|
علم نفس الأعماق
لِمَ لا؟ الحب زهرةٌ من زهرات الحضارة، مافتئت تتفتح وتكشف عن بتلاتها أمام أعيننا المبهورة. لكن الحبَّ أيضًا يستحيل أحيانًا إلى برعم جامد، إلى وعد لا نَفِي به أبدًا، وتنال منه سلوكاتُنا البالية. ففي داخل كلِّ زوجين تتصارع قوتان: واحدة في وضَح النهار وأخرى في ظلمة جوف الأرض. فعلاقة مسيطِر/مسيطَر عليه وسيد/مسود علاقة لن تكفَّ منذئذٍ عن مدِّ جذورها إلى قطاعات النشاط في الحياة كافة. فلحدِّ الآن، مازال "قانون الأم" و"قانون الأب" يتعايشان معًا دون أن يتوصلا إلى استبعاد أحدهما الآخر، كما لم يحدث بينهما أي تحالف حقيقي على الإطلاق. فالأم أخضعت نفسَها إلى حدِّ إلغاء قانونها أحيانًا، لكن قوتها المبتلَعة ظلت موجودة، لاطية على استعداد لأن تنبثق متفجرةً عند أية فرصة تُتاح لها. لقد بُنِيَت العلاقةُ الزوجية على هذا اللاتناظر المرعب وعلى هذه البؤرة القابلة للانفجار. فكل شخص خاضع خانع يغذِّي في أعماقه، وإنْ عن غير وعي منه، أسبابَ تمرده؛ وكل استئثار بالسلطة يتضمن تصعيدًا للاستبداد كردِّ فعل على هذه الثورة الكامنة، وساعة الثأر آتية لا محالة، بحيث يصير المسيطِر بدوره مسيطَرًا عليه، مدفوعًا بجاذبية لا تقاوَم للخوض في الممكنات كافة. لكن هذه الوضعية تتصف حصرًا بأنها تظل مكبوحة ومتألِّمة، بما يُراكِم العنف. فلا السيطرة ولا الخنوع سيئان في حدِّ ذاتهما حينما يكونان عابرين؛ لكنهما، عندما يصيران مؤسَّسين، فإنهما يغذيان الحرب.
تتبوأ الخبراتُ "التزامُنية" في حياتنا منزلةً خاصة، وإنِ اكتنفها الغموضُ والسر وحال بيننا وبينها خندقُ الزمن. ومع أن جسر الذاكرة الخؤونة هو صلة وعينا الوحيدة بها، فإنها لا تني تساهم بقسط وافر في صنع حياتنا وتشكيلها، حتى بعد أن تحدث بفترات طويلة. قبل أن نحاول المساهمة في التعريف بمصطلح "التزامُن" synchronicity، فلنبدأ بإيراد رواية شخصية بصيغة المتكلم لخبرة من هذه الخبرات، كما وَرَدَتْ بقلم صاحبتها (استقينا هذه المادة من كتاب فكتور مانسفيلد التزامن والعلم وصناعة النفس).
|
|
|