كلنا مواطنون – أخذ وعطا
معابر 2012

 

ضمن برنامجها للعام 2012، وبالتعاون مع منظمة السلام المسيحي Pax Christi، أقامت معابر من خلال مشررع كلّنا مواطنون عدة حلقات حوار إذاعية مع عدد من الشخصيات المستقلة في البلد حول عدد من المواضيع المتعلقة بالأوضاع الراهنة. حلقات يمكنكم سماعها على الروابط التالية:

http://souriali.com/cms/?p=120

https://www.facebook.com/RadioSouriaLi

https://twitter.com/RadioSouriaLi

***

الحلقة الأولى

الموضوع: حال التعليم في سوريا خلال العام ونصف الفائتين والحلول البديلة للتسرب التعليمي الحاصل.

الضيوف: ناشط مدني، اخصائية نفسية، وموجهة مدرسة.

المقدمة: كثير من الطلاب هذا العام لم يشتروا كتبًا جديدة وملابسًا مدرسية للعام الدراسي الجديد. لم يكن السبب أن وزارة التربية أعفت الطلاب من شراء البدلة المدرسية بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها السوريون في أغلب المناطق. العمليات العسكرية هي التي أدت إلى تدمير أكثر من 2000 مدرسة. وأكثر من ذلك، هناك مدن ومناطق لم يعد فيها مدارس أساسًا. مئات الألوف من النازحين، أكثر من نصفهم من الأطفال واليافعين، اضطروا إلى الانقطاع عن المدرسة. إضافة إلى أسباب أخرى أدت إلى تغيب نسبة كبيرة من الطلاب عن العملية الدراسية. سوف نناقش اليوم هذا الموضوع، وهو خروج آلاف الطلاب من العملية التعليمية؛ أسبابه ونتائجه، وكيف نوجد آليات التكيف مع هذه المشكلة في المجتمع الأهلي، وأيضًا مدى فعالية هذه الآليات.

التقرير: خمسة ملايين طالب توجهوا إلى المدارس في أيلول الماضي في اليوم الأول للعام الدراسي الجديد وذلك بحسب ما زعمت وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا. إلا أن الوقائع على الأرض في كثير من المدن والبلدات والقرى السورية تشير إلى غير ذلك.

مداخلة:

-        لماذا لا تداومين؟

-        مدرستي دمرها القصف.

-        في أي صف أنت؟

-        تاسع

-        هل تفكرين بتقديم الامتحان بشكل حر؟

-        يا ريت.

مشاهداتنا ومشاهدات الكثير من المعلمين وأرباب الأسر وغيرهم من المنخرطين في العملية التدريسية تشير إلى خروج آلاف الطلاب من العملية التعليمية ولجوء بعض الأسر وفعاليات المجتمع الأهلي إلى حلول بديلة لملء هذا الفراغ.

مداخلة:

سجلنا حاليًا أسماء من يريد تقديم التاسع بشكل حر، ومن يريد تقديم البكالوريا. وسوف نقوم بدورة محو أمية في المدرسة.

تقارير المنظمات الدولية تشير إلى تهدم حوالي 2000 مدرسة في مختلف أنحاء سوريا، بينما تحول عدد غير قليل من المدارس الأخرى إلى مراكز لإيواء الأهالي الهاربين من القتال.

***

الحلقة الثانية

الموضوع: المرأة قبل وأثناء وبعد الثورة، آمالها ومخاوفها.

الضيوف: ناشطة ميدانية، وربة منزل.

المقدمة: كانت الثورات في العالم العربي فرصة لظهور دور المرأة الحقيقي في المجتمع، المرأة التي في كثير من الأحيان اُنتقصت حقوقها في المجتمعات النامية التي تعاني بدورها من أمراض اجتماعية مستعصية، وتعاني أيضًا من قوانين جائرة على الأقل فيما يتعلق بالأحوال الشخصية، هذا بالإضافة إلى القيود الاجتماعية التي تجعل خيارات المرأة محدودة. كانت الثورة فرصة المرأة أيضًا لتكون مشاركة فعالة في صناعة التاريخ. برزت المرأة السورية كثائرة ومتمردة، كشهيدة ومعتقلة، كرمز وطني، وكان لها دور حتى في العمل المسلح ضد النظام السوري.

سنتحدث اليوم عن المرأة السورية، وخاصة خلال العام ونصف المنصرمين، وعن احتمالات المستقبل الغامضة وعن آمالها ومخاوفها من المرحلة القادمة.

التقرير: منذ اليوم الأول لاندلاع الاحتجاجات ضد النظام السوري شاركت المرأة إلى جانب الرجل، وهتفت بالحرية في مظاهرة سوق الحريقة الشهيرة. وبحسب الاحصاءات الأكثر مصداقية سقط حتى الآن أكثر من 3000 شهيدة بنيران قوات النظام فيما ترزح مئات من النساء السوريات في أقبية السجون.

مداخلة:

أي حراك ثوري هو لصالح المرأة، أي حراك ثوري في العالم سيعود عليها بالفائدة، فما بالك على أرضها هي، فهي طبعًا معنية بحريتها في النهاية، معنية بنيل حقوقها، معنية بنيل حقوقها التي تحارب من أجل نيلها منذ قرون.

مشاركة المرأة لم تقتصر على جانب واحد، فكانت المرأة متظاهرة وناشطة وإعلامية ومسعفة وحتى مشاركة في القتال في بعض الأحيان.

مداخلة:

عملت المرأة في كل شيء في الثورة السورية ابتداء من التحضير للمظاهرات وانتهاء ربما بما آلت إليه من الصراع المسلح.

حررت المرأة نفسها في مناطق محافظة، فلم يعد اختلاطها بالرجال على سبيل المثال مسألة ذات أهمية.

مداخلة:

المرأة، بشكل عام، مثلها مثل الرجل. الفاعلون بشكل حقيقي ليسوا من يظهرون في الإعلام، إذ ليس همهم الحقيقي الظهور حاليًا. هم معروفون في المجتمعات التي ينشطون فيها.

تعيش المرأة السورية اليوم في حالة انتظار، فإما أن تقودها الثورة لكي تقفز نحو المستقبل الأفضل أو أن تتراجع إلى الوراء وتخسر مكاسب حققتها بنضالها.

***

الحلقة الثالثة

الموضوع: التطوع ما قبل وما بعد الحراك الثوري.

الضيوف: ناشطون ومتطوعون في المجتمع المدني.

المقدمة: عانى المجتمع السوري متل كثير من المجتمعات العربية من قلة المنظمات والجمعيات التطوعية، كما عانى من عدم انخراط المواطنين فيها بنسبة كبيرة. وهذا القصور كان لأسباب كثيرة منها انشغال الناس بتفاصيل صعوبات حياتهم الاقتصادية، وعدم الإيمان بجدوى هذا العمل في ظل بلد خرب وفساد مستشر حتى داخل جسم هذه المنظمات نفسها، واصطدام أية مبادرة بدوامة موافقات أمنية وتدخلات لا تنتهي. لكن مع بدء الربيع العربي صار هناك نفس جديد في المجتمعات العربية ومنها المجتمع السوري وخاصة بين فئة الشباب. تجلى هذا النفس بمبادرات تطوعية مهمة البعض منها ارتبط حتى بالخطورة والتضحية، كان لها علاقة بالحراك الثوري والتغيير الذي يعصف بالحاضر والمستقبل، وكان لها علاقة بالأزمة الإنسانية التي يمر بها السوريون. حتى في مجال المقاومة المسلحة كان هناك جوانب تطوعية. الآن ومع كل هذا الدمار ومع كل هذه الخسائر الكبيرة والاحتمالات المفتوحة للمستقبل سوف يلعب التطوع دورًا كبيرًا جدًا في المحافظة على المجتمع وتعويضه، وفي المساهمة الفعالة لرفع وطن يخلق من جديد على الرغم من كل الصعوبات. سنتحدث اليوم عن التطوع، قبل وأثناء الثورة، إضافة إلى دوره في المرحلة الانتقالية بعد سقوط النظام، وعلى المدى البعيد.

التقرير: في المجتمعات العربية التي تعاني من ضغوط اقتصادية وسلطة أمنية خانقة، لم يكن التطوع يومًا من أولويات مواطنيها، خاصة مع فقدان الإيمان بجدوى التطوع والمبادرة لحل مشاكل كبرى تحتاج إلى تغيير مؤسسات ومنظومات ومحاسبة وقوانين، أو بكلمة أخرى، تحتاج إلى ثورة.

مداخلة:

لم يكن هناك أبدًا تسهيلات قانونية للجمعيات، من يريد التقدم للحصول على ترخيص عمل جمعية كان يُطلب منه لبن العصفور. أعرف شخصًا قدَّم 25 طلبًا لتأسيس 25 جمعية مختلفة وجميعها رُفضت.

في سوريا ومنذ منتصف آذار من العام الماضي تغير مفهوم التطوع وانتشر بشكل كبير بين كل مكونات المجتمع. إن دافعية التغيير والتوق إلى الحرية حركت كثيرين إلى المبادرة التي لم تكن تخلو من المخاطرة وكثيرًا ما كانت تؤدي إلى الاعتقال والشهادة، وإلى الانخراط في الحركة الثورية بأشكال لا تعد ولا تحصى، أملاً في أن هذه المشاركة ستحدث فرقًا.

مداخلة:

الثورة جددت شيئًا ما في نفسية الثائر، بأنه قادر على العطاء، قادر على القيام بمبادرات ويتقبلها العالم. أصبح هناك حراك أهلي على مستوى عالٍ في موضوع تنظيف الشوارع وتجميل المناطق التي يوجدون فيها، أصبح هناك عمل تطوعي له علاقة بالإغاثة الطبية... بالإسعافات.

الآن ومع المضي نحو المنعطف الأخطر وهو منعطف ما بعد الثورة مباشرة سيلعب التطوع كمفهوم دورًا هامًا وحيويًا في تجاوز هذا المنعطف بأمان وحفظ الجهود من الضياع والمجتمع من التفكك وحماية البوصلة التي ستمضي بسوريا إلى المستقبل الذي يحمل آمال ملايين المواطنين.

***

الحلقة الرابعة

الموضوع: الطفل السوري وحقوقه في الماضي والحاضر والمستقبل.

الضيوف: طبيب نفسي، محامي، ناشطة ميدانية. (تم تغيير بعض الأسماء حفاظًا على سلامة الأشخاص)

المقدمة: الطفل السوري، ومن قبل الثورة أيضًا، طفل يمر بظروف استثنائية، ظروف مرتبطة بمؤسسة الأسرة والمؤسسة التعليمية والمنظومة الصحية ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وحتى بالمؤسسة الإعلامية والإدارة السياسية. لذلك إشكالية الطفل وعدم احترام حقوقه ليست قصة جديدة. اليوم وسط الصراع المسلح في سوريا الطفل هو أشد المتضررين من العنف، وهو الآن يعاني معاناة خطيرة سوف تنعكس آثارها لاحقًا وتحتاج إلى جهود جبارة ووعي جبار حتى نتخطاها. اليوم سوف نتكلم عن انتهاكات حقوق الأطفال، ليست فقط خلال العامين الماضيين، بل قبل ذلك، وآثار هذا الشي الآن وفي المستقبل، وما الذي يمكن أن يقوم به السوريون في المدى الحالي والبعيد، حتى نعيد للطفل حقوقه ونحميها.

التقرير: مر الطفل السوري بظروف سببت له كل أنواع الضغوط النفسية والاجتماعية والاقتصادية وحتى السياسية. فإضافة إلى الفقر والإهمال الصحي والتعليم السيء لم يكن بمنأى عن مصادرة حرية الرأي والتجنيد والتسييس.

مداخلة:

أتمنى أن يتعلم ابني في مدرسة يكون فيها من كل الأديان والطوائف والمذاهب والأعراق. أتمنى أن يعيش بسلام ويقوم بما يريده؛ لديه موهبة رسم فليرسم، يلعب رياضة. لا أتمنى أنت يأتي أحد ما ويغسل دماغه بأي شيء.

الطفل، أحد مكونات المجتمع الأكثر ضعفًا، عانى من انتهاكات مباشرة لكل حقوقه، بدءًا من حقوقه الأكثر بديهية وانتهاء بأكثرها رفاهية. وهو اليوم يواجه عنفًا لا يمكن تحمله فهو مستهدف بنفسه من قبل آلة القتل، إضافة إلى عائلته وأصدقائه وبيته ومدرسته وحيه ومدينته.

مداخلة:

تم اعتقال طفلة رضيعة لثلاثة أيام. هناك أطفال أعمارهم حوالي 11 سنة، شاهدوا أهلهم يموتون أمام أعينهم. هناك أطفال، مثل أطفال الحولة مثلاً، شعروا بأنهم سيقتلون؛ كانوا ينتظرون دورهم.

الطفل السوري الذي فقد الأمان ودخل في رعب ومشاهد دم أحدثت تغييرًا عميقًا في نفسه هو الاستثمار الأهم في سورية المستقبل ولا بد من اجراءات عاجلة وطويلة المدى تساعده على التعافي من التجربة القاسية التي مر ويمر بها كما تعيد إليه حقوقه المهملة وتصونها على المدى البعيد، ليكون جزءًا من غد واعد وصحي لوطن جديد.

***

الحلقة الخامسة

الموضوع: مقاطع من الحلقات السابقة.

***

الحلقة السادسة

الموضوع: الإعلام والإعلام البديل والمواطن الصحفي.

الضيوف: صحفية، ناشطة إعلامية ميدانية (تم تغيير بعض الأسماء حفاظًا على سلامة الأشخاص)

المقدمة: في أي نظام شمولي، من الحتمي أن ينتقل الإعلام من كونه نوعًا من أنواع السلطة المستقلة في المجتمع، إلى أن يتماهى بشكل كامل مع السلطة. في سوريا عانى الإعلام لعقود من قيود الحكم الشمولي ومن قيادة حزب البعث للدولة والمجتمع، فصار إعلامًا مؤدلجًا مليئًا بالكليشات والمحرمات. ممنوع تمامًا عليه أن يخرج من القالب والدور المرسوم له لخدمة السلطة. هذا الشي بالطبع يشمل كل أنواع الإعلام من مطبوع وإلكتروني ومرئي ومسموع.

المشهد الإعلامي السوري بدأ يتغير، حاليًا توجد عشرات المجلات والصحف المطبوعة والإلكترونية التي انشأها ناشطون رغم المخاطر، بالإضافة إلى قنوات فضائية تبث من الخارج. صار لدينا عشرات المراسلين والموثقين من الناس على الأرض من الناشطين الشباب ومن أهالي المناطق المنكوبة، أو حتى من أصحاب الاختصاص المنخرطين في الثورة. هؤلاء ينقلون وقائع وأحداث لا يمكن التغطية عليها، وحتمًا ستدخل التاريخ. هي الأحداث التي يتم تجاهلها أو معالجتها في الإعلام الرسمي بطريقة جعلت العالم يهزأ منه وينزع عنه أية مصداقية. في حلقتنا اليوم سنتكلم عن الإعلام وعن الدور الذي يمكن أن يلعبه في المجتمع السوري حاليًا وفي المستقبل، وعن الإعلام البديل الموجود، ومدى إمكانية أن يكون هذا الاعلام البديل نواة لإعلام المستقبل في سوريا الجديدة.

التقرير: في سوريا، كل الإعلام للسلطة، ولا سلطة للإعلام، الحال هذا يعود إلى استيلاء حزب البعث على الحكم في آذار من العام 1963. راديو دمشق تحول إلى بوق النظام ووسيلة إعلامه الجماهيرية الأولى، قبل أن يلحق به التلفزيون السوري في سبعينيات القرن الماضي وثمانينياته عدا عن الصحف الثلاث، البعث والثورة وتشرين. تحولت وسائل الإعلام من جماهيرية إلى أجهزة بيد النظام الحاكم حرفها عن وظيفتها، لتصبح مجرد أداة لتزييف الوعي وتعميق الأزمات، لا حلها، بل تعميق الشرخ بين السوريين أنفسهم.

في الثورة السورية انضمت وسائل إعلام شبه رسمية لتنقل الخطاب السوري الرسمي. قناة الدنيا وصحيفة الوطن وبضع مواقع إلكترونية ومواقع وصفحات الفيسبوك، ساهمت هذه بدورها في توسيع الهوة بين شرائح مختلفة من المجتمع السوري، وبدلاً من أن تعمل على حفظ السلم الأهلي وجهت في الكثير من المناسبات خطابًا تحريضيًا يسعى إلى ضرب السوريين بعضهم ببعض.

وفي الوقت نفسه نشأ إعلام بديل رغم كل الصعوبات والمخاطر، وكان إعلامًا حرًا لأول مرة منذ أربعين عامًا. الإعلام الجديد لا يخلو من الأخطاء أيضًا، وهي أخطاء لا بد من تجاوزها لتكون هذه التجربة نواة لإعلام مستقل يشكل سلطة رابعة حقيقية في سوريا.

(المداخلات مقاطع من الإعلام الرسمي وتغطية الناشطين)

***

الحلقة السابعة

الموضوع: العدالة الانتقالية.

الضيوف: محاميين

المقدمة: في العقود الماضية، عانى السوريون من كل أشكال الانتهاكات لحقوق الإنسان. أحداث الثمانينات المروعة دمرت وفككت المجتمع المدني، وكل هذا الشي صار وسط تعتيم إعلامي شديد واستحالة لتوثيق كل الأضرار الفردية والجماعية.

عقود الاستبداد في سوريا في طريقها إلى الزوال، ويمكن أن نكون في المرحلة الأخيرة، لكن مع بلد شبه مدمر بالكامل ومئات الآلاف من المفقودين وعشرات الآلاف من الشهداء، وملايين الجرحى والمعتقلين والنازحين والمتضررة أملاكهم. كيف يمكن أن نتجاوز كل هذا ونمشي نحو الهدف الذي قامت من أجله الثورة السورية أساسًا وهو إقامة وطن الحرية والمساواة في ظل دولة قانون ومؤسسات.

حلقتنا اليوم عن العدالة الانتقالية، ماذا تعني وما هي آليات تطبيقها. وسوف نتكلم أيضًا عن خصوصية المجتمع السوري المتنوع عرقيًا وطائفيًا، هذه الخصوصية التي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار لتخلي للعدالة الانتقالية طريق المصالحة الوطنية.

التقرير: على مدى عقود الاستبداد الماضية، لم تكن علاقة المواطن بالقانون علاقة طبيعية، فالقانون يعرقل له حياته ويتسبب له بالضرر ولا معنى له أو قيمة لأنه ليس فوق الجميع، ويمكن تجاوزه ببساطة ببعض العلاقات والإجراءات الفاسدة. أما القضاء فقصة أخرى، لا يمكن لمواطن سوري أن يفكر بتحصيل حقوق أو تعويض أضرار ما عن طريق القضاء، لأنه من المؤسسات الأكثر فسادًا وبيروقراطية، عدا عن كونه لعبة بيد الأجهزة الأمنية.

منذ سنة وتسعة أشهر، ووحشية القمع والانتهاكات لكل حقوق الإنسان ضد المطالبين بالحرية فاقت كل تصور، وستترك أثرًا عميقًا ليس في المجتمع السوري فحسب بل في المنطقة كلها. لا بد أن صوت السلاح والثأر والانتقام هو الطاغي على المشهد، وقد أصبح يظهر نفسه عبر العديد من الحوادث وردود الأفعال العنيفة، فالناس على ما يبدو غير مقتنعين بالانتظار ليرد لهم اعتبارهم عن طريق القانون، فضلاً عن إعادة حقوقهم المسلوبة وتعويضهم، فهل يمكن أن نزرع لديهم هذه القناعة؟

***

الحلقة الثامنة

الموضوع: إدارة التنوع في المجتمع السوري

الضيف: أكرم أنطاكي

المقدمة: في مجتمعات متنوعة إثنيًا وطائفيًا مثل المجتمع السوري، يبرز سؤالين رئيسين، أول سؤال: كيف يمكن لكل هؤلاء الناس المختلفين في طريقة التفكير والحياة والمعتقدات أن يعيشوا مع بعضهم في وطن واحد وضمن هوية وطنية متينة وجامعة وحقيقية، بعيدًا بالطبع عن الشعارات الرنانة التي تتحدث عن التناغم والتعايش والتي سمعناها كثيرًا من قبل وأثبتت أنها هشة في ظل مجتمع غير مدني ومفكك ومحكوم فعلاً بأدوات القمع والرعب والتفريق بين الناس. السؤال الثاني هو كيف يمكن أن نحول التنوع والاختلاف إلى مصدر قوة عن طريق الموارد الغنية الناتجة عن هذا التنوع، بدل أن يكون مصدر نزاعات وتناحر وانقسام؟ في حلقتنا اليوم سنتناول موضوعًا حساسًا لكنه مهم وضروري كثيرًا. سنتكلم فيه بدون مراوغة وحذر زائد. سنتكلم عن إدارة التنوع في سوريا المستقبل. كيف يمكن أن نجعل كافة الطوائف والأعراق في سوريا مكونات وطن واحد، وهوية واضحة. وكيف يمكن عوضًا عن محي هذه الانتماءات كلها وتجنب الإشارة إليها أن نجعل منها مصدر قوة وتميز حقيقي في وطننا الذي يعيد خلق عقده الاجتماعي الآن.

التقرير: الياس شاب سوري، ناشط في المجتمع المدني، من المناصرين للتغيير الحاصل في سوريا ومن المؤمنين بخلق هوية وطنية جامعة لكل السوريين، هو يعرف أن الموضوع ليس بهذه السهولة.

مداخلة:

رأيي هو أن الأقليات خائفة دائمًا. يمكن أن يكون هذا الشيء مبررًا وطبيعيًا، لكن في حالة كحالة المجتمع السوري، الذي يضم تنوعًا واسعًا وتعددًا من القوميات والديانات إلى آخره، ليس من حل، برأيي، إلا أن يتوفر ما يجمعهم جميعًا، ثقافة وحدة، مجتمع واحد، هوية وحدة. هناك ما يجب أن يجمعهم. مشكلتنا أن الموضوع موضوع ثقافة. أي يجب أن تقنع كل مجموعة متكتلة على بعضها أن هذا هو الشي الصحيح، وأنهم غنى للكتلة بكليتها، وأنهم لا يجب أن يتكتلوا ويتجمعوا وينعزلوا، وإلا سيتشرذم هذا المجتمع في النهاية ويتفكك. الأمر صعب لأن الأمر واقع، ففي الوقت الذي تتكتل فيه المسيحية هناك تكتل مجموعات داخل المسيحيين أنفسهم مثل الأرمن. لا يرضى الأرمن بالزواج من غير الأرمن. لا يقبلوا الزواج من فتاة عربية مسيحية مثلاً. عندما تسأل لماذا يأتيك الرد بأننا نجونا من المذبحة منذ أكثر من 100 عام لأننا قمنا بذلك. الميزان صعب. أريد أن أقنع الناس أن الهوية الجامعة مهمة جدًا وأنها هي الحل تحت سقف دولة القانون والمساواة التامة بين جميع الناس، في الوقت نفسه لا أريد محي الهوية المتفردة لأنها غنى فعلي لهذا المجتمع. إذا أردت القيام بكل ما سبق عليَّ تعزيز الثقافات المختلفة ودعمها، ولكن هناك خوف من أن يكون لذلك رد فعل سلبي بحيث يزداد إحساس تلك الثقافات بتفردها ويزداد بالتالي تكتلها. الميزان صعب أن يُحمل أو صعب أن يتوازن. في الحقيقة نحن مختلفون. كل مجموعة متفردة ومختلفة. في الوقت نفسه نتشابه بشيء هو العلاقات اليومية والحياة المجتمعية. الاختلاف هو في الأسماء وفي داخل البيوت، وهو الذي ينعكس قليلاً على التكتلات الخارجية. في الحقيقة، مشاركة الناس مع بعضها في الحياة اليومية محصورة الآن بالعمل. أي أن الاختلافات تتجمع في حقل العمل فقط، لأن فيه مصلحة. ولكن يجب أن تتجمع هذه الاختلافات في الحياة ككل، كصداقات على مستوى واسع، كحياة اجتماعية ومنظمات مجتمع مدني على مستوى واسع. هذا هو الحل. هكذا يندمج الناس ويصيرون أقرب إلى بعضها البعض، هكذا تتشكل الهوية أكثر أو تظهر أكثر. وفي النهاية نصل إلى مرحلة أن الناس يجب أن تعرف بعضها، أي عوضًا عن القول: "هو مختلف ويقف بعيدًا، بدل أن أذهب وأتعرف عليه، أتكتل مع ما يشبهني". وهذا الفكر يبدأ من البيت. عندما تقول الأم لابنها الخارج للعب: "يا بني، انتبه من فلان، هم ليسوا مثلنا". يجب أن يقترب المختلفون من بعضهم البعض، يجب أن يبحثوا عما يجمعهم، وحتى نصل إلى هذه المرحلة نحتاج إلى أقنية تجمع الناس، وهي مسؤولية يبنيها المجتمع.

تساؤلات الياس هي تساؤلات الغالبية من السوريين اليوم. هل من الممكن أن نعيش في يوم من الأيام في سوريا الوطن الواحد الذي لا يطمس خصوصية مكوناته المختلفة والمتنوعة، وفي الوقت نفسه يملك هوية وطنية جامعة تشكل كل المكونات جزءًا منها؟ كيف يمكن أن يكون تنوعنا جزءًا من هويتنا الوطنية بدل أن يكون سببًا للانقسام والتكتل؟ سؤال برسم سوريا المستقبل، التي بدأت تتشكل من الآن.

***

الحلقة التاسعة

الموضوع: مفهوم المواطنة.

الضيف: د. حسان عباس.

المقدمة: قد سمعنا كثيرًا عبارة أخي المواطن في مقدمة أي شي صادر عن الدولة، أي فرمان أو توجيهات، أي خطاب من مسؤول. منذ عقود طويلة وحتى فترة قصيرة كانت كل الإعلانات الرسمية تبدأ بعبارة أخي المواطن. في الحقيقة لم يكن أي أحد منا مواطنًا حقيقيًا، وكثير منا لم يفهموا ما هي أبعاد هذه الكلمة. كنا نعتقد أنها عبارة منسوبة إلى الوطن، من دون أن نعرف ما هي أبعاد المواطنة الحقيقية القانونية والاجتماعية والسياسية، وأنها من أكثر المفاهيم اتساعًا وأكثر قدرة عند تطبيقها طبعًا على الحفاظ على تماسك المجتمع وعلى عقده الاجتماعي وعلى حفظ حقوق الأفراد فيه، وفي الوقت نفسه هي ضمان لقيام كل فرد بواجباته ومشاركته الفعالة. كيف يمكن فعلاً عن طريق فهم وتطبيق مفهوم المواطنة أن تتغير علاقة الإنسان بالدولة التي يعيش فيها وبالمجتمع الذي يعيش فيه بما يضمن حقه وحق غيره وسط العدالة والمساواة التامة في الحقوق والواجبات. اليوم سوف نتكلم عن مفهوم المواطنة، ونعرف عنه أكثر وما هي سبل تحقيق دولة المواطنة، وكيف يمكن لهذا الشيء أن يتحقق في سوريتنا الجديدة.

التقرير: الوطن غال... الوطن ثمين، كلمات قالها حافظ الأسد ورددها خلفه مسؤولون سوريون، لكن لا الأسد الأب ولا المسؤولون هؤلاء قالوا يومًا إن المواطن غال وإن المواطن ثمين، بل ربما فعلو كل ما يشير إلى عكس ذلك، فغاب الوطن والمواطنون.

استرجاع قيمة المواطن ينبع أساسًا من تكريس مفاهيم جديدة، أو هي ربما قديمة لكنها غابت عن سوريا في العقود الخمسة الفائتة، التي ما كان لدول أن تصبح بمصاف الأمم من دون تطبيقها.

مداخلة:

للأسف ليس لدى مجتمعاتنا حس المواطنة ولا حق المواطنة، حس المواطنة غير موجود، لا يحس بالانتماء للوطن لا يحس بأن عليه واجبات لا يحس أن له حقوق، يحس أن أي مكتسب له أو أية إضافة هي مكسب على الصعيد الشخصي وهي ليست أبدًا حقه الطبيعي الذي يأخذه.

السؤال القلق اليوم عن شكل الدولة المستقبلي في سوريا، هذه الدولة المتنوعة اثنيًا وطائفيًا، قد يجد جوابًا في دولة المواطنة، تلك التي يتساوى جميع أبنائها أو مواطنيها بالحقوق والواجبات، بغض النظر عن انتمائهم الفكري والسياسي، أو مستواهم الاقتصادي وغيره.

*** *** ***

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود