|
اللاعنف والمقاومةNonviolence and resistance
عند الحديث عن العنف الرجالي ضد النساء، تتبادر إلى الذهن صور نمطية عن الرجل العنيف وعن المرأة المعنفة. صور ترى في الرجل العنيف رجلاً سكيرًا، غير متوازن نفسيًا، مهمشًا (اجتماعيًا) أو فقيرًا... وترى في المرأة المعنفة امرأة مازوخية، عديمة الإرادة، غير متعلمة... آن الأوان لتعرية هذه الصور النمطية المسبقة التي تختزل العنف الرجالي ضد النساء في العنف الفيزيقي (الضرب) والتي تجعل من العنف الرجالي مجرد حالات استثنائية شاذة تقع من حين إلى آخر. 1. أنواع العنف الرجالي: بادئ ذي بدء، لا بدَّ من التمييز بين خمسة أنواع من العنف هي: العنف الفيزيقي، العنف الجنسي، العنف النفسي، العنف الاقتصادي، العنف الثقافي. يحيل العنف الفيزيقي على الضرب والجرح والكسر والمنع من الخروج. إنه الوجه الأكثر انتشارًا من العنف الرجالي، والذي يترك آثارًا واضحة على جسم المرأة. وبإمكانه إحداث عاهات مستدامة للمرأة المعنفة.
نحن في فيتنام، نجازف إلى حدٍّ كبير حين ننشر قصائد مناهضة للحرب. فقد تمَّ اعتقال ونفي البوذيين الذين احتجوا على الحرب، وهم يُقتَلون الآن في "دانانغ". وبسبب هذه المخاطرة الكبيرة، أحجم البوذيون الذين تظاهروا في فصل الربيع، عن التأييد الصريح لإنهاء الحرب عبر المفاوضات؛ وعوضًا عن ذلك، دعوا إلى انتخابات وإلى نظام ديمقراطي. إننا في مأزق يَصعُب التعامل معه: إن دعونا صراحة إلى السلام، فسوف نصنَّف مع الشيوعيين، وستجري محاولة قمعنا من قبل الحكومة؛ وإذا انتقدنا الشيوعيين، فسنجد أنفسنا في صفِّ أولئك الفيتناميين الذين كانوا يقومون منذ سنوات بالدعاية لصالح الأمريكيين، والذين شوِّه خطابهم واتسخ لأنهم كانوا مستأجَرين لنشره. فلكي تكون مناهضًا للشيوعية بصورة مشرِّفة، عليك أن تبقى صامتًا، وبسبب صمتنا وصفنا بالسذاجة لأننا لا ندرك ما تمثله الشيوعية من خطر. لكننا لسنا كذلك. فنحن واعون تمامًا للقيود المفروضة على البوذية في الشمال. كما درسنا ما حدث في الصين. ونعلم أن لا مكان للروحانية في قلب الماركسية. ونحن على استعداد لخوض غمار صراع سياسي سلمي مع الشيوعيين، لكن فقط إذا كان ممكنًا إيقاف ذلك الدمار الذي تخلِّفه الحرب. ونحن على ثقة بأن الفيتناميين الجنوبيين قادرين على حماية أنفسهم من الهيمنة الشيوعية إن سُمِح لهم بممارسة حياتهم السياسية بسلام.
شهد وطن العرب توسعًا أفقيًا في عدد المدارس والجامعات، وعدد حملة الألقاب الجامعية، خلال العقود الأربعة الماضية. كما شهد تزايدًا هائلاً في عدد المساجد والمصلين والحجاج والمعتمرين وحفظة القرآن الكريم. لكن هذا التوسع في هاتين الساحتين الهامتين المركزيتين لم يلجم العنف وتمجيده لدرجة أصبح معظم القتلى في العالم هم في الوطن العرب وبلاد المسلمين. وإن معظم الرصاص والقذائف التي تطلق إنما يطلقها مسلمون ضد مسلمين أو غيرهم من المواطنين، أو يطلقها محتلون ضد ضحاياهم. وفي جميع الحالات فإن الدماء التي تسفك هي دماؤنا والقتلى الذين تزهق أرواحهم هم أهلنا. والعنف يترك لنا كثيرًا من الأرامل والثكالى والأيتام والمعاقين، وكذلك الباحثين عن طريق للهروب من الوطن نحو الأمان والاستقرار.
نظرًا للوضع اللامتعادل وضمن معنى اللامساواة هذا، والذي يسود بين المعلِّم والتلميذ، لا يمكن لعلاقتهما ألاَّ تكونَ نزاعية. إن مسؤولية عدم إلغاء هذه النزاعات من خلال الحصول على خضوع الطفل مهما كلَّف الثمن تقع على عاتق الراشد. مع ذلك، لا يجوز لتربية مسؤولة أن تقوم على عدم توجيه شبيهٍ بإباحة مطْلَقة. ينبغي على المدرِّس، أمام النزاعات، ألاَّ يختار بين الإباحة الكلِّية والمعاقبة الكلِّية. فكلا الخيارين يُظهِر نقصًا في السلطان. وفي كلا الحالتين يفقد المدرِّسُ اعتبارَه. فيصبح عاجزًا عن أن يُسمَع ويُحترَم. وسرعان ما يصبح جو الصف لا يطاق. فكلا الطريقتين تؤدي بالمدرسين إلى طريق مسدود. ويخسر الجميع. ينبغي على المربِّي أن يبحث عن حل بَنَّاء للنزاعات الحاصلة بترك مكان لحاجات الطفل ومطالبه وبمساعدته على الثقة بنفسه. فإعطاء الطفل الثقةَ بنفسه ليس غايةَ التربية فحسب، وإنما وسيلتها أيضًا. إن الحل الإيجابي لأي نزاع ينطوي على مشاركة الطرفين، على تعاون.
المنارة هي صورة مستوحاة، وقد استوحيتها هنا في السجن، وبنيتها في مخيلتي، لأنه من غير المسموح بالنسبة لي أن أستخدم الفراغ. لكني ما زلت أملك عقلي بالكامل، وهذا ما جعل الفنار جزءًا من رؤيتي ومن حلمي بالحرية والكرامة الإنسانية. تقع المنارة خارج السجن، أمَّا دور المرساة فهو تأمين التجذُّر والأمان. وأنا في حاجة للاثنين معًا – أنا في حاجة إلى الفنار ليعطيني توجهًا لرؤيتي، بينما تمكنني المرساة من فهم أين هو مكاني الحالي. وأنا في حاجة لأن أكون متوازنًا وواقعيًا كي أتمكن من العمل ضمن واقع يفتقد للتوازن بالكامل. وأنا في حاجة إلى أن أتحدى وإلى أن أتغير. أنا في حاجة، جميعنا في حاجة، لأن نتغير. والمنارة تبين لي كيف وإلى أين ومن أجل ماذا. ليس من السهل امتلاك العنصرين، وخاصة بالنسبة للسجناء "الجدد" من أجل الحرية؛ فأنا ما زلت أصنَّف بالجديد رغم أنه قد مضى ما يقارب النصف عام على اعتقالي. فالعديد من السجناء قضوا ما يقارب الـ"23" إلى "24" عامًا. لذلك أعتبر جديدًا نسبيًا هنا. لكن بالنسبة لي، فإن كلَّ يوم يمر هو وقت طويل جدًا، مع كل ما يتضمنه من عذاب ومن تفكُّر في واقع كوني فلسطينيًا في وطني.
في رسالته المفتوحة التي وجهها عام 1939 إلى المهاتما غاندي ردًا على مقالته الشهيرة التي بعنوان اليهود في فلسطين، دعا الفيلسوف والحصيدي اليهودي الكبير مارتن بوبر إلى: ... التفتيش عن سُبُل جديدة للتفاهم والاتفاق الودي بين الأمم... لكن أحدًا لم يعر في حينه الانتباه الكافي لهذه الدعوة المخلصة الصادرة عن إنسان كان ينتمي حقًا كما قال: ... إلى جماعة من القوم لم يتوانوا، منذ احتلال الإنكليز فلسطين، عن النضال من أجل عقد سلام حقيقي بين اليهودي والعربي...
|
|
|