|
إضاءات
التواتر والإجماع إذا كان الإجماع يشكِّل الحلقة الثالثة من الأصول الأربعة التي تنضِّدها مصفوفةُ الشافعي، متمثلةً بالكتاب والسنة والقياس والإجماع والاجتهاد، – نقول: إذا كان الإجماع يأتي ترتيبُه ثالثًا في مصفوفة علم الأصول، إلا أنه يشكل عنصرًا تكوينيًّا فاعلاً في منظومة الأصول الأربعة، حيث إن القرآن والسنة، كما وصلانا، إنما وصلانا بالتواتر الذي يتأسَّس، لإسناده القوي وخبره الصحيح، على الإجماع، الذي يبلغ حدًّا في فاعليته المنهجية أن يعتبره الغزالي "أعظم أصول الدين؛ فهو الذي يُحكَم به على كتاب الله تعالى وعلى السنة المتواترة".
1 تعتمد الأسُس الأولى لأيِّ دين على مجموعة من المعارف والقيم الأخلاقية، منها الأمان والتسامح والمحبة والخدمة وتطوير إنسانية الإنسان والتكامل من خلالها. ولا يخلو الدين الإسلامي من هذه المقولات العامة ومن محاولات تطبيقها على السلوك الإيمانيِّ عِبْر تاريخه الطويل الذي امتلأ بأشكال مختلفة من الاعتقادات والرؤى، الخاصة والعامة، بخصوص تشغيل مفهوم الربوبية وتفعيل حركته الواقعية والتشريعية التي أنتجتْ رؤى متباينة للنظر إلى هذا المفهوم؛ فتعددتْ من خلاله الحقائقُ الربوبية، وبالتالي، طبيعةُ المعتقدات والمرتكزات التي يتم من خلالها تفعيل الحقائق المتعلقة بالربوبية، التي أنتجتْ نماذج متعددة من الأرباب، ينتمون إلى التسمية الكبرى للربِّ الواحد الأحد، ويختلفون في تطبيق آلية العمل وطُرُق التواصل وتنظيم الذاكرة الدينية وشَحْنها بما يتناسب مع إيمان كلِّ فرقة في تفسيرها معالم الغيب الواحد.
إن كلَّ حوار يقوم على إخصاب متبادل، لا على تسامح أبوي.
لقد أرسلتَ – يا ربُّ – أنبياء لكلِّ الشعوب، ذلك أنه ما من مخلوق يستطيع أن يفهم معنى لانهائيتك. نيقولاوس الكوزاني، أسقف كوزا (القرن 13)
وكانت ليالٍ غارَ نجمُها، وتقنَّع قمرُها، وكثرتْ وشوشاتُ أقدارها. وكانت نهارات مثقلة بالسِّعايات والنكايات، وبالعجيج والضجيج، والحقد والغضب، والبغض والصخب...
الدين، بما هو ظاهرة نفسية، حقيقة؛ وبما هو وظيفة، ضرورة. نسبي، بما هو شكل؛ مطلق، بما هو مضمون. خطورتُه وخطرُه أن ينقلب الشكلُ فيه مضمونًا، والنسبيُّ مطلقًا. عندئذٍ، يتصلَّب المعنى في الحرف فلا يُجاوِزُه، ويضمُرُ المضمونُ في الشكل فلا يتعدَّاه. وعندئذٍ، أيضًا، يغدو أداةَ انحطاط، بَدَل أن يكون عاملَ ارتقاء وخَلْق وحافزَ تطور وتطوير. وعندئذٍ، أيضًا وأيضًا، تنهض الحاجةُ إلى الرفض أو الاحتجاج في هيئة هرطقة أو زندقة.
القَصَص القرآني كله ليس تاريخًا، "وإنما المراد بها الاعتبار والعظة من السياق". وليس المهم في القصة ما تحكيه من وقائع وأحداث، بل المهم هو أسلوب السرد ذاته الذي تُستنبَط منه العظة.
هناك واقع يتفق عليه الجميع: إن العالم يعاني أزمة خانقة وفوضوية فظيعة نتيجة السياسات القائمة حاليًّا، سواء كان مصدرها القوى التي تسيِّرها الرأسماليةُ التي تتخذ "الليبرالية الجديدة" مخرجًا لها وتقوم بتطوير العولمة والترويج لها، أو الحركات التي تسمِّي نفسها بـ"اليسارية" وتسعى إلى الاستيلاء على صلاحيات الدولة كلِّها، ومن بعدُ القيام بالتغيير المطلوب في المجتمع كمفهوم أساسي في "نضالها"! ولأن الاستراتيجيات المتبَعة كانت خاطئة في مجملها، فإنها، على الرغم من انتصارها، لم تحقق للشعوب ما ادَّعته من حرية ومساواة وعدالة، وذلك لأنها جميعًا تعتمد على السيطرة وعلى سيادة مفهوم "الدولة" الذي تكمن في خميرته الطبقيةُ واللامساواة..
|
|
|