المواطنة الرعوية

 

سامي داوود

 

الذي يُبجَّل يُمارس، والذي لا يملك تكريمًا يُهمَل...
أفلاطون، المحاورات، الكتاب الثامن/الدولة.

الرجال الأسوياء لا يعرفون أنَّ كل شيء ممكن...
دافيد رسِّيه، من مجتمع بلا طبقات لـ حنه آرندت.

 

إنَّ حكم الأغلبية ليس شكلاً من أشكال الحكم الديمقراطي، كونها مرتكزة على طغيان ديماغوجية الأغلبية وتحويرها لمآل هيئة الدولة، عبر تحويرها لقوانين إدارتها، لتتطابق مع مصالح هذه الأغلبية، فتصبح الدولة مرة أخرى مطابقة لطائفة الأغلبية بعدما كانت مطابقة لطائفة الأقلية العسكرية الحاكمة. فتختفي الديمقراطية بشكل أعمق في دولة الأقليات والأغلبيات، لأن الأغلبية لا تقول بأن الديمقراطية غير موجودة، بل أنها موجودة من خلالها، فتصبح الأغلبية ممثلة للديمقراطية بمصادرتها الكلية للحكم. إنه طغيان أشد فتكًا بالحريات من النظام الاستبدادي، لأنه طغيان من خلال القوانين المتفقة مع مصلحة الأغلبية الحاكمة. وردع طغيان الأغلبية أصعب إن لم نردعها منذ لحظة وضع دساتير الدولة الجديدة عبر فكرة ارتكاز الحق على الفردانية وتجريد ارتهان القوانين بالأغلبيات، وتصويب مفهوم المصلحة العامة المتمحور حول الفهم العقلاني للحقوق. فسطوة الأغلبية كما قال "توكفيل": "نجحت حيث أخفقت محاكم التفتيش، وذلك من خلال اجتثاث مجرد التفكير في نشر كتب من هذا القبيل"[1]. لذلك علينا ألاَّ نعول كثيرًا على الفارق بين الـ قبل وبين الـ بعد المتعلقين بلحظة ما، في ظل غياب فكر حقيقي لمعقولية الفارق. حيث تتدخل تفاصيل كثيرة لتكييف الأوضاع الجديدة مع المصالح القديمة بعد تغيير مواقع القوى للقوى المتسلطة. خصوصًا إن تلبست هذه الأوضاع بعبارات عاطفية عمومية مثل عبارتي الشعب والأمة. إذ تدخل المؤسسات حينذاك في مجال العبث - حيث تجرد الأغلبية عبر هذه الاستراتيجيات، المفاهيم من تعيناتها، بجر كل التفاصيل إلى نفسها، فتصبح هي الشعب وهي الأمة وبقوة الدستور المشرع من قبل مشرعي طغيانها. فتمتص الأغلبية كيان الدولة وتعيد إفرازها بما يجعلها دولة ً لها. دفع هذا الأمر بتوكفيل إلى تنويع صيغ التحذير من هذا الذي حدده جميع منظري الديمقراطية في العالم بطغيان الأغلبية المنتج لخطاب وجود الأقلية، وبالتالي المصادر لمفهوم المواطنة والمقوض لإمكانية بناء الدولة المدنية. التحذير الممتد من أفلاطون إلى الموقف الذي صاغه توكفيل في القول بأنه:

ليس في اعتقادي ما يضاهي طغيان سلطة تحكم باسم الشعب، لأنها إن تكتسي بالقوة المعنوية التي تضفيها عليها إرادة الأغلبية المطلقة، تعمل في الوقت نفسه بتصميم وسرعة ومثابرة فرد ٍ واحد[2].

إنها بذلك تمهد، تضع المقدمات التي من خلالها ستمارس طغيانها وستفرض على الآخرين شروط انضمامهم إلى دولتها. حيث يستمر المجتمع في التواصل عبر مفهوم الأقوى والأضعف. لذلك لا يظهر مفهوم المواطن، بل مفهوم الآخر. الأقلية الأخرى في مقابل الأغلبية الأخرى. مسافة إقصائية تتسرب إلى القوانين والمؤسسات بذات الطريقة التي كانت قائمة فيما قبل إسقاط الطاغية الفرد. فالمستبد فرد يحكم من خلال طبقة استبدادية، تنتجه كفرد لتسود هي كنظام. واستمرار هذا النظام لعقود يُحدِث تغييرات هائلة في هيكلية المجتمع لصالح النظام السائد، من ضمنها نرجسية الطائفة والفئات المرتبطة بالمستبد، التي ستجد نفسها مجروحة في كرامتها بسقوط الصنم الاستبدادي، وكأنها هي التي سقطت بسقوطه، فتعمل بطريقة مذهبية عنيفة ضد تيار الأغلبية بما يحميها من نزعة الانتقام مؤسساتيًا وقانونيًا وخدميًا واجتماعيًا. لذلك لا يكون إسقاط النظام انتهاءً منه، بل ربما استمرارًا فيه، من خلال تسليم مفاتيح المدينة إلى الأكثرية الجاهلة المحتشدة حول أحزاب متمرسة في تمرير مصلحتها العقائدية باسم الله أو باسم الشعب. لذلك تتوقف طبيعة المؤسسات على طبيعة التحولات الحاصلة وضمن اللبنة الأساسية لقوام المجتمع. في مجال الفعل الملموس المرتبط بأثر مباشر وتأثير مباشر. في البدء فقط، شرعت المكونات السورية بثورة حقيقية منعكسة في شعاراتها التي كانت مفاهيمها عن معنى الشعب ومعنى الدولة ومعنى التحرر. خصوصًا في شعارات منطقتي كفر نبل العربية وعامودا الكردية. حيث وضعت أسماء الجمعات كأنها دستور جديد لهوية مجتمع متفاعل متعايش، أجزاؤه تنتمي لبعضها اختياريًا في مآلها، فانتعشت الروح الكبيرة التي لحفت بالهويات المتباينة، كأنها ألفت على حين غرة أنها قادرة على أن تكون مجتمعًا واحدًا وليس شعبًا واحدًا. فاستشعرت ضمن هويتها الخاصة قدرة انفتاحية/تعاليًا هوياتيًا لإنتاج هوية مجتمعية ترفع الجميع إلى ذات المستوى الحقوقي، موفرًا اللبنة الأساسية لإنتاج سوريا المواطنة، حيث الجميع أفراد متساوون. إلى أن تمت عسكرة وأسلمة الثورة وتحلل هذه الأخيرة إلى العنف المحض، وانقلابها على شعارات الثورة، وبالتالي إلى تحكم الأجندة الخارجية باستراتيجيات العنف المتمثل في الحرب الأهلية في سوريا... تقوض الحروب الأهلية النظام الاجتماعي إلى أقصاه، وتنحدر بالرابطة التعاقدية الشعبية - لعفوية هذا الرابطة ولاهيكليتها وتمايزها عن التعاقد الاجتماعي الموجود في اللوياثان عند هوبز وفي الحكومة المدنية عن لوك وبطبيعة الحال عند روسو في عقده الاجتماعي حيث يكون الطرف الثاني في العقد كيانًا لاشخصيًا "كومنولث اصطناعي" بتعبير هوبز، ولا توجد في التعاقدات الاجتماعية الشعبية مراتبية متعلقة بأهلية التعاقد، حيث يتفاعل الناس في مجال المعاش عبر رأسمالهم الثقافي المتقارب غير المرتبط بعناصر طبقية وجدت مع العقد الاجتماعي الذي ظل محتارًا في أهلية العبيد واليهود للمواطنة - بين المجموعات العرقية إلى أقصى درجات الريبة والتأهب الحيواني للانقضاض على المجموعة العرقية الأخرى أمام أدنى حركة عادية تصدر من فرد في المجوعة العرقية، نظرًا لإعلاء شأن التصرفات المختلفة إلى مصاف الحركة المعادية. لذلك قد تنشب - وقد نشبت حروب أهلية أودت بحياة عشرات الآلف من الضحايا، نتيجة خلاف على لون راية ما أو تجاوز حدود ترابية متنازعة، أو أي تصرف طبيعي عادي، يتحول ضمن مناخ من الكراهية المتبادلة إلى تصرف عدائي. وهذا الانحدار في طبيعة العلاقة الترابطية بين المجموعات العرقية المتحايثة في الجغرافية، لا يرجعها إلى النقطة صفر في بناء المجتمع؛ إذ لا توجد المرحلة صفر ضمن الأنتربولوجيا، بل مراكمة مستمرة لقيم ما؛ إما عضوية بدائية متعلقة بخصائص بقاء النوع البيولوجية، وإما مراكمة مستمرة لقيم مدنية في صيرورة تحول المجموعة العرقية إلى مجموعة مدنية وبالتالي إلى أن تصبح بالمعنى الهوياتي مجتمعًا ما. فالحرب الأهلية تقوض المؤسسات البدائية لتعاقدات العائلة على مستوى القرابة والجوار، وتنطبع الكيانات الاجتماعية بسلوك عدواني خبيث كأنها في حالة غيبوبة، تستعر من خلاله شهوة الثأر الجماعي التي تتناسل عبر الأجيال، وتتعقد أشكالها إلى درجة التلبس بلبوس مدني مبطن بالكراهية المتبادلة. فيصبح هناك داخل المجتمع ومن خلال الأحزاب العقائدية وطبقة المشايخ السحرية، ما يسميه آيرك فروم بـ: "توثين الدمار... التي لها وظيفة الاستحواذ على كامل الشخص، وتوحيده في عبادة هدف واحد هو التدمير"[3]. إنها حالة منعكسة تمامًا في بيان طرفي النزاع في سوريا حول التصفية المتبادلة وتعميم فكرة التصفية على مختلف الجبهات الطائفية والعرقية داخل المجتمع السوري. لذلك نعتبر الادعاءات غير المبرهنة التي ظهرت في سوريا حول إمكانية بناء المجتمع من الصفر بعد تقويض بنيتيه التحتية والفوقية، نعتبر ذلك تصورًا ديماغوجيًا متخفيًا خلف مصطلح أدبي بنيوي لم يثمر كثيرًا حتى في مجاله الخاص. اللحظة صفر في بناء المجتمع السوري وأي مجتمع آخر غير موجودة، إلا إن كان كلامًا محاكيًا لطريقة السياسيين والإعلامين الذين يتحدثون دون اعتبار الصواب في حسبانهم. فذلك تصور ذهاني عن طبيعة تكوُّن المجتمع من خلال العوامل المتباينة التي تدخل في طبيعة هذا البناء وتاريخ البناء. لذلك لدينا مجتمعات متعددة وليس مجتمع واحد. وهو كمجتمع يتأسس كما أوضح كاستورياديس:

ككيفية ونموذج للتعايش: بوصفه كيفية ونموذجًا للتعايش بوجه عام، دون نظير ولا سابق في منطقة أخرى للكون، وبوصفه هذه الكيفية وهذا النمط من التعايش الخاص، أي الخلق النوعي للمجتمع المعني[4].

لذلك ستدخل طبيعة التعايش والتنابذ وكيفيته في طبيعة المجتمع السوري بشكل يميزه عن التصورات الساذجة التي قارنته بالتجربة الألمانية فيما بعد الحرب العالمية الثانية، أو التي تصورت اللحظة صفر في بناءه، للحديث عن إمكانية بناء دولة مدنية من أنقاض حرب أهلية ونصف قرن من الهمجية البعثية. لذلك يجب أن نركز على حدود التغيير وممكناته في سوريا للخوض في خصائص المواطنة الممكنة والدولة المدنية الممكنة. وهي أمور تتجنب المعارضة السورية إدراجها في خطاباتها الفنتازية. فالتفكير بتأسيس الدولة الوطنية وفقًا للبنى الرهطية المتنابذة، هو مصادرة كاملة لمشروع الوطنية. إذ لا بدَّ أن ينعكس وعي الوطنية في القول والفعل الاجتماعيين، حتى نتمكن من ترجمة ذلك في الهيكلية المؤسساتية المتعالية للدولة المزمعة. والكلمات التي نستخدمها للتعبير عن المجال التفاعلي للمكونات المجتمعية، قد تكون في معزل عن الطبيعة الخاصة بكل مكون وكذلك بمعزل عن تاريخ التنابذ أو الجمود التواصلي فيما بين هذه المكونات، لذلك تنفصم الخطابات السياسية عن طبيعة المجال السياسي الذي تقيم فيه. وتطرح أشكال مؤسساتية للدولة، دون أن يكون المجتمع قد وصل إلى مستواها الإداري أو أن يكون جاهزًا لقبول الخضوع لكيانات غير قبلية. لذلك نعتقد بأن الذهنية التي من خلالها تحدث المتحدثون عن الحدث/الفاجعة السورية، متفارقة عنه. حيث جاء خطاب الخطباء متأخرًا عن العبارات المؤسِّسة له. والتبسَ المعنى فيه، فباتت العبارات تحيل إلى الشيء ونقضيه في آن. إذ المهم هو التأجيج وليس التحليل العقلي للحق وللعنف وللممارسة التي تماهت من خلالها السُلط ُ المتعارضة المتنازعة في حظيرة الدم السوري المستباح. لذلك استخفَّ الخطاب بالمعرفة وتقدم بمقولة أن: التغيير والإسقاط متلازمان. غير أن ذلك محضُ سذاجة نقية. سذاجة يمكن الترويج لها في ظل التبجيل الاستراتيجي للعنف المستخلص من أقصى اليأس ومن أقصى الوحشية التي حولها الإعلام إلى وحشية مشهدية، تراءت من خلالها قدرة العنف على التخريف والاستباحة إلى ما لانهاية. بحيث تجاوزت عبر هذه المشهديات ابتكارات القتل حدود المتوقع. هذا الترسيخ للشرخ العدائي فيما بين مكونات المجتمع داخل سوريا، لن يهدم فقط ما كان قد جمَّده البعث لعقود في التواصلية المجتمعية، بل سيعيد ترتيب العلاقات التنابذية بين مكوناته. ليتحصن كل مكون ضمن كيانه الرهطي، مؤتمنًا به عليه وضد غيره. وبذلك سندخل في مرحلة جديدة دون أن تكون مختلفة. على غرار ما حدث في العراق مع سقوط البعث، حيث أعقبه نقيضه الطائفي دون أي تعالي على الطائفية. فالتغيير الجذري استحالة أكثر مما هو وهم. ولا يمكن للتغيير أن يتجسد ماديًا إلا متدرجًا عبر تحولات دقيقة متضافرة ضمن نظام زمني يمغنط المجال فيما بين فكرة التغيير وبين ممكنات تعينه في جسد المجتمع، وفقًا لطبيعة وتاريخ كل مجتمع، حتى يصير ذلك انعكاسًا لمعنى التغيير ولحدوده الممكنة. لذلك تحدث في سوريا تحولات هائلة دون أن تكون مشترطة بالتغيير. تحولات في مراكز القوى وإعادة تموقعها في المرتبية المجتمعية، لكن ليس تحررًا من المرتبية لأجل إنتاج المدنية. يضاف إلى ذلك، الطبيعة الديموغرافية الجديدة في سوريا. إذ حرص البعث على مدار نصف قرن، أن يعزل المحافظات على أساس مذهبي وإثني عن بعضها، ليسِّهل مهمته في التحكم بها وقمعها. فأضافت المعارضة المسلحة بهمجيتها التكفيرية الدم المهراق حدًا شارخًا على الخارطة الديموغرافية السورية - المعارضة وحتى بعد إعلان القاعدة بابويتها لتنظيم جبهة النصرة الإرهابي، لم تتبرأ منه، ولم تنسلخ عنه -. فكيف لهذه المعارضة أن تتمايز عن البعث، وأن تتحدث عن دولة مدنية بلبنات مذهبية متنابذة. نعم كانت المكونات العرقية والمذهبية في سوريا متعايشة لعدم وجود تاريخ من الكراهية فيما بينها، لكنها لم تكن متعايشة مدنيًا خارج إطار العرق أو المذهب. كان كل شخص يتحدث إلى الآخر من موقع العرقي المتعايش، وليس من موقع المدني كمواطن. وذلك لأسباب لن نذكرها لبداهتها. هذا التعايش يثبت أننا في سوريا نمتلك إمكانية بناء المواطنة لتوفر نواتها، دون الادعاء بأننا نملك إرثًا سياسيًا لهذا التعالي الحقوقي. وقد أتى العنف ليقوض تلك الإمكانية. ومع هجرة الفئات المثقفة وتحييد صوتها عن المنابر الإعلامية، وتصفية النظام للفئات المتعلمة، بقيت الجماهير العاطفية المتحمسة فريسة سهلة لاستغلالها من قبل السُلط المتعارضة، فارتُكِبت مجازر متبادلة ضمن مناطق جغرافية متناقضة لاستثمار التناقض لصالح المصالح المتحدثة باسم الشعب المختفي عنها. هذا الهابيتوس الجديد، الاستعدادية غير المعللة للاحتراب حتى التصفية. لن يعقبه انفتاح على أنتربولوجيا الآخر السوري، بل تقويض للتعالي الهوياتي المفترض لبناء دولة المواطنة. أما الادعاء بأن سوريا الجديدة ستختلف عن سوريا القديمة بدون دارات ثقافية متعددة ومتنوعة وشاملة لجميع التفاصيل، فإن ذلك محض بروبوغندا لتطويع المجموعات المتعارضة والاستحواذ عليها. فخطاب المعارضة لم يحسم أمره مع مفهوم الثورة وعلاقتها بمعنى الجديد. كونها وحتى بعد الإعلان الرسم لوجود كيان إرهابي في جسدها المسلح، لم تتبرأ منه. وتمضي كمعارضة في الاتجاه الذي تحدده القوى الإسلامية المسيطرة عليها. لذلك سيكون من الخطأ الحديث عن وجود ثورة في ظل نزعة سلفية لإعادة المجتمع إلى سابق عهده في الذاكرة الدينية. يقف مفهوم كهذا في الضد مع مفهوم الثورة الذي يحسم علاقته في الزمن مع الوضع القائم. ليس باتجاه تدميره، فذلك انقلاب، بل باتجاه تحريكه نحو الأفضل، مع تحديد معنى الأفضل في قوانين ومفاهيم صريحة ودقيقة، يجد فيها الفرد مصلحته الشخصية متحققة بها ومن خلالها، فيقرر العمل لأجل الصالح العام، طالما أن هذا العام ينعكس فيه الخاص. وبدون هذه الأمور الآنفة، ستكون مؤسسات المعارضة حالة استنساخية لمؤسسات النظام القائم، مع فارق في التسمية. إذ لا يمكن لأي حركة أن تكون ثورية مجددة بدون أن تفكك وتعيد تركيب نظام العلاقات داخل المجتمع. أو بالصيغة التي تقدم بها فوكو:

كيف لها أن تكون ثورية دون تفكيك لتلك التداخلات واللاتوازنات والظلم والعنف الذي يعمل رغم نظام القوانين وتحت القوانين وعبر النظام والقوانين؟... ماذا يريد أن يقول المشرع والخطاب الثوري من دون تعيين لعلاقات القوة وتنقلاتها النهائية في ممارسة السلطة[5].

بناءً على هذا الاستفهام لفوكو، لم يقل خطاب المعارضة السورية حتى اللحظة - وهي لحظة متأخرة لدرجة انتهاء فعاليتها - الكيفية التي من خلالها ستحرر سوريا من الدوغما التي احتجزت البلاد لنصف قرن وتتركه الآن عبر حرب أهلية ودمار شامل للبلد تطبيقًا لشعارها الهمجي "إما الأسد أو ندمر البلد". واستمرت المعارضة في تقديم العبارات المبرهنة على لاثوريتها وعلى عجزها في أن تكون قوى ثورية حقيقية. فحايثت في خطابها عبارتي التغيير والنقيضة أقلية/أغلبية. إذ يستحيل أن تجتمع هاتين العبارتين في جملة واحدة إلا ضمن ذهنية متناقضة لا تدرك ما تقوله. فالمحايثة الآنفة تحدد النزعة التسلطية لتوجه المعارضة، وكذلك للمعنى الذي تهرِّبه من الثورة عبر شعار الثورة. فالمواطنة تعلل الحقوق عبر تطوير الفردانية المجردة من العرقيات وبالتالي من المرتبيات، وليس عبر التجييش الحشودي لفكرة ما. حيث تنقاد الجماهير/تؤمن سحريًا، تحت ضغط الأدوات الاستلابية/فضائيات، مشايخ، مواقع التواصل الاجتماعي، مصادر تمويل أجنبية... إلخ/، بفكرة ما تكون نتيجتها ترسيخًا لسلطة القوى المتسترة خلف الرعوية الجماهيرية. فيتم إعادة إنتاج المؤسسات وفقًا للمرتبية الكهنوتية التي تُنصِّب الأغلبية وصية على الأقلية التي ستُحرم من ممارسة حقوقها عبر المرتبية الهمجية المبجلة بأصوات الأغلبية، لتتحول الأقليات إلى مجرد أرقام في خدمة حقوق الأقوى. تجرد هذه المرتبية العدالة من ماهيتها، وترفع مستوى الخطأ في هذا التوجه إلى مرتبة الشر. فالنقيضة أقلية/أغلبية، عبارة رياضية مستقدمة بانحراف من نظرية المجموعات في الرياضيات، التي تتناول حجم الأشياء وليس قيمها النوعية، إنها وضمن سياقها، تؤكد على المساواة القيمية للأنواع المختلفة بأحجامها وليس العكس. وتدجين العقل على التكييف مع هذه الأخطاء، هو ترسيخ لعقلية خرفة استبدادية، تفكك المجتمع لأجل إخضاعه وليس لأجل تعاليه على بدائيته. هذا التعالي الهوياتي، هو الجوهر/الثيمة التي عمل فلاسفة الدولة على تثبيته، كونه الحجر الأساس لتكوين دولة متفقة مع العقل مؤسساتيًا. لكننا نجد بأن الجدالات المتعلقة بمآل الدولة السورية - قبل أن تختفي عبر القتل المتبادل من الوجود - تستدرج إلى الخطاب عبارات لا سياقية مرتبطة بتجارب مجتمعات لا يمكننا أن نرث منها عقلها التاريخي المرتبط بفاعليتها الاجتماعية وبنظام العاطفة المتحكم بطبيعة صراعها مع ذاتها ومع غيرها. لقد ورثنا عن البعث كيانات جامدة أكثر منها متفاعلة. ونبني الآن نظامًا اجتماعيًا قائمًا على السفك. فكيف لنا أن نفترض شكلاً مدنيًا لمؤسساتنا الاجتماعية منسلخًا عن فاعليتنا التدميرية لكل قوام مؤسساتي. إن إغفال هذا الأمر في خطاب الخطباء دلالة على طبيعة الخطاب وعلى ماهية الكلمات المستخدمة في نظامه. فالمعنى لن يكون مرتبطًا بما تقوله الكلمات، بل بما تخفيه وبما تحاول أن تعممه من معانٍ متناقضة لجعل التفكير بالأفعال وبنتائجها مشوشًا وضائعًا، وبالتالي مرشحًا لتمرير غيرها من الأمور. إن الدولة ومصادرة ماهية مواطنيتها تبدأ من هنا، عبر تعميم التناقض في الأفكار، ليسهل على الجميع أن يقدم نسخته الخاصة عن حدود الدولة وحقوق المواطنة، فتكون الغلبة للنسخة التي تحصل على أكبر قدر من تصفيق المصفقين. توضح هذه المقدمات العرقية حدود التغيير الممكن في كل مجتمع ومن بينها المجتمع السوري. وكما أوضح بدقة دوريد أوترام فإن:

بناء نظام سياسي مؤسس على المساواة في الحقوق دون إعادة النظر في النظام الاجتماعي غير العادل. وربما ما تعلمنا إياه الثورة الأمريكية هو أن خيوط التنوير كانت قوية في تمكين الجماعات في التفكير في التغيير، ولكنها أيضًا تعلمنا أنهم لم يكونوا بمستطيعين أن يتخطوا حدود التغيير الذي تخيلوا أنها ممكنة بالنسبة إلى النظام الاجتماعي[6].

وقد كانت الثورة الأمريكية محظوظة بوجود مفكري الدولة في فاعليتها كما كان يقول توكفيل عن جفرسون وماديسون وفرانكلين. الذين درسوا القوانين وطبيعة المشرعين ومواقعهم الاقتصادية وطبيعة العلاقة بين القوانين ونظام العمل... إلخ من التفاصيل التي لا يتركها توكفيل تغيب عن العوامل المتضافرة المؤسسة للديمقراطية ولتناقضاتها وصراعاتها. بينما نجد في سوريا أن السلط المتعارضة تتماهى فيما بينها بنزعتها التسلطية وبعدم فهمهم للقيم الحقوقية. وحيث توجد نزعة تسلطية، يكون هناك توجه اعتقالي لاحتجاز المجتمع في إطار عقائدي - كالخمينية والأخوانية وغيرها من الحركات الشعبية التسلطية -. إن الدولة تركيبة معقدة ولا يمكن إنتاجها في مجتمعات غير قادرة على تجاوز تقاليدها القبلية، بل تعمل على تحديث قبليتها وعصرنة الأسماء التي تمتثل لها كالمرشد العام والقائد المفدى والزعيم الحزبي والآيات والمشايخ... إلخ. إذ القائمة لا تستنفد. لذلك تختلف إدارة الدولة ومدى حضورها في كيان المؤسسات، وفقًا للفاعلية الفكرية المعدلة لعمل المؤسسات بما يتفق واشتراطات الإدارة العقلانية لسير عمل المؤسسات، عبر استمرارية وتركم فكر الدولة في الوعي المجتمعي، لتتسرب منه إلى نظام المؤسسة، إنتاجًا للتغييرات التنموية في عمل المؤسسات المنتج والمجدد لتعينات المجتمع، بدءًا بالتعليم والقوانين والدستور وقيم العمل ووصولاً إلى مفهوم المواطنة الذي سيساهم في تصعيد وعي المجموعات العرقية والطائفية بهويتها، وبالتالي بتجاوزها لمحدوديتها وانغلاقها العضوي - أمن وسلالة وغذاء - نحو التفاعل والتضافر لإنتاج هوية الدولة المفترضة، التي ستتمكن من التحول إلى دولة وطنية. وسيتوقف مدى هذه الوطنية على عمق ومدى الاشتمال الذي تعكسه الدولة في وطنيتها. فحيث تكون هناك دولة، يجب أن تختفي النعرات الرهطية. آنذاك يمكن الشروع في تطوير الآليات الديمقراطية بما يجعلها ممكنة/معقولة. أي استدماج تاريخ تطور المجتمع حقوقيًا ومؤسساتيًا واستعداداته الاجتماعية في منطق إدارة المؤسسات لإنتاج معقوليتها الخاصة. أو نسختها الذاتية من الدولة المؤسساتية. قد يقول قائل: إن ذلك قد يتفق مع مجتمعات لا تريد أن تتحرر من مذهبيتها ومن عرقيتها المتنابذة. وقد تكون المعقولية حينذاك، ترسيخًا لبابوية المجتمع وليس لتحرره ولتطوره وعيه الحقوقي. نعم. سيكون ذلك صائبًا بالنسبة إلى مجتمعات مفلسة فكريًا ولم تدخل بعد بفاعليتها في الحيز السياسي، ولم يشكل الموضوع السياسي بالنسبة لها خروجًا عن الطواعية العامة، الحزبية والقبلية والدينية. فالموضوع السياسي يفترض الوعي الحقوقي المؤسس للمجال الذي فيه تتنازع الإرادات عبر الدارات المؤسسية التي تجعل من النزاع ممكنًا لاستخلاص أفضل الممكنات. إن الوعي الحقوقي هو الذي يمنح التنازع ومجال التنازع ماهيته ومآله وتأثيره على التطور العام للمجتمع. ووجود هكذا حيز، يوفر للمتنافسين فرصة مشروعة للتنازع، بما أن هذا الأخير مرتبط بمؤسسات تشرعه وتسن قوانين عمله بما يجعل من التنازع بحد ذاته خدمة في المصلحة العامة. وهي قيم تنتشل المجتمع من جمود علاقاته الثابتة وترتقي به نحو التفاعل في كيان لاشخصي، مجرد، تختفي فيه السلطة الأبوية، وترتفع فيه ذات الفرد بالتعبير الهيغلي إلى اكتمالها الأخلاقي في الذات المجردة لهذا الإلهي الأرضي/الدولة. لكن. إن لم نكن قد تحررنا من القيود التقليدية للحرية، فكيف لنا أن ننتجها وفقًا لفلسفة الحق هذه؟ علمًا أننا نعمل في مجال الفرد الذي كان الاستبداد قد جرده من نقديته واستثمرت الحركات الدينية والحزبية هذه الميزة الخاصة - التجرد من النقد - لاستحصال أكبر قدر من الولاءات التي ستجعل من تلك الكيانات قوى سائدة على حساب استقلالية الأفراد. أعتقد بأن كان يتضمن على الإمكانية المدنية الضرورية لإنتاج التعالي الهوياتي/المواطنة. لكن مآل الصراع في سوريا، والمقاولات الدولية للإرهاب تسببت في تدمير هذه الإمكانية. لذلك يتوجب علينا للحديث عن إمكان المواطنة في سوريا المرور بالسياق التدميري الذي قُيِّض للمجتمع السوري أن يتحرر من خلاله. وبحكم وجود فواصل دقيقة غير مستدركة في التفكير بالدولة وبالتغيير يتفاصح العقل العمومي بالخوض في هذين المفهوم مزهوًا باعتباطية تفكيره وبفداحة الخلط الذي يحدثه بين المتنافرات. ففي سوريا، وعلى غرار غيرها من بلاد الربيع العربي، جاء النضال لأجل التحرر بدون فكر ديمقراطي. لذلك علينا أن نميز بين النضال من أجل الحرية والنضال من أجل الديمقراطية. عبر دراستنا لمفهوم الثورة والحركات التحررية تبيَّنا بأنه لا يوجد فصل دقيق يميز هذين النضالين الذين يختلفان في حصليتهما التحررية والثورية. باستثناء تلميحات غير كاملة عند أفلاطون في نظريته عن شكل الإدارة ضمن فقرة المعادن القادر على الإدارة. والأمر لا يتعلق بمفهوم الدولة ولا بطبيعة النظام الديمقراطي - كي لا يحدث التباس حول النضال من أجل الديمقراطية وبين ماهية النظم الديمقراطية -، حيث يوجد الكثير من الدقة في تحديد قوامها بدءًا بـالمطارحات لميكافيلي وأصول فلسفة الحق لهيغل الأكثر رسوخًا ووصولاً إلى القرن العشرين. أما تحليل الحركات المأخوذة بفكرتي الحرية والديمقراطية، فإنه لا يميز بينهما، ويخلط فيما بين مكوناتهما على مستوى الفئات المشاركة والمآل الممكنة.

إذ لا يعكس النضال من أجل الحرية توجهًا ديمقراطيًا بالضرورة. فجميع فئات المجتمع تتكافل وتتوحد بتناقضاتها الجذرية للتحرر من المستعمر الأجنبي أو المستعمر المحلي الطغياني، وبإمكانها المشاركة في النضال التحرري بذات الكفاءة، حيث يتساوى فيها دور الفعل والقول لدى المستويات الفكرية في المجتمع. مثلما يحدث في سوريا الآن، حيث لا تجد فروقات جوهرية بين خزعبلات الثرثار الفيسبوكي وبين شطحات المتحدثين باسم المعارضة. لذلك نجد - دون استغراب - تسويغات غير عقلانية تطرحها الأصوات المتحدثة باسم الثورة، لإيجاد مكانة عضوية لجهات إرهابية في نسيج الحراك الثوري، طالما أنها تشترك كلها في هدف القضاء على الطاغية[7]. إلا أن ذلك غير ممكن في النضال لأجل إنتاج نظام ديموقراطي. إذ تتوقف حينذاك مسؤولية إنتاج دارات ثقافية لتنمية الوعي بمفهوم الحق وبالكيفية الوضعية لإدارة هذه الحقوق عبر مؤسسات يتجسد من خلالها ماهية النضال الديمقراطي. النضال من أجل الحرية يقايض المظلة بأخرى. لا يتحرر من المطلق، بل يغير مكانه، ينقله إلى لحظة تاريخية في فاعليته، ليحولها إلى لحظة استثنائية يتوقف عليها قياس الـ قبل والبعد. لذلك تبقى المسامير في مكانها على الجدران لتعلق مرة أخرى صورة النظام البديل وليس الجديد. ضمن هكذا حركات، يكون النظام دائما بديلاً وليس جديدًا، غير أن الإعلام يخلط الكلمات ليصبح المعنى مؤدلجًا وجاهزًا للتسويق. وتحافظ الخطابات على ذات البلاغة الطغيانية القائمة على مفاهيم إقصائية كعبارات الأقلية والأغلبية وتحديد الشعب بمكوناته الأثنية وغيرها من المفردات الواعدة بطغيانية محدثة. وسلوك وخطاب المعارضة السورية العربية، والفرع السوري لحزب العمال الكردستاني عينات مادية للبرهان على ذلك. بينما ينأى النضال من أجل الديمقراطية عن تأليه لحظة زمنية وبالتالي تثبيت التواريخ وفقًا لها. وذلك لأن الفاعلية الديمقراطية هي صيرورة متجددة باستمرار، فلا يمكنها الثبات على لحظة ميتة مؤلهة. بينما يرتبط هدف التحرر بإسقاط صنم في لحظة زمنية صنمية التعين ليتم إعادة إنتاج أصنام صغيرة موزعة على الطوائف جغرافيًا. في النضال من أجل الديمقراطية، لا تشارك جميع فئات المجتمع بذات السوية في النضال وبعضها لا ينخرط فيها والبعض الآخر يرفضها، لأنها تجد في النضال الديمقراطي هرطقة - كما حدث مع سقراط في رفضه لإعدام 4 ضباط بلا محاكمة -. ولأن النضال من أجل الديمقراطية مرتبط بتغير إدارة المؤسسات ومكانة الفرد وبالتالي بتغيير الوعي الموضوعي في المجتمع، فإنه يشكل صدمة ذات اتجاهين: أحدهما نحو السلطة القائمة، والآخر نحو الفئات القائمة على نمط سلالي لقوانين الإدارة. لذلك تكون هناك فئات، كرجال القانون، تجد في هكذا نضال استهدافًا لها - لقوانينها، فتعمل على تضليل معنى النضال من أجل الديمقراطية وتحويله إلى نضال ضد النظام القائم. وهكذا يكون النضال من أجل الديمقراطية متوقفًا على فاعلية فئات ثقافية محددة وليست متعينة عبر عموم الشعب. لأن الديمقراطية غير ممكنة بدون فكر حقوقي يمنحها مبررات تعينها مؤسساتيًا. وهذا الفكر لا يتوفر لدى الجميع، بل لدى تلك الفئة المتحررة من سطوة الدوغما، غير المعدة لأن تسيطر عليها جهات أيديولوجية. الديمقراطية بإنتاجها لاستقلالية الحقوق عن العقائد، تنتج المواطن الفرد المستقل بآرائه السياسية. كونها كنظام، تصدر عن أفراد مستقلين. هكذا توصل توكفيل وهوبزباوم وآرندت إلى نتيجة مشتركة: وهي أن الديمقراطية لم تنتج أبدًا عبر الحركات العقائدية، بل عبر طبقة النبلاء عند توكفيل، وعبر الطبقات الوسطى عند هوبزباوم وآرندت. وذلك لأن هذه الفئات كانت مكتفية مادية ومستقلة فكريًا وقادرة على التعلم بطريقة أفضل من الفئات الشعبية التي كانت ومازالت فريسة سهلة للحركات العقائدية الدينية والعرقية. حيث يتم خداعها منذ الأزل بعبارتي الله والشعب. يندرج النهج التحرري في بلاد الربيع العربي عمومًا وفي سوريا بالتخصيص، ضمن السياق التحرري الذي لا يصدر عن وعي الحرية، بل عن التحرر الثوري بمعناه الراديكالي. لذلك لم يطمئن الفرد السوري إلى طرفي النزاع، فأصبح عرضة للتضليل العقائدي، وبالتالي وقودًا للصراع هذه العقائد. وتحلل طبيعة الصراع من صراع بين الخير المتمثل في الضرورة التحررية سياسيًا، وبين الشر المتمثل في دكتاتورية البعث، إلى صراع بين عقائد ومذاهب متناقضة جذريًا. فخرج الخيط من يد السوري ليشده الجوار المتعارض على ضفتي سوريا، يشده بإحكام حول رقاب السوريين الذين باتوا على غرار العراقيين، مجرد أرقام تتقاذفها وسائل الإعلام وهيئات اللجوء ومنظمات إحصاء القتل والقتلى. ههنا، على أنقاض ما سلف، ستزدهر قيم أخرى كنا قد أخرجناها من هويتنا. قيم الرعوية التي سنلبسها أسمال المدنية والوطنية، أسمال تخفي الخناجر التي بها سنمزق كتاب الوطنية المزمع.

*** *** ***


 

horizontal rule

[1] ألكسي توكفيل، الديمقراطية في أمريكا، ترجمة: بسام الحجار، الجزء الثاني، الطبعة الأولى، معهد الدراسات الاستراتيجية، بغداد، أربيل، بيروت، 2007، ص 161.

[2] المصدر السابق، ص 99.

[3] آيرك فروم، تشريح التدميرية البشرية - الجزء الثاني، ترجمة: محمود منقذ الهاشمي، إصدارات وزارة الثقافة السورية، دمشق، 2006، ص 16.

[4] كورنيليوس كاستورياديس، تأسيس المجتمع تخيليًا، ترجمة: ماهر الشريف، دار المدى، دمشق، 2003، ص 259.

[5] ميشيل فوكو، يجب الدفاع عن المجتمع، ترجمة: د. الزواوي بغورة، دار الطليعة، بيروت، الطبعة الأولى، 2003، ص 96.

[6] دوريد أوترام، التنوير، ترجمة: د. ماجد موريس ابراهيم، دار الفارابي، بيروت، 2008، ص 338.

[7] كمساهمة ياسين الحاج صالح في ملف "جبهة النصرة" الذي طرحته مجموعة الجمهورية للدراسات، حيث رأى هذا الكاتب أنه من غير الضروري أن نستبعد جبهة النصرة من الثورة. حينذاك لم تكن الجبهة قد بايعت الظواهري. لكنها كانت ممثلة القاعدة في إدلب وحماه.

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني