|
الوقوف احتجاجًا عمل "الوقوف
احتجاجًا" vigilance
عبارة عن الوقوف في صمت في مكان عام احتجاجًا
على وضع ظالم وتنبيهًا للرأي العام وللسلطات
العامة إليه[1].
والمقصود بالموقف الجسماني للمتظاهرين،
الذين يقفون عمومًا منتصبين، ساكنين،
صامتين، أن يدلَّ على عزمهم الكامل على
الشهادة لصالح العدالة والحقيقة. يمكن أن
ينهض للعمل شخصٌ واحد أو تنهض له مجموعة.
وينبغي اختيار المكان بمقتضى صلته الرمزية
بالظلم الذي تُراد إدانتُه. فأهمية كثرة
ارتياد الناس لهذا المكان يجب أن تؤخذ
بالحسبان، إلا أن هذا العامل ليس حاسمًا
بالضرورة. فمن أجل الاحتجاج على اعتقال
المعارضين التعسفي، قد يكون أكثر فاعليةً
تنظيمُ عمل وقوف احتجاجي أمام السجن بدلاً من
تنظيمه في مكان أكثر ارتيادًا لكنه أقل رمزية. إن
عامل الزمن هو الذي يمنح عمل الوقوف احتجاجًا
قوته كلَّها. فوَقْعُ الحضور الساكن والصامت
في مكان عام يتوقف في آنٍ معًا على مدته
وانتظامه. لذا ينبغي إقرار المدة والانتظام
بمقتضى خطورة الظلم المُدان وإلحاح إنصاف
ضحاياه عاجلاً. وسط
الناس المتعجلين المتشاغلين في الشوارع،
يحصل اللامتوقَّع الذي يستدعي أولاً الدهشة
والمفاجأة: نساء ورجال قرروا استقطاع وقت
للكفِّ عن العجلة والمشي والكلام. ومن هذا
الصمت غير المتوقَّع يمكن للصمت المتسائل
الذي يدعو إلى التفكر أن يولد. ففي هذا الصمت
الذي ينبع من الضمير ويخاطب الضمير انفتاحٌ
على إنسانية الإنسان. وإذا
تطلبت الظروف ذلك، يمكن القيام لعمل الوقوف
الاحتجاجي قيامًا متواصلاً، ليلاً ونهارًا
على حدٍّ سواء، بتنظيم مناوبة بين عدة أشخاص.
وفي ظروف أخرى، يمكن تنظيمه كلَّ أسبوع في
الساعة نفسها وفي المكان نفسه طوال السنة؛
كما يمكن تنظيم "ساعات صمت" في الآن نفسه
في مدن عدة وبالتواتر نفسه. ولإعلام
الناس، يمكن للمتظاهرين أن يحملوا رايات أو
لافتات أو يلبسوا أثوابًا بلا أكمام تشرح
بأبسط طريقة وأكثرها تربويةً أسبابَ العمل
وهدفه. ويمكن لمتظاهرين آخرين توزيع مناشير
وطرح وثائق أكثر إسهابًا في الشرح على طاولات
صحفية والاستعداد للتحاور مع الجمهور. لكن
ينبغي لهذه المداخلات مع المارِّين أن تظل
هادئة، بحيث ترافق حضور مَن يقومون بالوقوف
الاحتجاجي الصامت، لكن من دون أن تحلَّ
محلَّه. فلمناهضة ظلم ما، يكون الاحتجاج
بكلِّ صمت أكثر إقناعًا أحيانًا من الكلام أو
النصوص. يمكن للمتظاهرين حمل شموع مضاءة أو
وضعها حول المكان. فلهب الشمعة الضعيف رمز
قوي، يدل على الرجاء بأن النور يستطيع مقاومة
الظلام. كذا
فإن الوقوف في الساحة العامة عرضةً للخطر
لأداء شهادة والتعبير عن مقتضيات العدل هو
عمل بسيط، لكن هذا لا يجعل منه عملاً سهلاً؛
فهو يتطلب الكثير من التصميم من جانب مَن
ينهضون له. فقد يتفق لهم أن يجابهوا ردود فعل
عدوانية من جانب بعض المارة. فمَن اتخذوا
موقفًا صامتًا ينبغي عليهم الحرص على عدم
الرد على الاستفزازات. وقد يتفق للمكلَّفين
منهم الاتصالَ بالجمهور أن يضطروا إلى التوسط
في هدوء لتجنب أية مواجهة. كما قد يواجه
المتظاهرون قوات الشرطة المأمورة بإيقاف
العمل: يجدر بهم عندئذٍ أن يصمدوا أطول فترة
ممكنة، فلا يغادروا المكان إلا مُكرَهين أو
مُرغَمين. من
المنظور نفسه، يمكن إنشاء "بيت وقوف
احتجاجي" على مقربة من مكان يرمز إلى وضع
يُعدُّ غير مقبول ويُراد تنبيهُ الرأي العام
إليه. ينبغي عندئذٍ على الذين يعيشون فيه
إلقاء بذور مقاومة لاعنفية، بالشهادة
يوميًّا دلالةً على أن الرجاء أقوى من القضاء
المحتوم. ترجمة: محمد
علي عبد الجليل
[1]
للاطلاع على خبرة لاعنفية في
الوقوف احتجاجًا، راجع فصول كتاب الناشطة
الإسرائيلية ضد الاحتلال غيلا سڤيرسكي، نساء
بالسواد، المنشورة تباعًا في معابر،
باب "اللاعنف والمقاومة". (المدقِّق)
|
|
|