|
منقولات روحيّة
صدمة
الموت والخوف منه اقتادا ذهني إلى الداخل
وقلت لنفسي ذهنيًّا، من غير أن أصوغ الكلمات
فعليًّا: "أما وأن الموت قد جاء، فماذا
يعني؟ ما الذي هو على وشك أن يموت؟ طيب، هذا
الجسم ميت الآن، وسوف يُحمَل إلى ميدان
الحَرْق، فيُحرَق هناك ويُختزَل إلى رماد.
ولكن مع موت هذا الجسم، هل أنا ميت؟ هل الجسم
أنا؟ هذا الجسم صامت وساكن؛ لكني أشعر بقوة
فرديتي برمَّتها، وحتى بصوت "الأنا" في
داخلي، في معزل عنه. إذن فأنا الروح التي تتعالى عن الجسم.
الجسم يموت، لكن الروح المتعالية عنه لا يمكن للموت
أن يمسَّها. وهذا يعني أنني الروح التي لا تموت." هذا
كله لم يكن فكرًا بليدًا. كان يبرق من خلالي في
حيوية بوصفه حقيقةً حية كنت أدركها مباشرة [...].
من تلك اللحظة فصاعدًا، ركزتْ "الأنا" أو
الذات
انتباهَها على نفسها في انبهار قوي. وبذلك
تلاشى الخوف من الموت دفعةً واحدة وإلى الأبد.
ومنذ ذلك الوقت والاستغراق في الذات متواصل غير منقطع. لطالما أسرجتُ خيلَ الهمَّة لسنين خَلَتْ، أعدو بها نحو سهوبك التي لا تُحَدُّ، يا مولاي. ولطالما وَجَفَتْ خيلي وكَبَتْ، ووقفتْ وقفةَ المتهيِّب عن مغامرة كهذه! وكنتُ كلما أفردتُ أشرعتي لأخوض غمارَ بحرك، رأيتُها تنطوي من جديد، تشكو العجزَ والتقصير. فمَن أنا أمامك، أيها الهرم المتطاول حدَّ السماء؟! وأية جرأة محاولتي الإحاطة بالمحيط؟!
النص التالي مدخل جيد إلى رؤية كريشنامورتي للتأمل. ففيه، كما في محاضراته وكتاباته الأخرى، يركز بلا هوادة على أهمية الانتباه الواعي إلى حياتنا وتصرفاتنا اليومية، مشددًا، على غرار سقراط، أن "حياة لا يُفحَص عنها لا تستحق أن تعاش" وأن حياةً لا نظام فيها يضاهي في صرامته منطق الرياضيات حياةٌ تخلو من أساس حقيقي للتأمل. وهو، إذ ينفي المفهوم التقليدي للتأمل كسيطرة على الفكر، أو كمنهج يُتَّبَع، يقول: "لا بدَّ من معرفة تامة بالنفس. [...] وإذن فلا منهج ثمة، لا طريقة، لا تركيز – والذهن الذي فهم هذا كلَّه عبر النفي يصير فائق السكون سكونًا طبيعيًّا." فهلاَّ قام القارئ معنا برحلة الاكتشاف المذهلة هذه؟!
|
|
|