|
إيكولوجيا عميقة
في العقد الماضي فحسب، تحمَّس الباحثون لإمكانية التبدلات المفاجئة في مناخ الأرض. ففي بعض الأحيان، قد يستغرق الأمر مدَّة من الزمن كي يستوثق المرء مما لم يكن مستعدًا للبحث فيه. ما هي السرعة التي يمكن لمناخ كوكبنا أن يتغير بها؟ ببطء شديد حتى أن البشر لا يلاحظونه، هذا فحوى الاعتقاد الراسخ لدى غالبية العلماء طوال القسم الأكبر من القرن العشرين. فأيُّ تبدل في نماذج الطقس، حتى موجات القحط في منطقة العواصف الغبارية التي دمَّرت في الثلاثينات السهول الواسعة، كان ينظر إليه كانحراف محلِّي مؤقت. بلا ريب، إن مناخ العالم بأكمله يمكن أن يتغير جذريًا، وقد أثبتت العصور الجليدية ذلك. لكن الحس المشترك يعتقد بأن مثل هذه التحولات يمكن فقط أن تتدرج على مدى عشرات الآلاف من السنين.
طرحُ مسألة الإيكولوجيا شبيه بالحديث عن الاقتراع العام أو عطلة الأحد: في مرحلة أولى، يتهمك البورجوازيون وأنصار النظام بأنك تسعى إلى هلاكهم، وإلى انتصار الفوضوية والظلامية، ثم في مرحلة ثانية، عندما تصبح قوَّة الأشياء والضغط الشعبي لا يقهران يمنحونك ما منعوه إياه بالأمس. وبالأساس لا شيء يتغيَّر. إنَّ أخذ الشروط الإيكولوجية في الاعتبار يخلق كثيرًا من الأعداء في صفوف الأعراف. ومع ذلك فإنَّ له ما يكفي من الأنصار الرأسماليين ليصبح قبوله من طرف قوى المال احتمالاً جديًّا. إذن، لا فائدة، من الآن، من لعب لعبة الاختباء: إنَّ النضال الإيكولوجي ليس غاية في حدِّ ذاته، بل مرحلة من المراحل. يمكن أن يخلق مصاعب للرأسمالية ويرغمها على التغيُّر. لكن متى؟ بعد الصمود طويلاً بفضل القوَّة والحيلة، ستتنازل الرأسمالية في النهاية لأنَّ المأزق الإيكولوجي سيصبح لا مفرَّ منه. ستتقبَّل هذا التحدي كما قبلت بقية التحديات السابقة. لذا يجب من الآن أن نسأل أنفسنا، صراحة: ماذا نريد؟ هل نريد رأسمالية تتصالح مع الرهانات الإيكولوجية أم ثورة اقتصادية، واجتماعية، وثقافية تقوِّض شروط الرأسمالية وتخلق رابطًا جديدًا بين الإنسان والجماعة، ومحيطه والطبيعة؟ هل نريد إصلاحًا أم ثورة؟ |
|
|