|
منقولات روحيّة
هذا مثال على قراءتي العبرمناهجية لآيات القرآن الكريم توضيحًا للفهم العبرمناهجي لآيات القرآن. وفي مثال آخر (في مقالة أخرى) سأوضح كيف أن آيات القرآن تشير إلى ضرورة الفهم العبرمناهجي للكون والطبيعة عبر حادثة الإحياء والموت باعتبارهما حدًا فاصلاً بين الوعي بالمفهوم الإنساني واللاوعي، أو بين مستويات مختلفة من الوعي الكامن في المادة على مستويات مختلفة. المثال الأول هو الآية (260) من سورة البقرة حول الفهم العبرمناهجي للطبيعة أو وفق النموذج العبرمناهجي لمفهوم الطبيعة (ص78 من كتاب بيان العبرمناهجية). تقول الآية: وإذا قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم. ولعل السبب في اختيار هذه الآية هو البساطة في التعبير عن ظاهرة غاية في التعقيد وما زالت غير مدركة من قبل العلم. فالموت والحياة، بالمفهوم الإنساني، هما انتقال من حالة إلى حالة فيزيائية أخرى. ويمكننا القول إنها عملية تحوُّل على مسار التطور الكوني: مادة – طاقة – معلومة (وعي). أو بتعبير آخر هما "حالة كوانتية" فيها تحول دائم للطاقة – الجوهر – المعلومة. أو العكس في حال اعتبار القوانين معلومات تتجسد من خلال اكتشاف وإدراك التحولات في المادة – أي وفق المسار العكسي: وعي – طاقة – مادة.
لقد أحدثَت النظريةُ التفكيكيةُ التي طوَّرَها الفيلسوفُ الفرنسيُّ جاك دريدا (Jacques Derrida) (1930 – 2004) ثورةً في مجال النقد الأدبي وتحليل النصوص. فبعدَ أنْ كانت المَدْرسةُ البُـنْـيَـوِيَّة التي أسَّسَها عالِـمُ اللغويات السويسريُّ فرديناند دي سوسير(Ferdinand de Saussure) (1857 - 1913) تَـنْــظُر إلى النصِّ على أنه مستقلٌّ ومغلَــقٌ ونهائيٌّ وذو سُـلْطةٍ وذو مؤلِّفٍ محدَّدٍ ومعنىً ومركزٍ ثابتَينِ ونظامٍ منسجِم ومتناسق، أَصبحَ النصُّ بحسب النظرة التفكيكية مفتوحًا غيرَ منسجم ولا مؤلِّفَ له ولا معنىً ثابتًا له، بل له دلالات لانهائية، ولا مركزَ ثِقَلٍ ولا سُلْطة له، بل أصبحَتْ السلطةُ للقارئ وحدَه، لأنَّ القارئ هو مَن يحدِّد دلالاتِ النص. وبهذا المعنى، لا يهمُّ، لتحليلِ النص، معرفةُ من هو المؤلِّف، هذا إذا كان هناك مؤلِّفٌ أصلاً. فكلُّ مؤلِّفٍ هو في الحقيقة جامِعٌ لأفكارِ محيطِه وبيئتِه إذْ يستوحي ويستقي أفكارَه مِن اللاوعي الجَمْعيِّ [أو الخافية الجمعية] لمجتمعه. أيْ أنَّ المؤلِّف الحقيقي للنص هو الجماعة اللغوية التي ينتمي إليها الكاتبُ.
سأبدأ بالقول بأني لا أتفق مع النشرة التي روَّجت خطابي حول فرضية أنَّ يسوع كان أسطورة، في الحقيقة إنَّ عبارة "يسوع كان أسطورة" قد يُفَسَّر معناها بأنَّ يسوع لم يكن شيئًا آخر. لم أكن أعلم بأمر هذا العنوان، في الحقيقة أنا شخصيًا مقتنع بحقيقة وجود يسوع التاريخي، مع أني كملحد أرفض وضعه كمسيح أو وجود علاقة فريدة ومميَّزة كانت تربطه بإله غير موجود برأيي. وحتى هنا، عليَّ أن أعترف أنَّ وجود الله هو احتمال بعيد جدًا، لكن هذا الاحتمال ضئيل جدًا برأيي حتى أني أودُّ القيام بقفزة تحفيزية – لأغراض عملية – في افتراض أنَّ الله غير موجود. بالنسبة للمسيح، فأنا قادر على تقبُّل وجوده كشخص، وحتى الاعتراف بعبقريته الفذَّة كنبي، ولا شيء أكثر من ذلك.
***
|
|
|