|
أسطورةحكمت الآلهة على سيزيف بأن يدحرج بلا انقطاع إلى قمة الجبل صخرة تعود لتهوي إلى الأسفل بسبب ثقلها. فقد ظنوا، ولسبب معقول، أنه ليس هناك عقاب أبشع من العمل التافه والذي لا أمل منه. وإن صدَّقنا ما قاله هوميروس، فإن سيزيف كان أكثر الفانين حكمةً وحصافةً. وتروي رواية أخرى أنه كان ميالاً إلى مهنة قطاع الطرق. وأنا لا أرى أي تناقض في هذا. فقد اختلفت الآراء حول الأسباب التي جعلته عامل جحيم لا جدوى من عمله. لأن أول ما لاموه عليه هو سخريته من الآلهة التي سرق أسرارها. حيث يقال إن جوبيتر اختطف أيجين ابنة أيسوبوس، فتأثر والدها من هذا الفعل وشكا أمره إلى سيزيف. فعرض عليه سيزيف، الذي كان على علم بذلك، أن يساعده، شريطة أن يقدِّم ماءً إلى قلعة كورنتوس. ما يعني أنه فضَّل نعمة الماء على الرعود السماوية. فعاقبه الجحيم على ذلك. كما يخبرنا هوميروس أيضًا أن سيزيف يقيد الموت، فلم يتحمل بلوتو مشهد إمبرطوريته التي أضحت صامتة ومهجورة، فأرسل إله الحرب الذي عاد فحرر الموت من يد من قهره.
تمهيد: لو حاولنا أن نحدد المشاعر الرئيسية التي عبَّرت بها الأديان الساميَّة الثلاثة عن علاقة الإنسان بالإله لوجدنا إنها تنحصر في المحبة والخوف والكراهية: محبة الله، والخوف من جبروته وعقابه، وكره عدوه إبليس. عالج المفكرون الدينيون هذه المشاعر وأفردوا لها الصفحات والكتب، وكانت أقوالهم عن إبليس بين المحاولات "الجدية" لمعرفة المكانة التي يحتلها في نظام الكون وتحديد علاقته بالإله واستقصاء الغاية التي وجد من أجلها، وبين مجرد الاستفاضة في شرح تلبيسه على البشر وتلقينهم التعاليم والتعاويذ المعروفة بغية أبعاده واتقاء شره. لاشك في أن كل واحد منا يحمل في مخيلته صورة معينة عن شخصية إبليس ورثها كجزء لا يتجزأ من ثقافته التقليدية وتربيته الدينية. ولا أجدني مضطرًا لأن استرسل طويلاً في إعادة هذه الصورة إلى الأذهان لأنها معروفة جيدًا لدى الجميع. كان إبليس من المقربين بين الملائكة وكان له شأن عظيم في نظام الملأ الأعلى، إلى أن عصى أمر ربه فطرده من الجنة ولعنه لعنة أبدية، فأصبح بذلك تجسيدًا لكل ما هو شر، وجمع في ذاته كافة الخصائص التي تنتفي عن الله. ونلاحظ هنا أن اسمه يدل على جوهره وهو "الإبلاس" أي اليأس التام من رحمة ربه ومن العودة إلى الجنة (وفقًا للتفسيرات الإسلامية التقليدية لمعنى الإبلاس).
|
|
|