أولاً: مقدمة في منطق الثنائيات
ما يزال التفكير النمطي القائم على الثنائيات
Dualities
شائعًا سواء على المستوى التداولي اليومي الحياتي
أو على مستوى المشتغلين بالفكر والفلسفة، وهو يعكس نسقًا يقوم على
التقابل والتضاد. وما كان لهذا التفكير النمطي القائم على الثنائيات أن
يصمد آلاف السنوات لو لم يكن مفيدًا ويؤدي غرضًا يبرِّر استمرار
استخدامه، ولكنَّهُ في المقابل قد يوقعنا في إشكالات نظرية وعملية
سنعرضها لاحقًا، إشكالات تبرِّر تجاوزه أو تقونن أشكال هذا الاستخدام،
وسنقف عند ثنائيتين هما:
-
أولاً: ثنائية المادة والصورة
Material and image duality
-
ثانيًا: ثنائية المضمون والشكل
Content and Form duality
1. 2. 2.
تَفْصيلُ
القَوْلِ
في
تَفْضيلِ
لِسانِ
وَبَلاغة
العَرب:
من
المفارقات
العصية
على
الفهم
التي
نحياها
في
إطارنا
الثَّقافي
أنَّنا
قد
نصدِّق
ما
يقوله
العلم
في
مواضيعه
الجزئية
المختلفة
ولا
نبدي
انزعاجنا
البتَّة
لما
يقترحه
علينا
من
فهم
جديد
لمظاهر
الكون
وقوانينه،
مثل
أن
تكون
الحركة –
وهذان
مثالان
كلاسيكيان
في
حقل
العلم
-
هي
الحالة
الطبيعية
للأجسام
المادية
وليس
السُّكون،
وأنْ
لا
يكون
ثمَّ
سبيل
لتحديد
أيِّ
شيءٍ
تحديدًا
مطلقًا،
لأنَّ
التَّحديد
لا
يمكن
أن
يتمَّ
إلاَّ
بالنسبة
إلى
إطار
مرجعي
معين..
إلخ.
لكن
بمجرَّد
ما
يتعلَّق
الأمر
بالبلاغة
فإنَّنا
نشيح
بوجوهنا
عن
كلِّ
ذلك
ونستأنف
ابتناء
أو
تجويد
مسلسل
الأحكام
المطلقة
التي
نُصِرُّ
على
أنها
غير
قابلة
للتَّفاوض.
ما
من
شيء
يمكن
أن
يدفعنا
لإعادة
التّفكير
في
منطلقاتنا
ومطلقاتنا.
ليس
هذا
وحسب،
بل
إننا
نَقْصِر
وَكْدَنا
على
محاولات
صقل
وتجويد
ما
ترسَّب
من
طبقات
تلك
المنطلقات
والمطلقات
وصَوْغِها
صوغًا
منهجيًا
ومنطقيًّا.
الدَّليل؟
الدَّليل
ماثل
في
تقديم
طه
عبد
الرحمان
المنهجي
والمنطقي
لطبقات
رسوبية
من
الأحكام
الجاهزة،
المتعلِّقة
بأفضلية
اللِّسان
العربي
وبتفوِّق
البلاغة
العربية،
المبثوثة
في
نصوص
التُّراث.
كان من المعتقد، في جميع العصور، ولدى جميع الشعوب، أن الحق عادل.
وخلال ذلك، كان يُنظر إلى الحق على أنه تجسيد للعدالة، أو كان يُطرح
هدف مطابقته مع العدالة. يمكننا الاستنتاج مما ورد أعلاه، أن العدالة
قيمة من قيم الحق، بل ويجب أن تكون القيمة الأكثر استمرارًا وأهمية.
فكثير من قيم الحق انتقالي عابر، ومنها المساواة، والمصلحة الوطنية،
والمصلحة الطبقية، والتقدم، والتمسك بالعادات القائمة، وحقوق الشخصية.
فكلها تظهر في مرحلة تاريخية معينة. وكانت هناك فترات لم يكن معترفًا
بها، ولم يكن بالإمكان الاعتراف بها لغياب الأمة والوعي الطبقي والنزعة
الفردية، وما شابهها. فالعدالة تنتمي إلى عداد القيم الخالدة للحق أو
لمبادئه الرئيسة. وإلى جانب الحق، يمكننا ذكر الخير العام واحترام
القوانين (بالمعنى الواسع للكلمة). وعلاوة على ذلك، فالعدالة ليست قيمة
الحق الخالدة فحسب، بل وقيمته الأسمى أيضًا. وجميع القيم الأخرى تُقاس
بها، وهي فاعلة، بشرط أن لا تعارض العدالة.