التاريخ النصي للقرآن*

 

آرثر جيفري

 

حيثما يوجد دين يتم الاعتماد على نص مقدَّس أو كتابات مقدَّسة، تلك الحقيقة تنتج ثقافة كاملة بمشكلة التاريخ النصي لتلك الكتابات أو النص. وليس هناك أي دين مستثنى من ذلك من بين الأديان التاريخية. ففي حالة الديانة البوذية على سبيل المثال، تواجهنا مشكلة شريعة بالي، الشريعة السنسكريتية، الشريعة التيبتية، والشريعة الصينية. في حالة الديانة الزرادشتية هناك نزاع وجدال قائم في هذه اللحظة بين العلماء الإيرانيين بالنسبة لنصوص الأفيستا، و– كما هو معروف – نصوص كتب اللغة الفهلوية، وهي مشكلة معقدة جدًا. كل جيل من الطلاب خلال قرون القليلة الماضية وجد نفسه محاصرًا بمشكلات وصعوبات جديدة تتعلَّق بنصوص العهد القديم، وما زلنا نتذكَّر جيدًا الحماس والهياج الذي انتابنا عند اكتشاف ورقة بردي تشيستر بيتي، وكسرة الإنجيل التي عثر عليها ريلاند، وكلا الاكتشافين أثارا نقاشًا حادًا حول أمور تتعلَّق بالتاريخ النصي للعهد الجديد. وسواء كنا أمام نصِّ (كتاب الموتى)، الكتاب الديني للمصريين القدماء، أو نصِّ القرآن الكتاب المقدَّس لدى أحدث الديانات التاريخية الكبرى، فنحن نقف أمام إشكالية تاريخ النص.

ففي حالة الديانات الصغرى وغير التاريخية لدينا تواقيع مؤلِّفي الكتب المقدَّسة الأصلية الخاصة بكل ديانة. ما لدينا نحن الآن بين أيدينا وثائق جاءت إلينا من مجتمعات وجاليات مختلفة، والتي تمَّ التلاعب بنصوصها وتحريفها بشكل متفاوت. هذا التلاعب لا يعني بالضرورة وجود عملية تلاعب مع نوايا سيئة أو شريرة، إذ قد تكون طبعًا حسب نوايا صالحة وطيبة، لكن بغضِّ النظر عن هذا الأمر، فهذا تحريف وتلاعب. الأفيستا على سبيل المثال، جرى تأليفه زمن الساسانيين وفق أبجدية جديدة قائمة على الأحرف والخصائص الساسانية الفهلوية، ونحن لا نعلم كيف كان نصُّ الأفيستا الأصلي وعلى ماذا كان ينصُّ. الشيء نفسه حول الكتابات المقدَّسة العبرية فهي كما نعرفها مكتوبة "بالخطِّ المربّع"، لكن هذا النوع من الخطوط لم يكن مستخدمًا عندما تمَّ تأليف الكتابات الأصلية منها. علاوةً على ذلك، إنَّ "الإشارة" التي تتضمَّنها نصوص كل نسخنا هي إضافة متأخرة وحدية نسبيًا إلى النص، وهناك ثلاثة اختلافات على الأقل معروفة إلى هذه "الإشارة". عندما نصل إلى موضوع القرآن، نجد أنَّ الخط المبكر في المخطوط القرآنية بدون نقطة أو إشارات تشكيلية، وأنه في المخطوط الكوفي مختلف تمامًا عنه في المخطوط الحديث الذي نقرأه اليوم. هذه العصرنة والتحديث للمخطوط وضبط الإملاء والتهجئة فيه، ودعمه بالنقاط وإشارات التشكيل، كانت من قبيل النيَّة الحسنة طبعًا، لكنها خلقت حالة تغيُّر وتحريف في النص. تلك هي مشكلتنا بالضبط. فنحن لدينا نصٌّ متناول مستلم textus receptus، يمكن الإطلاع عليه ضمن كافة النسخ العادية والمنتظمة والتي في متناول الجميع. إلا أنّها ليست النسخة الأبكر من القرآن، بل النص الذي أصبح على الشكل الذي هو عليه اليوم نتيجة عمليات مختلفة من التغيير والإضافات والحذف خلال عملية تناقله من جيل إلى آخر ضمن المجتمع. ماذا نعرف عن تاريخ عملية التناقل النصي؟

طبعًا، هناك نظرية أورثوذكسية عن عملية التناقل هذه. كما أنَّ البارسية في الهند لديها نظرية تقليدية أورثوذكسية عن تناقل نص الأفيستا، وفي الأدب الحاخامي نجد نظرية تقليدية عن تناقل نص العهد القديم، ومع أنَّ الأبحاث الجادة والصارمة لا تقبل بمثل هذه النظريات التقليدية، فهي تهتم لأن تكون الروايات والأخبار المقبولة تقليديًا عن طرق الانتقال النصي ضمن هذه المجتمعات. النظرية الإسلامية التقليدية يمكن اختصارها على النحو التالي: قبل أن يخلق الله العالم، خلق اللوح والقلم، وأمر القلم أن يسجِّل على اللوح كل شيء. ومع ظهور كل نبي كان جبريل يكشف له من اللوح الرسالة التي كان عليه تبليغها. وعندما جاء محمد، وحان الوقت لتفويضه شريعته، جاء إليه الملاك جبريل أيضًا، ومن فترة إلى أخرى خلال الإثني والعشرين عامًا أوحى له تلك الآيات من اللوح المحفوظ الذي قيل أنه كلام الله. كل عام كان جبريل يجتمع بالنبي ويسترجع الآيات التي أوحاها إليه على مر العام الماضي وذلك ليتأكد من أنه تمَّ حفظها بشكل جيد صحيح. وآخر عام من حياة النبي راجعها الملاك معه مرتين. وكما أنَّ النبي من وقت إلى آخر أعلن رسالته التي استلمها من جبريل إلى الناس، فقد جعل كتبته يدوِّنون ما كان يمليه عليهم، وعندما توفي كانت جميع المواد والسور والآيات التي أملاها على كتبته مدوَّنة على مواد مختلفة ومحفوظة بشكل جيد، لذا كانت تلك المدوَّنات نصًا آخر نسخة طبق الأصل عن اللوح المحفوظ في السماء. في زمن خلافة أبو بكر وضعت هذه المادة على شكل مخطوطة كأول نصٍّ منقَّح، والذي كان بمثابة النص الرسمي لخلافته وخلافة عمر بن الخطاب. في زمن الخليفة عثمان، وُجِدَ أنَّ هذه المادة كانت تقرأ بلغات أقوام مختلفة وبإشارات وعلامات مختلفة، لذا "أرسل عثمان إلى حفصة، ابنة عمر وأرملة النبي" وطلب منها أن ترسل له نسخة المصحف الذي كان لديها بعد وفاة والدها. ثم عيَّن لجنة من رجال قريش، وطلب منهم كتابة نسخة منقحة جديدة حسب لسان قريش. وعندما تمَّ الأمر، طلب صنع أربع نسخ له ثم أرسل واحدةً منها إلى الكوفة، وواحدة إلى البصرة، وواحدة إلى دمشق، والأخيرة إلى مكة، وأمر بإتلاف جميع النسخ والمصاحف الأخرى الموجودة وإحراقها. كل نسخنا الحالية التي نقرأها اليوم ما هي إلا نسخًا عن نصِّ عثمان الرسمي. طبعًا، النسخة المصرية من النص 1342هـ تقول بجلاء واضح: "نصُّه الصحيح مأخوذ مما تمَّ تناقله من نسخ بالنسبة للمخطوطات التي أرسلها عثمان إلى البصرة، الكوفة، دمشق، ومكة، والنصُّ الذي خصَّصه لأهل المدينة احتفظ به لنفسه".

على أيَّة حال، هذا ليس تاريخ النص كما يقرأوه العلماء المعاصرون.

وللبدء من المؤكد أنه عندما مات النبي لم يكن هناك أي شيء أو مجموعة تمَّ جمع تلك الآيات فيها، وتحريرها، وتنقيحها. ما لدينا هو الذي قام بجمعه فيما بعد زعماء المجتمع عندما شعروا بوجود حاجة لجمع إملاءات النبي عندما فقد قسم كبير منها، وبعض الأجزاء منها تمَّ تسجيلها على شكل كسرات. هناك تقليد مؤكَّد ومبكِّر وجد في عدة مصادر يقول: "أنَّ رسول الله توفي حتى قبل أن تتمَّ أيَّة عملية جمع للقرآن". يجادل المسلمون المتشدِّدون أنَّ النبي نفسه لم يكن يعرف القراءة ولا الكتابة. لكن في جيلنا هذا كل من د. توري من جامعة يال ود. ريتشارد بيل من أدنبره، كل منهما يعمل على حدة وبشكل مستقل عن الآخر، توصلا إلى نتيجة أنَّ الدليل الباطني في القرآن نفسه يشير إلى حقيقة مفادها أنه كان يعرف الكتابة، وأنه خلال فترة ما قبل وفاته كان مشغولاً في تحضير مادة "الكتاب"، ليتركه لأتباعه من بعده كنصٍّ مقدَّس، وأن يكون لهم كما كانت التوراة لليهود أو الإنجيل للمسيحيين. هنالك طبعًا تراث منحول حاليًا منتشر بين الشيعة، يقول إنَّ النبي قد جمع آياته ودوَّنها على سعف النخيل والحرير والرق، وقبل وفاته أخبر صهره وابن عمه علي أنَّ مادته تلك قد خبَّأها وراء أريكته، وطلب منه أن يأخذها وأن ينشرها على شكل مخطوط. ليس من المستحيل أنه كانت هناك مثل هذه البداية حول جمع مادة الوحي من قبل النبي نفسه، ومن المحتمل أيضًا أنَّ د. بيل قد يكون محقًا في الاعتقاد أنَّ – على الأقل – بعض مادته يمكن ملاحظتها في القرآن الحالي. غير أنه من المؤكد أنه لم يكن هناك أي قرآن موجود ككتاب مجموع، محرَّر، منقَّح، ومنقَّط عندما توفي النبي.

في البداية لم يكن يبدو على زعماء المجتمع، الذين تولوا مسؤولية المجتمع بعد وفاة النبي، أنهم شعروا بالحاجة إلى أيِّ جمع لمادة الوحي. إذ فقط بعد انتقال المجتمع إلى مرحلة جديدة واستقراره فيها، ظهرت الحاجة إلى وجود سجِّل عن تلك المواد. إذ إنه حين كان النبي على قيد الحياة، كان منبع الوحي – إذا جاز لنا القول – ما يزال مفتوحًا. فقد تأتي أوامر جديدة في أي وقت أو ظرف لإلغاء أو نسخ أوامر سابقة لم تعد كافية للنمط الجديد للحياة الصاعدة، أو آيات جديدة قد تتنزَّل قريبًا لملاقاة مواقف جديدة وحديثة وموافاتها. الحياة الاجتماعية المتطورة بسرعة في المدينة عنت أنَّ المجتمع المسلم كان يواجه باستمرار مشكلات اجتماعية غير متوقعة، وقد ترعرعوا وهم متعوِّدون على المجيء إلى النبي ليأمر فيهم، ولحلِّ مشاكلهم. الصيغة العرفية لهذه التعليمات والأوامر ليتمَّ الأخذ بها كانت على شكل وحي وآيات. إلا أنه، ومع وفاة النبي، توقف سيل الوحي عن التدفُّق بشكل تلقائي، وخلفاؤه الأقربون وجدوا أنفسهم مسؤولون على إدارة وتوجيه شؤون المجتمع حسب ما هو بين أيديهم من تراث أورثه لهم نبيهم.

لكن ما نوع صيغة الوحي التي كانت متوفرة لأولئك الخلفاء الأقربين؟ كانت هناك بعض الآيات، وخصوصًا آيات ذات طابع قانوني تشريعي، كان النبي قد أمر بنفسه أن يتمَّ تسجيلها وتدوينها، والتي كانت ما زالت في متناول المجتمع. كانت هناك أيضًا بعض الآيات ذات طبيعة طقسية شعائرية كانت تستخدم ضمن نطاق الصلوات اليومية، والتي، سواء تمَّ تدوينها أم لم يتم، جرى حفظها عن ظهر قلب من قبل عدد ليس بقليل من أعضاء ذلك المجتمع. ربما كانت هناك آيات بشكل مكتوب بين مقتنيات النبي الخاصة. حتمًا كان هناك عدد من الآيات ومواد الوحي قام بتسجيلها عدد لا بأس به من أبناء ذلك المجتمع، ليس لأنَّ النبي كان قد أمرهم بذلك، بل لأنهم كانوا مهتمين في الاحتفاظ بها بشكلها المكتوب أو المدوَّن. ثم كانت هناك ذاكرة المجتمع نفسه. ذلك التقليد من المحتمل أنه صحيح عندما يقول إنَّ الوحي أو الآيات التي أعلنها النبي كانت قصيرة نسبيًا مع وجود بعض الاستثناءات، ومن الممكن أنه كان هناك العديد من أعضاء المجتمع الذين يمكنهم تذكُّر عدد الآيات التي أنزلت وعلى مناسبات مختلفة. عندما كان الزعماء الأوائل للمجتمع الإسلامي بحاجة لأن يعرفوا ما إذا كان هنالك أيَّة أوامر أو نواهي تتعلَّق بخصوص مسألة معينة أو أخرى، كانوا يرجعون إلى أولئك الأشخاص الذين يمثِّلون مصادر للمعلومات.

ربما خلال فترة حياة النبي كان هناك أعضاء محدَّدين ضمن المجتمع كان لديهم الميل والاهتمام بجمع الإملاءات التي كان يمليها عليهم نبيهم. وكان هذا أمرًا عاديًا. فنفس الحالة هاهنا، إذ إنَّ الكنيسة المسيحية السابقة هي التي قدَّمت تلك المجموعات من "أقوال المسيح"، والتي نجدها ضمن المواد الأساسية للأناجيل. حتمًا بعد موت محمد نجد أعضاء محدَّدين ضمن المجتمع مهتمون في تضخيم مجموعتهم الخاصة من أقوال النبي، وهؤلاء يعرفون الآن باسم "القرَّاء" – أو الأشخاص الذين أصبحوا بمثابة نوع من مستودعات الوحي التي يمكن أن يرجع إليها الزعماء للتزوُّد بالمعلومات اللازمة، عندما كانوا بحاجة إليها، حسب السور والآيات التي تقرِّر ماذا يجب أن يفعلوا وأنَّ يتعاملوا مع كل حالة. بعض أولئك القرَّاء تمَّ اختيارهم لحفظ أكبر قدر ممكن من الوحي، بينما هناك آخرون اختاروا الالتزام بتحويل مجموعاتهم إلى صيغة مكتوبة. كان هناك اقتراح أنَّ النبيَّ نفسه قد بدأ بتنظيم لجنة من القرَّاء الذي كانوا بمثابة حرَّاس وحفظة الوحي. لكن الدليل على هذا المأخذ ضعيف جدًا والتاريخ المبكِّر للقرَّاء ما زال محجوبًا في ظلال الغموض الأعظم.

هنا، نحن أمام أول مرحلة في تاريخ النصِّ القرآني. لا يمكن أن يكون هناك نصٌّ جازم وقاطع حين كان النبي حيًا، وإبطال المادة السابقة ونسخها من جديد كانت حالة محتملة دومًا. بأي حال، عند وفاة النبي، انتهت تلك الحالة، وبقي لدينا ما تمَّ حفظه من مادة الوحي، بشكل مكتوب جزئيًا، في أيدي أبناء المجتمع، وميل فئة صغيرة منهم لأن يولُّوا عناية خاصة للمادة، أو يكونوا اختصاصيين فيها. تقول المراجع التراثية إنَّ خسارة هؤلاء الاختصاصيين كان بمثابة خطر مفاجئ، والذي قاد بدوره إلى المرحلة التالية في تاريخ النص. نقرأ أنه في معركة اليمامة عام 12هـ سقط العديد من القرَّاء والحفظة قتلى على أرض المعركة، أما عمر فقط استيقظ من فوره لحقيقة أنَّ بضعة معارك كهذه المعركة قد يعني ضياع قسم كبير من مادة الوحي وإلى الأبد، لذا قدم إلى الخليفة أبو بكر وحثَّه على أهمية وضرورة جمع المادة التي كانت بحوزة القرَّاء، وجمعها ثمَّ تدوينها بصيغة نصية، قبل أن يفوت الأوان. كما أننا نجد إشارات كثيرة في المراجع التراثية والتاريخية تشير إلى الآيات التي "فقدت يوم اليمامة". اعترض أبو بكر، وتردَّد، قائلاً أنه من هو ليقوم بفعل لم يقم به النبي نفسه، حتى أنَّه لم يوجِّه أي أمر بذلك. بأي حال، أقنعه عمر بضرورة وأهمية هذا الأمر، وتمَّ تعيين زيد – كما جاء في المراجع التراثية – لجمع المادة المكتوبة على سعف النخيل، الحجارة البيضاء، عظام كتف الجمل، ومن صدور الرجال. بمعنى آخر، قام بجمع كل المادة المتوفرة – الشفهية والمكتوبة – محاولة منه لإخراج أول نصٍّ قاطع وشرعي جامع لكلام الوحي.

لذلك فالنصُّ يحتوي تراثًا يعتبر كإعلان رسمي من قبل أبو بكر، وبذلك فهو النسخة المنقَّحة الأولى من القرآن. النقد الحديث والمعاصر يبدو أنَّه يريد القبول بحقيقة أنَّ أبو بكر كان لديه مجموعته الخاصة من مادة الوحي صنعت خصيصًا له، وربما، ألزم زيد بن ثابت بصنعها. لكن النقد الحديث لا يريد قبول الزعم الذي يقول إنَّ هذه النسخة كانت النسخة الرسمية المنقَّحة للقرآن. كل ما يمكننا الاعتراف به هو أنها كانت مجموعة خاصة مصنوعة خصيصًا للخليفة أبو بكر. إلا أنَّ بعض الباحثين ينكرون هذا الأمر، ويؤكِّدون على أنَّ عمل زيد قد تمَّ في زمن الخليفة عثمان. لكن بما أنَّ عثمان كان شخصية مكروهة وغير مقبولة بالنسبة للتقليديين، فقد لفَّقوا قصة أو نسخة منقحة من القرآن في زمن أبي بكر، وذلك لكي لا ينال عثمان شرف صنع أول نسخة منقَّحة ومحرَّرة. لا بدَّ أنَّ أحدًا ما قام بجمع مصحف لحفصة ابنة عمر، وهو ما عرف فيما بعد "بمصحف حفصة"، والذي تمَّ استخدامه لاحقًا كجزء من المادة التي اعتمد عليها عثمان في تنقيحه، وهذا ما يدعونا للاعتقاد أنه لابدَّ وأن يكون هناك مجموعة خاصة قام بجمعها إمَّا أبو بكر أو عمر، وعلى الأرجح كانت على يد الخليفة الأول، إلا أنها كانت نسخة خاصة وليست نصًا رسميًا.

في واقع الأمر، هناك أشخاص آخرين بالإضافة إلى زيد بن ثابت من الذين شغلوا أنفسهم بمهمة جمع مجموعة كاملة على شكل نصوص ومخطوطات والتي بقيت حتى الآن تشكِّل مادة وحي تدخل في صلب القرآن. والتراث يعرف أسماء العديد من هؤلاء الأشخاص، على سبيل المثال: سالم بن معقل [ويعرف بسالم مولى أبي حذيفة]، الذي قتل في معركة اليمامة [في الواقع هنالك حديث ملفت للانتباه لابدَّ أن نتوقَّف عنده في أبحاث تالية، إذ ورد حديث عن محمد يقول فيه: "خذوا القرآن من أربعة‏:‏ من ابن أم عبد‏"‏ - وبدأ به ‏"ومن أبي بن كعب ومن سالم مولى أبي حذيفة ومن معاذ بن جبل"] وتقول المصادر التراثية إنه كان أول من قام بهذا العمل عندما دوَّن مادته على شكل نصٍّ مكتوب. علي بن أبي طالب، الذي قيل عنه إنه سعى لترتيب آيات الوحي حسب ترتيبها الزمني. أنس ابن مالك، الذي قد يكون قد ورث نصَّ عمه أبو زيد، الذي كان معروفًا جدًا كأحد أوائل المصنِّفين المبكِّرين لآيات الوحي. أبو موسى الأشعري صاحب النص الأضخم، وقد أعطي اسمًا حميميًا "لباب القلوب". والعديد من النصوص الأخرى، ومن ضمنها نص أبَيّ بن كعب ونص عبد الله ابن مسعود الذين استطاعت الكثيرة من نصوصهما النجاة والوصول إلينا. كثيرًا ما يؤكِّد أنَّ فعل "جَمَعَ" تعني عملية الجمع، وتستخدم في مثل هذا السياق، إلا أنَّه يعني الحفظ والاستظهار فقط. قد يكون معنى هذا الفعل صحيحًا، لكن بما أنه يقال إنَّ عليًا قد حزم كل ما جمعه على ظهر الجمل وأتى به، وبما أنَّ ما جمعه أبو موسى الأشعري كان له تسمية خاصة به، وبما أنَّ صحابة ابن مسعود في الكوفة دعموه عندما رفض تسليم مجموعته ليتمَّ إتلافها وحرقها، من الواضح هنا أننا نتعامل مع مجموعات مكتوبة أو مدوَّنة. في حالة نصوص علي، أبي، وابن مسعود، طبعًا، يمكننا ملاحظة تراث يعترف بوجود نظام تمَّ ترتيب آيات الوحي وفقه في نصوصهم، وهو نظام يختلف تمامًا عن النظام الذي نجده في قرآننا الحالي.

الحقيقة الأكثر أهمية هي أنَّ التراث كان محفوظًا بالارتباط مع هذه المخطوطات المبكِّرة، وهي الحقيقة التي تقول إنَّ بعضًا منها جاء لتوثيق وتأكيد مكانة المخطوطة الأساسية الحضرية. لذلك نقرأ أنَّ أهل الكوفة راعوا مخطوطة ابن مسعود في سياق تحريرهم وتنقيحهم لها، وأهل البصرة اعتمدوا مخطوطة أبو موسى، وأهل دمشق اعتمدوا مخطوطة المقداد ابن الأسود، وباقي السوريين، باستثناء أهالي دمشق، اعتمدوا نصَّ أبي. وهذا ما كان متوقعًا بالضبط، إذ إنَّ الحالة نفسها حصلت مع العهد الجديد، حيث أنَّ النصوص التي تندرج تحت مسمَّى النص الإسكندراني، النص الطبيعي، النص الغربي، النص القيصري، كانت عبارة عن تنقيحات للنص، حيث هناك اختلافات طفيفة فيما بينها، بالإضافة إلى تفضيل قراءات معينة متباينة، والتي نمت وتضخَّمت ودخلت حيِّز العمل في بعض المراكز المهمة من حياة الكنيسة. ما أن شرعت كل من الكوفة، البصرة، دمشق، وحمص بالتطوُّر إلى مراكز هامة ومحورية في العالم الإسلامي، كان من الطبيعي أنها – على غرار مكة والمدينة – كانت تريد مجموعة خاصة بها من مادة الوحي، والتراث يعكس لنا حقيقة أنَّ إصدارات مختلفة أخرى من مادة الوحي دخلت حيِّز العمل داخل هذه المراكز الهامة. هذه الإصدارات أو التنقيحات، في حين أنها تحتضن الجسد نفسه من مادة الوحي، إلا أنها تختلف دائمًا في إدراج أو استثناء مادة معينة، وفي اختيارها بين القراءات المتعدِّدة والمتباينة، وهذا ما يتخلَّل هذه المخطوطات الميتروبوليتية المبكِّرة للإسلام. من هنا نحن نعلم أنَّ نصَّ ابن مسعود قد أهمل سورة الفاتحة، وسورة الإخلاص 113، وسورة الناس 114؛ وأنَّ مخطوطتي أبي وأبو موسى تضمَّنتا سورتين قصيرتين، غير موجودتين حاليًا في قرآننا الحالي، في حين أنَّ جسدًا كاملاً من القراءات المختلفة من هذه النصوص تمَّ جمعها من الأدب النحوي، المعجمي، التفسيري، والماسوريتي من الأجيال اللاحقة التي ظلَّت تتذكَّرها وتناقشها. كان هناك في وقتٍ ما طبعًا عدد من الأعمال الخاصة والمميَّزة تحت عنوان "كتاب المصاحف"، والذي تناول هذه المرحلة من مراحل النصوص القديمة بشكل خاص، وكان بمثابة حادثة محظوظة مكَّنت المؤلِّف الحالي من اكتشاف ونشر النص المثال الأوحد والناجي الوحيد من هذه الأعمال، وهو كتاب المصاحف لأبي داؤود السجستاني.

كان وجود هذه المتغيرات في النصوص المستخدمة في مراكز مختلفة هو الذي قاد إلى المرحلة التالية في تاريخ النص. القصة التي تمَّ فيها تقديس هذه الذكرى هي أنَّ حذيفة بن اليمان تمَّ إرساله إلى الجيوش التي تقاتل في أذربيجان، وقد أصابه الهلع عندما وجد الكوفيين والسوريين يتجادلون حول القراءة الصحيحة للآيات التي كانوا يستخدمونها في طقوسهم وشعائرهم التعبُّدية، وهي بعض الحالات كانوا ينكرون ما كان يستخدمه الآخر بأنَّه كان جزءًا من القرآن. عاد متألِّمًا ممَّا شاهده إلى الخليفة عثمان في المدينة وطلب منه أن يدرك هؤلاء الناس قبل أن يختلفوا فيما بينهم على القرآن كما اختلف اليهود والمسيحيون على الكتاب المقدَّس. اقتنع عثمان وأرسل في طلب زيد بن ثابت، وسلَّمه مهمة صنع نسخة شرعية رسمية منقحة. تخبرنا المصادر التراثية أنَّه قام بأربعة أمور تتعلَّق بهذا الأمر:

-       أولاً قام بإعلان في المسجد طالبًا من أي شخص لديه نسخة أو مدونة من مادة الوحي أن يأتي بها إليه.

-       ثانيًا، أرسل إلى حفصة لكي ترسل له المادة التي كانت لدى أبيها عمر. أخرجتها حفصة من تحت سريرها، وتبيَّن لها أنَّ الديدان قد نخرت فيها في عدَّة أماكن، لكن من المؤكِّد أنَّ مادته جرى استخدامها أثناء عملية التنقيح ثمَّ تمَّت إعادته إلى صاحبته، وخلال جنازتها قام الخليفة مروان، الذي حاول دون جدوى الحصول على مصحفها خلال فترة حياتها، بالمطالبة به من أخيها ثمَّ أحرقه، وذلك جراء خوفه – كما ادَّعى – أنّه إذا انتشر هذا المصحف، فستظهر وتتفشَّى القراءات التي حاول عثمان طمسها منذ البداية.

-       ثالثًا، عيَّن لجنة للعمل مع زيد بن ثابت للتدقيق في كل المواد التي تمَّ إرسالها، وعدم القبول بأيٍّ منها إلا ما أمكن العثور على شاهدين عليها، وللتأكُّد بأنَّ ما كتب تمَّت كتابته بلسان قريش الأصلي.

-       رابعًا، عندما اكتمل العمل أمر بصنع أربع نسخ منه وأرسل نسخة إلى كل مدينة ميتروبوليتية كبرى، مع أوامر بإحراق وإتلاف كل الصحف والمخطوطات الأخرى. بعض التراثيين يخبروننا أنَّ ذلك العام سمِّي بعام "حرق المصاحف"، إذ إننا وبعد سنوات طويلة من هذه الحادثة نسمع صدى امتعاض القرَّاء وكراهيتهم وعداوتهم لعثمان بسبب ما قام به من تشريع لنصِّ المدينة وتحريم استخدام أي نص آخر.

لاقت نسخة عثمان الرسمية إقبالاً سريعًا وشديدًا وعالميًا تقريبًا. لكننا لا نسمع عن أي دعم للنصوص المبكِّرة إلا في الكوفة، إذ إنَّ نصَّ ابن مسعود استمر في معارضته لسلطة النص الشرعي الجديد، لكن حتى الكوفة في النهاية ركبت التيار كباقي العالم الإسلامي، وقبلت النص المدني. غالبًا ما يقال أنه بما أنَّ المدينة كانت مدينة النبي نفسه، وكانت موطن غالبية المسلمين القدماء الذين كانوا على مقربة من النبي، لذلك نال النص المدني كل الفرص لأن يكون أفضل نص متوفر. والجدير بالذكر أنه في ذلك الوقت كان واحدًا من بين أنواع عديدة من النصوص التراثية في الوجود، وعمل عثمان على تسجيله وجمعه في شكل مؤكِّد ونهائي، كان يشكِّل خاتمة ونهاية في تاريخ النص. حتى ذلك الوقت كانت تلك الفترة هي فترة المخطوطات القديمة، لكن منذ تلك الفترة وما بعدها فإننا نتتبع تاريخ مخطوطة واحدة فقط، وهي نص عثمان الرسمي المنقَّح. جرت محاولات عدَّة لتجنُّب هذه النتيجة من خلال الزعم أنَّ كلَّ ما فعله عثمان كان بإزالة الاختلافات والتباينات اللهجوية واللسانية التي وجدت طريقها إلى لفظ القرآن كما كان يقرأ، وتوحيد نوعية النص المكتوب بلهجة قرشية نقية. إنَّ مسألة اللهجة القرشية هذه مذكورة طبعًا في المصادر التراثية تشير إلى عملية التنقيح هذه، لكن الادِّعاء بأنَّ هذا كله كان مجرَّد مسألة اختلافات لهجوية لسانية معناه السير عكس ما تقول وتخبرنا به الأخبار والروايات. فالأغلبية العظمى من الاختلافات اللسانية لم يتم تقديمها بشكلها المكتوب إطلاقًا، كما أنها لم تكن تستوجب نصًا جديدًا. فقصص زيد وزملائه وهم يعملون على النص تجعل من الواضح جدًا أنهم كانوا يعتبرون بأنهم يدوِّنون نصًا متجدِّدًا، حيث أننا نقرأ أنه في الوقت الذي لا يكون هناك سوى شاهد واحد على آية معينة، كانوا ينتظرون حتى يرجع شاهد آخر يعرف تلك الآية من الحرب، أو من حيث ما كان، ويقرأها لهم، وكانت هناك نقاشات بينهم حول مسألة الجزء أو السورة التي تنتمي إليها الآية. أخيرًا، كمية القراءات المختلفة التي نجت وبقيت من نصوص أبي وابن مسعود، تظهر أنها كانت اختلافات نصية فعلية وليست مجرَّد اختلافات لهجوية لسانية.

والحال، أنَّ النصَّ الذي شرَّعه عثمان كان نصًا عاجزًا وساكنًا بعلامات تشير إلى نهاية كل آية، من دون أي نقط أو حركات، ومن دون إشارات إملائية من أي نوع. لسوء الحظ نحن لا نعرف بالضبط نوع النص التي كتب فيه. الكسرات المبكِّرة من المخطوطات القرآنية التي وصلتنا تمَّت كتابتها بنوع من الخطِّ كان نما وانتشر في مدينة الكوفة كنصٍّ خاص لكتابة المصاحف والذي نسميه اليوم بالخطِّ الكوفي. والحال أنَّ أيًا من هذه الكسرات لا يمكن تأريخه إلى زمن أبكر من القرن الثاني للهجرة، وطبعًا هناك الكثير من الشكوك في أن تكون أيًا منها تعود لزمن أبكر من القرن الثالث. قد نقرأ أحيانًا أنه ما زال هناك مصاحف مكتوبة بخطِّ عثمان أو علي، أو ولدا علي، الحسن والحسين، إلا أنَّ مثل هذه الأفكار ما هي إلا ثمرة أوهام زائفة. قام البروفيسور بيرغستراسر Bergstrasser بجمع حوالي عشرين مرجعًا وإشارة إلى مزاعم وادِّعاءات أطلقتها مذاهب وفرق إسلامية مختلفة تدَّعي فيها أنها تمتلك النص العثماني الحقيقي والأصلي نفسه والذي كان يقرأه قبل مقتله بلحظات وصفحات مصطبغة بدمائه.

هذا النص المعيوب والساكن كان على القارئ ترجمته وتفسيره. كان عليه أن يقرِّر ما إذا كان هذا الحرف سين أو شين، صاد أو ضاد، فاء أو قاف، وهكذا، وعندما كان يقرِّر ذلك، كان عليه أيضًا أن يقرِّر أيقرأ صيغة الفعل كفعل نشط أو سلبي أو يعامل كلمات معينة معاملة الفعل أو الاسم، حيث تكون لا هذا ولا ذاك، وهكذا. خلال القرن الأول للهجرة لم تكن هذه المشكلة بمثل هذه الجدية بالنسبة للقرَّاء، إذ إنَّ الذاكرة التي بقيت تحتفظ في ثناياها الشكل الذي يجب أن يكون عليه النص هي التي كانت تقرِّر في الكثير من الآيات والمقاطع وكيفية تشكيلها وتنقيطها، وأمكنة علامات الوقف حيث يكتمل المعنى [لكن الذاكرة كثيرًا ما تخون أصحابها]. نظريًا، قد يفترض البعض أنَّ هذا التراث الشفهي حول الكيفية التي يجب أن يقرأ النص فيها يمكن تناقله بحذر وبعناية من جيل إلى آخر، على غرار الشعر العربي القديم. لكن فعليًا الكم الهائل من القراءات المختلفة التي تمَّ تسجيلها يثبت أنه لم يكن هناك تراث متماسك وثابت بشأن هذه المسألة تمَّ تناقله. فمنذ زمن نشر نص عثمان الرسمي وحتى عام 322هـ، خلال هذه الفترة نحن ضمن فترة الاختيار، والأمر المثير للفضول أنه بالرغم من أنَّ النصَّ العثماني مأخوذٌ الآن كقاعدة أساسية، فالعديد من العلماء المشهورين، وحتى نهاية هذه الفترة، كانوا معتادين على حالة تفضيلهم لقراءة بعض الآيات قراءة معينة مختلفة تمام الاختلاف عن النصِّ العثماني، ومن مصاحف غير عثمانية. وكما توقعنا فإننا نجد أنَّ اختيار بعض المعلِّمين المشهورين دام أطول بفضل طلابهم ونال قبولاً ضمن دوائر أقل أو أكثر شمولاً، لذا فإننا نسمع عن طلاب كانوا يدرسون مسألة اختيار كذا وكذا حسب حروف وروايات كذا وكذا حسب القراءة. بمعنى آخر: نماذجهم كانت التنقيط أولاً ثمَّ وضع الحركات على النص غير المنقَّط والساكن. مرةً أخرى بدأ هذا الأمر بالتجسُّد ضمن المدن المركزية الكبرى حيث كان الطلاب يجتمعون فيما بينهم ضمن منتديات، وسرعان ما بدأ الناس يسمعون عن تراث الكوفيين، أو تراث البصريين، أو السوريين، وإلى ما هنالك. وكل واحدٍ منهم يشير إلى طريقته الخاصة والصحيحة في تنقيط وتشكيل النص، وهذا يعني أنَّ التراث الذي انتشر في مدارسهم بتدريس القرآن وتعليمه كان مهذَّبًا. في تاريخ مبكِّرٍ جدًا نسمع عن ثلاثة مبادئ صاعدة تمَّ وضعها لتوجيه عملية الاختيار، بمعنى المصحف العربي والإسناد. وهذا يعني، القراءة المفترضة يجب أن تتم متَّسقة مع النص الساكن، وأن تتناسب مع قواعد اللغة العربية، وأن تكون قراءة منحدرة من شخصية أو مرجعية محترمة. طبعًا كان هناك خلاف حول هذه القواعد. فقد زعم البعض أنه طالما أنَّ القراءة كانت قراءة عربية جيدة وضمن سياق جيد فلا أهمية لأي شيء آخر سواء أكان من النص العثماني أو من أي من المصاحف القديمة غير العثمانية، بما أنها تنتمي إلى عصر النبي. كان البعض يرفض مبدأ الإسناد رفضًا قاطعًا، لكن يشترط أن تكون القراءة عربية صحيحة ومقبولة بشكل طبيعي من قبل الجميع.

المرحلة التالية كانت في الإشارة إلى هذه القراءات ضمن النص نفسه. فلسنا بحاجة لأن نضع عليها علامات في النص، إذ ما أن يحفظها القارئ بشكل جيد ومناسب فما عليه إلا أن يأخذ نسخة من النص الساكن ويقرأه وفق ما حفظه. والحال، أنَّ الذاكرة غالبًا ما تخوننا، وعلى الفور جرى تقديم العادة، استنادًا على ممارسات شائعة بين المسيحيين الذين يستخدمون الكتابات المقدسة السريانية، وذلك بتأشير القراءات بنظام من النقط، السوداء والملونة. ويخبرنا التراث بوضوح أنه كانت هناك معارضة شديدة لإضافة هذه العلامات والتأشيرات إلى النص، وقد اعتبر ذلك على أنه "بدعة" وهرطقة. لا يوجد إجماع حول من هو أول من قدَّم نظام التنقيط، والأسماء المرشحة والمتصلة بهذه المسألة هي: يحيى بن يعمر ونصر بن عاصم. في البداية كانت هناك فترة من الميوعة، ولدينا الآن أجزاء وكسرات من النص تمَّ فيها إدخال نقاط ملونة بألوان مختلفة احتمالات مختلفة لتنقيط نفس الكلمة، في حين أنَّ أغلب الكلمات ليس لها نقط على الإطلاق. وهذا يشير إلى أنه في بادئ الأمر لم يتم التنقيط إلا على تلك الكلمات التي كانت هناك بعض الشكوك حول قرائتها. أما عملية التنقيط فقد أصبحت مقبولة بالكامل واندرجت في النهاية على النص بأكمله وذلك بسبب نشاط الحجاج بن يوسف المشهور، والذي كان على الأرجح الشخصية الأكثر لفتًا للانتباه والأكثر إثارةً للاهتمام في تاريخ الإسلام أثناء خلافة عبد الملك. فعندما نقوم بفحص الأخبار والروايات حول نشاط الحجاج فيما يتعلَّق بهذه المسألة، نكتشف فجأةً أنَّ الدليل يشير بقوة إلى حقيقة أنَّ عمله لم ينحصر في تثبيت النص القرآني عن طريق مجموعة من النقاط التي ترشد طريقة القراءة، بل يبدو أنه خرج بنصٍّ منقَّح وجديد كليًا للقرآن، وصنع نسخًا من عمله هذا وأرسلها إلى كل المراكز المدنية الكبرى، وأمر بإتلاف وإحراق النسخ السابقة الموجودة فيها، تمامًا كما فعل عثمان سابقًا. علاوةً على ذلك، هذا النص الجديد الذي أعلنه الحجاج ونشره يبدو أنه مرَّ بتعديلات شاملة تقريبًا. الفيلسوف المسيحي الكندي في عمله المثير للجدل والمعروف باسم "دفاعًا عن الكندي" يشير إلى نقطة مثيرة للجدل عندما يقول إنَّ الحجاج – كما هو معروف – أجرى تعديلات كثيرة وشاملة على نصِّ القرآن، لكن جرى اعتبار ذلك من قبل الباحثين والعلماء على أنه مجرَّد مبالغة وتجسيم لإثارة الجدل كالذي نراه في الكتابات المثيرة للجدل. والحال، في كتاب المصاحف لابن أبي داؤود، قسم يحتوي قائمة القراءات في نصِّ قرآننا يذكر فيها التغييرات التي أدخلها الحجاج. إذا كان هذا الكلام صحيحًا، فإنَّ النصَّ المنقول الذي في حوزتنا لا يعتمد على التنقيح العثماني، بل على تنقيح الحجاج بن يوسف الثقفي.

أما تحديد عملية الاختيار وقصرها فقد حدث سنة 322 للهجرة عندما قام كل من الوزيرين ابن مقلة وابن عيسى، بإرشاد من العلامة الشهير ابن مجاهد، بوضع سبعة نظم لقراءة النص، والتقرير أنَّ هذه القراءات السبعة هي وحدها القراءات الشرعية والرسمية للنقط والحركات في النص. إلا أنَّ قرارهم هذا لم يمضي دون اعتراضات وتحديات، إلا أنَّ العقاب الصارم الذي تمَّ توجيهه للعالمين المشهورين، ابن هشام وأبو الحسن البغدادي، اللذين أصرَّا على حقِّهما في الاختيار، والقراءة، إذا وجدا أنها مناسبة أكثر في النصوص القديمة، وسرعان ما اقتنع القراء أنَّ فترة "الاختيار" وصلت إلى نهايتها، وواجهوا قراءات محدودة شكَّلت علامة على مرحلة جديد في تاريخ النص.

القراءات السبعة التي اختارها ابن مجاهد كانت قراءة نافع المدني، ابن كثير المكِّي، ابن عامر الشامي، أبو عمرو بن العلاء البصري، وعاصم، حمزة، والكسائي من مدرسة الكوفة. إلا أنَّ اختياره هذا جرى تحدِّيه. فقد اعترض البعض وبجدية لحقيقة أنَّ ثلاثة قراءات من أصل سبعة تنتمي إلى مدرسة الكوفة، ورغبوا أن تستبدل إحداها بقارئ من مدرسة أخرى، البعض فضَّل أوب جعفر من المدرسة المدنية، والبعض الآخر يعقوب من المدرسة البصرية. أمَّا الاعتراض فقد كان موجَّهًا نحو مدرسة الكسائي ضمن المجموعة، والمرشَّح لخلافة المدرسة الكوفية كان قد توفي منذ زمنٍ طويل. خيار ابن مجاهد والقراءات السبعة التي شرَّعها مازالت هي نفسها القراءات الشرعية السبعة، رغم أنه في العديد من الأمثلة تبقى الأعمال الماسوريتية – كعمل ابن الجزري الشهير النشر – تسجِّل عدد القراءات المختلفة إلى عشر قراءات، أي القراءات السبعة بالإضافة إلى ثلاث قراءات أخرى خاصة بأولئك المرشَّحين المتوفين. بعض الأعمال الماسوريتية طبعًا، تضمَّنت أربعة عشر قراءة، من ضمنها وبالإضافة إلى القراءات العشر، أربعة قراءات أخرى: ابن محيسن المكي، الحسن البصري، اليزيدي البصري، والأعمش الكوفي، الذين لقيت قراءاتهم بعض التأييد بصفتها أجدر من غيرها بأن تكون ضمن القراءات السبعة وتستحق جعلها شرعية ورسمية أكثر من معظم تلك التي اختارها ابن مجاهد، لكنها لم تلقى أي قبول عام. عمل البنَّاء الشهير "الإتحاف" على سبيل المثال يسجل القراءات الأربعة عشر كلها. ويوجد هنا وهناك مدَّعون آخرون وجدوا لهم بعض السند، لكن ولأسباب غير واضحة حتى الآن، كان ابن مجاهد قادرًا على نيل الدعم والقبول العام لنظمه السبعة، وخلال فترة لا تتجاوز نصف القرن انتشرت تلك القراءات ونالت قبولاً واسعًا.

نحن لا نمتلك النظم من أيٍّ من هذه النظم السبعة بالشكل الذي قدَّمها به مؤسِّسها. هذه النظم السبعة تمَّ تناقلها ضمن المدارس، وخلال فترة قصيرة جدًا بعد قبولها كنظم شرعية نجد كمًا هائلاً من الروايات تتعلَّق بكيفية قراءة كل نظام منها. في حالة قراءة أو قرائتين منها كان هناك عدد كبير جدًا من الروايات. في الفترة التي وضع فيها الداني – الذي مات سنة 444هـ - تفسيره، هناك روايتان تمَّ اختيارهما لكل واحدةٍ من هذه القراءات السبعة كرواية شرعية لها، طالما أنها مستحسنة رسميًا. أمَّا عن الكيفية التي جرى من خلالها اختيار هذه القراءات فإننا لا نملك أيَّة معلومات عن الأمر، ولا يمكننا المجازفة في التخمين. كلُّ ما نعرفه هو أنَّ عملية تثبيت النص المتغير قد وصلت إلى هذه المرحلة المتقدمة، وقد تمَّ تسجيلها من قبل الداني. بالنسبة لنافع فقد اختار روايات قالون وورش، أمَّا ابن كثير فقد اختار روايات قنبل والبزِّي، ابن عامر اختار روايات ابن ذكوان وهشام، وأبو عمر اختار روايات الدوري والسوسي، أمَّا حمزة فقد اختار روايات خلف وخلاَّد، وقد اختار عاصم روايات حفص وأبو بكر، أمَّا بالنسبة للكسائي فقد اختار روايات الدوري والحارث. أية قراءة عن هؤلاء الأشخاص تعتبر قراءة شرعية. لا يوجد أي قرار رسمي لنا علم به تمَّ أخذه لتأسيس تلك الروايات عليه كقرار وحيد وجائز، كما أنَّ استخدام كلمة "شرعي" ليس دقيقًا تمامًا، لكن هذه الروايات جاءت لتأخذ موقع المرجعية الفريدة التي لم نعد نملك أي كلمة مناسبة لها أكثر ملائمة من "شرعية". وسيتمُّ اتباع واحدة منها أو أخرى عندما يكتب النسَّاخ مخطوطات جديدة ويشيرون إلى مكان العلامة والحركة.

هذه النظم لتأشير القراءات، بأيَّة حال، لم تكن العلامات الوحيدة التي تمَّت إضافتها إلى النص. فالعلامات عند نهاية كل آية تظهر في الكسرات المبكِّرة من النصوص التي في متناولنا، رغم أنه كان هناك اتفاق عام حول مكان وقوع هذه العلامات الوقفية، لذا أصبحت الآن هذه المسألة يجب حلها ضمن المدارس، والمعايير الماسوريتية لنهايات الآيات الكوفية، أو البصرية أو السورية أو المدنية، حسب الحالة، وفي بعض الأحيان علامات للإشارة إلى موقع كان فيه تراث مختلف بالنسبة إلى المكان أو الموضع الذي يجب الانتهاء عنده. كل هذه الأمور تمَّ إدخالها في النص. السور أيضًا جرى تأشيرها في فترة مبكِّرة جدًا، لكن من دون عناوين. والآن تبدأ عادة وضع اسم السورة فوقها. أسماء مختلفة تمَّ استخدامها في مواقع مختلفة، وحتى وقتنا الحاضر لا يوجد هناك اتفاق تام حول الأسماء التي تظهر فوق سور معينة في مصاحف مطبوعة خلال قرون مختلفة. لكن بالإضافة إلى سور وآيات وأقسام أخرى من النص ظهرت بأنها موسومة، بعض الكتبة والنسَّاخ وضعوا علامة عند نهاية كل مجموعة من عشر أو خمس آيات، بعضهم قسَّم النص أسباع ووضع علامة عند نهاية كل سبع، هناك البعض ممَّن استخدم علامات خاصة عند بدايات ونهايات الأنصاف، الأرباع، والأثمان، إلخ. هناك عادة كانت منتشرة أكثر وهي تقسيم النص إلى ثلاثين جزءًا وذلك لكي يتمَّ قراءة كل جزء في كل يوم ولمدة شهر، وهذه الأقسام بأرباعها وأنصافها، كان يتمَّ وسمها بدقة وحذر. وهذا التقسيم إلى أجزاء وأحزاب أصبح عادة شائعة على نطاق واسع لدرجة أنها حتى يومنا هذا نلاحظ علماء القرآن قديمي الطراز وهم يقتبسون من القرآن حسب الجزء والحزب أكثر من اقتباسهم منه بالآيات والسور. والأكثر أهميةً كانت عملية تقديم إشارات التوقُّف، والتي، على غرار علامات التوقُّف التي تملأ الكتاب المقدَّس العبري، هي بمثابة دليل أو مرشد بمعنى ما وتؤدي بالضبط الوظيفة نفسها التي تؤديها علامات الترقيم في وقتنا الحاضر. أقدم مجموعة من علامات التوقُّف التي جرى استخدامها كانت بسيطة جدًا تشير إلى "عدم التوقُّف"، "توقف اختياري"، "وتوقُّف إجباري"، لكن ضمن المدارس تطوَّرت هذه العلامات إلى أنظمة أكثر تعقيدًا عن طريق زيادة في أنماط التوقُّف الاختياري المعترف بها، رغم أنه أيضًا كان هناك اختلافٌ كبير بين المدارس حول الموضع الذي يجب أن توضع فيه علامات "عدم التوقف" و"التوقف". إنَّ إضافة هذه العلامات إلى النص، طبعًا، تمثِّل خطوة متقدِّمة في تاريخ عملية تثبيت نوعية النص المستقبل، إلا أنه من غير الممكن بعد كتابة القصة الكاملة للطريقة التي تطوَّرت فيها هذه الأنظمة المختلفة لعلامات التوقُّف.

هناك خطوة أخرى في هذه العملية، وهي خطوة كانت في غاية الأهمية، لكن أصلها ما زال في الوقت الحاضر غامضًا ومحجوبًا، وهي اختيار النموذج القياسي. فطلاَّب العهد القديم سيتذكَّرون أنَّ النصَّ الساكن في الكتاب العبري مأخوذ من مخطوطة تقدِّم نموذجًا قياسيًا وحيدًا، والذي ما أن يتمَّ اختياره حتى يتَّبعه الكتبة والنسَّاخ، وتمَّت إعادة تقديمه بدقة وأمانة، حتى أنَّ الأخطاء الإملائية والقواعدية التي تتخلَّله كان لزامًا أن يعاد إنتاجها في كافة النسخ. والأمر نفسه ينطبق على القرآن. إلا أنه في الفترة التي كان فيها الداني يكتب عمله المغني و"التيسير" كان قد تمَّ اختيار النموذج القياسي مسبقًا، إذ إنه في كتابه المغني، وهو كتاب عبارة عن تعليمات وإرشادات يسترشد فيها النسَّاخ والكتبة الذين ينسخون نماذج من القرآن، قدَّم لهم بالتفاصيل القواعد التي يجب عليهم مراقبتها خلال ممارسة عملهم، ووضع قائمة بجميع الألفاظ الغريبة والشذوذات الإملائية والقواعدية التي يجب عليهم مراعاتها أثناء إعادة الإنتاج في نسخهم، مع أنهم يعرفون حتمًا أنَّ هذه أخطاء. لذا كلمة "رحمة" في سورة مريم الآية الأولى يجب أن تكتب بتاء مبسوطة "ت" في النهاية "رحمت" وليس المربوطة "ـة"، في سورة الكهف 18 الآية رقم 38 كلمة "لكنا" التي يجب كتابتها بألف طويلة في النهاية بدل كلمة "لكن" العادية، في سورة طه 20 الآية رقم 94 كان يجب أن تكتب كلمة "يبنوم" بدل "يا ابن أم"، في سورة الكهف 19 آية رقم 49 "مال هذا" بدل أن تكتب في شكلها الصحيح والطبيعي "ما لهذا"، في سورة الصافات آية رقم 130 يجب كتابة "أل ياسين" بدلاً من "إلياسين"، وهكذا. من ذا الذي كان ناسخ هذا النموذج القياسي، وكيف تمَّ اختياره، أسئلة لم نستطع حتى الآن الإجابة عنها. النظرية التقليدية تقول إنَّ هذه الشذوذات كانت مقدمة مسبقًا في الإمام، النص النموذجي الساكن الذي تمَّ تجهيزه بأمرٍ من عثمان، لكن فيما يتعلَّق بمسألة ما إذا كانت هذه الشذوذات لا تظهر دائمًا في الكسرات والأجزاء المبكِّرة من المخطوطات الكوفية فهو أمر مشكوكٌ فيه.

كل القراءات السبعة التي ورد ذكرها آنفًا شرعية ومعترف بها بشكلٍ متساوٍ، ويمكن قراءة القرآن حسب أيَّة رواية تمَّ اختيارها لكل واحدةٍ منها. والحال، أنه لا يوجد أيُّ نص مكتوب يمكن أن يعبِّر في النص عن جميع القراءات السبعة. هناك عدَّة نماذج قياسية معروفة من كسرات المخطوطة الكوفية حيث، ومن خلال استخدام نقاط بألوان مختلفة ومتباينة، القراءات المختلفة قد تمَّ تسجيلها في بعض حالات كلمات بعينها. هنالك أيضًا عدَّة مخطوطات معروفة بوجود تذييلات هامشية تقدِّم خيارات للقارئ ليختار بين القراءات السبعة التي تناسبه، أو حتى بين العشرة قراءات. الممارسة العادية، والعملية الوحيدة في الواقع، هي أن يكتب النص حسب نظامٍ واحد من بين النظم السبعة. لم تجري حتى الآن أي عملية مسح وفحص وتدقيق منتظمة على جميع المخطوطات القرآنية هادفة إلى تحديد أو تقرير نوع نصها. لكن بقدر ما يتمُّ فحص وتحقيق النتائج سيتبيَّن أنه ومن بين أربعة عشر رواية هنالك ثلاث روايات فقط معروفة ولها رواج كبير في كتابة المخطوطات. في السودان وحتى جيل مضى، يبدو أنه كانت هناك نصوص مكتوبة حسب النظام البصري للدوري. في شمال إفريقيا، من طرابلس وحتى المغرب، الشكل العام والشائع للنص الموجود في المخطوطات، وفي العديد من النسخ المطبوعة، هو التراث المدني الذي يعود إلى ورش. وفي أي مكان آخر من العالم الإسلامي النمط الوحيد المستخدم من النص هو العائد إلى حفص الكوفي. نصُّ حفص هذا في السنوات الأخيرة ألغى تمامًا نصَّ الدوري في السودان، وبسرعة كبيرة أيضًا ألغى نص ورش في شمال أفريقيا. هنا نصل إلى نهاية تاريخ النص القرآني بالسيطرة الكاملة لتراث حفص كنصٍّ سائد في مختلف أرجاء العالم الإسلامي. في ظلِّ هذا النص تمَّت طباعة النسخة القياسية المصرية لسنة 1344 بعد الهجرة وكانت بمثابة محاولة لتوضيح النص من تحديثات القواعد الإملائية وزيادة تحميل العلامات الماسوريتية، واستعادة أكبر قدر ممكن من نقاء نص حفص النموذجي. وبسبب استخدام محرِّريه لمرجعيات متأخرة نسبيًا بدلاً من أن يعودوا إلى المصادر الأولية الأسبق لمعلوماتنا بالنسبة إلى نصِّ حفص، فلم ينجحوا تمامًا في إنتاج نوع صافي ونقي من النصِّ الحفصي، لكنه على الأقل أفضل من أي نص آخر موجود، ومتفوِّق على نص فلوجل، الذي تمَّ استعماله بشكل واسع تقريبًا من قبل العلماء الأوروبيين منذ ظهوره لأول مرة عام 1834.

المرحلة التالية ستكون مرحلة النص النقدي. ستكون الفكرة في طبع نصٍّ ساكن في المخطوطة الكوفية على صفحة، اعتمادًا على أقدم المخطوطات المتوفرة لدينا اليوم، مع نص حفصي محرَّر من وجهة نظر نقدية يقابل النص السابق في الصفحة التالية مع مجموعة كاملة من كافة القراءات المختلفة المعروفة توضع على الهامش الأسفل للصفحة. المؤلِّف الحالي [يقصد هو نفسه] كان يتعاون مع البروفيسور بيرغستراسر على هذا المشروع، وقد تمَّ الشروع بالعمل على المشاكل المتعلِّقة بكلا النصين كبداية. لقد حقَّق الكاتب في كل التراث المطبوع وكمية لا بأس بها من مادة المخطوطات ليجمع منها كافة التغيُّرات والاختلافات في القراءة. قام بيرغستراسر بتأسيس الأرشيف في ميونخ حيث شرع بجمع صور فوتوغرافية لكافة المخطوطات القرآنية المبكِّرة، وكافة المواد الماسوريتية المتعلِّقة بها. بعد وفاته المبكرة أشرف على هذا الأرشيف وطوَّره خليفته أوتو برتزل، لكن أوتو قتل خارج سيباستوبول خلال الحرب الأخيرة، وتمَّ تدمير كامل الأرشيف في ميونخ بسبب النار جرَّاء قنبلة، لذا كان لزامًا أن يتمَّ البدء بهذا المشروع الهائل مرةً أخرى ومن البداية. لذلك من المشكوك فيه جدًا إذا ما كان جيلنا سيتمكن من مشاهدة اكتمال أول نسخة نقدية من نصِّ القرآن.

ترجمة: إبراهيم جركس

*** *** ***


 

horizontal rule

* محاضرة ألقيت في الثالث من أكتوبر عام 1946، خلال لقاء جمعية الشرق الأوسط في القدس، ومنشورة ضمن كتاب آرثر جيفري الهام جدًا "القرآن كنصٍّ مقدَّس، نيويورك، 1952.

Arthur Jeffery, The Qur'an as scripture, New York, R. F. Moore Co., 1952.

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود