صباح مال الله:
اصدرتم مؤخرًا كتابكم طريق اخوان الصفا وفيه تشيرون إلى تأثر اخوان الصفا
بالغنوصية والفكر اليوناني، وتأسيسهم لإسلام كوني شمولي يستوعب المذاهب كلها من
خلال نظرة منفتحة ترى الوحدة من خلال التنوع. ألا تجدون في بحثكم هذا طرحًا
جريئًا لم يتناوله أحد من قبلكم؟
فراس السواح:
نعم، هو بحث جديد. لم ينتبه الباحثون العرب إلى المعنى الذي تذهب إليه رسائل
اخوان الصفا، فقمت بدراسة وتحليل هذه الرسائل فوجدت مذهبهم مذهبًا غنوصيًا،
وعلى هذا حللت الأفكار وجمعتها في محاور سبعة هي: نظرية التكوين وصفة العالم
ومعرفة النفس وارتقاء النفس والنجاة من أسر الطبيعة والآخرة والنشأة الثانية
والاسم اخوان الصفا وطريق النجاة المشترك والمسائل التنظيمية. ويقوم مذهب اخوان
الصفا على التوفيق بين الأديان والابتعاد عن التعصب الذي اعتبروه "آفة العقول
يعميها عن رؤية الحقائق". ومثل الغنوصيين يقول اخوان الصفا بأن موت الجسد هو
ولادة الروح، ويشبهون ملاك الموت بقابلة الأرواح لأنه يستولد النفس (الروح) من
الجسد كما تستولد القابلة الجنين من الرحم.
الحلم
لغة إنسانية عالمية، لكنها مع ذلك لغة ذاتية إلى أبعد الحدود. فمن الصعب جدًا
على الحالم أن يعيد صياغة حلمه بدقة وبذاتية رؤيته له. فالحلم لغة باطنة، أي
إنه ليس لغة تعبيرية قاصرة على نقل معلومات معينة، بل لغة تفعيلية شكل جملها
ورموزها أفعال وتحولات على مستوى النفس الإنسانية. وعندما نفك رموز الأحلام
اعتمادًا على معارفنا الحالية، نجد أنفسنا أمام عملية نفسانية معقدة تسبر أغوار
النفس وتحولاتها الديناميكية وتعيد مجمل العناصر الحلمية إلى شخصية الحالم.
ومع ذلك، فإن هذه العناصر نفسها تتكرر في أحلام
أشخاص مختلفين عبر أزمنة وأمكنة متباعدة. ويسبر علم النفس عالم الأحلام ليستخلص
من الرموز والصور الحلمية النماذج البدئية العامة التي لا يختص بها زمان أو
مكان. وتشكّل هذه النماذج البدئية اللغة الأم ككل لغة تعبيرية. وهكذا، نجد إلى
ما وراء لغة الحلم الذاتية، المعنى الفاعل والمحرّض لتفتح المواهب والقدرات
الإنسانية الكامنة. وبالتالي، كان التعامل مع الأحلام يندرج عبر التاريخ تحت
أنماط مختلفة بحسب مراحل التفتح النفسي التي مرّت بها الشعوب. ولاشك أن هذا
التزاوج بين الحلم الذاتي والأنماط الحلمية العامة يشير إلى التوافق بين
الصيرورة الداخلية الفردية والمؤثرات الجمعية عليها. ويعكس ذلك، شكل مواز
للتوازن النفسي الذي يعطيه الحلم للحالم، توازنًا أوسع وأعمق على مستوى
الجماعة، عندما تظهر أنماط حلمية عامة، وتتأكد من ثم أحلام الأفراد من خلال
توافقها النمطي مع أحلام الجماعة.