متى يسافر المرء يدرك بوضوح شديد أن المشاكل الإنسانية هي في كل مكان، وأنها
إذا كانت غير متشابهة ظاهرًا فإنها في حقيقة الأمر متشابهة على هذا النحو أو
ذاك؛ مشاكل العنف ومشكلة الحرية؛ مشكلة كيف تُعقَد بين الإنسان والإنسان علاقة
حقيقية وأحسن حالاً، كي يعيش بسلام، بشيء من الأدب ومن غير الدخول في صراع
دائب، ليس في داخله فقط بل مع جاره أيضًا. وههنا أيضًا، على مثال ما في آسيا
بأسرها، مشكلة ما يعانيه الفقراء من فقر ومجاعة وقنوط بالغ. وههنا، على مثال ما
في هذه البلاد وفي أوروبا الغربية، مشكلة الرخاء؛ حيث يكون الرخاء من غير بساطة
في العيش يكون العنف، وتكون جميع صور الترف المنافي للأخلاق الحسنة - يكون
المجتمع الفاسد والمرذول على نحو تام.
ارتبطت
نظريَّة غاندي عن طبيعة الإنسان إلى حدٍّ بعيدٍ بوجهتيِّ نظره تجاه الله
والدين. كانت معقَّدة، وفي مواضع كثيرةٍ شديدة الغموض، وغير متماسكةٍ. في
اختصار، مع المجازفة ببعض مخاطر التبسيط الشديد، اعتقد بأنَّ ثلاث حقائقٍ
جوهريَّة تميِّز الكائنات البشريَّة: أولها أنها تعتبر جزءًا مكمِّلاً للكون؛
ثانيها، يرتبط وجود أحدهما على وجود الآخر بالضرورة، ينموان معًا أو يموتان
معًا؛ وثالثها، إنَّها كائنات رباعيَّة الأبعاد، تتكوَّن من: الجسد، الماناس
manas
(العقل)، الأتمان atman
(الروح)، والـ سوابهافاswabhava
(البنية النفسيَّة والأخلاقيَّة المميزة لكلِّ فرد)، والتي
بتفاعلها مع بعضها تفسِّر تصرُّفاتهم وتشكِّل منظومتهم الأخلاقيَّة. وسوف
نتناول كلاً منها على حدة.