|
منقولات روحيّة
1 إنه
اليوم، – مع الأسف، – في نظرنا نحن العرب
عمومًا، أكثر الرموز التي "نكرهها" على
الإطلاق. فهو، قبل كلِّ شيء، شعار "أعدائنا"
الذين نعاديهم منذ أواسط القرن الماضي بسبب
"اغتصابهم أرضَنا الفلسطينية" و"تشريدهم
شعبَها" – رمز نكرهه إلى حدِّ أن بعضنا بات
يرسمه في أيِّ مكان يستطيع كي يتمكن من
التنفيس عِبْرَه عن أحقاده تجاه مَن صار في
نظره "شيطانًا رجيمًا"! لكن الأمور لم
تكن يومًا – والحمد لألوهة لا يُحمَد على "مكروه"
سواها، لا على هذا الشكل ولا بتلك البساطة...
يقول تعالى في سورة سبأ (24-26)
مخاطبًا مجموع الإنسانية: قُلْ
مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِّنَ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ
إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ
مُّبِيْنٍ * قُلْ لا تُسْأَلُوْنَ
مَا
أَجْرَمْنَا وَلا نُسْأَلُ عَمَّا
تَعْمَلُوْنَ * قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا
رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا
بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ كلُّ
ما في الوجود يُحاور الإنسان، وكلُّ ما في
الإنسان يُحاور الكون. ولكي يكون هذا الحوار
مدركًا لفاعليته المنسجمة مع أبعاده
الوجودية الحقيقية، كان لا بدَّ من فاعل
– الإنسان الكامل، المهدي (ع) – يوجِّه
هذا الحوار إلى كشف حقائق الإنسان الكبرى.
الرسالة
الوجودية بسم
الله الرحمن الرحيم في
معنى قول النبي – صلَّى الله عليه وسلَّم –:
"مَن عَرَفَ نفسَه فقد عَرَفَ ربَّه" الحمد لله الذي
لم يكن قبل وحدانيته قبلُ إلا والقبل هو، ولم
يكن بعد فردانيَّته بَعْدُ إلا والبَعْد هو.
كان ولا بَعْد معه ولا قبل، ولا فوق ولا تحت،
ولا قُرْب ولا بُعْد، ولا كيف، ولا أين ولا
حين، ولا أوان ولا وقت ولا زمان، ولا كون ولا
مكان، وهو الآن كما كان. هو الواحد بلا
وحدانية، وهو الفرد بلا فردانية. ليس
مركَّبًا من الاسم والمسمَّى: هو الأول بلا
أولية وهو الآخِر بلا آخِرية، وهو الظاهر بلا
ظاهرية وهو الباطن بلا باطنية؛ أعني أنه هو
وجود حروف "الأول" وهو وجود حروف "الآخِر"،
وهو وجود حروف "الباطن" وهو وجود حروف
"الظاهر". فلا أول ولا آخِر ولا ظاهر ولا
باطن إلا وهو بلا صيران. هذه الحروف وجوده،
وصيران وجوده هذه الحروف. – فافهم هذا لئلا
تقع في غلط الحلولية. لنرقى بالعالم إلى
الله في نور لا يموت، أما البرهان على كلِّ
ما سبق، والضمانة أننا لا نعدو وراء وهم أو
سراب، فلا جواب عليه سوى ما قاله عالم النفس
الكبير كارل غ. يونغ من أن "المسألة ليست
مسألة معتقد، بل مسألة خبرة" وأن "المرء
الذي يتذوقها يمتلك كنزًا نفيسًا من شيء
يُمِدُّه بينبوع من الحياة والمعنى والجمال،
ويخلع على العالم وعلى البشرية بهاءً جديدًا.
لديه الإيمان والسلام"[10]
– وهذا حسبه! *************************
|
|
|