|
قيم خالدة
I أنواع
التعددية لا بدَّ لأية
فلسفة اجتماعية أو سياسية – بل لكلِّ فلسفة
عمومًا، سواء كانت في الدين أم في العلم أم
في الأخلاق أم في غير ذلك – من مفهومين
جوهريين هما التعدد والوحدة. وقد
دارت فلسفة أفلاطون – وهي الأصل الأقدم
للفلسفات اللاحقة في الدين والعلم
والأخلاق والفن والاجتماع والسياسة كلِّها
– على هذين المفهومين. وجاء أفلاطون بـ"نظرية
المُثُل" التي تجد مصدر الكثرة ومآلها
ومعناها في مبدأ مركزي أطلق عليه أسماء
مختلفة، لكنها ذات مدلول واحد في نظره، هي:
الخير، الجمال، الحق، الله...
كنت
أفضل أن يكون موضوع حديثي
هو اجتماعية الإنسان بدلاً من "الإنسان
وأبعاده الاجتماعية". وتفضيلي هذا يعتمد
سببًا أصيلاً هو أن اجتماعية الإنسان
جوهر كامن فيه. لذا لا يوجد "بعد
اجتماعي" للإنسان لأن الإنسان هو "مجتمع"
موجود بذاته. فالاجتماعية ليست بعدًا يُضاف
إلى الإنسان أو حدًّا يضاف إلى حدٍّ آخر.
الإنسان ليس حدًّا يضاف إلى حدٍّ آخر ليتصف
بالاجتماعية: إنه الاجتماعية ذاتها. ومن
هذه المقولة، يمكن لنا أن نتساءل: كيف تكون
اجتماعية الإنسان؟
في حين يصعب القيامُ بتحديد دقيق لمدى تأثير جيورجي لوكاش ومارتن هيدغِّر على الفكر الاجتماعي والسياسي الغربي في القرن العشرين، لا يرقى شك إلى أن هذا التأثير كان نفَّاذًا. فقد تمكن لوكاش، أحد المفكرين الماركسيين الأبعد غورًا والأعقد في القرن العشرين، في كتابه التاريخ والوعي الطبقي (1922)، من توفير أحد التحليلات الماركسية الأكثر اتساقًا لسبر غور دور الوعي في الممارسة الاجتماعية؛ فيما وصف هابرماس كتاب هيدغِّر الوجود والزمان (1927) بأنه أهم مؤلَّف فلسفي منذ ظهور فينومينولوجيا الروح لهيغل. وإن الماركسية الغربية، كنظرية اجتماعية متماسكة، ما كان لها على الأرجح أن تكون ما هي عليه اليوم لولا حركة التاريخ وتحول الوعي الاجتماعي؛ وإن الوجودية والظواهرية والبنيوية ما كان لها أن تتخذ شكلها وتدرُّجها الحاليين لولا
|
|
|