|
علم نفس الأعماق
ما أكثر
الآراء السائدة المغرضة بحقِّ المرأة! ليست
المرأة إلا "حيوانًا أليفًا"، "ليس
فيه من صفات بني آدم شيء"؛ "ضلع قاصر"،
كما يقال، "عاجزة عن التفكير كما يفكر
الرجال"؛ "حرمة"، "لم يفطرها الباري
إلا على الإنجاب وخدمة الرجال مجانًا"؛ إلخ.
هذه الآراء البالية التي ما يزال الرجل
والمرأة العربيين، على حدٍّ سواء، يحملانها
في ثنايا الخافية (= اللاوعي) القومية national unconscious
لم تُخْلِ السبيل بسهولة لحملات الحركة
النسوية feminism
والتعليم وتغلغُل الأفكار اللبرالية.
حين
نربط بين بوذية زِنْ Zen
Buddhism والتحليل النفسي
فإننا نناقش منظومتين تُعنيان كلتاهما
بنظرية في طبيعة الإنسان وبممارسة تُفضي إلى
كينونته الحق. وفي حين تمثِّل المنظومة
الأولى تعبيرًا مميزًا عن الفكر الشرقي، فإن
المنظومة الثانية تمثِّل تعبيرًا مميزًا عن
الفكر الغربي. فبوذية زِنْ مزيج من العقلانية
والتجريد الهنديين ومن الواقعية والعيانية
الصينيتين. وبقدر ما هو زِنْ شرقي، فإن
التحليل النفسي غربي قح: فهو ابن المذهب
الإنساني والعقلانية الغربيين، وابن البحث
الرومانسي الذي عرفه القرن التاسع عشر في تلك
القوى الغامضة التي تروغ من البحث العقلاني.
وبمزيد من العودة إلى الوراء، نجد أن الحكمة
اليونانية والأخلاق اليهودية هما السلفان
الروحيان للتحليل النفسي الذي يمثل نوعًا من
المقاربة العلمية–العلاجية للإنسان.
رونيه فويريه، المتوفى في العام 1990، هو من غير شك خير مَن كَتَبَ عن فكر كريشنامورتي.* فبخلاف العديد من المؤلِّفين الآخرين، ليست مؤلَّفاتُه تجميعًا لمعلومات؛ إنها بحثٌ حول سيرورة الأنا وآليات الفكر، هو من العمق بحيث يتماهى مع فكر كريشنامورتي ويمنعنا، في المآل الأخير، من التمييز بينهما. وأخيرًا، أضيف بهذا الصدد بأن كتبه (مثل ثورة الحقيقي: كريشنامورتي، المناهج والشعائر والروحانية، من الزمني إلى اللازمني) هي من بين الكتب النادرة في مكتبتي التي يمكن لي أن أعود إليها وأتعلَّم منها الجديد دائمًا. لقد كان
فويريه أيضًا واحدًا من الباحثين الأكثر
جدِّية في مجال الأطباق الطائرة، حيث طبَّق
كذلك شعاره في البحث حبًّا بالبحث، دون أية
مواقف مسبقة. لقد ظلَّ
فويريه حتى وفاته، على الرغم من تقدُّمه في
السنِّ آنذاك وصحَّته الحرجة، كائنًا مؤثرًا
بطيبته ودفئه الإنساني. ولا يسعني هاهنا إلا
أن أشكره من أعماق قلبي. سمير
كوسا ***
|
|
|