حول جذورنا الإسلامية

(1 من 2)

 

أكرم أنطاكي

 

وأنا اعتقدتُ جميعَ ما عَقَدوه

عَقَدَ الخلائقُ في الإلهِ عَقائدا

محي الدين بن عربي

 

1

لعمري ما كنت يوماً مريراً في الأعماق، ولا كنت يوماً يائساً ولا متشائماً كما أنا الآن، وأنا أرى ما أرى، وأفهم ما كنت أفضِّل أن لا أفهم، فيتملَّك الخوف قلبي...

لعمري ما كنت يوماً قانعاً بهذا الطريق الذي اخترتُه، واختطَّه لي "إلهي"، كما أنا قانع الساعة. فالله – الواحد بالنسبة للجميع – هو في قلب كلٍّ منَّا مختلف.

كنت، ولم أزل، أبحث عن المعرفة. أبحث عن المعلِّم. وشعوري، إن لم أقل قناعتي، أضحت أني سأقضي ما تبقى من طوري هذا باحثاً، ولن أصل إلى المعرفة التي أنشد تماماً. وغالباً، لن أجد (ههنا) ذلك المعلِّم.

ومعلِّمي الأوحد كان، ولم يزل، ذاك الذي هو كالحلاج في داخلي. والحلاج كان من "أبناء اللعنة"؛ واللعنة كانت هي الحرية.

وأحلم، وقد بتُّ قانعاً، أن هذا الطور البشري سينتهي، على يد أبنائه، بإنسانية على صورة الحق – وقد آن أوانها. وأحلم ببشر محبٍّ ومتسامح، يحاور الماضي والحاضر من أجل المستقبل...

ومِن حولنا العنف والتعصُّب والجهالة... من حولنا القذارة التي صارت سائدة، تؤكد، كلَّ يوم، أن هذا الطور البشري سينتهي – يا إلهي! – مأساةً على يد أبنائه...

2

حول الحقيقة...

وما أكتب اليوم أكتبه لنفسي، وربما، لبعض المحبِّين – وما أندرهم! هو ههنا محاولة تلمُّس وتفهُّم لأعماق لم تزل – لحسن حظِّها أو لسوئه – محرَّمة علناً.

ما أكتبه هنا محاولة للتفكير في دين غالبية أمَّتنا، من وجهة نظر شخص من خارج شريعتها.

ولعل ما أكتبه بدايةٌ صادقة لما لم يحن أوانُه بعد. لكن... من يدري؟

وأنا من ربع يدَّعي أن لا عقيدة بنظره أعلى من الحقيقة، فيسعى إلى خلق نواة من الأخوَّة الإنسانية الشاملة.

وكلُّ يوم، سعياً وراء ما أتلمَّسه من طريق، أقرأ ما تيسَّر لي مما آمن به من حقيقة أخوةٌ لنا في الإنسانية. وكل يوم أزداد قناعة أننا لم نكن يوماً أبعد عنها مما نحن عليه اليوم! وكل يوم أزداد قناعة أن تلك الحقيقة لم تكن يوماً أقرب إلينا مما هي عليه اليوم!

والحقيقة هي المطلق والعدم وهي الألوهة. وكلُّ ما ينبع منها من "حقائق" في عالمنا نسبيٌّ جداً، ومرتبط بمستويات الوعي والإدراك؛ وأيضاً – وخاصةً – بمدى تحقق تلك الألوهة في الإنسان. والنسبيُّ في عالمنا هو الضرورة؛ وهو الأداة لتفهُّم ما أمكن من الحقيقة. وهذا الذي يُفترَض أن يدركَه العالمون، عليه يتصارع البشر.

فـ"الحقيقة" المعلنة لليهودية أن أبناءها هم شعب الله المختار، وأن الباقين هم العوام.

و"الحقيقة" بالنسبة للشريعة المسيحية أن يسوع، ابن الإله المتجسِّد أرضاً، الذي افتدى البشر على الصليب، هو الإله في ثالوثه المقدس، وأن كلَّ من لا يشاركها معتقدَها على ضلال.

و"الحقيقة" بنظر أهل الشرع الإسلامي أنْ "لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله"، وأن "القرآن" كتاب منزل من عند الله، وأن شريعته التي نَسَخَتْ ما سبقها هي الدين الحق لكلِّ من يأتي بعدها.

و"الحقيقة" بالنسبة لمن آمن بالديانة المادية (رغم رفض الماديين أن يُصنَّفوا كأصحاب دين) أن كلَّ شيء ينبع من ذلك المادي القائم، الموجود خارج الإدراك والعائد إليه، وأن كلَّ ما أعلنه ويعلنه الباقون هراءٌ وتضليل.

وعلى "حقائق" كانت ضمن ظروفها، ومن منظورها، صحيحة نسبياً، قبل أن تصير حروفاً وشرائع، اقتتل البشر وتذابحوا؛ ولها – وقد أمسى فهمُهم مطلقاً – ما زالوا يتعصَّبون.

وتكون المأساة، مع تحول النسبي، في عقول أبنائه وقلوبهم، إلى مطلق، أن تحتجب الحقيقة!

والحقيقة – تلك التي لا نستطيع، من خلال نسبيَّتنا، إدراكَها كاملة – تبقى هي الألوهة والمطلق والعدم. ولها أشهد، كأبناء أمَّتي وبلغتهم، مع مَن فهم منهم ذلك ومَن لم يفهم، أنْ... "لا إله إلا الله"!

3

وكان يا صديقي...

كما تقول الكتب، حيث التقت الحقيقة المقدسة بالأسطورة، أنه في غابر الأزمان، وعلى هذه الأرض، حيث "... التين والزيتون وطور سينين وهذا البلد الأمين...[i] ربما وُجِدَت جنَّة عدن؛ وكانت تلك البشرية الأولى التي عرفت الشقاء من أبناء آدم وقايين، حيث تزاوج أبناء الإله من بنات الناس، والتي انقرضت بعد ذلك، من خلال سعيها، وقد ضلَّت الطريق إلى المعرفة.

وعليها استمر بعض تلك البشرية التي نَجَتْ بفضل نوح وأبنائه ومَن معه من الكارثة. ومنها كان ما لَحِق... إنسانية بقيت تتطلَّع إلى المعرفة من أعماق حضيضها، "... فبدَّدها الربُّ من هناك على وجه الأرض كلها وكفَّت [مؤقتاً] عن بناء المدينة...".[ii]

ومنها، كان أبرام الكلداني من أور (الذي أضحى إبراهيم)؛ وكانت له ذرِّيتان (؟): بِكرُه إسماعيل، ابن هاجر، أبو العرب، الذي بارك الله ذرِّيته مرتين، وكان له اثنا عشر ولداً؛ وإسحق، ابن ساراي، أبو الإسرائيليين، الذي ميَّزه ي هـ و هـ كهابيل علناً، وكان له أيضاً، كأخيه، اثنا عشر ولداً. ولإبراهيم كان ولدٌ وحيد كاد أن يقدِّمه للربِّ ذبيحة. ووحيدُه هو إسحق إن شئت؛ وإن لم تشأ، فهو إسماعيل...

فإسحق الذي اختاره ي هـ و هـ مميَّزاً، هو الظاهر هنا (ربما)؛ وإسماعيل الذي باركه الإله، هو العمق الإنساني السحيق، وهو الباطن. وإليه، على مرِّ العصور، كان يلجأ طلاب المعرفة والمسارَرون، كموسى، والأسينيين، وبولس، وسواهم، حين كانوا يُضطَّهَدون.

ومن أرضها، في قديم الزمان، كان الكاهن موسى، القادم من أعماق مصر الحكمة، نبياً لبني إسحق؛ وعلى يده أضحى لإسرائيل ناموس. وكان هارون وكهنوته. وكانت اليهودية.

ومن أبنائها، بحسب الكتب، كان ملوك. ولأنها كانت تضلُّ الطريق دائماً وأبداً، بإصرار، كان الأنبياء من رَبْعها، لخرافها الضالة خاصةً، وكان المرسَلون.

وهي بذلك كانت، من حيث لا تدري، صورة مصغَّرة، مكثَّفة، لإنسانية سعتْ، مع الأسف، ولم تزل تسعى، للتمايز عنها.

ومن اليهودية التي عادت إلى أعماقها، قبل ما يقارب الألفي سنة، كان رسل المسيح، ابن الإنسان – الإله، يفجِّرون بُعداً كونياً لتلك الخراف، وللأمم.

ومن أصولها، من سلالة إسماعيل بكر إبراهيم، قبل ما يزيد عن ألف وأربعمئة عام، كان محمد، على خطى موسى ورسل المسيح، رسولاً للإله الذي آمنت به بنو إسرائيل، بلغة رَبْعه، لها، ولأمَّته، وللأمم...

4

في النشأة والبيئة وفي الزمن...

وقد "ولد رسول الله (ص) يوم الاثني عشرة ليلة خَلَتْ من شهر ربيع الأول من عام الفيل" أو، إذا أردنا الحديث بلغة زماننا ومقاييسه، في عام 571 حسب التقويم الغربي، من أمٍّ هي آمنة بنت وهب وأب هو عبد الله بن عبد المطَّلب الذي "... هلك وأمُّ رسول الله حامل به...".[iii] وعام الفيل هو ذلك الذي حاول فيه أبرهة الأشرم وربعه، بإيعاز من ملك الحبشة النصراني، غزو مكَّة، فلم يوفِّقهم الله الذي "... جعلهم كعصف مأكول...".[iv]

أما رسول الله، فقد رعاه جدُّه عبد المطلب، حتى وافته المنيَّة وما زال محمد في الثامنة. وعبد المطلب، الذي هو ابن هاشم بن عبد مناف هو، كما جاء في سيرة ابن هشام، "... ابن إسماعيل، ابن إبراهيم – خليل الرحمن – ... ابن أخنوخ – وهو إدريس النبي – ... ابن قنين، ابن ياش، ابن شيت، ابن آدم"، كان "... أول من تحنَّث في حِراء... ثم تبعه في ذلك كلُّ من كان يتعبَّد، كورقة بن نوفل وأبي أمية المغيرة...".[v]

والحنيفية هي تلك الصفة التي يطلقها القرآن الكريم على إبراهيم وملَّته وأتباعه الذين لم يشركوا بالله أحداً. فإبراهيم في زمانه "... ما كان يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين...".[vi] وفي زمن إبراهيم، ما كانت اليهودية بعد، وحكماً، ما كانت النصرانية أيضاً، فـ "... ما أُنزِلت التوراة والإنجيل إلا من بعده...[vii] كما يقرُّ الجميع.

في ذلك الزمان، من ملَّة ابراهيم، في الجزيرة العربية، كان يهود وكان نصارى، أحزاباً يتصارعون. في مكَّة (أم القرى) وفي يثرب (المدينة) وخيبر ونجران وسواها... وحولها كانت ممالك وإمبراطوريات، كالروم المسيحيين شمالاً، والأحباش النصارى غرباً، والفرس (الساسانيين) المجوس شرقاً. والروم في ذلك الزمان كانوا، كما يقول المؤرخون، حماة للنصارى؛ والفرس كانوا، بالمقابل، حماة لليهود. وما بين الروم وبين الفرس، كان من بني إسماعيل وإسحق أمِّيون من العرب، ونصارى إسرائيليون من أهل الكتاب، أمَّة وسط يتقاذفون وقد "... ألها[هم] التكاثر حتى [زاروا] المقابر...[viii] وهم لا يعلمون.

ففي جزيرة العرب عموماً، وفي "أم القرى" تحديداً، حيث كان يوجد الجمع، كانت الحياة تتمحور حول تلك التجارة الكبيرة بين الحبشة وبين اليمن من جهة، والشمال من جهة أخرى. وكان المال – الذي يؤمِّنه الحجُّ إلى موقعها المقدس، حيث الكعبة والحجر الأسود ومقام إبراهيم (عليه السلام)، كما هي الحال عليه في أيامنا هذه – هو الإله...

وكان رسول الله (ص) في تلك الأيام، وقد فقد جدَّه، في رعاية عمِّه أبي طالب الذي كان أيضاً، كما يقولون، "... على ملَّة عبد المطَّلب...".[ix]

ومع أبي طالب الذي رعاه، واصطحبه في رحلاته التجارية، كان محمد يتعرَّف إلى العالم المحيط، ويلتقي برهبان النصارى، كبحيرى الذي يقال إنه كان أول من تنبأ له بمستقبل عظيم. ونتمهَّل هنا قليلاً، حيث...

في تلك الأيام، كما تقول السيرة، كان فتى من بلاد فارس، من أهل أصبهان، من المجوس، يدعى سلمان، قد تتبَّع النصرانية، التي يقال إنها أعجبته، إلى أصلها الذي بالشام (دمشق). فقاده المسار باحثاً عن أعماقها إلى نصيبين، فعمورية، فـ"... أرض بين حرّتين، وبينهما نخل به علامات لا تخفى..."، حيث ".. أطلَّ زمان نبيٍّ، مبعوث بدين إبراهيم عليه السلام...".[x] وسلمان كان، على لسان الرسول، وكما جاء من بعد في الحديث، "... من آل البيت...". ومحمد (ص) كان في ذلك الزمان قد أضحى، كما شاء القدر، عاملاً في تجارة خديجة بنت خويلد ابنة عم ورقة بن نوفل الذي كان قد "استحكم في النصرانية، واتَّبع الكتب من أهلها حتى علم علماً من أهل الكتاب[xi] و"كان قساً، والقسُّ رئيس النصارى".[xii] وقد "كان يكتب الكتاب العبراني، فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء أن يكتب...".[xiii]

ومحمد (ص)، "لما بلغ... خمساً وعشرين سنة، تزوج خديجة..."[xiv]؛ وبزواجه من خديجة، تغيَّرت حياة محمد حيث تيقَّن، مسترجعاً ماضيه، كما جاء في الوحي، من أن "... الآخرة خير لك من الأولى، ولسوف يعطيك ربك فترضى، ألم يجدك يتيماً فآوى، ووجدك ضالاً فهدى، ووجدك عائلاً فأغنى...".[xv] وخديجة كان ابن عمها قد أخبرها "... أن محمداً نبي هذه الأمة...".[xvi]

وهذه الأمة التي كانت العمق والباطن، كانت من سلالة إسماعيل التي باركها الربُّ في "العهد القديم" مرتين. وهذه الأمة التي كانت "أمِّية[xvii] ربما عن كتاب لم يكن بلغتها، كانت كسواها، توَّاقة إلى الحقِّ المتمثل في إله جدَّيها آدم و إبراهيم. وفي وسطها، كان النصارى من بني إسرائيل، وكان اليهود.

وفي أعماق هذه الأمة قضى رسول الله (ص)، الذي كان من أسرة "حنيفية"، والذي تزوج من ابنة أخ مَن كان رئيساً للنصارى في مدينته، خمسة عشر سنة في الظل، كلُّ ما نعرف عنها أنه كان خلالها "... يجاور في حِراء من كلِّ سنة شهراً. وكان ذلك مما تحنث به قريش في الجاهلية..." (والتحنُّث هو التحنُّف حسب ابن هشام في سيرته النبوية)، وأنه أيضاً، خلال هذا الشهر من كلِّ سنة، "كان رسول الله (ص)... يطعم من جاءه من المساكين. فإذا قضى جواره من شهره ذلك، كان أول ما يبدأ به، إذا انصرف من جواره، الكعبة، قبل أن يدخل بيته، فيطوف بها سبعاً أو ما شاء الله من ذلك..."، حتى، "لما بلغ رسول الله أربعين سنة، بعثه الله للعاملين...". وأكتفي بهذا القدر مشيراً إلى أن...

ما أوردتُه ملخَّصاً حول زمان وبيئة ونشأة الرسول العربي يطرح الكثير من التساؤلات حول علاقات مفترضة ومنطقية لرسالته اللاحقة بأصول نصرانية وعبرانية. وهذا ما بات يتحدث عنه اليوم علناً (سعياً وراء الحقيقة، أو لغاية في نفس يعقوب) العديد من الباحثين.

لذلك؛ ولأن الحقيقة في عالمنا نسبية، وغير متَّفق عليها تماماً بين البشر، ولأنها ستبقى على حالها كذلك حتى الأفق الإنساني المنظور؛ ولأن للبشر خلفيات ومصالح ليست دائماً بريئة المضمون، رغم ملائكية المظهر؛ ولأن أمَّتنا ما برحت العمق الإنساني، وما برحت الباطن، ولأن العمق بريء وقاسٍ وضعيف من خلال بشريَّته؛ ولأن شريعته، ابنة واقعه... لتلك الأسباب المشروعة مجتمعة وغيرها، ما زالت ترفض النقاش، فإننا نجدُنا، قبل الانتقال إلى ما أنزل الله على رسول أمَّتنا من "قرآن كريم"، ملزمين أن نعود للتفكُّر قليلاً مرة أخرى، وفق منظور يومنا، في مفهوم...

5

الشريعة وعلاقتها بالحقيقة...

فجدلية الحياة ونسبية الإنسان هما اللذان فرضا، وما زالا يفرضان، على كلِّ تلك "الحقائق" المتمثلة في الأديان والعقائد، سماوية كانت أو غير سماوية، أن تتحول، بهذا الشكل أو ذاك، إلى شرائع.

والجدلية نفسها، كقدر إلهي، فرضت على الباحثين عن المعرفة، على مرِّ العصور، وقد أصبحت الشريعة برقعاً يحجب الحقيقة، تجاوزَها.

والشريعة – أية شريعة – مبرَّرة في زمانها. فالحقيقة صعبة جداً وتفهُّمها ليس، مع الأسف، في متناول العوام. والشرائع ما زالت إلى يومنا هذا مبرَّرة، وستبقى كذلك حتى الأفق المنظور. فالجهالة المحيطة، وما يتبعها من تفسخ أخلاقي وانحلال من خلال المادة، هي، ربما، أكبر برهان على ذلك. ولكن...

وأيضاً، باتت تلك الشرائع، من خلال مفاهيمها التي تجاوزها الزمن، ومن خلال انحطاط القوَّامين عليها، من دوافع تلك الجهالة وما يتبعها! وهذا جانب كبير من حقيقة دفعت أبناء المعرفة، على مرِّ العصور، للتمرد، مضحِّين بحياتهم غالباً، لتجاوز أحكامها المعلنة.

ففي حينه، وكمثال قد لا يكون دقيقاً، لكنه أقرب إلى مفاهيم عصرنا، كان ماركس (من أبناء المعرفة) يصف الأديان (محقاً؟) بـ" أفيون الشعوب". والقوَّامون على أديان زمانه كانوا قد حوَّلوها كذلك فعلاً! وهذه كانت الحال أيضاً في الأزمنة السالفة. ورغم هذا، يبقى ذلك التساؤل المرير مُلِحاً:

هل بالإمكان في عالمنا، منذ أن ترسَّخت نزعة الإنسان (الذي أضحى اجتماعياً) إلى التملك والسيطرة، العيشُ بلا شرائع؟ وهل أضحى ذلك ممكناً الآن؟

ربما، لو كانت الحياة مجرَّدة كالمنطق الرياضي؛ ربما، لو لم يعد الإنسان الساعي إلى ألوهيَّته مادياً؛ ربما كان الجواب: نعم، قطعاً، يجب إلغاؤها.

ولكن هذا ما زال، كالوهم، بعيد المنال؛ وما زالت للشرائع مع الأسف، وستبقى لها حتى الأفق المنظور، مبرراتُها.

وعلى الرغم من كلِّ شيء، يبقى ابن المعرفة عالماً أن "لا دين أعلى من الحقيقة!" وابن المعرفة، الذي هو ابن الألوهة الحقَّة، يعلم حين يعانق حقيقته أنه، في سبيلها، تنتفي شرائع أيام خوالٍ... كمحمد بن عبد الله، و قد أمره "ملاك" من عند ربِّه أن...

6

اقرأ...

"... باسم ربِّك الذي خلق...[xviii] "... قولاً ثقيلاً... أشد وطأً وأقوم قيلاً...".[xix] وكانت تلك الرسالة التي اخترقت العمق الإنساني لأمَّة "جاهلة"، فهزَّت العالم من خلالها.

 

وككلِّ رسالة، كان الإسلام موجَّهاً أولاً إلى قومه، الذين رفضت "عليتهم" في البدء قبوله، مزدرية بحامله، وربما، متهمة إياه بالجنون. لكن الرسول كان يعلم، أنْ "والقلم وما يسطرون، ما [هو] بنعمة ربِّـ[ـه] بمجنون، وإن لـ[ـه] لأجراً غير ممنون، وإنـ[ـه] لعلى خلق عظيم، فسـ[ـيُـ]ـبصر ويبصرون...".[xx]

ومحمد (ص) كان، قطعاً، مؤمناً برسالته، وإيمانه بها كان عظيماً. فإلى اليوم، وقد انقضى ألف وأربعمئة عام ونيف، ليس بوسعنا، من قلب شريعته كنَّا أو لم نكن، إلا أن نقف خاشعين ونحن نقرأ بعضاً من أروع ما جاء فيها معبِّراً يقول، على سبيل المثال لا الحصر: "والنجم إذا هوى، ما ضلَّ صاحبكم وما غوى، وما ينطق عن الهوى، إنْ هو إلا وحي يوحى، علَّمه شديد القوى، ذو مِرَّة فاستوى، وهو بالأفق الأعلى، ثم دنى فتدلَّى، فكان قاب قوسين أو أدنى، فأوحى إلى عبده ما أوحى..."[xxi]؛ و"... الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح المصباح في زجاجة الزجاجة كأنها كوكب دُرِّي يوقَد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربية يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار نور على نور...".[xxii] ونعجب...

ونفهم، وهو الناقل عن ربِّه لمن كانوا في حينه مستضعَفين، أن "... نريد أن نمنَّ على الذين استُضعِفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين..."،[xxiii] لماذا تبعه منذ البداية – ودون تردد – المستضعفون من بني قومه...

 

وأكاد، أنا الحرُّ من شريعته عن قناعة وسأبقى – فهذا قدري –، أشهد مع بني قومي... أن محمداً رسول الله... وهو حقاً كذلك، ولا يحتاج إلى شهادتي. ولكن الأمور لم تكن أبداً بهذه البساطة. فتلك الشهادة الظاهرة، ضمن مفاهيم أحكام الشريعة الإسلامية السائدة، تعني:

-       أن أتخلَّى، ولو ظاهراً، عن إيماني (وفهمي) الخاص بإله كوني، "هو أنا" وقد تجاوزت نسبيَّتي، وهو الحقُّ والمطلق والعدم؛ وأيضاً...

 

-       أن أتخلَّى عن إيماني الخاص أن المسيح "ابن الإنسان" هو، من حيث الرمز على الأقل، المجسِّد والمعبِّر عن ألوهة ذلك الإنسان؛ وأخيراً...

-       أن أقبل اليوم بأحكام مدنية ما هي، حسب قناعتي، إلا الظاهر؛ أو هي، من وجهة نظري – وأقولها صراحة –، شريعة أيام خوالٍ.

وفهمي للإسلام، الذي قد لا يشاطره أغلب أبناء ملَّتي، فهم كوني. وقبولي برسوله كباقي الرسل إنما هو من هذا المنطلق. فـ"الإسلام"، كما أفهمه، وكما جاء في قرآنه، صفةً كانت تُطلَق عن حقٍّ على إبراهيم ومن سبق محمداً من ربعه، يفترض أن يستوعب لا أن ينفي. والإسلام، كدين، لم يأت من عدم، وإنما، كما يشهد حوار قرآنه مع "أهل الكتاب"، يستند إلى ما يفترض أنه جاء قبله.

وأحاول، مستعيداً سوره وآياته، أن أتلمس بعقل اليوم، دون التخلِّي عن قناعاتي، أصوله التي كانت...

7

التوراة والإنجيل...

وقد قرأته بكل خشوع مرتين. كانت الأولى، كغالبية الناس، وفق ترتيبه المعتمد؛ فتلمَّست "شريعته". وكانت الثانية، كما أوحى إليَّ قلبي، وفق تسلسل نزول آياته (راجع الفهرس في نهاية هذا البحث)؛ فتلمَّست عمقاً، ربما كانت الشريعة حاجباً له، وفهمت من خلاله أبعاداً أخرى...

وقد أكون مخطئاً في فهمي هذا، وقد لا أكون. ولكن ما أذهب إليه، كمجرد رأي مخلص وصادق، هو من حقِّي. والله، بلسان رسوله، كان أول من دعا عباده أن "... يتدبر[وا] القرآن أم على قلوب أقفالها..."؟![xxiv]

وأبعاده، كما تلمَّستها "وفق الهداية"، أوضحت لي جدلية تكوُّنه ديناً وشريعةً لأمَّة من الأعماق، وكيف تجاوز ذلك الدين، في حينه، من سبقه، وكيف تجاوزت تلك الأمة، من خلاله آنذاك أيضاً، من سبقها.

وما سبقه – ولا خلاف على ذلك – كان الكتاب وأهله. ودعواه، منذ البداية، كانت واستمرت لذلك الكتاب ولأهله الذين ما ارتضى لهم الرسول المذلَّة حيث جاء "... أفنجعل المسلمين كالمجرمين، أما لكم كيف تحكمون، أما لكم كتاب فيه تدرسون، إن لكم فيه لما تخيَّرون...".[xxv]

ودعواه كانت أيضاً، وبخاصةً، لذلك الإنسان الأمِّي "منَّاع الخير [الـ]ـمعتد الأثيم..."[xxvi] من بني قومه عموماً. دعوة إلى "... الصراط المستقيم، صراط الذين [أنعم الرحمن] عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين...".[xxvii]

فمن بني قومه كانت المقاومة الأولى والأكبر؛ كتلك التي كانت متمثلة في البداية بأبي لهب الذي تعدى على الرسول فـ"... تبت يدا[ه]، وتبّ ما أغنى ماله وما كسب..."[xxviii]؛ وبنو قومه كانوا غارقين في الفحشاء. ومحمد (ص) ما كان إلا "... رسولاً شاهداً عليـ(ـهم)، كما أرسل [الله] إلى فرعون رسولاً...".[xxix] فمحمد (بإنسانيَّته) كان الشاهد (بلسان ربِّه) عن عصره، يربط الكاذب بدينه بـ"... ذلك الذي يدع اليتيم، ولا يحضُّ على طعام المسكين..."،[xxx] ويستنكر: "... إذا المؤودة سئلت، بأي ذنب قُتِلت..."[xxxi]؛ ويعبِّر عن استنكاره لفعلة "أصحاب الأخدود" من أتباع ملك اليمن "اليهودي" المغتصب و"... ما فعلوه بالمؤمنين شهود..."[xxxii] – و"أبناء الأخدود في حينه كانوا قد اضطهدوا سكان بلادهم النصارى لإجبارهم على التهوُّد. ولكن، دعوى رسولنا، أولاً وآخراً، كانت، كما سبق وبينَّا، إلى "... الصحف الأولى، صحف إبراهيم وموسى..."[xxxiii]؛ وأيضاً، كانت دعوى لقوم عيسى الذي قال، على لسان ربِّه وعن نفسه: "... سلام عليَّ يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا..."[xxxiv]؛ وربما أخيراً – والله أعلم – كانت في العمق دعوى للمسارَرين، دعوة إلى "... ظل ذي ثلاث شعب، لا ظليل ولا يغني عن اللهب...".[xxxv]

وأتوقف هنا قليلاً، حيث إن ما سبق وأوردته وأشرت إليه من خلفية وما تلاه، قد دفع بعضهم، كالأستاذ الحداد مثلاً وليس حصراً – ولا ينقصهم الإسناد –، أن يستنتجوا أن القرآن ما كان إلا "دعوة نصرانية".

وما يقصده الحداد وسواه بـ"النصرانية" هنا تحديداً إنما هو عقيدة مَن آمن بالمسيح من آل إسرائيل؛ أو لنقل، بوضوح أكبر، دعوى من قَبِل بالناصري من العبرانيين وبقي في الوقت نفسه إسرائيلياً. وأسمح لنفسي، بكل تواضع، أن لا أتفق مع قطعيَّة هذا الاجتهاد؛ وحجَّتي فيما أذهب إليه تنطلق من:

-       أن القرآن كان يقصد بالنصرانية كلَّ من آمن بالمسيح أولاً. فكل من يقرأ القرآن يلاحظ أن لا ذكر فيه لتعبير "مسيحي"، وإنما فقط "نصراني". وحجَّتي فيما أذهب إليه تستند أيضاً إلى...

-       خصوصيات الدعوة المحمدية ثانياً؛ وإلى...

-       عمقها السرَّاني كما أتلمَّسه – والله أعلم – ثالثاً...

وأبدأ بـ...

8

خصوصيات الدعوة المحمدية...

فتلك، كما توضِّحها لنا مقاطعة السيرة النبوية بالتنزيل، تبيِّن أن دعوى محمد كانت، منذ بداياتها، إذ تدعو إلى "الصحف الأولى"، مميَّزة عن تلك الصحف؛ وكان هذا التمايز ملفتاً للنظر. فهي تدعو إلى "الكتاب"، أولاً وبشكل أساسي؛ ولكنها تختلف مع اليهود ومع "التوراة" المعتمدة لدى كلٍّ من المسيحية واليهودية في بعض تفاصيل ما تنقله من سِيَر ثانياً. وكان ذلك جلياً منذ بدء التنزيل؛ وقد استمر يتصاعد من خلال مسيرة الوحي والدعوة. ونفصِّل هنا قليلاً...

فنلاحظ أن "القرآن" قد ربط، قبل كل شيء، قصص تلك الصحف، وبشكل طبيعي جداً، بقصص آخر لم تشتمل عليه كما هو معتمد في اليهودية والمسيحية. ونشير، على سبيل المثال لا الحصر، إلى بعض الأمثلة المستقاة من بعض السور المكِّية تتحدث عن:

-       قصة خطيئة إبليس وربطها بالغرور، وقصة خطيئة آدم (الإنسان) وربطها بوسواس الشيطان، وأيضاً بالغرور. ونتلمس بُعداً سرَّانياً يثبِّته القرآن (سنعود إليه لاحقاً)، بُعداً ينطلق من ذلك الفهم العميق للنفس البشرية، وللإله الذي "... خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين..".[xxxvi]

-       سيرة نقاش نوح مع ابنه الذي رفض أن يركب الفلك معه قائلاً: "... سآوي إلى جبل يعصمني من الماء...".[xxxvii] وأتساءل عن الحكمة الإنسانية من ورائها. والأسطورة عند بعضهم تتحدث عن بقاء بعض الأفراد من سلالة قايين حياً بعد الطوفان. وقايين (قابيل)، الذي هو رمز الإنسان الخاطئ، هو قطعاً رمز إنسانيَّتنا.

-       سيرة "... عاد وأخيهم هود..."[xxxviii] و"... ثمود وصالح..."[xxxix] و"... مدين [و] شعيب...".[xl] وأتلمَّس ما قد يوحي بما يذهب إليه بعضهم من أصول عربية للتوراة.

-       سيرة موسى، المتطابقة مع مثيلتها في "العهد القديم"، ما عدا بعض التفاصيل، كتلك التي تتحدث عن سحرة فرعون وقد غُلِبوا فـ"... انقلبوا صاغرين... [و] قالوا آمنَّا بربِّ العالمين، ربِّ موسى وهرون..."، وكيف هدَّد فرعون من بعدُ كهنته الذين آمنوا فأجابوه: "... إنَّا إلى ربِّنا منقلبون، ما تنقم منَّا إلا أن آمنا بآيات ربِّنا لما جاءتْنا ربَّنا أفرغ علينا صبراً وتوفِّنا مسلمين...".[xli] مما يوحي، ربما، باحتمال مغادرة هؤلاء الكهنة أرض مصر مع موسى وبني إسرائيل فيما بعد.

وأيضاً، كما نبَّهني صديق عزيز، واقع ربط "القرآن" لفرعون بهامان.[xlii] واسم هامان يذكِّرنا بآمون؛ وموسى ومن تبعه من كهنة فرعون كانوا، ربما، ممَّن تبقى من أتباع الإله الأوحد آتون. ونقف حالمين، وأمامنا ما قد يشير إلى بعض الأصول الفعلية للعهد القديم. والله أعلم، ربما كان "... هذا القرآن يقصُّ على بني إسرائيل أكثر الذين هم فيه يختلفون...".[xliii] وأيضاً...

كانت دعوى محمد لقوم عيسى بن مريم، التي أرسل لها الله "... من روحـ[ـه] فتمثَّل بشراً سويا...[xliv] متمايزة عما يؤمن به المسيحيون، كون المسيح بنظرهم ابناً للإله؛ حيث إن الله، بحسب القرآن، "... ما كان... أن يتَّخذ من ولد – سبحنه – إذا قضى أمراً [و] إنما يقول له كن فيكون...".[xlv] لكنها، في نفس الوقت، تؤكد على خلاف جوهري مع اليهودية التي لا تقبل بعيسى بن مريم مسيحاً. ونشير هنا إلى أننا نجد في سورة مريم، التي كانت من أوضح المكِّيات طرحاً للمفهوم النصراني في الإسلام قبل الهجرة، تأكيداً لتأييد الرسول للذين قبلوا دعوة المسيح من آل إسرائيل، وتلميحاً، ربما، لما يمكن تفسيره في حينه انتماءً إلى بعضهم؛ ومن أشار إلى هذا الأمر لم يكن، من وجهة نظري، مخطئاً. ولكن، كما سبق وأشرنا...

كان هنالك، منذ البدء أيضاً، تمايز واضح عن النصارى من آل إسرائيل وعن سواهم، كما كان هنالك تمايز عن اليهود. ونسترجع سور "القرآن الكريم" بحسب تسلسل التنزيل، فنلاحظ أنه رغم دعوة الرسول، منذ البداية، إلى "... صحف إبراهيم وموسى..."، إلا أنه، من خلال مهاجمته أصحاب الأخدود على "... ما يفعلون بالمؤمنين..."[xlvi] (من سكان اليمن النصارى)، إنما كان يعبِّر عن تمايزه عن اليهود. وهو أيضاً، منذ البداية، من خلال "سورة الفيل"، إذ كان يعبِّر عن استنكاره لأصحاب تلك الموقعة من النصارى الأحباش الذين غزوا اليمن آنذاك وحاولوا، من خلاله، غزو "أم القرى" وتنصيرها، إنما كان يعبِّر، في الوقت نفسه، عن تمايزه عن النصارى الأحباش. وذلك رغم أن أول هجرة للمسلمين المضطهدين في حينه كانت، كما نعلم، إلى الحبشة التي كان أهلُها، من حيث الإيمان النصراني، أقرب إلى المسلمين من سواهم.

نستنتج مما سبق أن تفسير هذا التمايز إنما يعود إلى الانتماء العربي لرسول الله الذي أقسم "... بهذا البلد، و[هو] حِلٌّ بهذا البلد...".[xlvii] فالرسول الذي أكَّد، كأمَّته، على أمِّيته، إنما كان الداعي باسم ربِّه لربعه قبل سواهم، "... قرآناً عربياً... صرَّف [الله لهم] فيه من الوعيد لعلَّهم يتَّقون...[xlviii] "... كتاب فُصِّلت آياته... لقوم يعلمون..."،[xlix] كتاب كان أُنزِل أول ما أُنزِل "... لـ[ـيُـ]ـنذِر أم القرى ومن حولها...".[l] فمقاومة دعوة الرسول من بني قومه كانت هي الأساس في حينه.

والرسول، عشية هجرته وأتباعه إلى يثرب، من خلال تأكيده على عروبة القرآن، إنما كان يحاول، كما يبدو لي، درء عداوة من لم يقبلْه في حينه من أهل الكتاب. والرسول، في حينه، ما كان بعد قد تمايز تماماً عن النصارى، وما كان أيضاً قد اصطدم باليهود.

***

(للبحث تتمة...)


[i] سورة التين 1-3.

[ii] تكوين 11-8.

[iii] سيرة ابن هشام.

[iv] سورة الفيل 5.

[v] السيرة الحلبية.

[vi] سورة آل عمران 67.

[vii] سورة آل عمران 65.

[viii] سورة التكاثر 7-8.

[ix] السيرة الحلبية.

[x] سيرة ابن هشام.

[xi] سيرة ابن هشام.

[xii] السيرة الحلبية.

[xiii] صحيح البخاري.

[xiv] سيرة ابن هشام.

[xv] سورة الضحى 3-7.

[xvi] سيرة ابن هشام.

[xvii] يلمِّح د. فيليب حتِّي في كتابه تاريخ العرب أن كلمة "أمِّية"، حين كانت تطلق على العرب في تلك الأيام، إنما كان المقصود بها جهل أصحابه بلغة "العهد القديم".

[xviii] سورة العلق 1.

[xix] سورة المزمِّل 4-5.

[xx] سورة القلم 1-5.

[xxi] سورة النجم 1-10.

[xxii] سورة النور 35.

[xxiii] سورة القصص 5.

[xxiv] سورة محمد 24.

[xxv] سورة القلم 35-38.

[xxvi] سورة القلم 12.

[xxvii] سورة الفاتحة 6-7.

[xxviii] سورة المسد 1-2.

[xxix] سورة المزمِّل 15.

[xxx] سورة الماعون 2-3.

[xxxi] سورة التكوير 8-9.

[xxxii] سورة البروج 7.

[xxxiii] سورة العلى 18-19.

[xxxiv] سورة مريم 33.

[xxxv] سورة المرسلات 30-31.

[xxxvi] سورة النحل 4.

[xxxvii] سورة هود 43.

[xxxviii] سورة الأعراف 65.

[xxxix] سورة الأعراف 73.

[xl] سورة الأعراف 85.

[xli] سورة الأعراف 113-126.

[xlii] سورة القصص 6.

[xliii] سورة النمل 76.

[xliv] سورة مريم 17.

[xlv] سورة مريم 35.

[xlvi] سورة البروج 7.

[xlvii] سورة البلد 1–2.

[xlviii] سورة مريم 113.

[xlix] سورة فصلت 3.

[l] سورة الشورى 7.

 

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

                              

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود