|
إيكولوجيا عميقة
1. الغابات والهندسة الأصلية
للكون كلُّنا يعلم مقدار تشابُك العلاقات بين
الشجرة الواحدة وبين أشكال الحياة التي تحيا
فيها ومن حولها. ولكنْ، ما سرُّ أهمية الأشجار
بنظر الكائنات الإنسانية التي هي، في النهاية
– كشكل من أشكال الحياة –، شديدة التميُّز
والاختلاف عن الأشجار؟ الكائنات الإنسانية،
على تميُّزها واختلافها، جزء من إرث الحياة
عينه. إن سبب أهمية الأشجار والغابات بنظرنا إلى
هذا الحد، بما نحن بشر، يتعلَّق بالهندسة
الطبيعية للكون. لذا علينا أن نميِّز بين
الهندسة البشريةِ الصُّنع، المتفرِّعة عن
الهندسة الإقليدية – الهندسة التي نتعلَّمها
في المدارس – وبين الهندسة الطبيعية،
وخصوصًا هندسة الأشكال الحية. حين كان إقليدس يبتكر هندسته، التي صارت
أساسًا للأشكال البشريةِ الصُّنع، فإن العقل
الإغريقي كان قد أُفْسِدَ بمقاربة أرسطو
التحليلية والتصنيفية للعالم. فمع سقراط
وأفلاطون كان العالم الإغريقي ما يزال
متماسكًا في الوحدة والتناغم. أما مع أرسطو،
فقد بدأنا نقسِّم ونجزِّئ، نشرِّح
ونُذَرْذِر – أي نضع الأشياء في قطاعات
منفصلة، حيث يتم التعرُّف إليها بفضل لصاقات
خاصة تدعى بـ"التعريفات".
|
|
|