|
منقولات روحيّة أنْ
"هذا أوان الكلام على هذه الحروف المجهولة
المختصة: على عدِّ حروفها بالتكرار، وعلى عدد
حروفها بغير تكرار، وعلى جملتها في السور،
وعلى إفرادها في "ص" و"ق" و"ن"
وتثنيتها في "طس" و"طه" وأخواتها،
وجمعها من ثلاث فصاعداً حتى بلغت خمسة حروف،
متصلة منفصلة، ولم تبلغ أكثر؛ ولم وُصِلَ
بعضها وقُطِّع بعضها؟ ولما جُهِلَ معنى هذه
الحروف عند علماء الظاهر، وكُشِفَ عند أهل
الأحوال...".
فـ... محي الدين بن عربي
ليست
فكرة فناء العالم وتجديده بالفكرة الغريبة
تماماً في تاريخ الدين. ففي العديد من
ميثولوجيات العالم القديم نجد أن العالم يفنى
إما بطوفان شامل أو بنار سماوية، ثم يعود
سيرته الأولى. وفي الهندوسية يتم تدمير
العالم وإعادة خلقه عقب كل دورة كونية كبرى.
ولكن جديد الزرادشتية هو تقديمها، لأول مرة،
مفهوماً عن نهاية العالم مرتبطاً بنهاية
الزمن ونهاية التاريخ. فالعالم لا يفنى لكي
يعود سيرته الأولى ضمن نفس الزمن الخطي أو
الزمن الدوري التناوبي، لأن نهاية العالم
تعني في الزرادشتية تغييره جذرياً والخروج به
من الزمن ومن التاريخ إلى السرمدية. يضاف إلى
ذلك أن تجديد العالم يترافق مع البعث العام
للأجساد وعودة الأرواح للقاء أجسادها
والاتحاد بها اتحاداً أبدياً لا ينفصم – وهي
فكرة جديدة كلياً على تاريخ الدين. هذا هو ميراث الزرادشتية الذي يجعل منها نقطة علام بارزة في تاريخ الدين الإنساني؛ حتى إنه يمكن معها تقسيم هذا التاريخ إلى ما قبل الزرادشتية وما بعدها.
مع
الانتشار السريع للبوذية في الهند، لجأت
الهندوسية إلى قدرتها الاصطفائية العبقرية.
لقد اعتقد الهندوس منذ القديم بأن الله "يتنزَّل"
على الأرض دورياً في فترات تفصل فيما بينها
فواصل زمنية محددة، متَّخذاً صورة بشرية،
بما يُدعى أفتارا avatâra. ولا يجد
العديدون منهم غضاضة في قبول أن يسوع ومحمداً
كانا من هذه الفئة. وفي سفر الـبـْهـَغـَفـَدغيتا
Bhagavad-gîtâ (وهي رواية روحية
قصيرة أُدرِجَت منذ حوالى ألفي عام في سياق
ملحمة الـمهابهارتا[1]
Mahâbhârata) يعلن واحد من
هذه "التنزُّلات"، ألا وهو شري كرشنا،
إلى رفاقه البشر المتألِّمين ما يلي: كلَّما
ضعف الصلاح، وتفاقم
الشر، أتَّخذُ
جسماً. في كل
عصر أعود لإطلاق
سراح القديسين، وللقضاء
على خطيئة الخاطئ، ولترسيخ
العدل. |
|
|