قيم خالدة
أيار 2014
May
2014
|
في
غالب اللغات فعلان للتعبير عن عملية السمع. ففي اللغة العربية نقول: أسمع
فلانًا وأُصغي إلى فلان. وفي الفرنسية نستعمل فعل
écouter
للدلالة على الإصغاء وللدلالة على السمع
entendre،
ونستعمل في الإنكليزية فعل
to hear
للسمع وto
listen
للإصغاء. ومن خلال استعمال هذين الفعلَين ندرك أن المرء يميِّز بين أمرين. فمن
جهة أولى، نحن "نسمع" عن طريق استعمال حاسة السمع. وهذا أمر لا يحتاج إلى جهد،
لأنه فطري طبيعي، إذ إننا نسمع لأننا نسمع. وهنا نستعمل الأفعال: سمع،
to hear،entendre.
لكن الإنسان لا يسمع لأنه يسمع فقط، بل لأنه يريد أن يسمع. إنه يحب أن يكون
حاضرًا للآخر بانتباه كله دقة ومحبة، ويتخذ منه موقف المستمع. وهذا الموقف لا
يعتبر طبيعيًا وفطريًا، بل هو نتيجة اختيار يتجدد في كل مرة. وللتعبير عن هذا
الموقف نستعمل الأفعال: اصغى،
écouter،
to
listen.
ولكن، كيف يمكن أن نعرِّف الإنسان المصغي؟ إنه الإنسان الحاضر للآخر بأذنين
مفتوحتين صامتتين عاريتين. فهو يفسح بصمت إصغائه في المجال لكلام الآخر كي يخرج
بكل حرية من ذاته الباطنية الواعية واللاواعية، كما يخرج الماء المتدفق من
النبع. وبقدر ما يخرج كلام الآخر من ذاته، يكون هذا الآخر موجودا وساكنًا في
كلامه، فيصبح بالتالي أكثر حرية واستقلالية وقيامًا بذاته وحضورًا لنفسه
وللآخر.
يدور هذا البحث حول نظرية السعادة عند أرسطاطاليس، ولقد قام الباحث
بدراسة وتحليل نصوص أرسطاطاليس الخاصة بذلك، وتبين للباحث أن
أرسطاطاليس يعتقد أن كل فعل وسلوك يقوم به الإنسان يهدف إلى تحقيق خير
ما، وأن السعادة تعنى الخير الأعظم والفضيلة الكاملة، وهى وحدها دون
غيرها تؤثر لذاتها بل ما عداها من خيرات وفضائل تؤثر لأجلها، وهكذا
ترتبط السعادة بالفضيلة حيث إنها فعل الإنسان بحسب الفضيلة التامة،
وسعادة الإنسان تكون في التفلسف والتعقل الذي تمارسه النفس العاقلة من
الإنسان، وأكد أرسطاطاليس على أن الإنسان السعيد لا يمكنه أن يعيش
بمفرده؛ بل إنه كائن اجتماعي بطبعه، والأصدقاء يعينون الإنسان على بلوغ
السعادة، وأما الخيرات الخارجية فهي من العوامل المساعدة فحسب لتحقيق
السعادة للإنسان، والسعادة تكون للإنسان وحده دون غيره من الحيوانات؛
لأنها لا تملك عقلاً، وسعادة الإنسان تكون في الحياة الدنيا فحسب، وتعد
السعادة من الأمور التي لا تمدح في حين الفضيلة مما يمدح.
|
| |
|