كثرٌ هم الذين يعوزهم الحد الأدنى من فهم
الإلهام العميق الذي تنطوي عليه تعابير من
نحو "الحضور في الحاضر" أو "الحياة
بشدة"، "لنعش البرهة"، إلخ... فـ"الحياة
الشديدة بحق" ليست خارجية فقط. فمن المؤكد
أنه ليس من المحال اختيار نوعية من الانتباه
ذي شدة معينة في حياة نشيطة، لكن من المحتمل
جداً أن يبقى هذا الانتباه "محيطياً"
ويبتعد عن سكينة الأعماق. ذلك أن عيش البرهة
بشدة يتطلَّب أيضاً صمتاً وخلاءً يمنح هذه
الشدة سمة جوانية.
إن
على الحيوان، كيما يؤمِّن حمايته وبقاءه، أن
يُحسِن معرفة بيئته، ولاسيما مجاله الحيوي.
أما الإنسان فهو، إذ يتخطى مجرد إشباع حاجاته، تحرِّكه رغبة في علم غير محدود يدفعه
إلى اكتشاف للطبيعة لا ينتهي. إنه يميِّز
موضوعات استقصاءاته، ويقوم بتقطيعٍ للواقع،
وينظِّم معارفه ونشاطاته في مناهج disciplines –
بكلمة واحدة يوجِد العلم والتقنيات.
ظلت هذه الطريقة التحليلية خصبة
حتى فرضت نفسها فكرة أن "العلم كلٌّ" وأن
المناهج، بالتالي، يجب أن
يُربَط بعضها مع بعض. أصبحت تعددية المناهج
pluridisciplinarité
والبينمناهجية interdisciplinarité
عندئذٍ ضرورة نظرية وعملية. واليوم ينظر
بعضهم، إذ يواصلون هذا التفكُّر في وحدة
المعرفة، في عبرمناهجية transdisciplinarité
تجتاز المناهج وتتخطاها، من أجل إيجاد رؤية
جديدة للإنسان وللكون.
************************************** |