|
منقولات روحيّة
سأبدأ بالقول بأني لا أتفق مع النشرة التي روَّجت خطابي حول فرضية أنَّ يسوع كان أسطورة، في الحقيقة إنَّ عبارة "يسوع كان أسطورة" قد يُفَسَّر معناها بأنَّ يسوع لم يكن شيئًا آخر. لم أكن أعلم بأمر هذا العنوان، في الحقيقة أنا شخصيًا مقتنع بحقيقة وجود يسوع التاريخي، مع أني كملحد أرفض وضعه كمسيح أو وجود علاقة فريدة ومميَّزة كانت تربطه بإله غير موجود برأيي. وحتى هنا، عليَّ أن أعترف أنَّ وجود الله هو احتمال بعيد جدًا، لكن هذا الاحتمال ضئيل جدًا برأيي حتى أني أودُّ القيام بقفزة تحفيزية – لأغراض عملية – في افتراض أنَّ الله غير موجود. بالنسبة للمسيح، فأنا قادر على تقبُّل وجوده كشخص، وحتى الاعتراف بعبقريته الفذَّة كنبي، ولا شيء أكثر من ذلك.
كلنا يعلم أن الكون والحياة قائمان على الحركة الإيقاع. كل ما هو كائن يقوم على الإيقاع. حتى أن الفيزياء الحديثة تؤكد ذلك بمقولتها إن "كل شيء ذبذبة"، وإن جميع الظواهر يمكن إرجاعها إلى ذبذبات. فقانون التذبذب يحكم سائر ظواهر الكون والحياة. والتذبذب، أو الإيقاع، يتناوب دائمًا بين قطبين، مثلما هي حركة النواس؛ فهو يقتضي وجود قطبين متقابلين متعاكسين، ولكنهما متكاملين، ووجود أحدهما ضروري للآخر، بينما تكمن وراءهما وحدةٌ تجمعهما في مستوى أعلى. وكلنا يعرف أيضًا أن القضاء على أحد القطبين لا يعني القضاء على القطب الآخر وحسب، إنما يعني أيضًا القضاء على الوحدة الكامنة وراء هذين القطبين؛ فإزالة القطب الكهربائي السالب، أو الموجب، لا يؤدي إلى زوال القطب الآخر وحسب، إنما إلى زوال التيار الكهربائي نفسه.
أيها المسلمون ما التدبير، وأنا نفسي لا أعرف نفسي،
ربما نحن نقف اليوم أمام عتبة الحداثة السياسية. لكننا نقف عاجزين مترددين، خائفين متوجسين، نتقدم بمقدار ونتردد أو نرتدُّ بمقادير. لا نجرؤ على الولوج ولا نستطيع الرجوع. أمامنا عقبة كأداء تعيقنا وتمنعنا. نقصد، النص الديني. أي، المصاحف السبعة (ناقص ستة)، إضافة إلى الصحاح الأربعة (زائد خمسة). حمل المسلمون النص الديني على كل الوجوه المحتملة، استنفدوا كلَّ الممكنات التفسيرية، وجرَّبوا كل المستويات التأويلية، من مناهج الظاهر إلى مدارج الباطن، لكن بلا جدوى. كما لو كانوا يحملون صخرة سيزيف. هل وصل الإصلاح الديني واللاهوتي عند المسلمين إلى الباب المسدود، أم أننا عكس ذلك نحتاج إلى فرضيات تأسيسية جديدة؟
|
|
|