|
إضاءات
عند
الحديث عن مفهوم "التعددية"، مجردةً من
لواحقها، من تعددية سياسية أو مذهبية أو
ثقافية، تقفز إلى سطح المفهوم مفاهيم أخرى
ملازمة لِلَفظ "التعددية"، من قبيل "التنوع"
و"الاختلاف"، وهي مفردات تحمل معاني
مشابهة لمفهوم التعددية في مظاهر الحياة
الدنيا كلِّها. ولذلك فإن الحديث عن الاختلاف
والتنوع يقترب كثيرًا من الحديث عن التعددية،
إن لم تكن هذه المفردات هي بعينها مفهوم
التعددية أو من مشتقاتها أو مترادفاتها. فـ"النوع"،
كما يقول الحنفي (ت. 1205 هـ): أجمل اللحظات عندما تتفحص الكتب المقدسة
وكأنها أُنزِلَتْ عليك؛ تسبح في رحابها
من دون حدود ولا خلفيات؛ تجلس إليها خالي
الذهن إلا من آليات طرح السؤال؛ تتابع تفاصيل
تفاصيلها وتجول بين أسفارها ومقاطعها
وسُوَرها وآياتها. تستوقفك القضايا
لتُسائلها وتستنطقها وتستشكلها، فتكبر في
دماغك وتؤرقك وتقض مضجعك. والأجمل من ذلك
كلِّه أن تكون صاحب منهج، على ضوئه تجول
وتقارن وتحلِّل وتُسائل وتُحاجِج وتنتقد.
الأمن
والتنمية هدفا العالم الإسلامي الرئيسيان،
كما يرى الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي[1].
يفتح هذا التشخيص على الربح الإضافي الذي
يفضي إليه صعودُ المثقف إلى هرم السلطة لجهة
تبويب الأهداف وتحديد الوسائل. وترتفع هذه
المهمة (التشخيص) إلى مستوى الإشكالية كلما
أفصحت البنيةُ الاقتصادية–الاجتماعية
وفضاؤها الثقافي عن تزاحُم شديد للأهداف
والوسائل في مراحل التحول على احتلال
الأولوية.
تبدو استجاباتُ الفكر العربي
المعاصر لأزمات الواقع العربي ومشكلاته
متأخرةً ومرتبكةً وشكلانيةً في غالبيتها. فهي
تتخذ شتى صيغ الوعظ والنصح تارة، وتلبس لبوس
الحلول السحرية والوصفات الجاهزة تارة أخرى.
وقليلة هي المحاولات التي تتعامل مع البحث
والتنقيب كأسلوب لاستكشاف الجوانب المختلفة
للظواهر دون تبنِّي مواقف مسبقة ومنهجياتٍ
مُعَدة سلفًا، صالحةً في نظر أصحابها لكلِّ
زمان ومكان!
يستدعي
الجمعُ بين الفيلسوف والعالِم العربي أبي
الوليد ابن رشد (1126-1198) وبين الفكر الحر
التساؤلَ عن الوجاهة الراهنة لأفكار هذا
الفيلسوف في المجتمعات العربية. وبالتالي،
ينطرح السؤال: أين تكمن أهميةُ ابن رشد اليوم
في خصوص مثقفين عرب يقيمون داخل البلاد
العربية وخارجها ويدعون إلى تحرر الفكر وإلى
تحرير المجتمع والإنسان من مختلف القيود
الاجتماعية والسياسية والدينية، ليس فقط في
بلدانهم، بل في العالم أجمع؟ بخلاف
نبرات تقديس إدوارد سعيد التي راحت تتصاعد
بعد وفاته، حاملةً معها خطرَ تحويله إلى "أيقونة"
وإضفاءَ طابع "العصمة" عليه، أرى أن عمل
سعيد لم يعد من الممكن أن يُفهَمَ حق فهمه من
غير ذلك النقد الذي انهمر سيولاً من كلِّ فجٍّ
وصوب، من اليمين واليسار، ما إن ظهر كتابُه الاستشراق
في العام 1978.
خـريطـة
القلـب الخرائطُ لا ترسم السلام، ولا الطرقُ ولا الدروبُ
الملتوية ترسمه. فالذاكرةُ واعية، والزمن
الذي مرَّ قصير، ومَن أتى راكبًا الشرَّ
ليأخذ أرضَ سواه مازال يراهن على الشرِّ،
يراوغ ويقبل ويرفض ويحيل حياةَ البشر في كلِّ
مكان جحيمًا يهدد الأرض وأبناءها أجمعين، في
حِمى دولة عظمى، ينظر سكانُ أرضها الأصليون
اليوم – حكماء الهنود الحمر – فيشاهدونها
مريضةً تنتفخ كضفدع مغرور فوق كوكب تتطور
روحُه، بينما قاطنوها متحجِّرون داخل أقفاص
التكنولوجيا والغطرسة.
|
|
|