|
منقولات روحيّة
إن المسافة إلى الله هي أقصر من أن نقطعها بحواسنا، وأبعد من أن نبلغها بأفكارنا. وبما أن الفلسفة هي فن الالتفاف على كثافة الأشياء للنفوذ إلى الماهيات، فإن فهم الذات كان دائمًا حكرًا على الفلاسفة والأنبياء. وجدلية العلاقة بين الطرفين تكمن في أنه لا يمكن إدراك فكرة أحدهما، من دون المرور إليها عبر فكرة الآخر. فما جدوى الفلسفة إذا لم تبحث في الماهية، وكيف لنا، ونحن لسنا بأنبياء، أن نفهم ماهية الدين والذات الإلهية بعيدًا عن الفلسفة؟!
هذا مثال على قراءتي العبرمناهجية لآيات القرآن الكريم توضيحًا للفهم العبرمناهجي لآيات القرآن. وفي مثال آخر (في مقالة أخرى) سأوضح كيف أن آيات القرآن تشير إلى ضرورة الفهم العبرمناهجي للكون والطبيعة عبر حادثة الإحياء والموت باعتبارهما حدًا فاصلاً بين الوعي بالمفهوم الإنساني واللاوعي، أو بين مستويات مختلفة من الوعي الكامن في المادة على مستويات مختلفة. المثال الأول هو الآية (260) من سورة البقرة حول الفهم العبرمناهجي للطبيعة أو وفق النموذج العبرمناهجي لمفهوم الطبيعة (ص78 من كتاب بيان العبرمناهجية). تقول الآية: وإذا قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءا ثم ادعهن يأتينك سعيا واعلم أن الله عزيز حكيم. ولعل السبب في اختيار هذه الآية هو البساطة في التعبير عن ظاهرة غاية في التعقيد وما زالت غير مدركة من قبل العلم. فالموت والحياة، بالمفهوم الإنساني، هما انتقال من حالة إلى حالة فيزيائية أخرى. ويمكننا القول إنها عملية تحوُّل على مسار التطور الكوني: مادة – طاقة – معلومة (وعي). أو بتعبير آخر هما "حالة كوانتية" فيها تحول دائم للطاقة – الجوهر – المعلومة. أو العكس في حال اعتبار القوانين معلومات تتجسد من خلال اكتشاف وإدراك التحولات في المادة – أي وفق المسار العكسي: وعي – طاقة – مادة.
***
|
|
|