول والخروج وقد أُعطى اسمه للشهر الأول (January).

[22] انظر: القديس أوغسطين، مدينة الله، IIV، IIV.

[23] انظر: القديس أوغسطين، الاعترافات، XI، IIVXX، XXVIX.

[24] المرجع السابق.

[25] المرجع السابق، XI، XXVIII، XXXVII.

[26] المرجع السابق.

[27] المرجع السابق.

[28] المرجع السابق، XI، XXVIII، XXXVIII.

[29] المرجع السابق، XI، X، XIII.

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود