الأخلاق وازدهار مهنة الفيزياء*

 

كات كيربي**
&
فرانسيس هول
***

 

في الاستطلاع الذي أجراه فريق العمل حول الأخلاق لصالح الجمعية الأمريكية للفيزياء، أظهرت ردود الأعضاء الشبان في مجتمع الفيزياء قلقًا لافتًا حول معاملة المرؤوسين والقضايا الأخلاقية الأخرى.

في العام 1987، وبينما كانت العلوم البيولوجية تصارع اتهامات عديدة حول قضايا شخصية تتعلق بالتضليل البحثي، تبنى مجلس المجلس الجمعية الأمريكية للفيزياء بيانًا عن الاستقامة في الفيزياء. وقد نشر البيان في تموز من العام 1987 في مجلة الفيزياء اليوم physics today (ص81) ويبدأ بما يلي:

تمتع مجتمع الفيزياء تقليديًا بالسمعة الحسنة نظرًا لحفاظه على الاستقامة والمعايير الأخلاقية الرفيعة في نشاطاته العلمية. وبالفعل فإن الجمعية الأمريكية للفيزياء هي واحدة من الجمعيات القليلة التي لم تشعر بالحاجة إلى دستور رسمي للأخلاقيات.

ومع أن الجملة الثانية توحي باستعلاء غير مناسب من قبل زعماء مجتمع الفيزياء في ذلك الوقت، إلا أن البيان يمضي في نصح الفيزيائيين كي لا يفترضوا أن سمعتهم الحسنة لا ينالها الشك، وأن يعملوا

للحفاظ على المعايير الرفيعة في الاستقامة المهنية في مجتمع الفيزياء وأن ينقلوها إلى الزملاء الشبان ومن ثم إلى الأجيال المستقبلية... إن ازدهار المهنة يعتمد على ذلك.

في العام 2002 اهتز مجتمع الفيزياء بسبب قضيتين شهيرتين جدًا تتعلقان بتلفيق البيانات: الأولى حدثت في مختبر حكومي مرموق – مختبر لورانس بيركلي الوطني – والأخرى في مختبر صناعي محترم – مختبرات بيل للتكنولوجيا. (انظر مجلة الفيزياء اليوم، أيلول 2002، ص 15، وتشرين الثاني 2002، ص 15). وفي كل قضية منهما ظهرت البيانات الملفقة ومزاعم التزييف الناجمة عنها في أوراق بحثية متعددة المؤلفين خضعت للتحكيم الدقيق ونشرت في مجلات مرموقة. وقد شجع اكتشاف التلفيقات على إجراء بحث نشيط ومهم في مجتمع الفيزياء وأظهر الأهمية الضرورية لأن تقوم الجمعية الأمريكية للفيزياء بتشجيع الأخلاقيات في ميدان الفيزياء.

كيف يرتبط ازدهار الفيزياء بقضايا الأخلاق والاستقامة المهنية؟ يعلم جميع الفيزيائيين أن البحث والفهم غير المتحيِّزين للحقيقة أمران أساسيان في المنهج العلمي. وبالفعل، إن تحديد ومن ثم حذف أو التقليل من التحيُّـزات هو من أول الدروس في تعليم الطلاب كيفية تصميم التجارب واستخدام البيانات في اختبار الفرضيات. إن الصورة الشعبية عن الفيزيائيين مهمة لأسباب عديدة ليس أقلها أن الكثير من البحوث الفيزيائية يتم دعمها بواسطة التمويل الحكومي. لذا يجب أن يكون للجمهور ثقة بأن البحث الفيزيائي يتم إجراؤه وفق أرفع معايير الاستقامة المهنية وأن ميدان الفيزياء يستطيع أن يضبط الأمر في داخله.

لكن ما يعادل ذلك في الأهمية هو الاعتراف بيننا جميعًا في ميدان الفيزياء بأن الاستقامة العلمية والثقة في عمل الآخرين في هذا الميدان أمران ضروريان لنجاح عملنا البحثي (انظر مقالة كارولين ويتباك) وإنَّ نقل هذه القيم إلى الجيل القادم أمر حاسم. ولكن هل نؤدي عملنا بشكل جيد؟ ما الذي لدى الأعضاء الشبان في الجمعية الأمريكية للفيزياء كي يقولوه حول القضايا الأخلاقية؟ إن هدف هذه المقالة إلقاء الضوء على بعض اهتماماتهم.

في الجمعية الأمريكية للفيزياء تتولى شؤون الأخلاق المهنية اللجنة الفرعية للأخلاق في هيئة الشؤون العامة POPA. ففي أعقاب كشف تلفيق البيانات في العام 2002، عملت اللجنة الفرعية على تحديث نصوص الجمعية الأمريكية للفيزياء بخصوص الأخلاقيات. كما أوصت أيضًا بتشكيل فريق عمل للنظر في حالة التربية الأخلاقية في الفيزياء ومراقبة "نشاطات الجمعية ووحداتها واقتراح خطوات إضافية بخصوص الأخلاق المهنية وكذلك معايير وممارسات إضافية في الجمعية". لقد عملنا في ذلك الفريق إلى جانب جوزف هاملتون من جامعة فاندربلت، وإدوارد كولب من مختبر فيرمي، وبيتر مايز من جامعة برنستون. وقد أنجز فريق العمل حول الأخلاق مهمته في كانون الثاني 2004.

استطلاع آراء مجتمع الفيزياء

بما أن فريق عملنا كان صغيرًا وبالتالي نطاق منظوره محدود، فقد استخدمنا استطلاعات مصممة بمساعدة رومان سيجكو من المعهد الأمريكي للفيزياء. كان الهدف من هذه الاستطلاعات تحديد نوع التدريب الأخلاق الذي يتلقاه طلاب الفيزياء، والمدى الذي وصل إليه الوعي الأخلاقي في مجتمع الفيزياء، والسيرورات الموجودة من أجل حل المشكلات الأخلاقية في معاهد متنوعة، والاهتمامات التي لدى الفيزيائيين بجميع مستوياتهم حول القضايا الأخلاقية، والدور الذي يمكن أن تلعبه الجمعية الأمريكية للفيزياء. وقد استطلع فريق العمل آراء طلاب المرحلة الجامعية الأولى الأعضاء في كل من الجمعية الأمريكية للفيزياء وجمعية طلاب الفيزياء SPS، والأعضاء الشبان في الجمعية الأمريكية للفيزياء وعددًا ضخمًا من الفرق المتعاونة في التجارب، ورؤساء أقسام الفيزياء، ورؤساء شعب الجمعية الأمريكية للفيزياء، ومنتديات وشرائح ومجموعات محلية. وكانت الاستطلاعات متكيفة مع السمات الخاصة بكل مجموعة.

إلى حد بعيد، فإن معدل الاستجابة الأعلى والإجابات الأكثر حرارة وشمولاً أتت من قبل الأعضاء الشبان في الجمعية الأمريكية للفيزياء – أي أولئك الفيزيائيون الذين لم يمض أكثر من ثلاث سنوات على نيلهم شهادة الدكتوراه. ومن الواضح أن قضايا الأخلاق والسلوك المهني تجد لها صدى قويًا لدى تلك المجموعة من الفيزيائيين الشبان. وهذه عينة من إجاباتهم الكثيرة:

  1. إن الجواب الوحيد للمشكلة الأخلاقية هي في توقف هيئات الترقية عن تعزيز ثقافة النشر في المجلات الشهيرة (مثل Science / Nature) على حساب أي شيء آخر.

  2. إن مجتمعنا العلمي يعزز البحث السطحي وإلحاق الضرر بالمضمون والعمق.

  3. إن الكثير من الثغرات الأخلاقية تنبع من ضغوط النشر...

  4. يتم تقييم الباحث من خلال عدد المقالات وأسماء المجلات الموافقة لها التي تظهر في سيرته العلمية. وهو لن يقيَّم من خلال العمل الذي صرفه على كل بحث، وكم من المراجعات المتكررة التي أجراها كي يثبت نتائجه، وهكذا. فالعدد الكبير من المقالات في المجلات المرموقة جدًا هو الذي يبني سيرته الذاتية CV. وتبين الأحداث المؤسفة الأخيرة أنه بالنسبة للكثيرين فإن ما هو أكثر أهمية يتمثل في نشر نتائج مثيرة وليس نشر نتائج صحيحة.

إن اهتمامات الأعضاء الشبان بالسيرة العلمية المهنية والقضايا الأخرى تلقى الصدى تكرارًا في الإجابة على السؤال التالي في الاستطلاع: "ما الذي تعتبره القضايا الأخلاقية المهنية الأكثر خطورة التي يجب أن ينصب عليها اهتمام الجمعية الأمريكية للفيزياء".

وقد تم استطلاع جميع الأعضاء الشبان في الجمعية الأمريكية للفيزياء بواسطة شبكة الإنترنت، ونصفهم تقريبًا رد على الاستطلاع، والكثيرين منهم خلال بضع ساعات من تلقيهم الاستطلاع. وهذا معدل استجابة ممتاز إذا أخذنا بالاعتبار أننا لم نبعث برسائل تذكير إضافية. وقد اعتبرنا هذه المجموعة ذات أهمية مركزية لفريق العمل لأنها وبشكل مميز تعبر عن التجربة الحديثة في كل من النظام التعليمي وفي العالم الواقعي للفيزيائيين المحترفين العاملين. وكانت أهدافنا في استبيان هذه المجموعة تتمثل في:

  1. تحديد مستوى الوعي والاهتمام بالقضايا الأخلاقية بين حملة الدكتوراه الجدد.

  2. اكتشاف كيف تدرب الفيزيائيون الشبان على القضايا الأخلاقية والقواعد المهنية للسلوك.

  3. اكتشاف معرفتهم وخبراتهم الشخصية في الانتهاكات الأخلاقية.

  4. تجميع الأفكار حول أنواع التدريب الأخلاقي التي قد تكون فعالة.

  5. اكتشاف ما الذي يعتبرونه القضايا الأخلاقية المهنية الأكثر خطورة التي يجب أن تنصب عليها اهتمامات الجمعية الأمريكية للفيزياء.

عندما قرأنا إجابات الأعضاء الشبان أصبح واضحًا لدينا أن تلفيق البيانات الذي كان القضية الرئيسية في الحالتين الشخصيتين عام 2002 هو نادر نسبيًا. وبدلاً من ذلك، كان الأعضاء الشبان يطالبون بالتركيز على مجموعة متنوعة من القضايا الأخلاقية أكثر انتشارًا و، بطريقة ما، أكثر حساسية.

المعاملة الأخلاقية للمرؤوسين

إلى وقت متأخر، كانت النصوص الأخلاقية في الجمعية الأمريكية للفيزياء تركز بشكل رئيسي على قضايا متصلة بمسائل نشر الأعمال الأكاديمية، والتأليف، والإسناد إلى المراجع والمصادر. لكن أغلبية واضحة من الأعضاء الشبان الذين أجابوا على الاستطلاع تشعر بأنه ينبغي توسيع النصوص الأخلاقية للجمعية الأمريكية للفيزياء كي تتضمن معاملة المرؤوسين، خصوصًا طلاب الدراسات العليا وما بعد الدكتوراه. وقد وصفت الكثير من الإجابات المعاملة غير الأخلاقية للمرؤوسين في البحث بأنها مشكلة خطيرة جدًا:

  1. الإساءة لطلاب الدراسات العليا من قبل المشرفين الناصحين.

  2. استعباد طلاب الدراسات العليا. إذ يهدد الأساتذة بعدم كتابة رسائل تزكية إذا لم يمكث طلاب الدراسات العليا في مجموعتهم لإنتاج المزيد من البيانات.

  3. يعامل الطلاب في كثير من الأحوال كعمال وليس كطلاب ويتم اعتبار التقدم نحو نيلهم الدرجة العلمية أمرًا ذا أهمية ثانوية.

  4. من المؤكد أن غرض مدارس الدراسات العليا هو تقديم عمل ذكي رخيص كي تحصل على علم زهيد الكلفة.

إن معاملة المرؤوسين مروِّعة – إذ يعتبر الطلاب ومتدربو ما بعد الدكتوراه مجرد عربات تقود إلى النشر. وليس ثمة تحريات عن الإساءة، كما أن التبليغ عن أية إساءة يعني عادة نهاية السيرة المهنية للمرؤوسين – حتى لو كانت الشكوى صحيحة ومبررة.

عبَّر الأعضاء الشبان عن قلقهم لعدم منح الطلاب مصداقية في البحوث وذلك بإهمال أسمائهم في الأوراق البحثية المنشورة. كما كتبوا أيضًا عن فرض المشرفين ساعات عمل مرهقة على طلابهم والضغط عليهم أحيانًا للقيام بأعمال غير أخلاقية من قبيل إغفال البيانات التي لا تتطابق مع التوقعات.

وما هو مثير على نحو خاص بالنسبة لفريق العمل كان كثرة استخدام كلمتي "إساءة" و"استغلال" لوصف المعاملة التي يتعرض لها طلاب الدراسات العليا. وقد اقترح عدد من الأعضاء الشبان أن يتوجه التدريب الأخلاقي أولاً نحو الأساتذة وأن يكون إلزاميًا بحيث "يتعلموا كيف يعاملون طلاب الدراسات وما بعد الدكتوراه بطريقة إنسانية". وقد كتب العديد منهم عن "ضعف" طلاب الدراسات وما بعد الدكتوراه الذين يعتمدون على مشرفيهم في إعطائهم رسائل التزكية ولا يستطيعون تحمل مسؤولية الإبلاغ عن أية مواقف تتعلق بالمعاملة السيئة.

إن إحدى أكثر التوصيات أهمية التي خرجت بها الدراسة التي قام بها فريق العمل تتمثل في أنه يجب على النصوص الأخلاقية في الجمعية الأمريكية للفيزياء أن تتوسع كي تتضمن معاملة الطلاب والمرؤوسين. وهذا ما حدث الآن وتبناه مجلس الجمعية في نيسان 2004. ويظهر النص في الإطار (1)، كما توجد ارتباطات على شبكة الأنترنت حول النصوص الأخلاقية الأبكر في الجمعية ضمن قائمة في الإطار (2).

عندما سألنا الأعضاء الشبان في الجمعية الأمريكية للفيزياء إذا ما كانوا قد لاحظوا أو اطلعوا شخصيًا على انتهاكات أخلاقية أثناء كونهم طلاب دراسات عليا أو ما بعد الدكتوراه، فإن %39 تمامًا من الذين أجابوا قالوا نعم. والإساءات السبع الأكثر تكررًا التي ذكروها يبينها الشكل (1). يمثل "تلفيق البيانات" %4 فقط من الانتهاكات التي ذكرها الأعضاء الشبان. لكن هذا الرقم ما يزال كبيرًا بحيث يسبب القلق في مجتمع الفيزياء.

على عكس معدل الاستجابة المرتفع بين الأعضاء الشبان فإن ربع رؤساء أقسام الفيزياء فقط أجابوا على الاستبيان الذي أرسل إليهم. ومن بين هؤلاء الرؤساء فقط %10 أشاروا إلى مواقف حول انتهاكات أخلاقية على صلة بالطلاب أو هيئة التدريس في أقسامهم خلال السنوات العشرة السابقة. يمكن أن نعزو جزئيًا هذه النسبة المنخفضة إلى الذاكرة المؤسساتية المحدودة لرؤساء الأقسام لأن الواحد منهم غالبًا ما يخدم في منصبه ثلاث سنوات فقط. وربما تعكس أيضًا السرية المفروضة عمومًا على الدعاوى القضائية الأخلاقية الأكاديمية. مع ذلك، يمكننا القول بثقة إن الخبرة المباشرة بالسلوك غير الأخلاقي المتعدد الأنواع ليست نادرة في أقسام الفيزياء. وكذلك، فإن ربع رؤساء الأقسام ذكروا أن مؤسساتهم لا تملك سياسات أو إجراءات لمعالجة سوء السلوك المهني، كما أن %8 آخرين لا يعلمون إن كانت أقسامهم قد وضعت مثل هذه السياسات. فقط %20 من رؤساء الأقسام ذكروا أن قضيتي تلفيق البيانات التي ذاع صيتها عام 2002 قد دفعت نحو توكيد جديد حول أهمية الأخلاق في أقسامهم.

يبدو أن قواعد السلوك المهني التي افترض أنها معروفة ومطبقة من قبل الجميع هي في الواقع غير مفهومة عمومًا. وقد لخصنا تعريفنا الإجرائي "للأخلاقيات المهنية" في الإطار(3). وفي الاستطلاعات التي أجريناها على طلاب المرحلة الجامعية الأولى والأعضاء الشبان في الجمعية الأمريكية للفيزياء ورؤساء الأقسام كان هدفنا فحص الكيفية التي تعلم وتدرس بها المعايير المهنية. وقد رسمت الأجوبة على الاستطلاع صورة متجانسة. وكما هو موضح في الأشكال 4-2، ذكرت المجموعات الثلاث أن تعليم الأخلاقيات العلمية غير رسمي على نطاق واسع وأن كثيرًا منه يحصل في النقاش بين الزملاء. معالجة البيانات الصحيحة وحفظ السجلات تعلَّم في الغالب، وليس كليًا، في قاعات المختبر. ولا تقوم كل مجموعات البحوث بجهود جدية لتعليم الطلاب كيفية تسجيل البيانات بشكل صحيح وحفظ سجل البحث.

ويمكننا بدون مخاطرة استخلاص أن قطاعًا مهمًا من طلاب الفيزياء يحصلون على شهادات الدكتوراه دون أن يتلقوا تعليمات رسمية حول المعايير الأساسية لجمع البيانات وتسجيلها. يتمكن بعض الطلاب من التقاط ما يحتاجون إلى معرفته من خلال مراقبة زملائهم في العمل، لكن هذا لا يمكن افتراض حدوثه دومًا. فقد أظهرت بحوث حديثة في علم التدريس أن بعض الطلاب ذوي الكفاءة والذكاء المرتفعين يحتاجون إلى تعليم مباشر. وفي عصرنا المعتمد على الحاسوب بشكل متزايد لم يتم تعريف مفهوم سجل البحث على نحو جيد. وكما لاحظ أحد الأعضاء الشبان في الجمعية الأمريكية للفيزياء فإن

توكيدًا قويًا يتركز على حيازة دفتر ملاحظات المختبر أكثر من مفهوم تسجيل وتبويب العمل. وعندما تم استخدام الحاسوب حصريًا يميل الطلاب إلى إهمال ليس دفتر ملاحظات المختبر بل وأيضا مفهوم تصنيف البيانات ومتى ومن أين جمعت.

وبالاستناد إلى اكتشافاته قدم فريق العمل توصيات عديدة للعمل إلى الجمعية الأمريكية للفيزياء ومجتمع الفيزياء.

  1. تحديث النصوص الأخلاقية كي تتضمن معاملة المرؤوسين.

  2. رعاية وتشجيع تطوير برامج التعليم الأخلاقي.

  3. العمل مع هيئات مهنية أخرى لتطوير مجموعة من المعايير الموصى بها في مجال سجلات البحوث في العصر الإلكتروني.

  4. العمل مع الجمعيات الشقيقة لتطوير دستور أخلاقي مقبول على الصعيد الدولي.

  5. النظر في إنشاء لجنة دائمة حول الأخلاق تكون مسؤولة عن المشروعات الناشئة.

وقد تم فعليًا الانكباب على دراسة العديد من هذه التوصيات. فقد وافق مجلس الجمعية الأمريكية للفيزياء على نصوص حول المعاملة الأخلاقية للمرؤوسين وحول أهمية الإسناد المرجعي الصحيح. ويتم حاليًا مناقشة النشاطات التي يمكن أن تقوم بها لجنة الأخلاق. وقد استهل مارتن بلوم رئيس تحرير مجلة Physical Review جهدًا دوليًا لصوغ معايير مشتركة حول الممارسات الأخلاقية في عملية النشر وكذلك لتطوير سيرورات متبادلة بين المجلات للتعامل مع المزاعم بحدوث انتحال أو تضليل من نوع آخر. كما تم اقتراح أن يقوم مجلس البحوث القومي بدراسة عن أفضل الممارسات والمعايير في تسجيل وأرشفة البيانات الإلكترونية وسجلات البحوث.

الصمت السائد الآن

تتمثل قضية كبرى في التوصية التي قدمها فريق العمل والمتصلة بالتعليم الأخلاقي. فعندما سئلوا عما يمكن للجمعية الأمريكية للفيزياء فعله كي تساعد في التدريب والتعليم الأخلاقي، أجاب الأعضاء الشبان إجابات لافتة عديدة. قال بعضهم إن أي شيء تقوم به الجمعية كي تتيح مناقشة القضايا الأخلاقية من قبل المجتمع سيكون موضع ترحيب – وذلك بالتأكيد أفضل من "الصمت السائد الآن" في كليات الفيزياء. كتب أحد الذي أجابوا: "يجب أن تقدم منشورات الجمعية المزيد من السرد للقضايا الأخلاقية كي تبقى النقاشات المطلوبة مستمرة". واقترح آخر بأنه سوف يكون من المفيد "نشر المعايير على شكل كراس ترسله الجمعية إلى جميع الأعضاء"، واقترح آخرون أن تتبنى الجمعية عقد حلقات دراسية في لقاءاتها وأن تضع الجمعية في موقع على الإنترنت قائمة بالمصادر حول الأخلاقيات العلمية.

إن "الصمت السائد الآن" يصف بشكل مناسب حالة التعليم الأخلاقي اليوم. ولكن لا يوافق الجميع على أن تعليم الأخلاقيات في الصفوف الدراسية سيكون فعالاً. كتب أحد المشككين: "أتساءل بجدية إن كان التدريب الأخلاقي يستطيع أو لا يستطيع مساعدة أولئك الذين لا يتمكنون من فهم الكيفية التي تؤذي بها أعمالهم الآخرين أو ببساطة تكون غير مقبولة". وحاجج آخر بأن "أهمية السلوك الأخلاقي قد يتم تعلمها أو لا يتم في وقت أبكر من وقت التدرب المهني كفيزيائي".

قال كثيرون من الذين أجابوا على الاستطلاع إن الإرشاد الصحيح من قبل المشرفين هو بشكل مطلق مفتاح تأسيس نماذج من السلوك الأخلاقي. واقترح البعض إجراء حلقات ومناقشات أخلاقية إلزامية لطلاب الدراسات في السنتين الأولى والثانية. وشعر آخرون بأن الأساتذة الأعلى مرتبة يجب أن يخضعوا أولاً لمثل هذا التدريب، ومن ثم يكونوا أمثولة للآخرين. وأشار بعضهم إلى أن أسواء الفهم قد تنشأ لأن الطلاب يأتون إلى مدارس الدراسات العليا من بلدان عديدة ومختلفة ولديهم معايير ثقافية مختلفة، لذلك ربما لا يدرك بعضهم أن الانتحال عمل خطأ. وسوف يضمن التدريب الأخلاقي أن الجميع يفهمون المعايير المرجوة.

قضايا مفتوحة

ثمة مجالان من الاهتمام الواضح الذي أبداه الأعضاء الشبان وهما يستحقان التركيز والنقاش من قبل مجتمع الفيزياء بأكمله. المجال الأول يتصل بمسألة المشاركة في التأليف. فعلى الرغم من أن نصوص الجمعية الأمريكية للفيزياء واضحة جدًا بخصوص تأليف البحوث واستحقاقاتها وأن ذلك يستتبع مسؤوليات هامة، إلا أن النصوص ليست نوعية على نحو مناسب. فالمعايير تتغير بشكل واسع حول من يجب تضمين اسمه في قائمة المؤلفين أو كيفية اشتراك كل مؤلف في البحث المنشور. على سبيل المثال، إن مجموعات التعاون ذات الحجم الكبير تمتلك قواعد لتضمين أسماء المؤلفين وترتيبها في قوائم التأليف، ولوائح داخلية لقبول المخطوطات، ومسؤوليات معينة على المؤلفين، وسيرورات للرد على الاعتراضات من قبل المؤلفين الأفراد. وبالرغم من هذه التدابير الحريصة فقد لاحظ بعض الأعضاء الشبان أنه في الممارسة الواقعية ربما تدفع الضغوط من أجل النشر السريع إلى ما هو أقل من مراجعة شاملة دقيقة للنتائج والمخطوطات. أما مجموعات التعاون الصغيرة التي تضم بضعة باحثين رئيسيين فحسب فإن لديها تعاملات رسمية أقل. ومع ذلك، فإنها تواجه أيضًا تحديات في إدارة سجل البحث وعملية النشر وغالبًا عبر معاهد وفروع عديدة.

وسوى قضايا التدابير، يجب أن يناقش الفيزيائيون مسائل التأليف الأخرى العسيرة: هل يجب تلقائيًا تضمين اسم الشخص الذي يكفل التمويل في قائمة المؤلفين المشاركين؟ ما هي الإسهامات التي ينبغي وحسب الاعتراف بها؟ هل على كل مؤلف مشارك في مجموعة تعاونية بينمناهجية أن يفهم ويضمن كل تفصيل في الورقة البحثية؟ هل تقع المسؤولية على جميع المؤلفين المشاركين عندما ينتهك واحد منهم الأخلاقيات المهنية في العمل المنشور؟

ويتمثل المجال الثاني من اهتمام الأعضاء الشبان في أنه خلال السنوات الخمس عشر الماضية انبثق "نظام للبحث العلمي يحفز التنافس المستمر في الموضوعات الدارجة وذلك سعيًا وراء نتائج مثيرة"، كما كتب أحد الذين أجابوا في الاستطلاع. وقد ردد كثير من الأعضاء الشبان صدى اقتراح أحدهم بأن هناك "ضغطًا هائلاً للقيام بعمل نوعي خلال فترة وجيزة من الزمن" بحيث يصعب أو يستحيل التعايش مع ذلك. إن بعض الفيزيائيين قد لا يكونون على استعداد للتعامل مع هذا الضغط إذا شعروا أن مهنتهم معرضة للخطر. ومثل هذا الضغط ليس فريدًا بالنسبة للعلوم. إن الروايات حول التعاملات غير القانونية في وول ستريت، وحول الاحتيال الصحفي، وحول التعليم في المدارس العليا لاكتساب مصلحة في دخول الكليات المرموقة، تذكرنا كلها أنها ظهرت في قطاعات كثيرة من مجتمعنا.

يطالب الفيزيائيون الشبان، وهم شريان الحياة في ميدان الفيزياء، بإيلاء انتباه أكثر للمسائل الأخلاقية. وهم يشيرون إلى السلوكيات والممارسات التي تعرض للشبهة وعلى نحو خطير العمل في الفيزياء. وفي الواقع، ربما يشترك معهم في هذا الاهتمام الكثير من الأساتذة الكبار من الفيزيائيين، لكن ذلك لم يكن واضحًا في الأجوبة على الاستطلاع. ولأن بعض القضايا التي طرحها الشبان لا توجد لها أجوبة سهلة، فمن المهم أن يظل انتباه المجتمع مركزًا على الأخلاقيات. لقد حان الوقت بالنسبة لنا كفيزيائيين وكبشر للتحري عمَّا يحدث في مهنتنا وللتساؤل عن العواقب المحتملة إذا ما تجاهلنا هذه الاهتمامات.

***

الإطار(1)
نص حول التعامل مع المرؤوسين
(تبناه مجلس الجمعية الأمريكية للفيزياء في 30 نيسان 2004)

يجب أن يعامل المرؤوسون باحترام وباهتمام بصالحهم. وتقع على المشرفين مسؤولية تسهيل البحث والتطوير المهني والتعليمي للمرؤوسين، وتأمين بيئة عمل آمنة وداعمة وصحبة لطيفة، وتعزيز التقدم المناسب في وقته لطلاب الدراسات العليا والباحثين الشبان كي ينتقلوا إلى المرحلة التالية من تطورهم المهني. بالإضافة إلى ذلك، يجب على المشرفين أن يضمنوا معرفة المرؤوسين بكيفية الاحتكام إلى القرارات دون الخوف من العقوبة.

يجب الاعتراف على نحو لائق بإسهامات المرؤوسين في المنشورات، والتمثيل وتقييم الأداء وعلى الخصوص. إن المرؤوسين الذين قدموا إسهامات مهمة للدراسة البحثية من حيث المفهوم أو التصميم أو التنفيذ أو التفسير يجب أن تتاح لهم فرصة التأليف في المنشورات بما يتفق مع إرشادات الجمعية الأمريكية للفيزياء حول السلوك المهني.

يجب على المشرفين و/أو العلماء الأعلى مرتبة ألا يضعوا أسماءهم في الأوراق البحثية للمرؤوسين إلا إذا أسهموا أيضًا على نحو مهم في مفاهيم أو تصميم أو تنفيذ أو تفسير الدراسة البحثية.

إن نصح الطلاب وباحثي ما بعد الدكتوراه والمستخدمين فيما يتعلق بالتطور الفكري والمعايير الأخلاقية والمهنية والتوجيه المهني هو مسؤولية صميمية للمشرفين. ومن الضروري التواصل الدوري من أجل تقييمات الأداء البناءة.

تطبق هذه الإرشادات بالتساوي على المرؤوسين ذوي الأوضاع الدائمة أو أولئك المؤقتين أو الزائرين.

*

الإطار (2)
روابط
links على شبكة الأنترنت حول النصوص الأخلاقية في الجمعية الأمريكية للفيزياء.

·         نص حول التعامل مع المرؤوسين:

 http://www.aps.org/statements/04_1.cfm

·         نص حول تحسين التعليم في مجال الأخلاقيات المهنية، معايير وتمارين:

 http://www.aps.org/statements/02_4.cfm

·         نص حول تدابير التعامل مع الادعاءات حول حصول تضليل بحثي:

http://www.aps.org/statements/02_3.cfm

·         إرشادات حول السلوك المهني:

http://www.aps.org/statements/02_2.cfm

·         إرشادات مكمِّلة حول المسؤولية التي تخص المؤلفين المشاركين والباحثين في مجموعات متعاونة ونتائج البحوث و الإسنادات المرجعية في المنشورات.

http://www.aps.org/statements/02_2.cfm#supplementary_guidelines1

·         إرشادات حول السلوك المهني (1991):

http://www.aps.org/statements/91_8.cfm

*

الإطار (3)
ما الذي تعنيه "الأخلاقيات المهنية"

في الاستطلاعات التي أرسلها فريق العمل في الجمعية الأمريكية للفيزياء وفي هذه المقالة أيضًا، نفترض أن السلوك الأخلاقي يشمل:

·         التعامل الصادق والحذر مع البيانات ونقلها.

·         التفاعل المسؤول والمحترم مع الزملاء والمرؤوسين.

·         الالتزام بإرشادات النشر في الجمعية الأمريكية للفيزياء، بما في ذلك الاعتراف الصحيح بالإسهامات في البحث.

هذا المنظور للسلوك الأخلاقي أوسع من ذلك النص الذي ورد في  السياسة الفيدرالية حول التضليل البحثي والذي فحواه:

يعرف التضليل البحثي بأنه التلفيق أو التزييف أو الانتحال في اقتراح أو إجراء أو مراجعة البحث أو في التقارير عن نتائج البحث.

التلفيق هو اصطناع بيانات أو نتائج وتسجيلها أو إصدارها في تقرير.

التزييف هو تلاعب بمواد البحث العلمي أو تجهيزاته أو سيروراته أو تغيير أو حذف في البيانات أو النتائج بحيث أن البحث لا يعود يمثل بدقة في السجل.

الانتحال هو الاستيلاء على أفكار الآخرين أو عملياتهم أو نتائجهم أو كلماتهم دون الحصول على الإذن بذلك.

الخطأ البريء أو اختلافات الرأي غير مشمولين في التضليل البحثي.

ترجمة: معين رومية

*** *** ***


 

horizontal rule

* العنوان الأصلي: Ethics and the Welfare of the Physics Profession وقد نشر في مجلة Physics Today، November، 2004.

** كات كيربي Kate Kirby: فيزيائية في مركز هارفرد-سميسونيان للفيزياء الفلكية في كامبردج، ماساشوتس.

*** فرانسيس هول Frances A. Houle: أخصائي في الكيمياء الفيزيائية لدى مركز بحوث IBM في سان جوزيه، كاليفورنيا.

 

 

 

الصفحة الأولى
Front Page

 افتتاحية
Editorial

منقولات روحيّة
Spiritual Traditions

أسطورة
Mythology

قيم خالدة
Perennial Ethics

 إضاءات
Spotlights

 إبستمولوجيا
Epistemology

 طبابة بديلة
Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة
Deep Ecology

علم نفس الأعماق
Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة
Nonviolence & Resistance

 أدب
Literature

 كتب وقراءات
Books & Readings

 فنّ
Art

 مرصد
On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني