|
إبستمولوجيا
بشَّرونا بـ"القرية
الكونية" – فإذا بنا نسير بخطى واسعة نحو
"فخ كوني" يدعونه "العولمة"، حيث
الموت والدمار والمجاعات وانفجار التعصب
القومي والديني والعنف شؤون عالمية يومية،
وحيث أمستْ التكنولوجيا الرقمية السلاح الذي
يهدِّد الحضارة الإنسانية برمَّتها بالزوال. وعلى الرغم من
أن أصابع الاتهام موجهةٌ إلى أرباب العلم،
بصفتهم واضعي حجر الزاوية لنظريات "النظام
العالمي الجديد" وأساساته، إلا أن
المتغيرات العالمية الراهنة، لحسن الحظ،
فتحت الباب أمام محاولات خلق ثقافة إنسانية
عالمية بديلة، تدعمها جهودُ مجموعة من
الفلاسفة والعلماء والمفكرين الساعين إلى
استعادة المسار الصحيح لقطار التقدم
الإنساني السائر في جنون نحو هاوية العدم.
تلعب
"المفارقات" paradoxes
أو "المتناقضات" دورًا مميزًا في تاريخ العلوم، منذ أقدم
الأزمنة حتى اليوم، من حيث هي تمثل لحظاتِ موت
أفكار قديمة وتفتُّح آفاق جديدة. سنتتبع في
هذا المقال تاريخ المتناقضات عند الإغريق،
فنتوقف عند بعض العلماء العرب، وخاصة الكندي
ويحيى بن عدي، مبيِّنين علاقتهما بالمنطق
الرياضي الحديث ونظرية الحواسيب، ثم نبرهن
على حدود المعرفة الإنسانية ونسبيَّتها في
صراعها الديالكتي (الجدلي)، ونحاول أن نضع
أسُس إپستمولوجيا أو نظرية معرفة علمية مبنية
على المتناقضات.
عُقد في العام
1985 في روايومون Royaumont
(فرنسا) مؤتمرٌ عن "الفرد"، تمَّ التعرضُ
فيه لأسئلة عديدة في هذا الخصوص، نذكر منها:
ما هو الفرد؟ متى وكيف ظهر هذا المفهوم وكيف
تطور؟ ما الصورة التي يمتلكها الفردُ عن ذاته
وما علاقته بالمجتمع؟ متى يظهر لدى الطفل
وعيُ الهوية المستقلة؟ كيف تفسِّر العلوم،
وخاصة البيولوجية منها، الفردية؟ إلخ. وقد
نُشِرَتْ بعض المداخلات التي طُرِحَتْ في
المؤتمر في كتابين صدرا لدى دار Seuil
(باريس)، وهما: عن الفرد والفرد والعدالة
الاجتماعية. وقد اخترنا
هنا لقراء معابر جزءًا من مداخلة
البيولوجي التشيلي الأصل فرانسيسكو فارِلا Francisco Varela
الذي كان يُعَد إبان حياته واحدًا من ألمع
منظِّري البيولوجيا الحديثة، باعتماده مفهوم
الانتظام الذاتي auto-organisation.
وقد عمل فارِلا أستاذًا في جامعة سانتياغو
وفي مختبر الأبحاث حول المخ. كما عمل أستاذًا
لعلوم الاستعراف sciences cognitives
في المدرسة الپولتكنيكية École Polytechnique
المرموقة في
باريس. سمير
كوسا
مستمرة...
|
|
|