|
علم نفس الأعماق
لكلِّ إنسان مجموعته الخاصة من الافتراضات عن الحياة، والأخلاق، والعلاقات التي يدعمها سياق ثقافي معين. هذه الافتراضات قد لا تتوافق جملة أو تفصيلاً مع افتراضات وقناعات الآخرين. ولكن، هؤلاء الناس المختلفين يترددون إذا ما أثقلتهم التناقضات، وآلمتهم النسبيات، على أخصائي أو معالج نفسي واحد. وفي الوعي المعاصر المختلف لم يعد بمقدورنا التوفيق بين المتناقضات مثل الإيمان الديني العميق والإلحاد أو العلمانية على سبيل المثال، ذلك أن كلا منها قد يكون حقيقة منفصلة. وعليه فقد أصبحت مكاتب المحللين النفسين أشبه ببوتقات تجول فيها الحقائق المتعددة. وفي محاولة منه أن يكون فاعلاً ومفيدًا، يسعى المعالج النفسي جاهدًا أن يدخل إلى، أو أن يعمل من خلال، افتراضات كل حقيقة.
المعطي قبال: كيف تنظرون إلى وضعية التحليل النفسي في المجتمعات العربية–الإسلامية؟ جليل بناني: المجتمع العربي ليس واحدًا، بل هو مجتمعات ذات حقائق متباينة تخضع لشروط اجتماعية، ثقافية، دينية وتاريخية متنوعة. إلى عهد قريب، ساد الاعتقاد أن التحليل النفسي تخصص غربي، وأنه ترف ينحصر في الطبقة البورجوازية. بيد أنه تسرب تدريجيًا إلى العالم العربي والإسلامي، مرافقًا التحولات الاجتماعية تحدوه رغبة التمكن من التعبير الفردي. داخل العالم العربي–الإسلامي، أرسى التحليل النفسي في البداية كيانه داخل ثلاث دول، تعتبر ريادية في هذا الميدان: مصر، وذلك بدءًا من الثلاثينات، لبنان والمغرب منذ السبعينات. يرجع تاريخ "إدخال" التحليل النفسي إلى بلدان مثل تونس، الجزائر وسوريا، إلى عهد حديث. غير أن المغرب يبقى أول بلد عربي–إسلامي عرف حضورًا للتحليل النفسي في الفترة الاستعمارية.
يقول اسحق السرياني في نسكيَّاته: "صلِّ بلا ملل وتضرَّع بحرارة واطلب باجتهاد حتى تنال الحماية، واحذر أن تتراخى فيما بعد، واعلم أنك ستستحقها إذا أرغمتَ ذاتك على وضع همك لدى الله بايمان واستبدلتَ عنياتك الذاتية بعنايته." "وعندما يرى أنك قد آمنت به بفكر طاهر أكثر من إيمانك بنفسك، وأنك أرغمت ذاتك على الرجاء به أكثر من رجائك بنفسك فسيظللك بتلك القوة، وتدرك عندئذ ادراكًا حسيًا أكيدًا ما قد حلَّ بك، أي بتلك القوة، وتدرِك عندئذ ادراكًا حسيًا أكيدًا ما حلَّ فيك، أي تلك القوة التي يحس بها كثيرون فيعبرون وسط النار دون وجل ويمشون على المياه دون خوف لأن الايمان يقوي حواس النفس ويجعلها تحس بوجود كائن غير منظور يحثها على عدم الاكتراث للمشاهد المخيفة والمشاهد التي لا تستطيع الحواس أن تتحملها." |
|
|