|
إضاءات
الذين
يتعرفون إلى المسيحية من خلال التلفزيون
سيستغربون القولَ إن الناصري، في تعاليمه، لم
يؤسِّس دينًا بقدر ما أسَّس مفهومًا للدين. لم
يشترع جديدًا، كما أنه لم ينقض قديمًا، بل
تخطَّى الكلَّ إلى كمال الدين على الأرض –
إلى كمال التعامل – تاركًا كمال الدين يوم
الدين إلى الديان: "لا تدينوا لئلا تُدانوا"
(إنجيل متى 7: 1)، علَّم أول ما علَّم. وعندما
تجمَّع القومُ لرجم الزانية وبَّخهم قائلاً:
"مَن كان منكم بلا خطيئة فليكن أول مَن
يرميها بحجر"، كما أهاب بالزانية أنْ "اذهبي
ولا تعودي إلى الخطيئة" (إنجيل يوحنا 8: 8، 11).
هل هناك ما يشبهنا تحت السماء؟
كَثُرَ الحديثُ مؤخرًا عن
العَلمانية الفرنسية، عن خصوصيتها وعن
تشريعاتها. وقد جرى تداوُل هذا الموضوع
تداوُلاً مجتزأً لأسباب عدة. يهدف هذا العرض
إلى التعريف بالتشريعات العَلمانية الفرنسية
من خلال قراءتها وفقًا لسياقها التاريخي،
لتكون معرفتُنا بها أوسع وحوارُنا حولها أعمق.
سأبدأ بالاقتباس من مداخلة لنائب فرنسي في
البرلمان: أقول أمام
مجلس سياسيٍّ وفي وجه حكومة مؤلَّفة من رجال
سياسة ما يجب قوله: ألا وهو الإشارة إلى
مجموعة سياسية تقوم بعمل سياسي تحت ستار
الدين والوشاية بها. [...]
وأؤكِّد لكم أن الدولة تتعرض لهجوم من كلِّ
حَدَب وصوب؛ وإنَّا نجعل فيها صدعًا باسم
الدين؛ وليس في ذلك سوى مسألة سياسية بحتة. [...]
لقد تسلَّل مرضُ التيار الديني في عمق إلى ما
نسمِّيه الطبقة الحاكمة في بلادنا. أحمد علي الزين: هذا الرجل أخذ على
عاتقه، منذ زمن مبكر، مهماتٍ عديدة، من
أبرزها التعريف بالوجه المضيء لثقافتنا
العربية، رهانًا منه على دور خلاق للثقافة،
بعد أن خذلتِ السياسةُ الكثيرَ من المثقفين
في أُطُرها السائدة، عبر تهميش أدوارهم
وإبعادهم عن القيام بدورهم الذي لا يتعدى
حدود الشهادة للحق والتعبير في حرية. فاروق
مردم هو واحد من هؤلاء الذين غرَّدوا خارج
السرب دون أن يضيعوا في الفضاءات البعيدة، بل
كوَّنوا لغيابهم عن أوطانهم حضورًا نافذًا،
حتى في أوطانهم، عبر مهمات نبيلة قاموا بها. في أواسط آب من العام 2005، التقيت به هنا، في العاصمة الفرنسية باريس، التي يسكنها منذ حوالى 40 سنة. تجولنا قليلاً على ضفاف نهر السين، حيث يبدو أنه يرغب في التسكع بين أفكاره هنا؛ أو لعل المكان مؤاتٍ ...لاستعادة المشهد الدمشقي يوم كان طالبًا . بعدما يتناول العربي عقيدتَه على أنها حقيقة كلِّية أو مطلقة، يندفع إلى تقديسها لأنها "حقيقة مطلقة". وهذه الحقيقة التي يقدِّسها تكون غالبًا إما نصًّا نقليًّا (كتابًا مقدسًا)، أو فكرة فلسفية، أو نصًّا وضعيًّا في أدبيات حزب ما.
يقترح الكاتبُ منهجًا موحدًا لفهم الأديان، قائمًا لا على اللاهوت أو علم الكلام التقليدي، بل على الدراسات الموضوعية والفلسفة.
لم تفعل أرباب المذاهب طوال عقود كثيرة إلا ترجمة شرورها وقليل من الخير! ألم يحنِ الوقتُ لنرى ما يمتلكون من خير كثير؟ إننا نتمنى على الأرباب أن ينسوا مفهوم المزاحمة الوجودية. فالوجود يتسع لهم جميعًا إذا حاصروا مفهوم العداوة وأوقفوا تجنيد قدرتهم العظيمة لصناعة الأعداء إلى ما لانهاية.
|
|
|