|
|
نيسان 2004
|
في هذا
الإصدار
|
|
|
لماذا اختُرِع مصطلحُ الحقيقة؟ لا شكَّ أنه
اختراع مذهل! إن السبب الكامن وراء اختراع
المصطلح يتجاوز في أهمِّيته المصطلحَ في حدِّ
ذاته. يرتبط مصطلح الحقيقة بالتفسير. فهل
التفسير ضروري؟ إننا جميعًا ننزع إلى
التفسير، لكن الطبيعة لا تعطي أيَّ تفسير.
فعندما نجرِّب تكتفي الطبيعة بإعطائنا
الإجابة دون أية زيادة.
باب جديد
ستبدأ معابر بنشره بدأً من هذا الشهر
هذا الشهر: أرسطو
لم تعد وحدةُ الإنسانية نظريةً فلسفية أو
شعورًا عاطفيًّا، بل حقيقةٌ تتجسَّد أمام
أعيننا أكثر فأكثر. وهي حقيقة لا يقرُّها
العلم وينادي بها فحسب، بل إنها تزداد
تكريسًا وتبلورًا بنموِّ العلم والتكنولوجيا
وتقدمهما. وفي هذا البحث نضع الإنسان من
الطبيعة في الموقع الذي جعله فيه عالِمُ
التطور الكبير تيار دُهْ شاردان، حيث اعتبر
الإنسانية نموذجًا جديدًا لمتعضِّية
يتحتَّم عليها تحقيقُ إمكاناتٍ جديدة لتطوير
الحياة على كوكب الأرض. فالإنسان هو، من جهة
أولى، ثمرة صيرورة طويلة من التطور، تُقاس
بعمر الأرض نفسها، أي بعدَّة مليارات من
السنين؛ وهو، من جهة أخرى، النقطة الفاصلة من
عملية التطور، حيث تعي هذه العمليةُ فيه
ذاتَها وتصبح قادرةً على توجيه نفسها.
البحث
عن المعرفة الكاملة حلمٌ راود الإنسان
منذ آلاف السنين. فما أساطيره ودياناته
القديمة وفلسفاته وسِرَّانياته وشعائره إلا
تعبيرات عن محاولة سبر أغوار المطلق وتمثُّل
شكل الحقيقة. لقد أراد الإنسان أن يعرف
العالم، فاخترع أدوات كثيرة، منها الحساب
ومنها الفيزياء. ومذ ذاك، أصبح دور العلوم
دورًا رائدًا في تقدُّمه وازدهاره. ولكن، إلى
أيِّ حدٍّ ستستمر العلوم في تقديم المعرفة
للإنسان؟ هل التقدم العلمي لانهائي وبلا
حدود؟ أم أن هناك حدودًا للعلم لا يستطيع
تجاوزها؟ وما الذي يقدِّمه العلم فعلاً؟ هل
يكتشف العلمُ القانونَ الطبيعيَّ، أم يصفه،
أم يفسِّره؟ وكيف نميِّز بين هذه الحالات؟ ما
هي النظرية العلمية؟ وإلى أيِّ حدٍّ تُعتبَر
مبادئ الفيزياء وقوانين الطبيعة والثوابت
الكونية التي يكتشفها العلم حدودًا لا تقبل
التغيير أو التعديل؟ ألا يمكن أن يقودنا
العلم إلى عوالم جديدة مختلفة كليًّا عن
مداركنا، وحتى عن قوانيننا العلمية الحالية؟
هل يستطيع العلم، في النهاية، أن يصل بنا إلى
معرفة كاملة ونهائية؟ وإذا كانت الفيزياء
تستطيع تفسير كلِّ شيء فماذا سيحصل عندئذٍ
للنوع البشري، الذي يقوم تطورُه، بل ووجوده،
على تقدُّم المعرفة؟
|