|
اللاعنف والمقاومةNonviolence and resistance
س. من أين أُخذت كلمة "لامقاومة"؟ ج. من المنقول: "لا تقاوموا الشرَّ" (إنجيل متّى: 5، 39) * س. عمَّ تُعبِّر هذه الكلمة؟ ج. تُعبِّر عن فضيلة مسيحية سامية أمر بها المسيح.
الذين يصفون الحرب كحالة بدئية وطبيعية، محقُّون بلا أدنى شك. فطالما يتصرف الإنسان كالحيوان، تراه يعيش في حال صراع، وعلى حساب الآخرين الذين يخافهم ويكرههم. في هذه الحال، لا يمكن أن تكون الحياة إلا حربًا. من الصعب تعريف السلام. فهو ليس حالةً فردوسيةً أصيلة، ولا شكلاً من أشكال العيش المشترك. السلام شيء لا نعرفه. شيء بإمكاننا فقط الشعور به أو البحث عنه – فالسلام مثل أعلى، معقد بشكل كامل، كما أنه هشٌّ وغير مستقر – ويمكن لنسمة أن تدمره. والسلام الحقيقي شيء أكثر صعوبة وغير اعتيادي، فهو أكبر من أيِّ إنجاز أخلاقي أو عقلي، حتى بالنسبة لشخصين يعيشان سويةً ويحتاج كل واحد منهما إلى الآخر.
وقفات احتجاجية تضامنية خلال تلك السنوات الباعثة على اليأس، بات حضور الوقفة الاحتجاجية أسبوعيًا فعلاً يتطلَّب ذخرًا هائلاً من القناعة. ويمكن أن يُعزى بعض من هذا الحضور إلى ولاء قلَّة من النساء ما زلن ملتزمات بالوقفة الاحتجاجية، لكن معظمه كان ناجمًا عن الاعتقاد الجوهري بأن المكوث في البيت لا يعني سوى عدم الجهر بمناهضة الاحتلال. وبالطبع، لم يكن الجهر بمناهضة الاحتلال موضع ودٍّ من قبل أولئك الذين هم خارج معسكر السلام، بيد أنه لم يكسبنا أيضًا مطلقًا تحالفات إستراتيجية مع حركة "السلام الآن" السائدة ضمن هذا المعسكر. أما حركات السلام الأكثر تقدميَّة المختلطة الجنسين – داي لاكيبوش، السنة 21، يش غفول – فكانت تنسِّق جداولها عادة لكي لا تتضارب مع الوقفة الاحتجاجية، وغالبًا ما كانت تقدِّم لنا العون بطرق مختلفة.
كان مبارك عوض يتحدث كضيف في صفِّ اللاعنف الذي أُدرِّس فيه كلما كانت تتسنى لي فرصة الوصول إليه. كان رجلاً ضخمًا لطيفًا ومتحدِّثًا صادقًا وجذابًا إلى حدٍّ كبير مع وعي أخلاقي حاد باللاعنف. وتضيف إنكليزيته، باللكنة العربية والمفعمة بالحيوية، نغمة من الأصالة عندما كنا نناقش واحدة من أكثر الانتفاضات العالمية أهمية: الانتفاضة الفلسطينية الأولى (حرفيًا، "اهتزاز" أو "ارتجاج"). ورغم كل الصعوبات، أسَّس مبارك المركز الفلسطيني لدراسة اللاعنف الذي أشكُّ بأن لديه الكثير ليعمله مع تلك الحركة (الانتفاضة). ومن المؤكد أن الحكومة الإسرائيلية قد فكَّرت بالأمر ذاته. وقد كانت زيارته الأكثر إثارة بلا شك في العام 1990، حين جاء حديثًا بعد إبعاده من فلسطين. وسوية مع وهج الاستشهاد، كان لدى مبارك معلومات داخلية واقعية ليشاركنا بها. ولم يكن طلابي يعرفون ما فيه الكفاية لكي يقبلوا، على نحو غير نقدي، الصورة الإعلامية للانتفاضة بوصفها عنفًا، بل وحتى "إرهابًا"، لكن ما لم نكن نعرفه هو أنه كان هناك "على الأرض" يواجه جنودًا إسرائيليين مسلحين يخلقون اضطرابات. وكان مبارك، الأخصائي النفساني، هو الشخص المثالي لمشاركتنا ذلك.
|
|
|