|
منقولات روحيّة
إينشتاين: هل تؤمن بإلهٍ مفارقٍ للعالم؟ طاغور: ليس مفارقًا. ذات الإنسان، التي لا تنضب، تَبلغ الكون. ما من شيءٍ تعجز ذات الإنسان عن بلوغه. هذا يثبت أنَّ حقيقة الكون حقيقة إنسانية. لكي أوضِّح فكرتي سوف أستخدم حقيقة علمية. تتألَّف المادة من إلكترونات وبروتونات لا يوجد بينها شيء آخر، لكن يمكن للمادة أن تبدو متراصَّة دونما روابط في الجو تربط بين الإلكترونات والبروتونات المنفصلة عن بعضها بعضًا. على هذا النحو تمامًا، تتكوَّن البشرية من أفراد تربط بينهم علاقات متبادلة تعطي المجتمعَ الإنساني وحدةَ العضو الحيِّ. الكون برمَّته مرتبطٌ بنا، كذلك، ككائنٍ فرد. إنه كون الإنسان...
التصوُّف وصوفة هما التمشيُع الجاهلي أي التضحية بالنفس ونذرُها وتسليمها لله. وبنو صوفة، في الجاهلية، هم الأشياع، الشيعة، المنذورون لله تعالى، ولأهل بيت الله، أي للكعبة، وأهل الكعبة. و"الأشياعي"، الصوفي، هو المستشيعُ الذاتي أو الشيعاوي: إنه الذي يُشيع ذاته، ويتخلَّى عنها تمامًا، كي يبقى ويستمر حيًا في علاقةٍ مع الله هي نذريهٌ، وابتغاء مرضاته. وبذلك فهو المنذور الذائب في الله، الصوفي عائشًا لله، أو من أجل الله، وفي الله، أو قربانًا، وضحية هي فدوٌ، وفداء. وهو الذي نذر نفسه لله، وبذلك فهو يعيش منزويًا منقطعًا، صائمًا صامتًا، مُباعًا لله، لا يملُك نفسه. إنه حمل، غنمة، مُقدم كقربان لله تعالى أو ذبيحة، كفديٍ يشتري خطايا أهل بيت الله، أو يفتديهم بحريته الشخصية، وفناؤه عن نفسه إذابةً لها في محبَّتهم والدفاع عنهم وتكفيرًا عن ذنوبهم.
حيثما يوجد دين يتم الاعتماد على نص مقدَّس أو كتابات مقدَّسة، تلك الحقيقة تنتج ثقافة كاملة بمشكلة التاريخ النصي لتلك الكتابات أو النص. وليس هناك أي دين مستثنى من ذلك من بين الأديان التاريخية. ففي حالة الديانة البوذية على سبيل المثال، تواجهنا مشكلة شريعة بالي، الشريعة السنسكريتية، الشريعة التيبتية، والشريعة الصينية. في حالة الديانة الزرادشتية هناك نزاع وجدال قائم في هذه اللحظة بين العلماء الإيرانيين بالنسبة لنصوص الأفيستا، و– كما هو معروف – نصوص كتب اللغة الفهلوية، وهي مشكلة معقدة جدًا. كل جيل من الطلاب خلال قرون القليلة الماضية وجد نفسه محاصرًا بمشكلات وصعوبات جديدة تتعلَّق بنصوص العهد القديم، وما زلنا نتذكَّر جيدًا الحماس والهياج الذي انتابنا عند اكتشاف ورقة بردي تشيستر بيتي، وكسرة الإنجيل التي عثر عليها ريلاند، وكلا الاكتشافين أثارا نقاشًا حادًا حول أمور تتعلَّق بالتاريخ النصي للعهد الجديد. وسواء كنا أمام نصِّ (كتاب الموتى)، الكتاب الديني للمصريين القدماء، أو نصِّ القرآن الكتاب المقدَّس لدى أحدث الديانات التاريخية الكبرى، فنحن نقف أمام إشكالية تاريخ النص. سرعان ما يصل المرء من دون إيمان إلى العدم. والإيمان الحق هو اعتناق التجربة الصائبة لأناس نعتقد أنهم عاشوا حياةً حررتها الصلاة والتوبة. وهذا يعني أن الإيمان بالأنبياء والوحي، المستمر منذ زمنٍ بعيد ليس مجرَّد وهم، وإنما تلبيةُ حاجةٍ روحية داخلية. (الهند الفتاة، 14-4-1927، ص120) ***
|
|
|