|
منقولات روحيّة
لعمري ما كنت
يوماً مريراً في الأعماق، ولا كنت يوماً
يائساً ولا متشائماً كما أنا الآن، وأنا
أرى ما أرى، وأفهم ما كنت أفضِّل أن لا
أفهم، فيتملَّك الخوف قلبي... لعمري ما كنت
يوماً قانعاً بهذا الطريق الذي اخترتُه، واختطَّه لي "إلهي"، كما أنا قانع الساعة.
فالله – الواحد بالنسبة للجميع – هو في قلب
كلٍّ منَّا مختلف. كنت، ولم
أزل،
أبحث عن المعرفة. أبحث عن المعلِّم. وشعوري، إن لم أقل
قناعتي، أضحت أني
سأقضي ما تبقى من طوري هذا باحثاً، ولن أصل إلى المعرفة التي أنشد
تماماً. وغالباً، لن أجد (ههنا) ذلك المعلِّم. ومعلِّمي الأوحد
كان، ولم يزل، ذاك الذي هو كالحلاج في داخلي. والحلاج كان من "أبناء اللعنة"؛
واللعنة كانت هي الحرية. وأحلم، وقد
بتُّ قانعاً، أن هذا الطور البشري سينتهي، على يد
أبنائه، بإنسانية على صورة الحق
– وقد آن أوانها. وأحلم ببشر محبٍّ
ومتسامح، يحاور الماضي والحاضر من أجل
المستقبل... ومِن حولنا العنف
والتعصُّب والجهالة... من حولنا القذارة التي صارت
سائدة، تؤكد، كلَّ يوم، أن
هذا الطور البشري سينتهي – يا إلهي! –
مأساةً على يد أبنائه...
حاولت
في هذه الدراسات، قدر الإمكان، إعطاء صورة واضحة عن التعاليم السرَّانية التي
كُشِفت للعالم في الربع الأخير من القرن التاسع عشر على يد هيلينا بتروفنا
بلافاتسكي Helena
Petrovna Blavatsky ، مؤسِّسة
الجمعية الثيوصوفية منذ مئة عام. فهذه التعاليم المحتواة ضمن الديانات
العالمية كلِّها، والمغلَّفة بحجاب كثيف من الرموز
والإشارات، أصبحت المحرِّض
للإنسان الباحث في الأسرار ليتجرَّد من الحرف ويعتنق
الروح، فيبدأ بالسير على
الدرب الروحي. لاشكَّ أن محتوى
هذه الدراسات سيكون عويصاً بعض الشيء لمن لم يألف هذا النوع من الأبحاث. فقد
قمت بدراستها لسنوات طويلة في فرنسا، حيث سنحت لي ظروف التعمق في
الدراسات
الثيوصوفية والالتقاء ببعض الرهبان الهندوس في مركز راماكريشنا في باريس. وقد
قمت بالاستعانة ببعض الكتابات الثيوصوفية لبعض الأصدقاء في
فرنسا، كما نوَّهت
إلى ذلك في المصادر والمراجع، وقمت بترجمة بعض ما جاء فيها
نظراً لأهميته –
وخاصة فيما يتعلق بالإنسان ومَرْكَباته ("أجسامه") السبع – ولمزيد من
التوضيح. وفي نهاية الدراسات أضفت ملحقاً عن الثيوصوفيا من تأليف صديق
فرنسي،
ارتحل من هذا العالم منذ بضع سنوات. وقد تكرَّم الصديق ديمتري أفييرينوس
بنقله عن اللغة الفرنسية. وبعد، فأرجو أن أكون قد حققت بذلك بعض الفائدة للقارئ العربي. |
|
|