|
علم نفس الأعماق
فينكس، آريزونا، 12 آذار 1999. في عصر
ذلك اليوم، صرفت عدة ساعات أراجع محاضرة. وبما
أنني استعملت الأفكار عينها قبلئذٍ ببضعة
أيام لكتابة مسوَّدة فصل من فصول كتابي
الجديد، المعروض للنشر مؤخرًا، فقد كنت
متحمسًا بصفة خاصة لمناقشتها. فكرتُها
المركزية كانت أن جوهر النفس، في نظر أفلوطين
(الفيلسوف الأفلاطوني الجديد من القرن الثاني)،
منتهٍ، منقسم، وعرضة لفَسَاد الزمن؛ وهو، في
الآن نفسه، لانهائي، غير منقسم، وخالد. ففي
كلِّ تجربة، على المستويات كافة، مهما كان
مبلغ دنيوية هذه المستويات أو سموِّها، نحن
مخلوقات محدودة، منتهية، عرضة للانحلال، وفي
الآن نفسه، كائنات خالدة ومتعالية. وتلكم هي
الطبيعة الفريدة للنفس. ما أكثر
الآراء السائدة المغرضة بحقِّ المرأة! ليست
المرأة إلا "حيوانًا أليفًا"، "ليس
فيه من صفات بني آدم شيء"؛ "ضلع قاصر"،
كما يقال، "عاجزة عن التفكير كما يفكر
الرجال"؛ "حرمة"، "لم يفطرها الباري
إلا على الإنجاب وخدمة الرجال مجانًا"؛ إلخ.
هذه الآراء البالية التي ما يزال الرجل
والمرأة العربيين، على حدٍّ سواء، يحملانها
في ثنايا الخافية (= اللاوعي) القومية national unconscious
لم تُخْلِ السبيل بسهولة لحملات الحركة
النسوية feminism
والتعليم وتغلغُل الأفكار اللبرالية.
حين
نربط بين بوذية زِنْ Zen
Buddhism والتحليل النفسي
فإننا نناقش منظومتين تُعنيان كلتاهما
بنظرية في طبيعة الإنسان وبممارسة تُفضي إلى
كينونته الحق. وفي حين تمثِّل المنظومة
الأولى تعبيرًا مميزًا عن الفكر الشرقي، فإن
المنظومة الثانية تمثِّل تعبيرًا مميزًا عن
الفكر الغربي. فبوذية زِنْ مزيج من العقلانية
والتجريد الهنديين ومن الواقعية والعيانية
الصينيتين. وبقدر ما هو زِنْ شرقي، فإن
التحليل النفسي غربي قح: فهو ابن المذهب
الإنساني والعقلانية الغربيين، وابن البحث
الرومانسي الذي عرفه القرن التاسع عشر في تلك
القوى الغامضة التي تروغ من البحث العقلاني.
وبمزيد من العودة إلى الوراء، نجد أن الحكمة
اليونانية والأخلاق اليهودية هما السلفان
الروحيان للتحليل النفسي الذي يمثل نوعًا من
المقاربة العلمية–العلاجية للإنسان.
|
|
|