في
الاستطلاع الذي أجراه فريق العمل حول الأخلاق لصالح الجمعية الأمريكية
للفيزياء، أظهرت ردود الأعضاء الشبان في مجتمع الفيزياء قلقًا لافتًا
حول معاملة المرؤوسين والقضايا الأخلاقية الأخرى.
في العام 1987، وبينما كانت العلوم البيولوجية تصارع اتهامات عديدة حول
قضايا شخصية تتعلق بالتضليل البحثي، تبنى مجلس المجلس الجمعية
الأمريكية للفيزياء بيانًا عن الاستقامة في الفيزياء. وقد نشر البيان
في تموز من العام 1987 في مجلة الفيزياء اليوم
physics today
(ص81) ويبدأ بما يلي:
تمتع مجتمع الفيزياء تقليديًا بالسمعة الحسنة نظرًا لحفاظه على
الاستقامة والمعايير الأخلاقية الرفيعة في نشاطاته العلمية. وبالفعل
فإن الجمعية الأمريكية للفيزياء هي واحدة من الجمعيات القليلة التي لم
تشعر بالحاجة إلى دستور رسمي للأخلاقيات.
إنَّ
حكم الأغلبية ليس شكلاً من أشكال الحكم الديمقراطي، كونها مرتكزة على طغيان
ديماغوجية الأغلبية وتحويرها لمآل هيئة الدولة، عبر تحويرها لقوانين إدارتها،
لتتطابق مع مصالح هذه الأغلبية، فتصبح الدولة مرة أخرى مطابقة لطائفة الأغلبية
بعدما كانت مطابقة لطائفة الأقلية العسكرية الحاكمة. فتختفي الديمقراطية بشكل
أعمق في دولة الأقليات والأغلبيات، لأن الأغلبية لا تقول بأن الديمقراطية غير
موجودة، بل أنها موجودة من خلالها، فتصبح الأغلبية ممثلة للديمقراطية بمصادرتها
الكلية للحكم. إنه طغيان أشد فتكًا بالحريات من النظام الاستبدادي، لأنه طغيان
من خلال القوانين المتفقة مع مصلحة الأغلبية الحاكمة. وردع طغيان الأغلبية أصعب
إن لم نردعها منذ لحظة وضع دساتير الدولة الجديدة عبر فكرة ارتكاز الحق على
الفردانية وتجريد ارتهان القوانين بالأغلبيات، وتصويب مفهوم المصلحة العامة
المتمحور حول الفهم العقلاني للحقوق.
المثقف الآن وردة حمراء في عروة بذلة النظام.
يوسف القعيد
على سبيل التقديم
يصعب الحديث عن "أدوار للمثقف" العربي عمومًا والمغربي على وجه الخصوص
من دون تحديد هوية هذا المثقف الذي نتحدث عنه، ومرجعيته الفكرية،
المعرفية، المذهبية، الإيديولوجية والسياسية... كما أن التباس وتداخل
مفهومي الدور والوظيفة يجعلنا ملزمين بطرح سؤال ما المقصود بالدور
الخاص بالمثقف هل هو وظيفة أم مهمة إم إبداع؟
وبما أن المثقف هو نتاج صيرورة تاريخية، فالأمر يجعلنا نتساءل هل هو من
يكتب للإجابة عن شروط المرحلة التاريخية ومخاضاتها وتحولاتها أم من
يسعى إلى نفي المخاضات والالتباسات عن التاريخ؟ أم هو ذلك المثقف الذي
يكتب ضد مسار التاريخ ليستبدل بذلك الحقيقة والموضوعية بالإيديولوجية
بما هي تزييف للواقع وقلب للحقائق وتبرير للسلطة...؟
في
الذكرى السابعة لرحيل نجيب محفوظ، استعادت الأوساط الثقافية المصرية
مواقف صاحب "الثلاثية" وآراءه في المجتمع والسياسة والدين، ورصدت بشكل
خاص قراءته لظهور حركة "الإخوان المسلمين" ونموِّها في نتاجه الأدبي
الواسع، وذلك بعد مرور عام على تولي هذه الحركة الحكم، وما خلَّفته هذه
التجربة القصيرة من ردود في وعي المصريين. شدَّد البعض على ليبيرالية
الكاتب وعدائه المبطَّن للإسلاميين، ورأى البعض الآخر أنه صوَّر بكثير
من التجرد نمو حركة "الإخوان"، ووصف بشكل غير منحاز صعود نجمها في
العقود الأخيرة من القرن العشرين.
الساعة
الثانية من فجر يوم 28 آب (أغسطس) تلقيت اتصالاً من إحدى الصديقات تصرخ
بي وتؤنبني لأنني تأخرت في الردِّ على اتصالها، فتقول لي: "والله عال
حضرتك نايمة والآن الضربة الأميركية علينا، هيا أسرعي وافتحي
النوافذ؟". للوهلة الأولى اعتقدت أنني أحلم، لكن صراخها المذعور في
أذنيَّ بضرورة أن أفتح النوافذ لئلا يتكسر الزجاج أثناء الضربة
الأميركية المؤكدة – والتي لا يشك بها السوريون وحتى الأطفال منهم –
وجدتني أتجه إلى الشرفة وأرنو إلى البحر. يا لسذاجتي كما لو أنني أتوقع
أنَّ الضربة ستأتي من البحر، وبدا كل شيء ساكنًا – سكون القبور –
وحاولت استنزاف شيء من رائحة القهوة وأنا أفكر أنها قد تكون المرَّة
الأخيرة التي أشرب فيها القهوة. طلع الفجر ولم تتكسَّر النوافذ.
مازحتنا أميركا التي تحب اللعب بأعصابنا ولم توجه ضربتها بعد.
كنت قد اعتمدت قاعدة أساسية حكمت سلوكي على مدى العقود المنصرمة تقوم
على مبدأ يقول: "كلما خفضَّت من حاجاتك ارتقيت بحريتك". وفي التطبيق
السياسي لهذا المبدأ نقول: بقدر ما توازن بين قدراتك الذاتية وأهدافك،
بحيث يكون اعتمادك على ذاتك أساسيًا بينما اعتمادك على العوامل
الخارجية ثانويًا، بقدر ما تمتلك من حرية القرار والإرادة، وإذا كانت
السمة الأساسية للعصر الحديث هي العولمة، والترابط والتداخل والصراع
بين المصالح الامبراطورية لقوى واحتكارات دولية تبتكر كل يوم أدوات
جديدة "ناعمة" للتحكم والسيطرة والإخضاع واستلاب إرادة الشعوب بحيث
تأتي القوة العسكرية المباشرة كخيار أخير، وليست كخيار أولي، كما كانت
الحال في الامبراطوريات التقليدية، فإن مجرد التفكير بالانعزال عن
المؤثرات الخارجية، والعمل دون أخذها في الحسبان ضرب من الوهم
المدمِّر، لكن الكلمة الفصل في الموضوع هي: كيف تتعامل مع المؤثرات
الخارجية؟ تقاوم بعضها، تحيِّد بعضها الآخر، تستفيد من مساندة البعض
الثالث، تمتلك معرفة التناقضات بين المصالح الخارجية دون أن تنجرف
لتكون ورقة تلعب بها الأطراف المتصارعة، ودون أن تحوِّل وطنك إلى ملعب
لكل من هبَّ ودبَّ.