|
إضاءات
اختلف فقهاء الدستور حول القواعد التي يجب الاستناد إليها في إعداد الدساتير، وتحديد مصادر التشريع فيها، ومن ثم مصادر شرعيتها، وإن كان الفقه الدستوري كاد يستقر على أن الدستور هو التعبير السياسي والقانوني عن العقد الاجتماعي بما يتضمنه من مبادئ وقيم اجتماعية وثقافية وعقائدية واقتصادية تختلف من مجتمع إلى آخر في التفاصيل لكنها محكومة بمنظومة قيم إنسانية، تكاد تكون عامة، تتعلق بحقوق الإنسان الأساسية في المساواة والعدالة وتكافؤ الفرص وعدم التمييز بين أفراد المجموعة البشرية على أساس من اللون أو العرق أو الجنس أو الدين أو الحالة الاجتماعية والاقتصادية.
ضمن برنامجها للعام 2012، وبالتعاون مع منظمة السلام المسيحي Pax Christi، أقامت معابر عدة حلقات حوار إذاعية مع عدد من الشخصيات المستقلة في البلد حول عدد من المواضيع المتعلقة بالأوضاع الراهنة. حلقات يمكنكم سماعها على الروابط التالية: http://souriali.com/cms/?p=120 https://www.facebook.com/RadioSouriaLi https://twitter.com/RadioSouriaLi ***
ونعود مرَّة أخرى إلى جغرافية السياسة متفكرين في واقعنا الحالي وفي آفاقه المستقبلية القريبة والبعيدة، فنسترجع ما سبق وطرحناه في الفصل السابق من أفكار تؤكد على ضرورة تشكيل حكومة انتقالية... ... مؤلفة بشكل شبه رئيسي من التقنيين. وذلك بعد أن يتمَّ التوافق على المبادىء التي ستوجهها والتي هي باختصار: أ. على الصعيد الداخلي: وضع أسس ومبادىء دولة برلمانية تنبذ بشكل كامل كافة أشكال الطائفية والتعصُّب. وتباشر في إعادة إعمار البلد... ب. على الصعيد الخارجي: مصالحة النظام الجديد مع محيطه العربي والإقليمي والدولي والابتعاد عن سياسة المحاور...[1] نعود لنناقش ذلك الجانب الأصعب والأخطر الذي تتعامل معه بلدنا، والمتمثل بالحاضنة الجغرافية السياسية الإقليمية والدولية المحيطة. لكن، منطلقين هذه المرة من الداخل، في محاولة لفهم تعقيدات الواقع وارتباطه. ونبدأ بـ...
تحركت قريحة مجموعة من الفاعلين الأمازيغيين المغاربة مؤخرًا بسرعة مضاعفة لانتقاد الدولة في مماطلتها في دسترة اللغة الأمازيغية وعدم استصدارها لقوانين تنظيمية لذلك، وتجندوا أيضًا لطرح إشكالية الأسماء الأمازيغية وضرورة العمل على إنهاء "محنة" هذه الأسماء، كما انزوى البعض مبرئًا الحركة الأمازيغية مما نسب اليها من إقامة لـ"محاكم شعبية" بالحرم الجامعي بمراكش، وقد كان خبر بتر بعضٍ من أعضاء الطلبة وأيديهم وأرجلهم غير مستساغ بالنسبة للحركة الأمازيغية وخصوصًا في هذه الظرفية بالذات. من جهة أخرى، ولكثرة الكتابات المنشورة أضحينا نرى أن هناك صراعًا خفيًا ما بين "مثقفين حداثيين" لكنهم عرقيين بامتياز، و"مثقفين أصوليين" يروجون لـ"يوتوبياتهم" بطريقة دعوية، لكن الخلاف الظاهر أن كلا المثقفين نراه يتناسى قيم العقلانية ويلعب على وتر العواطف مدغدغًا لمشاعرٍ أكثر منه مُسْتَفِزًا لفكرنا النقدي.
تُعتبر "الذاكرة" قوة مذهلة للذات الإنسانية ويعود ذلك للدور المهم الذي تؤديه في جعل المكان أكثر سموًا وروحانية وذلك من خلال منحها الموضوعات المادية التي تعرفها أو تلك التي تتخيلها وجودًا غير مادي. إضافة إلى ذلك، ما من أحدٍ يستطيع أن يُنكر دور "الذاكرة" البارز أيضًا إزاء الزمن، فمن خلال قدرتها على حثِّ الصور المحفوظة في رحاب ميدانها الداخلي للمشاركة بفعَّالية في الديمومة الداخلية للزمن يستطيع هذا الأخير أن يسمو ويصبح أكثر روحانية. لا يمكن حصر موضوع "الذاكرة" فقط بالأشياء العابرة أو المُتحركة، ففي رده الشهير على نبريديوس Nebridius، دحض القديس أوغسطين هذه الفكرة قائلاً: لا بدَّ من التنويه بأن ما يمكننا تذكره ليست فقط الأشياء العابرة، وإنما أيضًا، وفي أغلب الأحيان، الأشياء التي تستمر في وجودها.
مصير المفقودين وإظهار حقائق ما جرى وتحديد المسؤوليات ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات والجرائم عبر المؤسسات القانونية والقضائية، وهذا شرط لازم وواجب وضروري، فلا يمكن أن تبرد روح الثأر والانتقام ومحاصرة الفوضى المحتملة، ما لم يشعر المتضررون بأن حقوقهم لن تضيع وأن المرتكب لن يفلت من العقاب، ولا يمكن الإنسان أن يغذي انتماءه إلى المجتمع ويساهم ببنائه إذا لم يطمئن إلى أنه سيحصل على العدالة.
1.
لم تكن الأحداث التي عصفت بمدينة حماه ذلك العام هي
الأولى من نوعها بعد انقلاب الثامن من آذار 1963، فلقد عاشت المدينة أحداثًا
مشابهة في شهر نيسان من العام 1964، لكن على نطاق أضيق وحصيلة من الضحايا
والدمار أقل.
-1- لم يكن أحدًا ليتوقع بأن منظمة "شبيبة هتلر" (Hitler-Jugend) البائسة التي أعلن عن تأسيسها في اجتماع الحزب النازي السنوي عام 1926 في مدينة فايمار، ذات التاريخ الثقافي العريق، سيكون لها شأن كبير في الفترة اللاحقة من عمر الرايخ الثالث حين استولى الحزب على السلطة في مفارقة تاريخية، جعلت أحد المضطربين نفسيًا يتربَّع على رأس أعلى سلطة في بلاد الجيرمان. كان هتلر لا يمل هذيانًا عن دور الأطفال واليافعين في التأسيس والمساهمة في بناء جبروت القوة الألمانية العارية التي بشَّر فيها في كتابه الشهير مستندًا إلى أصول عرقية لا تعرف للمنطق حدودًا. بعد عبورها من شبيبة "حزبية" إلى شبيبة "الدولة" ومع تلبُّد غيوم الحرب العالمية عشية العام 1939 صدر قانون "الخدمة الإلزامية للشبيبة" الذي ما أن جف حبره إلا وقد كان ما يقارب 8 ملايين طفل ويافع ألماني ونمساوي دون سن الثامنة عشرة، ومن كلا الجنسين، ملتحقين بهياكله وملتزمين بنشاطاته التي أصبحت مميتة بعد حين. تلقى هؤلاء الأطفال واليافعين تربية صارمة ووضعوا في معسكرات كانت أشبه بالثكنات العسكرية رغم وجود بعض النشاطات التي تسمح لهم بنوع من الإحساس بالمغامرة وحب الفضول الشقي. لم تكن نشاطاتهم تقف عند جمع مخلَّفات الأسلحة والمساعدة في بعض أعمال الصيانة والبناء، والاطلاع على صنوف الأسلحة والمثابرة على دروس "فلسفة الأعراق" الخالدة وتعاليم "الدين النازي" الجديد فحسب، وإنما تعدَّتها إلى المشاركة في الأعمال العسكرية القتالية واللوجستية، التي كانت تتزايد تباعًا مع دخول الحرب أوقاتها الحالكة واشتداد المعارك حول وداخل المدن الألمانية الكبرى. مع الإشارة إلى أن من يشتدُّ عوده منهم يتم تزكيته لفرق العاصفة، إحدى أشرس الفرق القتالية الألمانية
من حيث المبدأ، سقط النظام السوري منذ أول رصاصة أطلقها في 18 آذار (مارس) 2011 على متظاهرين سلميين خرجوا إلى الشارع يهتفون للحرية والإصلاح. واقعيًا، ليس من الممكن تحديد إطار زمني لرحيل النظام والتأسيس لمرحلة انتقالية تقود إلى سورية جديدة. ولكن من نافل القول إنه لا يمكن نظامًا قتل أكثر من ثلاثين ألفًا من مواطنيه، تسبب في مقتل آلاف أخرى من جنوده ومؤيديه، اعتقل وعذب مئات الآلاف، هدم البنية التحتية لبلاده ودمر اقتصادها، دمَّر النسيج الاجتماعي بين العناصر المكونة للأمة، وعزل سورية عن محيطها العربي ومجالها الدولي، أن يستمر في حكم بلده وشعبه.
في البدء كان الوجود مختلفًا، فالاختلاف هو السمة الأكثر جوهرية وموضوعية للوجود. الوجود لا يكون إلا مختلفًا، لذلك فهو لا يُسأل عن سبب اختلافه. في الحقل البشري الاختلاف موجود في الخَلق والخُلق، في القدرات والطموحات، في الوقائع والنظرات، في التفرد والاجتماع... إلخ. الاختلاف بهذا المعنى هو الحقيقة الكبرى، هو الحق بذاته، هو الحياة ونداؤها، هو مولد الحركة، هو الباعث على التقدم والتطور، هو الوجود وتاريخه...
|
|
|