|
علم نفس الأعماق
فئة السن:
الآباء مع الآباء، الأبناء مع الأبناء يأمل الأزواجُ المتأزِّمون في أنْ يلحَم مجيءُ طفل صلتَهما، أو بالحري بأن يعوِّض عن تفككها. والواقع أن الطفل "كاشف": إذا كان الزوجان يجتازان صحراء قاحلة، ستبقى الحياةُ الأسرية صحراء – ولأيٍّ من الزوجين أن ينحو باللائمة على هذا "المعكِّر"! ليس هو، بطرس أو حنَّة، – شخصُه بوصفه فاعلاً، – هو المسبِّبَ للخلاف؛ فالأمر كان سيبقى على حاله مع بولس أو لورا أو أيِّ شخص ثالث مكانه. لكن القوم لا ينفكون يقنعونه بذلك حتى يصدِّقه، ويدعونه إلى لعب دور المستفزِّ المتاح دومًا، الأمر الذي لا يستطيع إلا أن يفعله. إن الطفل، على حدِّ قول الوالدين، هو الذي يفرِّق بينهما، يفصل بينهما، يتَّكئ على أحدهما ضد الآخر، ويبدو فارضًا للقانون. ردة الفعل: يتشبث الواحدُ بالآخر أكثر بدعوى أن الزواج سوف ينجح بعد أن يغادر الولد أو يعدِّل موقفَه حيال الوالدَين عندما يبلغ المراهقة. لكن هذه ضلالة، لأنه بالدقة ما إن يغادر الولد، أو يكف عن التلاعب بخيوط والديه الدميتين، فتكون له حياتُه الخاصة خارج الأسرة، يجد الأبُ والأم نفسيهما الواحدَ أمام الآخر، فيعاود الخواءُ الظهورَ غير مسبور الغور. وفي أغلب الأحيان، ينجم هذا الإسنادُ إلى الولد، الذي يُنتظَر كمسيح ثم يُصلَب، عن كون الراشدَين لم يستمرا في مصادقة أشخاص من فئة عمرهم نفسها، من أجل التعاضُد وأوقات الفراغ ومشاركتهم اهتماماتِ سنِّهم. لقد أوغلا في اختزال نفسيهما إلى حياتهما كزوجين، مبتعدَين عن أصدقائهما ونشاطاتهما وهما عازبان، وانكفآ على حياة الأسرة المزعومة، أي على أولادهما والبيت، وفقدا أصدقاءهما وعلاقات الشباب، كما يفقدان أيضًا سُبُل الاندماج الاجتماعي غير الذي توفِّره لهما مهنتُهما في الساعات المخصصة للعمل.
1 سورية ليست رحلةً خارجيةً وحسب، بل رحلةٌ داخلية أيضًا. ولقد راودني دومًا شعورٌ بأن شيئًا ما يحدث يخص اللاوعي: ضربٌ من الرحلة الداخلية يتم بالتزامن مع الرحلة الواقعية. ذلك أن الحرية لا تُكابَد إلا بالفن – وسورية لم تفرض نفسها عليَّ إلا بالفن والثقافة والدفء الإنساني. وهذا اللقاء، والبلبلةُ التي أحدثَها، مازالا، في معظمهما، لغزًا. إن ما يغلب بنظري على كلِّ اعتبار هو أننا، في هذه البقعة من العالم، راسخون دومًا في الجوهر. ففي سورية ثمة هوية ثقافية حقيقية، وهي ليست جنة مفتعلة قطعًا. في السفر هناك شيء من الغريب حتمًا، لكن هناك أيضًا شيء من الحميم. هناك في سورية شيء يومئ إلينا – الأنأى مسافةً في الأقرب إلى النفس –، ولعل ذلك لأن هذا البلد ضارب الجذور في أصل العالم.
سؤال:
نحن نعرف الجنس كضرورة جسدية
ونفسية لا مفرَّ منها، ويبدو أنه في الأصل من
الفوضى المستشرية في حياة جيلنا الشخصية.
فكيف يمكن لنا أن نتعامل مع هذه المشكلة؟ كريشنامورتي: ما الذي يجعلنا نقلب كلَّ ما نلمسه إلى مشكلة؟ لقد جعلنا الله مشكلة، جعلنا الحب مشكلة، جعلنا العلاقة، جعلنا العيش مشكلة، وجعلنا الجنس مشكلة. لماذا؟ لماذا أضحى كل ما نقوم به مشكلة، أضحى رعبًا؟ لماذا نشقى؟ لماذا صار الجنس مشكلة؟ لماذا نذعن للتعايش مع المشكلات، لماذا لا نضع حدًّا لها؟ لماذا لا نموت عن مشكلاتنا بدلاً من أن نحملها يومًا بعد يوم، عامًا بعد عام؟ الجنسُ قطعًا مسألةٌ في محلِّها، لكن هناك السؤال الأولي: لماذا نحول الحياة إلى مشكلة؟ العمل، الجنس، كسب المال، التفكير، الشعور، الاختبار – قصة العيش كلها، كما تعلمون – لِمَ هي مشكلة؟ أليست مشكلة أساسًا لأننا دومًا نفكر من وجهة نظر معينة، من وجهة نظر ثابتة؟ نحن دومًا نفكر انطلاقًا من مركز نحو المحيط؛ لكن المحيط عند غالبيتنا هو المركز، وبالتالي، فكل ما نلمسه سطحي. لكن الحياة ليست سطحية؛ إنها تتطلب الحياةَ حياةً تامة، ولأننا نعيش حياةً سطحية وحسب لا نعرف غير رد الفعل السطحي. إن كل ما نفعل على المحيط لا بدَّ أن يختلق مشكلة – وتلك هي حياتنا: نحن نعيش في السطحي ونرتضي الحياة هناك مع مشكلات السطحي كلِّها. المشكلات موجودة مادمنا نعيش في السطحي، على المحيط، حيث المحيط هو الـ"أنا" وإحساساتها، التي يمكن استظهارها أو
|
|
|