|
علم نفس الأعماق
تخبرنا عائلة اوبيي أنه يمكن العثور على قصة بياض الثلج في جميع مناطق العالم بتنويعاتٍ طفيفةٍ، "من ايرلندا إلى آسيا الصغرى، وفي أجزاء عديدة من شمال وغرب أفريقية". نحن نتعامل إذًا مع حكاية تعني الكثير للعديد من البشر، وتستمر في الإدهاش كأسطورة. أشعر بالتواضع إذ أستمر في التيقن من كون حكايات بسيطة كبياض الثلج لا تزال تعني الكثير لنا مما يبقى مدفونًا عميقًا في بساطتها. أنا مهيأ لأن أستنتج أن بعض الحكايات الشعبية تتاخم الأسطورة، بمعنى أني كلما قرأت أكثر عن علم الأسطورة كلما استنتجت أكثر أن هذه الحكايات تمتلك مفاتيح الأسطورة الكلاسيكية. إذا كان هذا صحيحًا، ربما يتوجب إذًا أن نمنح أهمية أكبر لهذه الحكايات البسيطة. ربما "لُفِّقت" فقط لتظهر لنا شيئًا عن أنفسنا، وربما تكون هذه الحكايات البسيطة، مثلما اعتبرها كارل غوستاف يونغ، "التعابير اللاواعية لذواتنا..."
يدرس هذا المقال مسألة الأنا the ego بوصفها، حسب مفهوم فرويد، ماهيةً نفسانية تضمُّ ماهيتين نفسانيتين أخريين: الأنا الغائبة the id التي تكمن في المستوى الأدنى (للأنا) والأنا العليا the super-ego التي تستقرّ في المستوى الأعلى (للأنا). إذ ينبني تمثيل النفس بأبعاده الثلاثة هذه في الأساس على ذلك النظام الثلاثي الذي سبق أن تمّ وضعه ليشمل اللاوعيَ وماقبلَ الوعي والوعيَ. فمن خلال الإشارة إلى حتمية الصراع المتبادل بين ظاهرة الدمج وظاهرة عقدة أوديب، سيضع المقال، عندئذ، التوكيد على النواحي التطورية للأنا من حيث العلاقة التي تنشأ بينها وبين الماهيتين النفسانيتين الأخريين (الأنا الغائبة والأنا العليا). بناء على هذا التوكيد، سيتطرّق المقال إلى إمكانية السير المتوازي لعمليتي التطور اللبيدي وتطور الأنا وسيتطرّق، من ثمّ، إلى "العواقب" النفسانية لهذا التوازي. ووفقًا لذلك، سيعالج المقال مسألة الاتكال المتبادل الذي يحدث بين الماهيات النفسانية الثلاث هذه من منظورَي مقدار الوعي واحتواء الدوافع الغرَزية، ليصار إلى اقتفاء تطور محتويات الأنا من "الحالة القبْلية" للنفس (أي الحالة التي تشير إلى ما يقبع في "دُكنة" الأنا الغائبة) إلى "الحالة البَعْدية" للنفس (أي الحالة التي تشتمل على "رقابة" الأنا العليا). |
|
|