|
قيم خالدة
منذ أقدم العصور، واجَه العالمُ القديم قضيةَ القومية وتأثيرَها على مصير الحرية ضمن المجتمعات الحرة. فمنذ الألفية الأولى قبل المسيح، أو حتى قبل هذا العهد من التاريخ، تعرف الشرق إلى مشكلات قومية. فـ"خطيئة كنعان الأصلية"، كما أطلق عليها أحد المؤرخين الغربيين، انتشرت انتشارًا واسعًا على الشاطئ الفينيقي الذي كان يشكل التتمة الطبيعية للشاطئ الإغريقي في آسيا الصغرى، بلاد عوليس. وكان من نتيجة ذلك الانتشار أنْ تعدَّدت الجمهورياتُ الشقيقات المستقلات، فكانت الحاضرات التجارية التي حملت أسماء بيبلوس وبيريت وصيدون وصور... أجل، صور التي أسَّست قرطاجنة الشهيرة وأوْجَدَتْها. يُعتبَر البحثُ في هذا الموضوع ولوجًا إلى سرِّ الحقيقة السامية وحقيقة الإنسان والكون. ولهذا السبب، يتعذَّر علينا التعمق إلى درجة الكشف عن هذا السرِّ وهذه الحقيقة. ولكن، بما أننا نعلم أن "الروح يفحص عن كلِّ شيء حتى عن أعماق الله"، حتى عن أعماق الحقيقة السامية، كما يفصح بولس الرسول (1 كورنثوس 2: 10)، فإننا سنعمل على رفع النقاب عن سرِّ الحرية وعن جوهر العناية.
لو نظرنا إلى الأدب الفلسفي اليوناني نظرةً شاملة، لاستنتجنا أنه، فضلاً عن أعمال الأفلاطونيين المهمة جدًّا، يُعتبَر الفكرُ اليوناني، في مجمله، فلسفة وحكمة للصيرورة. يجسِّد هيراقليطس هذه الفلسفة خيرًا من أفلاطون – وهذا الأخير هو الأقل يونانية بين اليونانيين، بحسب نيتشه. وإذا كانت تلك الفلسفة حيةً لدى فلاسفة زمننا الراهن فبفضلٍ من هيراقليطس. نيتشه، برغسون، الماركسيون (الذخائر الفلسفية للينين)، دولوز، وسواهم، هم، في بعض نواحي فكرهم، هيراقليطيون. ولكن مَن الذي يُعتبَر أفلاطونيًّا؟
|
|
|