|
إضاءات
كلُّ "فكرة"
إنما هي "جواب" عن "سؤال". وليس من
"سؤال" يَظْهَر في ذهن الإنسان في منأى
عن ظرفَي "الزمان" و"المكان": ففي
سعيكَ إلى فهم نشوء سؤال ما وتفسيره ينبغي لك،
أولاً، أن تسأل: "متى" نشأ هذا السؤال و"أين".
فكل مَن يضْرِب صفحًا عن ظرفَي "الزمان"
و"المكان" لا يمكن له أبدًا أن يرى الحجم
الحقيقي لـ"الحقيقة الموضوعية" في
السؤال، لجهة حيثيَّات ظهوره. 4 من
الجلاء إلى الانقلاب الأول... في 26 نيسان 1946، كلَّف الرئيس شكري
القوتلي السيد سعد الله الجابري تشكيلَ
الوزارة[54].
لكن هذه الوزارة، التي كان من المفترَض أن
تتصدى لتركة الانتداب وتشرع في بناء هيكلية
الدولة المستقلة العتيدة ومؤسَّساتها، لم
تعمِّر طويلاً، لأنها سرعان ما اصطدمت بعدد
من العقبات، كانت أهمها الصراعات الداخلية
بين الوطنيين، على اختلاف اتجاهاتهم، بسبب عدم
وجود رؤية واضحة لما يجب أن يكون مصير البلاد
وتوجهاتها؛ الأمر الذي بدا حينذاك وكأنه
تنافُس على السلطة والمناصب، على خلفية
تأزُّم سياسي، داخلي وعربي ودولي. سلامٌ،
"حلاجَ الأسرار"، إلى كلِّ نَفَسٍ من
أنفاسك، وأنت تنثر جسدك فوق نهر دجلة كي
تتنفَّسه الكائنات كلها، فتصنع من أهل هذا
الماء والتراب أجيالاً سيقولون كلمتك: "أنا
الحق، أنا الإنسان"، ويكتبون مقالك بروح
المحبة والدعوة للسلام والتسامح. سلامُ
الروح والنفس الصادق وحقيقة الطهارة المطلقة
في الإنسان الذي يسعى إلى إنجاز إنسانيته كي
يحيا حيًّا بالحياة والمحبة والإبداع
والمعرفة الإلهية الحق. الحلاَّجيون
أبناؤك، الساكنون على ضفاف أنهار معرفتك،
يعبُرون إلى الحقيقة – الإنسان، الحرية – في
زمن مخيف! إنك
حقًّا عابرٌ كلَّ شي – ولا بدَّ من العبور!
يشكِّل حوارُ
الأديان منذ عقود أحد عناوين الجدل الفكري
والسياسي الدائر في العالم. انعقدت حوله
مؤتمراتٌ متعددة بين ممثلي الديانات
التوحيدية الثلاث، اليهودية والمسيحية
والإسلامية، استُحضِرَتْ فيها قضايا الخلاف
وإمكانات التوافق. تشكلت في الجامعات معاهد
أكاديمية متخصصة في الدراسات والأبحاث
الخاصة بالمنظومات الدينية ومذاهبها. من
الناحية النظرية، باتت غالبية المرجعيات
الدينية تعترف بضرورة هذا الحوار وتشجع عليه.
كرَّس الڤاتيكان في المجمع الثاني في
العام 1965 أهمية الحوار مع الإسلام، كما أكَّد
الأزهر أهمية التواصل أيضًا. لم يغبْ لبنان عن
هذا الموضوع، فكانت له هيئاته وممثلوه
ومرجعياته الطائفية.
شارل
دُه مونتسكيو هو مؤلِّف
الكتاب الشهير روح الشرائع الذي كان
رفاعة رافع الطهطاوي قد عرَّبه منذ فجر
النهضة العربية الحديثة؛ وهو أيضًا مؤلِّف
العمل الشهير الرسائل الفارسية الذي
تُرجِمَ إلى أغلب اللغات الحية، حيث قدَّم
صورةً للمجتمع الفرنسي، بكلِّ "غراباته"،
عبر ملاحظات مسافرَين فارسيَين دوَّناها عن
فرنسا في رسائل وجَّهاها للأهل وللأصدقاء. فقد كانت
الكنيسة الكاثوليكية تقدِّس اللغة
اللاتينية، لغة الدين والعلم في العصور
الوسطى، وكانت تعتبر اللغات العامية أو
الشعبية "لهجات منحطة". وكان أول ما فعله
لوثر في عصر النهضة هو ترجمة الكتاب المقدس من
اللغة اللاتينية إلى اللغة الألمانية
الدارجة، وذلك في غضون الأعوام 1522-1530، وكان
يعتبر أفضل قاموس في العالم هو قاموس
الأمَّهات في البيوت والأطفال في الشوارع
والرجل العادي في السوق. وهو القاموس الذي
استفاد منه في الترجمة، والذي أبدع من خلاله
غوته وشيللر وهُلدرلِن، من بعده، روائع الأدب
الألماني العالمي.
|
|
|