|
قيم خالدة
البحث في الحرية بحثٌ في الوجود وفي الوجوب، في الإمكان وفي الفعل، أي في "التحقيق" realization. فالوجود، على مستوى الكرة الأرضية، تغلُّف على ذاته وانغلاق: تغلُّف ينطوي على إمكان الانفتاح والحرية؛ والوجوب انفتاح وكشف، أي حرية. فالوجود يشير إلى تطور داخلي في المادة والإنسان، يفصح عن ذاته في حركة داخلية – هي "التفاف داخلي" involution – تتفتح أكثر فأكثر في ظاهرة "التطور" evolution. يوجد
تبايُن بين وجهات النظر الأخلاقية. ويعود هذا
التباين إلى الموقف الذي يتخذه الإنسان حيال
الوجود الروحي والمادي والاجتماعي. لقد صيغتِ
الأخلاقُ في قواعد مختلفة ومتعددة قال بها
أناس متباينو الفكر والعقيدة والمذهب. ومن
بين وجهات النظر هذه، تسوِّغ المكيافيلِّية
الوسيلة بالغاية: فالغاية تبرِّر الوسيلة
بأيِّ شكل من الأشكال.
لذا تُعَد أخلاقُ مكيافيلي أخلاقًا نفعية
ترتبط بالمصلحة الخاصة وتسوِّغ الخير الذاتي
المؤقت، وذلك لأنها لا
تعتمد قبْلية a priori
هي قانون نُحِتَ في صدر الإنسان، بل تعتمد
المهارة والذكاء المبطَّن بالسلب، وتشجع على
ربط الأخلاق بالموقف الآني. وهكذا، تكون
نظرية مكيافيلي في الخير هدامة لأن الخير، في
نظره، يعني المنفعة التي تسوِّغ ذاتها. وبما
أن المنفعة تختلف من شخص إلى شخص آخر، ومن فئة
إلى أخرى، فإن أخلاق مكيافيلي تخلو من قاعدة
عمل. "الآخر" على الرغم من التشاؤمية المخيِّمة على تصور أنطونيو ماتشادو للـ"آخر"، عِبْر شخصية آبين مارتين التي ابتدعها ليبثَّ على لسانها أفكارَه، – يقول: "ليس للآخر من وجود: هو ذا جوهر الإيمان العقلاني، عقيدة العقل البشري التي لا رجاء منها"، – فيؤمن بالآخر إيمانًا شعريًّا، إلا أن المنطق الذي تقدَّم به رايشنباخ تحت اسم "منطق الاحتمال" يمنحني الفرصة للتحدث عن الآخر معرفيًّا، وذلك بتبنِّي منطق ثنائي يقضي، بحسب رايشنباخ، بوجود
|
|
|