|
نساء بالسواد
وقفات احتجاجية تضامنية خلال تلك السنوات الباعثة على اليأس، بات حضور الوقفة الاحتجاجية أسبوعيًا فعلاً يتطلَّب ذخرًا هائلاً من القناعة. ويمكن أن يُعزى بعض من هذا الحضور إلى ولاء قلَّة من النساء ما زلن ملتزمات بالوقفة الاحتجاجية، لكن معظمه كان ناجمًا عن الاعتقاد الجوهري بأن المكوث في البيت لا يعني سوى عدم الجهر بمناهضة الاحتلال. وبالطبع، لم يكن الجهر بمناهضة الاحتلال موضع ودٍّ من قبل أولئك الذين هم خارج معسكر السلام، بيد أنه لم يكسبنا أيضًا مطلقًا تحالفات إستراتيجية مع حركة "السلام الآن" السائدة ضمن هذا المعسكر. أما حركات السلام الأكثر تقدميَّة المختلطة الجنسين – داي لاكيبوش، السنة 21، يش غفول – فكانت تنسِّق جداولها عادة لكي لا تتضارب مع الوقفة الاحتجاجية، وغالبًا ما كانت تقدِّم لنا العون بطرق مختلفة[1]. لكن غالبًا ما كانت حركة "السلام الآن" تدرج في جدولها مناهضتنا. لكن لم يكن هذا متعمَّدًا في غالبه – فنحن كنَّا، مع ذلك، ضمن المشاركين الأكثر إخلاصًا في تجمُّعات "السلام الآن" – لكنه بالأحرى ناجم عن ضعف عام في أخذنا على محمل الجدِّ. كان أمرًا لاسعًا بحدَّة. فهو بالتأكيد قائم على أساس النوع الاجتماعي، تمَّ تشرُّبه من مجتمع لا يعطي للنساء الحق في المشاركة في قضايا الحرب والسلم. ففي إحدى المواقف المؤسفة خلال وقفة احتجاجية لـ "نساء بالسواد" جنبًا إلى جنب مع مظاهرة لحركة "السلام الآن"، رفض منظمو مظاهرة "السلام الآن" إفساح المجال لنا لاستخدام مكبِّرات الصوت الخاصة بهم بذريعة أن بطارياتها قد انتهى مفعولها، رغم أن البطاريات، بسحر ساحر، عادت للعمل عندما بدأت مظاهرتهم[2]. لكن خلال أحلك السنوات وأكثرها إحباطًا للوقفة الاحتجاجية، كان ثمَّة أحد مصادر التشجيع المتواصل لعملنا في إسرائيل: المساندون من الدول الأخرى. بعد مرور شهرين أو ثلاثة على مرور الوقفة الاحتجاجية الأولى لـ "نساء بالسواد" في إسرائيل، بدأنا نسمع عن "وقفات احتجاجية تضامنية" في بلدان أخرى: نساء يرتدين السواد ويحملن لافتات صُمِّمت على نموذج أكفِّ الأيدي التي نرفعها في إسرائيل وتتضمن شعارات مشابهة. وقد وردت عنها تقارير أولية من كندا والولايات المتحدة، ومن ثم انتشرت في أوروبا وأستراليا. كان البعض من هذه الوقفات الاحتجاجية التضامنية المبكرة لـ "نساء بالسواد" تتشكَّل من نساء يهوديات وفلسطينيات. فالوقفة الاحتجاجية الأولى في سان فرانسيسكو كانت واحدة من مثل هذه المجموعة، وكنَّ يحملن لافتات خُطَّ عليها "اتحاد النساء الفلسطينيات واليهوديات"، بالإضافة إلى الشعارات "كفى للاحتلال" و"شعبان، دولتان". (كانت مارشا فريدمان واحدة من أعضاء هذه المجموعة، وهي عضو سابق في الكنيست الإسرائيلي ومقاتلة مثابرة في سبيل القضايا التقدمية). لكن معظم هذه الوقفات الاحتجاجية المبكرة لـ "نساء بالسواد" في شمال أمريكا كانت مؤلفة من نساء يهوديات. وفي الحال، بدأنا بتلقِّي نشرات إخبارية من تحالف أمريكي شمالي لتلك الوقفات الاحتجاجية يُدعى "لجنة النساء اليهوديات لإنهاء الاحتلال" JWCEO. وقد تأسَّس هذا التحالف في مدينة نيويورك في نيسان من العام 1988 – بعد 4 أشهر فقط من وقفتنا الاحتجاجية الأولى في إسرائيل – تضامنًا مع "نساء بالسواد" والمجموعات النسائية الإسرائيلية والفلسطينية الأخرى العاملة من أجل السلام. وكان التشديد على "يهوديات" يعني "أننا لا نزال يهوديات وفيَّات، لكننا نريد إنهاء الاحتلال". وقد تضمَّنت النشرة الإخبارية لـ JWCEO وصفًا تفصيليًا لوقفاتنا الاحتجاجية ومؤتمراتنا في إسرائيل، بالإضافة إلى أخبار عن النشاطات السلمية في كافة أنحاء أمريكا الشمالية. وكانت تناشد الجالية اليهودية في أمريكا الشمالية لدعم علني للإسرائيليين العاملين من أجل السلام، وخصوصًا إبداء التضامن مع الوقفات الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد" في إسرائيل. وتضمَّنت النشرة الإخبارية لـ JWCEO أيضًا من تشرين الأول 1990 أسماء وعناوين لـ 26 منظمة ومجموعة فرعية، من سياتل إلى نيو هافن، حيث تركَّز كل نشاط النساء اليهوديات العاملات في مجال السلام على إنهاء الاحتلال. كما أن بعضها دعت نفسها "نساء بالسواد" (في بيركيلي، بوسطن، بولدر، باولو ألتو، وسيراكوس، على سبيل المثال لا الحصر)، وأقمن وقفات احتجاجية منتظمة، رغم أنها لم تكن أسبوعية في كل الأماكن. واتخذت أخريات أسماء وصيغ واستراتيجيات مختلفة: "يهوديات من أجل سلام عادل"، في تورنتو، "زمرة حنة آرندت السحاقية من أجل السلام" في مينيابوليس، و"نساء إيثاكا اليهوديات من أجل إنهاء الاحتلال". وكانت لجنة التنسيق لهذه المجموعات المتنوعة مكوَّنة من إيمي بيث وليندا إيبر وريتا فالبل وجودي هيلفاند وكلير كينبيرغ وإيرينا كليبفيتز وبيث مارتن وغريس بالي وسوزان شيرمان، وجميعهن شخصيات يحظين بالاحترام الكبير في أوساط الناشطات اليهوديات من أجل السلام والعدالة في أمريكا الشمالية. وأنا أتطلَّع إلى يوم أقرأ فيه تاريخ هذه الحركة وكيفية استجابة الجمهور الأمريكي (يهودًا وغير يهود) لها ("عاهرات جورج شولتز"؟)[3]. كانت JWCEO على صلة وثيقة بالعديد من "نساء بالسواد" الإسرائيليات، وكان يتم التشارك بالمعلومات والتشبيك معهن. كما حصلت زيارات متبادلة، كما تلقَّت أيضًا "نساء بالسواد" ومنظمات سلام إسرائيلية أخرى مساعدات مالية من أجل مشاريع معينة. لكن بعيدًا عن المساعدة المادية، أمدَّتنا هذه المنظمات بمصدر متطلَّب بشدة من التعاضد العاطفي بالنسبة لنا. ولن أنسى مطلقًا مشاعر الاندهاش والزهو التي انتابتني في المرة الأولى التي اطلعتُ فيها على النشرة الإخبارية لـ JWCEO وشاهدت صور الوقفات الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد" في جميع المدن الأمريكية الشمالية. فإلى حين تلك اللحظة، لم أكن قد قدَّرتُ حق القدر حقيقة أن وقفتنا الاحتجاجية ليست ظاهرة إسرائيلية معزولة، بل هي موضع إعجاب ومحاكاة أيضًا. وفي تعبير رائع للأخوية الدولية، عقدت أكثر من 24 منظمة وقفات احتجاجية تضامنية في مواقع مختلفة من أوروبا وشمال أمريكا وجنوبها للاحتفال بيوم المرأة العالمي في آذار 1990. وكانت تلك مبادرة من عدة "نساء من حركة "نساء بالسواد" في القدس. وعلى نحو متزامن، بدأت حركة "نساء بالسواد" في التبرعم في العديد من المدن الأوروبية الكبيرة، مع بعض التأكيدات المختلفة نوعًا ما في كل موقع. وكانت بعض الوقفات الاحتجاجية يهودية في المقام الأول، بينما في مدن أخرى (أمستردام، بروكسل، لندن، ملبورن، سيدني...) كانت المجموعات مختلطة من اليهوديات والفلسطينيات أيضًا. وكانت هذه الوقفات الاحتجاجية الأخيرة تناضل من أجل فتح حوار وإيجاد لغة مشتركة، مع إنعام النظر في طريقة للتعبير عن إيمانهم المشترك في السلام والتعايش في الشرق الأوسط. وفي مرحلة ما من انتشار الوقفات الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد" في البلدان الأخرى، تطوَّرت ظاهرة مؤسفة: ظهور مجموعات مدفوعة بمواقف معادية لإسرائيل، وقد تكون مرتبطة أيضًا بمعاداة السامية. إنها عقدة الاضطهاد والخوف المتأصِّل في داخل كل يهودي: انتقاد إسرائيل سيوقظ الوحش الهاجع المعادي للسامية لدى بعض الشعوب. وهذا مصدر قلق كبير حول كون منتقدي إسرائيل لـ "الغرباء" ]غير اليهود[. وبين حين وآخر، تلفت انتباهنا وقفة احتجاجية في موقع ما بعيد تعتبر أن الخطايا المهلكة لإسرائيل هي أنها وسَّعت أعمال القتل الجماعي على غرار ألمانيا النازية. وكان من الصعب الفصل بين حركة "نساء بالسواد" في إسرائيل عن هذه الظواهر السلبية حين نشوئها، لكن لم يكن باليد حيلة للحيلولة دون ذلك. وما كان بمقدورنا أن ندعهم يوقفوننا عن التعبير عن وجهات نظرنا الانتقادية الخاصة بنا والتي كانت حول خطايا حقيقية وآتية من مكان يهتم بعمق بشأن إسرائيل. حياتهن الخاصة في وقت ما، وضعت الوقفات الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد" حدًّا لحياتها الخاصة. فقد كانت تتشكَّل في بلدان مختلفة، ولم يكن لدى الكثير منها ما تفعله حيال الاحتلال الإسرائيلي. ففي إيطاليا، أُقيمت الوقفات الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد" في 80 موقعًا أثناء حرب الخليج للاحتجاج على طائفة من القضايا: من الاحتلال الإسرائيلي إلى العنف الذي تمارسه المافيا والجريمة المنظَّمة الأخرى. وكانت "نساء بالسواد" الإيطاليات هنَّ الأوائل في أوروبا، وساعدن على انتشار الظاهرة في بلدان أخرى، بالإضافة إلى دعمهن المستمر للحركة في إسرائيل. أما في ألمانيا، فيبدو أن الاحتجاج الأساسي لـ "نساء بالسواد" كان موجَّهًا ضد بيع المواد الكيمياوية من قبل الشركات الألمانية للنظام العراقي. وبعد الحرب، وسَّعت حركة "نساء بالسواد" الألمانية تفويضها للاحتجاج على علل اجتماعية مختلفة: النازية الجديدة، رهاب الأجانب، التمييز العنصري ضد العمال المهاجرين، التسلُّح النووي، وقضايا أخرى، خلال الوقفات الاحتجاجية في ميونيخ وكولن وبرلين وفيسبادن وأمكنة أخرى. وفي بلغراد وزغرب، دعت "نساء بالسواد" إلى إنهاء الحرب ووضع حدٍّ للاغتصاب الجماعي للنساء والنزاع العرقي، وقد قدَّمت هؤلاء النساء في جمهوريات يوغسلافيا السابقة مثالاً مذهلاً على التعاون المتجاوز للأعراق ضمنهن، والذي يمكن استلهامه من قبل نساء ورجال بلدهن. تم استنساخ حركة "نساء بالسواد" في آسيا، حيث كانت الفاتحة في الهند ومن ثم في الفيلبين. وقد بدأت بنساء من مدينة بانغالور احتجاجًا على تدمير مسجد في إيوديا، والتي أصبحت مجازًا للقومية الهندوسية العنيفة، والصراعات الطائفية كمحصلة. وقد أقامت "نساء بالسواد" الهنديات وقفة احتجاجية أسبوعية تدعو إلى وضع حدٍّ للمعاملة المجحفة بحق النساء من قبل الأصوليين المتديِّنين. وكانت هؤلاء النساء من "مجلس حقوق الإنسان النسائي الآسيوي" مُدركات تمامًا للكثير من أشكال العنف التي كانت وراء الدافع لهذه الوقفة الاحتجاجية: نحن نساء بالسواد.. في كل مكان تكسر فيه النساء حاجز الصمت، نساء يُشرن إلى العنف باسمه، ويُعلنَّ على الملأ الكثير من أشكال العنف "الشخصي" ضد النساء: ضرب الزوجة، ختان الإناث، تفشِّي الإباحية، الاعتداء الجنسي، الاغتصاب، ارتفاع المهور. في كل مكان، تنزع النساء القناع عن الكثير من الوجوه المروِّعة للأشكال "المشروعة" الأكثر عمومية للعنف: قمع الدولة، الولاء القائم على أساس مذهبي، التطهير العرقي، النزعة القومية، الحروب... العنف تحت مُسمَّى التنمية، وتحت مُسمَّى التقنيات المنتجة والهندسة الوراثية، وتأنيث الفقر[4]. في السنوات الأولى، تولَّد إحساس لدى معظم هذه الوقفات الاحتجاجية بالوجود المتبادل؛ فهمٌ ما بأنهن جزء من حركة واسعة الانتشار في العالم لنساء يسعين إلى إنهاء الحرب والعنف. ففي النشرة الإخبارية الصادرة في إسرائيل والموزَّعة في 19 بلدًا، حاولنا تقوية هذه الرابطة وتشجيع النساء على وصف عملهن في الأركان النائية من المعمورة. وعلى مرِّ السنين، انبثقت الوقفات الاحتجاجية في جميع أنحاء العالم، وسرعان ما تم نسيان أصول الحركة و"تاريخها". وقد أفادت إحدى النساء الإسرائيليات عن زيارة لها إلى سان فرانسيسكو حيث عثرت فيها على وقفة احتجاجية لـ "نساء بالسواد" في احتجاج على الإهمال الذي يلقاه المشرَّدون في مدينتهم. (كان هذا هو الجيل الثاني من "نساء بالسواد"، بعد أن كانت قد طُويت صفحة المجموعة اليهودية-الفلسطينية الأولى). وأخبرتهم المرأة بإثارة: "أنا من حركة "نساء بالسواد" في القدس"، ربما على أمل نيل قليلاً من الاحترام الأمومي. لكنهن لم يكنَّ قد سمعن بنا على الإطلاق. في هذه الأحيان، كانت تتواجد وقفات احتجاجية لـ "نساء بالسواد" في أجزاء عديدة من العالم. فالنساء الأستراليات أقمن وقفة "أيام الخميس بالسواد"، والمنظَّمة من قبل منظمات نسائية جامعية، احتجاجًا على العنف الأسروي. وكانت إحدى النساء الأستراليات، وهي عضو في البرلمان، ترتدي الأسود أيام الخميس للإعراب عن التضامن مع الحركة. كما نظمت "لجنة خدمة الأصدقاء الأمريكان" في كونيكتيكت وماساشوسيتس حملة لـ "ارتداء الأسود أيام الاثنين من أجل السلام". وأيام الخميس بالأسود أيضًا في سياتل وواشنطن، حيث تسعى الوقفة الاحتجاجية إلى "بثِّ أفكار إيجابية" إلى كل الواقعين في شرك نزاع مسلح، بمن فيهم أولئك الذين يقطنون في أحياء يلفُّها العنف. ليست هناك قائمة كاملة للوقفات الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد" في أنحاء العالم، لكنني أودُّ أن أذكر الوقفات الاحتجاجية التي قد سمعتُ عنها، أو التي كانت على اتصال معنا من خلال النشرة الإخبارية، وهي على العموم 52 وقفة. كان البعض منها وقفات طويلة المدى – منها ما يزال قائمًا – وبعضها الآخر برزت على نحو مفاجئ كوقفات احتجاجية، ومن ثم واصلن في صيغ أخرى. [مضى زمن طويل على هذه القائمة! ومن أجل قائمة أحدث للوقفات الاحتجاجية المعاصرة GS 2006]. وهي تتضمن: - آخن، ألمانيا - ألباني، نيويورك، الولايات المتحدة - آلبي، فرنسا - أمستردام، هولندا - آن أربر، ميشيغان، الولايات المتحدة - بانغالور، الهند - بانكوك، تايلند - بلغراد، صربيا - بيركيلي، كاليفورنيا، الولايات المتحدة - برلين، ألمانيا - بولونيا، إيطاليا - بوسطن، ماساشوستس، الولايات المتحدة - بولدر، كولورادو، الولايات المتحدة - براتيلبورو، فيرمونت، الولايات المتحدة - بروكسل، بلجيكا - بيرلنغتن، فيرمونت، الولايات المتحدة - كولونيا، ألمانيا - كولومبو، سريلانكا - دالاس، تكساس، الولايات المتحدة - يوجين، أوريغون، الولايات المتحدة - إيثاكا، نيويورك، الولايات المتحدة - لندن، المملكة المتحدة - ماديسون، ويسكونسن، الولايات المتحدة - مانيلا، الفيليبين - ملبورن، أستراليا - ميلان، إيطاليا - مينيابولس، مينيسوتا، الولايات المتحدة - مونتبيليير، فيرمونت، الولايات المتحدة - ميونيخ، ألمانيا - نيو هافن، كونيكتيكت، الولايات المتحدة - نيو بالتز، نيويورك، الولايات المتحدة - نيويورك، نيويورك، الولايات المتحدة - نوريمبيرغ، ألمانيا - باولو آلتو، كاليفورنيا، الولايات المتحدة - بانسيفو، صربيا - فيلادلفيا، الولايات المتحدة - روما، إيطاليا - سانت لويس، ميسوري، الولايات المتحدة - سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، الولايات المتحدة - سياتل، واشنطن، الولايات المتحدة - صوفيا، بلغاريا - سيدني، أستراليا - سيراكوس، نيويورك، الولايات المتحدة - تورنتو، أونتاريو، كندا - تورين، إيطاليا - فينيسيا، كاليفورنيا، الولايات المتحدة - فينيسيا، إيطاليا - فيرونا، إيطاليا - واشنطن، العاصمة، الولايات المتحدة - فيسبادن، المانيا - زغرب، كرواتيا - زيوريخ، سويسرا باختصار، كانت هناك حركات لـ "نساء بالسواد" من آخن إلى زيوريخ، وربما كان هناك المزيد. وقد تحوَّلت "نساء بالسواد" إلى حركة مجموعات نسائية في العديد من البلدان وأقامت وقفات للاحتجاج على العنف في بقعهم الخاصة في العالم: الحرب، النزاع بين الأعراق، النزعة العسكرية، الصناعة الحربية، التمييز العنصري، النازية الجديدة، العنف ضد النساء، العنف في الأحياء... وكل وقفة احتجاجية مستقلة بذاتها، وترسم سياستها الخاصة وتوجُّهاتها، مع أن النساء في كل الوقفات الاحتجاجية كنَّ يرتدين الزي الأسود، تمثُّلاً لمآسي ضحايا العنف. فما يوحِّدنا جميعًا هو التزامنا بعالم خالٍ من العنف. وبالتالي، لم يكن مفاجئًا على الإطلاق أنه في مساء الرابع من أيلول العام 1995 في هوايرو في الصين، على بعد 45 دقيقة من بكين، تجمَّعت أكثر من 3000 امرأة من مختلف أنحاء العالم من أجل وقفة احتجاجية جماعية، تتويجًا ليوم واحد كُرِّس لتحليل قضايا السلام والنزعة العسكرية في العالم. وكان حشد الناشطات من أجل السلام هذا من أكثر الأحداث تحفيزًا للمؤتمر العالمي الرابع للأمم المتحدة حول النساء، وفقًا لكثرة المشاركات في هذا المؤتمر الجماهيري الذي جمع 40000 ناشطة نسائية من جميع أرجاء العالم. وفي الوقفة الاحتجاجية في الصين، حملت النساء رايات وإعلانات وملصقات بمختلف اللغات، بالإضافة إلى مصابيح من ثقافتهن الخاصة: قناديل، فوانيس وشموع. لقد أُضيء المساء بآمالهن وعباراتهن، مطالبات بوضع حدٍّ للعنف والاضطهاد حيثما وُجِد. كانت إحدى الوقفات الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد" من بين آلاف الوقفات التي أُقيمت في مدن في كافة أنحاء العالم، من تايبييه إلى دالاس، مرورًا بالعديد من مناطق أوروبا وآسيا. لقد أصبحت حركة دولية، وملهمة لجيل جديد من النساء. أخوية دولية من أجل السلام لقد اطلعتْ الأمَّهات المؤسِّسات لـ "نساء بالسواد" في القدس – وجميعهن سياسيات محنَّكات – على التاريخ العظيم لحركات السلام النسائية على المستوى الدولي، لكن معظم الباقيات منا لم يكن على علم بهذا الأمر قبل بدئنا بوقفتنا الاحتجاجية. وفي وقت ما خلال نمو عملية تسييسنا ونمو وعينا، توصَّلنا تدريجيًا إلى إدراك أن حركة "نساء بالسواد" هي جزء من أخوية كانت أجيالاً قديمة متناثرة في كل مكان. عندها أدركنا أن حركة "نساء بالسواد" لم تكن مصدرًا للإلهام من أجل العمل السلمي النسائي في جميع أنحاء العالم فحسب، بل كانت أيضًا إحدى الحلقات في سلسلة هذا التاريخ المُشرِّف. كانت الأم المسبِّقة والأكثر وضوحًا لـ "نساء بالسواد" هي حركة "الزنَّار الأسود" في جنوب أفريقيا[5]. فأولئك النساء ذوات البشرة البيضاء كن يحاربن التفرقة العنصرية في بلدهن، تمامًا كما كنا نحن اليهوديات نقارع الاحتلال الذي تقوم به حكومتنا. وكما يومئ اسمهن، كانت العلامة الفارقة لأولئك النساء زنَّار أسود يضعنه فوق ملابسهن في إشارة على احتجاجهن على النظام العنصري. ولا غرابة أنهن، مثلنا، كنَّ في معظمهن من الطبقة الوسطى "البيضاء" اللواتي لم يكنَّ الضحايا الأكثر بيانًا للظلم (على الرغم من أننا جميعًا، بطريقة أو بأخرى، ضحايا لكل ممارسات الظلم). لكن حركة "الزنَّار الأسود" كانت واحدة فقط من بين الكثير. فقد علمنا أيضًا بوجود "أمهات دي مايو" في الأرجنتين اللواتي يحتججن على الاغتيالات السياسية الوحشية وحوادث الاختطاف؛ Greenham Common Women في إنكلترا ضد الحرب النووية؛ "رابطة النساء الإيطاليات للعمل ضد الحرب ومن أجل السلام"؛ "الاتحاد الدولي للنساء المبشِّرات من أجل السلام والحرية"؛ "لجنة أمَّهات الجنود في روسيا" من أجل إعادة أبنائهن إلى الوطن من الشيشان؛ والمنظمات الخمسة، إضافة إلى "نساء بالسواد"، التي نشأت من أهوال الرعب في يوغسلافيا السابقة: "بيت النساء المستقلات ذاتيًا"، "المركز من أجل ضحايا الحرب من النساء"، "الحملة ضد الحرب"، "نساء ضد الحرب"، و"حركة نساء سراييفو". وأنا نموذج لمئات النساء من حركة "نساء بالسواد" الإسرائيليات اللواتي لم يكنَّ يعرفن شيئًا عن تلك المنظمات إلى حين انخراطنا في العمل وتعلُّمنا من قبل الناشطات المحنكات من أجل السلام في إسرائيل. وهذا دين آخر نُقرُّ به لهنَّ مع التقدير العميق. وقد قوَّت معرفتنا بوجود هذه الحركات النسائية من أجل السلام من عزيمتنا وبثَّت الشجاعة فينا. في نيسان من العام 1994، عُقِد مؤتمر في باريس تحت عنوان "أمّهات في النضال"[6]، بدافع التقدير للبعض من هذه المنظمات، وكانت حركة "نساء بالسواد" واحدة من المجموعات الكثيرة الحاضرة هناك. وفي مؤتمرنا النسائي الدولي من أجل السلام في أواخر العام 1994 في القدس، كان هناك ممثِّلات لمنظمات سلام نسائية من 23 بلدًا. حينها، كانت هذه الأخوية العظيمة للمنظمات شبكة هائلة لمؤازرة ومساعدة بعضهن البعض. وربما جاء أفضل تعبير عن هذا من حركة "نساء بالسواد" في بلغراد في رسالتهن لعامهن الجديد (كانون الأول 1993) إلى حركة السلام النسائية الدولية: إننا نعلن: التضامن النسائي لا يعترف بالحدود، وهو حقيقة واقعة وليس مجرد عبارة جوفاء. لقد قدَّم لنا تضامن حركة النساء والسلام في أوروبا وفي كل مكان المساعدة للتغلُّب على أشدِّ لحظات اليأس. جزيل الشكر لهذا التضامن الذي يمكِّننا من تقديم العون للنساء وضحايا الحرب الآخرين. فشبكة التضامن النسائي ضد الحرب وخلق العديد من مجموعات الدعم يملؤنا بأعمق مشاعر الحنو المخلص. عادت حركة "نساء بالسواد" في لندن وفي أمكنة أخرى إلى الوقفات الاحتجاجية كفعل تضامني مع حركة "نساء بالسواد" في بلغراد وحركات السلام النسائية الأخرى في يوغسلافيا السابقة، تمامًا كما وقفت تضامنًا معنا في إسرائيل إبان السنوات الأولى للانتفاضة. إن مناقشة الحركة الدولية للنساء من أجل السلام تتجاوز كثيرًا خبرتي، لكنني أشعر بامتياز كون نشاطي، بصفتي من حركة "نساء بالسواد"، جعلني على اتصال مع زاوية صغيرة من تلك التجربة العالمية العظيمة. مساعدة أجنبية... على كافة المستويات لم يأتِ الدعم لحركة "نساء بالسواد" في إسرائيل من تضامن الوقفات الاحتجاجية والحركات الدولية فحسب، بل جاء أيضًا من شخصيات من الخارج أجروا اتصالات معنا على مرِّ السنين. وعندما شاع وجود حركة "نساء بالسواد" في إسرائيل، غالبًا ما كان يحتشد مؤيدون حول وقفتنا الاحتجاجية معبِّرين عن دعمهم لما نقوم به. كما كانت تُدعى نساء من الوقفة الاحتجاجية لتقديمهن إلى المجموعات الزائرة أو حتى السفر لحضور مؤتمرات في الخارج. وهذا ما أعاننا أيضًا على إدراك أن فعلنا كان أكثر أهمية من الصعوبة المستمرة للحفاظ على الوقفة الاحتجاجية. فلم يُقصِّر من هم في الخارج قط في جعلنا نشعر بالتحسُّن حول ما كنا نفعله. وقد قدَّم لنا وفد من مركز التعليم الجامعي العالمي في جامعة ميشيغان (في 15 أيار العام 1992) شهادات منقوشة بالخط القوطي: إلى "نساء بالسواد": نحيِّي حضوركن المادي والتزامكنَّ بالعدالة في هذا المجال. نحيِّي تصميمكنَّ في الوقوف من أجل السلام مهما كانت طبيعة الطقس ومهما كانت ردود أفعال الجمهور. نحييكنَّ على الشجاعة في العمل على إيمانكنَّ بأن العدالة ينبغي أن تسود في عالم مليء بالوحشية بين الشعوب. ونحن نضمُّ أرواحنا مع أرواحكن قاطعين العهد على أنفسنا والآخرين للعمل سوِّية من أجل الحقيقة والعدالة والسلام في العالم. رسائل مثل تلك ساعدتنا على الاستمرار في القدس، بدأت دافنا كامينير العمل على سجلِّ لزوَّار الوقفة الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد"، فأصبح لدينا أسماء وعناوين للزوار من كل بلد في أوروبا وشمال أمريكا، والعديد من الشرق الأقصى أيضًا. وقد أتى عدد من الشخصيات المشهورة من الخارج لالتقاط صور فوتوغرافية لما تعانيه الوقفة الاحتجاجية من شدَّة أو للمشاركة فيها، ومنهن ريني إيبيليا، إحدى المؤسِّسات لـ "أمَّهات ميدان دي مايو" في الأرجنتين، ومارغريتا باباندريو، الزوجة السابقة لرئيس الوزراء اليوناني الأسبق. وقد قدِمت مارغريتا إلى القدس للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية في حزيران العام 1992، واحتملت الإرهاق لمدة ساعة في يوم حارق. ومن ثم أصبحت مارغريتا، التي هي مؤسِّسة "نساء من أجل الأمن المتبادل" – منظمة دولية تناهض الحرب والنزعة العسكرية والاستغلال والتمييز والجرائم بحق الإنسانية – متحمِّسة ومؤيدة لمنظمتنا. كما جاء أيضًا مايك دالاس والتقط شريطًا مصوَّرًا لصالح برنامجه التلفزيوني الأمريكي "ستون دقيقة". وقد حمل كل هؤلاء الزوار رسالة إعجاب، علنية أم مستترة. أما في الوطن "تنهيدة" فلم ننل أي احترام. بعد إبداء كل هذا الامتنان للجميع، هناك أيضًا فسحة للإشارة إلى الاستثناءات. فكما أن بعض الوقفات الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد" خارج إسرائيل استخدمت الاحتلال فرصة للتعبير عن مشاعر شرسة معادية للسامية، كذلك أثار بعض زوار الوقفة الاحتجاجية تساؤلات في أذهاننا حول من كان يؤيدنا ولماذا. على سبيل المثال، ذات يوم صيفي قائظ، في آب العام 1991، حضرت مجموعة من الشباب الدنماركيين إلى الوقفة الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد" في القدس. وافتتحتُ محادثة مع واحدة من المجموعة فسألتها إن كانوا ينتمون إلى منظمة ما في الدنمارك. فأجابت بأنهم مجموعة تقوم بزيارات إلى مناطق تعيش أوضاعًا حرجة، وتأتي في أغلب الأحيان إلى "فلسطين". فباغتتني عبارة "فلسطين"، لكنني افترضت أنها تشير إلى الأراضي التي تحتلُّها إسرائيل. ومع ذلك سألتها لمجرد التأكُّد فحسب: "وأين هي فلسطين؟". فقالت، ملوِّحة بيدها عبر المشهد حيث كنا نقف: "هنا تمامًا". فقلتُ: "لكن هذا جزء من القدس الجديدة، وحتى العرب لا يطالبون بهذه المنطقة في مسار تسوية سلمية". فسألتْ: "أيُّ عرب؟". فقلتُ: "منظمة التحرير الفلسطينية، مثلاً، لا تدَّعي بالأحقية في هذه المنطقة". فقالت: "منظمة التحرير الفلسطينية منظمة ضعيفة ومُساوِمة، ونحن لا نؤيدها". بعد هذه المحادثة، بدأ ينتابني القلق حول مواقف اليسار في العالم. فمن المحزن بالنسبة لي أن أكتشف أن من اعتقدتُ أنهم حلفاء لقضيتنا، في المطاف الأخير، لا يُقرُّون بوجود دولة يهودية. وقد عانيتُ بضعة أيام صعبة بعد هذه المحادثة.[7] لم أكن الوحيدة التي خاضت تجارب غير مريحة مع بعض زوارنا. فإيفات سوسكيند، وهي من المنتظمات في حركة "نساء بالسواد" في القدس، أعربت عن ضيقها من الوقوف في وقفة احتجاجية مع امرأة ألمانية كان لديها "نشاط عقلية سياحية". وها هو مقتطف من وصف إيفات: الوقوف بسكينة في صفِّ من النساء، ... انضممتُ إليه بجانب امرأة ألمانية متوسطة العمر وباسمة اتخذت مكانًا لها إلى جواري. وبلكنة إنكليزية ثقيلة أوضحتْ أن هذا هو حضورها الأول لـ "نساء بالسواد"، فمجموعتها الكنسية الزائرة كانت تمضي فترة ما بعد الظهر في المدينة القديمة، لكنها اختارت بدلً من ذلك التوجُّه إلى الوقفة الاحتجاجية التي كانت قد قرأت عنها في وطنها، ووقفت معنا ضد الاحتلال... علَّقتُ قائلة، بينما كانت تصف حملة المجموعة من أجل نزع السلاح: "هذا عظيم. وما نوع العمل الذي تقوم به كنيستكم في مواجهة الحركة النازية الجديدة في ألمانيا؟". ابتسمتْ المرأة ابتسامة بلهاء. ونقلت لافتتها المكتوبة بالعبرية "كفى للاحتلال" من يد إلى الأخرى. وبعد صمت طويل أعلنتْ بشيء من المداهنة: "كلنا مُصابون بالصدمة تمامًا". قلتُ: "حسنًا"، متجاهلة السؤال الواضح عما يجعل أيًا كان يُصدَم بالفاشيين في ألمانيا، "لكن ماذا تفعل مجموعتكم في مواجهتهم؟". لكن سؤالي، الذي بدا باعثًا على اليأس إلى حد ما للمرة الثانية، بقي معلقًا في الهواء بيننا، وبدأت تبسط ميكانيكيًا الأسباب المختلفة للجناح اليميني التي حدت إلى ارتفاع وتيرة العنف مؤخرًا: الازدياد الكبير في أعداد المهاجرين، مشاكل إعادة التوحيد، الضائقة الاقتصادية.. الخ، الخ. كنت أصغي بغضب. هل كانت تعتقد حقًا أن هذا الخطاب المتعِب يسوِّغ عنفًا عنصريًا؟ وهل لم يكن لديها وعيًا عمن كانت تتحدث إليهم أو لماذا كنا نتظاهر؟. بدأت بالتساؤل عمَّا يجعل من يلجأ إلى تفسير الفاشية بدلاً من معارضتها يرغب في الوقوف مع "نساء بالسواد". وتذكَّرتُ أمرًا ما كانت قد قالته في بداية الوقفة الاحتجاجية: "من اللطيف تمامًا الوقوف مع هذه المجموعة الكبيرة من النساء"... التضامن السياسي ليس قائمًا على أساس النوع الاجتماعي؛ إنه قائم على أساس الآراء والميول السياسية. وأنا أثمِّن دعمًا دوليًا من قبل الناشطات النسويات. لكن هذا الدعم يصبح مفلسًا سياسيًا عندما يتخذ شكل نشاط العقلية السياحية يكون فيه النساء ساخطات بسبب المظالم في بلاد نائية، لكنهن راضيات عن أنفسهن فيما يخصُّ الوقائع السياسية المؤلمة في وطنهن. ليست لدي الرغبة في الوقوف ضد الظلم في إسرائيل مع امرأة ألمانية لا تدرك مسؤوليتها من أجل (ولـ) شعبها هي بالذات. فبدون معارضتها النشطة للفاشية الألمانية، لا يعود هناك معنى لـ "الأخوية" فيما بيننا... إن أساس التضامن الدولي الحقيقي هو التزامنا بالمبادئ المشتركة، ونشاطنا للوقوف بوجه العنف في كل سياق[8]. حسنًا... كان الزوار متنوِّعين كما هو حالنا نحن، وأفترضُ أنه لم يكن من الممكن توقُّع الاتفاق معهم جميعًا. لكن البعض، وخصوصًا الوفود بقيادة ناشطات السلام الإيطاليات: إليزابيتا دونيني ورافائيلا لامبيرتي ولويزا مورغانتيني اللواتي جئن بشكل جماعي، "عظَّم" من وقفتنا الاحتجاجية، وحضرن مؤتمراتنا، وفهمن أننا نحب بلدنا بما يكفي لكي نوجه النقد له. لقد سهَّل علينا كثيرًا مثل هؤلاء الزوار تحمُّل ازدراء أو عدم اهتمام بعض الأنداد الإسرائيليين. ترجمة: غياث جازي *** *** ***
[1] كانت يش غفول منظمة سلام ذكورية (مع بعض المؤيدات من النساء)، تحدَّت الإجماع الإسرائيلي الساحق المساند للجيش ورفض الخدمة العسكرية في المناطق المحتلة. بل أن المعسكر الليبرالي كان ينأى بنفسه عن هذه المنظمة، في حين أن حركة "نساء بالسواد" كانت منقسمة في وجهات نظرها. وعلى امتداد فترة زمنية، كانت يش غفول تقيم مظاهرة في ساحة باريس كل يوم جمعة تسبق وقفتنا الاحتجاجية كوسيلة لـ "تمليك الساحة" لنا ضد انتهاكات المجوعات اليمينية. [2] كانت المظاهرات في ذلك اليوم احتجاجًا على توسُّع إفرات، إحدى المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، في أواخر العام 1994، وبداية العام 1995. وكانت المشاركات من الخارج في الوقفة الاحتجاجية لـ "نساء بالسواد" حوالي 100 امرأة كنَّ قد حضرن المؤتمر الدولي لـ "نساء بالسواد" في القدس في كانون الأول العام 1994. [3] يمكن تجميع بعض المعلومات من نداء النساء اليهوديات من أجل السلام: كتيب للنساء اليهوديات حول النزاع الإسرائيلي/ الفلسطيني، حرَّرته كل من ريتا فالبل وإيرينا كليبفيتز ودونا نيفيل، من إصدار فايربراند، إيثاكا، نيويورك، 1990. [4] مجلس حقوق الإنسان النسائي الآسيوي، نساء بالسواد: اجتماع الروح، AWHRC، ص.ب 190، 1099 مانيلا، الفيليبين. [5] انظر: كاثرين سبيتك، الزنار الأسود، لندن: ميثيون، 1991. [6] اسمحوا لي أن ألاحظ بكل احترام أن الكثير من النساء اللواتي لم يكن أمهات كنَّ جزءًا من النضال. [7] طريفةٌ تعليقات غيلا سفيرسكي هنا، وخاصةً بالنسبة للبعض منا! حيث هناك منظور، لدى العديد من الإسرائيليين اليهود، إلى اليهودية كقومية إضافة إلى كونها دينًا. من هذا المنظور نرى الكثيرين منهم، ومن ضمنهم غيلا سفيرسكي، يؤيدون، لا بل يدافعون عن، دولة إسرائيل كدولة "يهودية"، إن لم نقل كدولة لليهود ضمن الحدود التي اعترفت بها قرارات الأمم المتحدة، وخاصة منها قرار التقسيم للعام 1947. ومن نفس المنظور نراهم يتضامنون، وبكل إخلاص، مع الفلسطينيين لإنهاء احتلال الأراضي التي احتلتها إسرائيل عام 1967. (مشيرين بهذا الخصوص إلى أن الفئة اليهودية الوحيدة التي ترفض النظر إلى اليهودية كقومية وتعتبرها دينًا فقط هم جماعة الناطوراي كارتا، لكنهم أقلية ضئيلة جدًا بين اليهود). وهنا نرى أن الكثير منا، كعرب وكفلسطينيين، وخاصة من بيننا أولئك ذوي التوجهات الإسلامية الأصولية أو القومية أو اليسارية المتطرفة، يواجهون إشكالاً يمكن طرحه كما يلي: إن القبول بالتسوية وبإنهاء الاحتلال للأراضي المحتلة عام 1967 يعني الاعتراف بدولة إسرائيل كدولة لليهود (ما يعني عمليًا دولة يهودية) ضمن حدود 4 حزيران 1967 (وهذا هو حلُّ الدولتين المطروح حاليًا والذي تؤيده الشرعية الدولية). مقابل ذلك فإن رفض هذه التسوية، الذي يعني رفض القبول بواقع دولة إسرائيل، يعني استمرار حالة الحرب إلى أجل غير مسمى. أو ربما، كما يعتقد بعض الحالمين، يمكن التفكر بالعودة إلى الحلِّ الأمثل الذي كان ينادي به اليسار قبل 1947 ألا وهو حلُّ الدولة الديموقراطية العلمانية لجميع سكانها بغض النظر عن عرقهم أو دينهم، وهو الحل الذي نادى به إدوارد سعيد. وهو حلٌّ كما نلاحظ، مع الأسف، ليس ناضجًا عند كلا الطرفين. (معابر) [8] إيفيتا سوسكيند، "نشاط العقلية السياحية"، النشرة الإخبارية الوطنية لـ "نساء بالسواد"، شتاء 1992 - 1993، عدد 4.
|
|
|