اليوغا وفسيولوجيا

الجسم البشري

 

ديمتري أفييرينوس

 

كلمة يوغا مشتقة من الجذر الهند–أوروبي يوغ yug الذي يعني "منضم" أو "مقرون". وهو لا يشير إلى "الانضمام إلى الله"، كما يعتقد بعضهم، بقدر ما يشير إلى "الانضمام إلى الذات"؛ ذلك أن اليوغا، قبل كل شيء، وسيلة لتكامل الفرد في ذاته.

مصطلح يوغا ينطبق إذن على رياضات جدُّ متنوعة، من نحو الـجنانايوغا jnana-yoga، أو يوغا المعرفة، وبهكتي يوغا bhakti-yoga، أو يوغا التعبُّد. لكننا لن نتطرَّق في بحثنا هذا إلا إلى اليوغا الذي يهمُّ البيولوجي أو الباحث في علم النفس، أي إلى جملة الفنون النفسية–الفسيولوجية والنفسية–الذهنية، استناداً إلى المؤلَّف الذي يُنسَب إلى الأستاذ اليوغاني الكبير بَـتَـنْـجَـلي الموسوم بـاليوغاسوترا.[1]

إن تاريخ وضع هذا النص غير معروف على وجه الدقة، لكن المرجَّح أنه يعود إلى حوالى ألفي عام؛ كما أن الذي وصلنا عن واضعه شحيح للغاية. إنما يلوح لنا أن التعاليم التي نجدها مختصرةً فيه تتناول رياضات أقدم بكثير من تاريخ تدوينه. اليوغا معرَّف به فيه بوصفه "إبطال التقلُّبات النفسية–الذهنية"، أو بالأصح، بوصفه الوسيلة التي تقود إلى مثل هذا الإبطال (الصورة 1). أمام هذا التعريف ينطرح التساؤلان التاليان: لماذا وضع اليوغانيون نصب أعينهم غاية كهذه؟ وما هي الطرق التي وضعوها لبلوغها؟ السؤال الأول أدْخَلُ في باب الفلسفة والإلهيات؛ والإجابة عليه – وإن كانت لا تتعارض مطلقاً مع البحث العلمي، إنما تكمِّله – لا تقع ضمن نطاق هذا البحث.[2]

 

الصورة 1: مقطع من يوغاسوترا بتنجلي في مخطوط قديم. اليوغا، بحسب بتنجلي، هو "إبطال التقلُّبات النفسية–الذهنية". وهذا الإبطال نفسه يتوقف على تحصيل استقرار فسيولوجي أكبر.

ومع ذلك فقد ارتأينا من المفيد أن نعود إلى تشبيه يقدمه أساتذة اليوغا لتبيان علل رياضتهم ومعلولاتها. إنهم يشبِّهون الذهن البشري ببحيرة تضطرب صفحتها وتموج دوماً. هذه الأمواج هي الانطباعات والإحساسات والصور والأفكار والذاكرات التي تَعْبُر حقل وعينا عبوراً متواصلاً بتأثير منبِّهات داخلية وخارجية تأتينا من الوسط المحيط ومن جسمنا نفسه ومن ذاكرتنا. وهي تمنع مُشاهِداً يُطِلُّ على صفحة الماء من رؤية قاع البحيرة. بعبارة أخرى، فإن التقلُّبات النفسية–الذهنية التي يختبرها وعينا لا تسمح له برؤية الطبيعة الحقة للنفس، أي الذات في ماهيَّتها الأصلية. وحده إيقاف هذه الدوامات الذهنية يقود إلى الحقيقة القصوى، حقيقة الوعي الخالص، ويفسح للإنسان مجال التحرر من قيود وجوده المشروط الذي لا يعي "وجوبه"، أي غايته ومنتهاه.

أشواط يوغا بَـتَـنْـجَـلي الثمانية

حتى يتسنى إبطال التقلُّبات النفسية–الذهنية يعلِّم بتنجلي منهاجاً يشتمل على ثمانية أشواط متمايزة ومتتابعة (انظر الجدول). للشوطان الأول والثاني، ياما yama و نياما niyama، مَتاتٌ بالأخلاق والسلوك. إنهما يرميان إلى إبطال أسباب التقلقل الآتية من الخارج: الحياة الصاخبة، الأعمال الطالحة، الأطعمة المثيرة، إلخ. الشوطان التاليان، الـآسنا asana، أو الجلسات، والـبراناياما pranayama، أو تمارين ضبط التنفس، هما الأشهر بين مناهج اليوغا، ويشتملان على فنون الـهاتهايوغا hathayoga، أو يوغا القوة.[3] وهما يستهدفان اكتساب ضبط الجسم والنفَس ضبطاً تاماً، الأمر الذي يؤدي إلى ضبط أفضل للنفْس، أو يؤسِّس على الأقل تأسيساً أرسخ لبلوغ هذه الغاية. يبدو هذا المقترب في نظر البيولوجي الحديث معقولاً للغاية. فإذا كان بوسع المخ أن يبلغ درجة رفيعة من الأداء فإن هذا يتم بفضل جملة المعايرات الدقيقة في المتعضِّية، بما يسمح بالمحافظة على ثبات الخواص الفيزيائية والكيميائية للوسط الداخلي. وهذا الثبات أبعد ما يكون عن الكمال، إذا يتعرض تعرضاً مستمراً للتقلُّب.[4] وهذه التقلُّبات البيولوجية هامة وعديدة في جسم الإنسان. من هنا فإن أي منهاج يساعد على التخفيف من التقلُّبات البيولوجية يُستوجَب تسليط الضوء عليه، من حيث إنه يقود حتماً إلى استقرار أكبر على صعيد الوظائف المخية، وبالتالي على الصعيد النفسي.

ما إن يحقق المريد تقدماً كافياً في ممارسة الـهاتهايوغا يصير بإمكانه أن يغذَّ السير في الأشواط التالية، أي أشواط الـراجايوغا rajayoga بحصر المعنى، التي تشتمل على رياضات نفسية–ذهنية، من فك الارتباط الحواسي بموضوعات الحس، إلى التركيز، فالتأمل؛ والقصد منها السيطرة على ملكات الانتباه. أما الشوط النهائي، سمادهي samadhi، فهو ذروة الأشواط السابقة وغايتها. وهو كثيراً ما دُعِي خطأ بـ"الإشراق" و"الوَجْد" و"الانخطاف" ecstasy، لكننا فضلنا اعتماد ترجمة مرشيا إلياده:[5] "الاستغراق" enstase الذي يشير إلى رسوخ النفس في وضع جديد يزول فيه التمييز بين المشاهِد وموضوع المشاهدة، إذ "يستغرق" اليوغاني في ذاته العليا ويصير واحداً معها، أو بالأصح يدرك أنها "هويته" الحقة.

 

التأثيرات البيولوجية

الرياضات

الصحة، التوازن الذهني

- القواعد والوصايا الأخلاقية التي تشمل

- مبادئ الصحة والنظام الغذائي

الأشواط التمهيدية

1. ياما...............

2. نياما...............

خفض التبدلات البيولوجية، ضبط الجسم الذي ييسر الاستقرار الذهني

 

- تأثير على العضلات والمفاصل والأحشاء والغدد وعلى التوعية الدموية

- الضبط القلبي–التنفسي، الاسترخاء، تحريض حالات نوامية

- التدليك داخل البطني مع "ضغط سلبي"

الأشواط النفسية–الجسمية (هاتهايوغا)

 

3. آسنا، وضع ..........

و مودرا، حركة ..........

 

4. براناياما، ضبط التنفس .....

 

و بندها، تقليص ..........

الفكاك، ضبط ملكات الانتباه

- الانقطاع عن العالم الخارجي (المنبِّهات الحواسية) والداخلي (الذكريات، الأفكار)

- تركيز الانتباه في نقطة واحدة

- ممارسة دهارنا على إسقاط ذهني معين، اكتساب حالة صحو جديدة مستقلة عن المنبِّهات الواردة

- توطيد النفس في وضع جديد

الأشواط النفسية–الذهنية (راجايوغا)

5. براتياهارا، انسحاب ..........

 

6. دهارنا، تركيز ...............

7. دهيانا، تأمل ...............

 

8. سمادهي، استغراق ..........

 

الجدول: الأشواط الثمانية لمنهاج اليوغا بحسب بتنجلي وتأثيراتها النفسية–الفسيولوجية المحتملة. لقد سبق لأبحاث تجريبية أن برهنت على الفعالية الحقة لبعض هذه الرياضات. غير أن الضرورة تقضي بإجراء استقصاءات أوسع بغية استكشاف الإواليات الفاعلة من خلالها والتحقق من مدى النتائج المتحصَّل عليها.

 

بالطبع لا تكفي قراءةُ نصوص (يتعذَّر تأويلها أحياناً بدون تحصيل معلومات أساسية في البيولوجيا وعلم النفس) لمحاولة فهم فنون اليوغا ولتعيين النتائج التي ييسِّر بلوغها واستنباط الإواليات الفسيولوجية والنفسانية التي تفعل من خلاله. من هنا لم تُفهَم كلمة سمسكارا samskara التي كثيراً ما تَرِد في التصانيف السنسكريتية، ولم تترجَم ترجمة دقيقة إلا بعد اكتشافات علم نفس الأعماق. فهذا المصطلح المستعمَل منذ آلاف السنين للإشارة إلى البنى الذهنية ما تحت الواعية لم يكن بالإمكان فهمُه قبل معرفة مفهوم ما تحت الوعي subconscious. بيد أن الإلمام بالأدبيات وبالعلوم المشرقية من جهة، وبالعلوم الطبية–البيولوجية من جهة أخرى، مقرونة إلى البحوث الاختبارية التي سيرد ذكرها، ما تزال غير كافية، من حيث إن بعض الحالات الذهنية المتحققة إبان ممارسة اليوغا، كما وبعض الفنون النفسية–الفسيولوجية، يصعب فهمها خارج إطارها الأصلي المنقول، وبخاصة على الفكر الحديث الذي لا يستثمر من الملكات العقلية الإنسانية إلا المنطق الخطابي، الخطِّي discursive reason. على أن هذه يمكن أن تكون بمثابة منطلقات للفهم، لا غنى لها عن الاختبار الحيِّ، أي ممارسة اليوغا بإشراف مرشد قدير، والشعور بتفتح الوعي الذي تثمر عنه هذه الممارسة. من هنا استند بحثنا استناداً أساسياً على تعاليم أساتذة قديرين، إنْ في الـهاتهايوغا أو في الـراجايوغا،[6] بالإضافة إلى اطِّلاعنا على شهادة طبيب بيولوجي فرنسي، باحث في المركز القومي للبحث العلمي، مارس اليوغا في الهند بإشراف أساتذة كبار.[7]

الآثار النفسية-الفسيولوجية للهاتهايوغا

بالإضافة إلى سماتهما الأخلاقية، يستهدف الشوطان التمهيديان، ياما و نياما، الحفاظ على صحة جيدة وتوازن ذهني رصين. هذا ما يقصده أساتذة اليوغا عندما يقولون إن على المريد، قبل أن يبدأ بممارسة اليوغا، أن يحقق درجة معينة من نقاء الجسم والذهن. فاليوغا، من حيث المبدأ، لا يتوجَّه إلى المرضى ولا ينطبق عليهم (الصورة 2). لذا لم يكن أساتذة المنقول القديم يقبلون غير صفوة من المريدين كانوا يختارونهم بعناية بحسب استعداداتهم ومؤهلاتهم الجسمانية والنفسية. ولئن بدا من المبرَّر في الوقت الحاضر استعمال عدد من التمارين لأغراض علاجية، يجب عدم النظر في مثل هذه التطبيقات إلا بالكثير من الحيطة، وعدم التسرُّع فيها قبل إجراء بحوث أوسع.[8]

الصورة 2: تمرين من تمارين الهاتهايوغا. يفترض في تمارين كهذه أن تمنح اليوغاني ضبطاً أفضل للجسم وللنفس، ناهيك عن إكسابه مناعة ضد الأمراض.

 

إن الهدف الرئيسي من ممارسة الـآسنا هو اتخاذ وضع مستقر مريح لفترات طويلة نسبياً. فالرياضات النفسية–الذهنية تتطلب بالفعل فترات طويلة من السكون المطلق ينبغي في أثنائها ألا يكدِّر صفو الفرد أي إحساس مزعج ناجم عن التوقف التام عن الحركة. الـآسنا والـبراناياما تسهم أيضاً، إلى حد كبير على ما يبدو، في التخفيف من التغيرات الفسيولوجية. ولقد حاول الطبيب جان جورج هنروت التحقق من هذه الفرضية (أنظر المُنْحَنيين 1 و 2) بإجراء تجربة بسيطة على قياس النبض عند المريدين المبتدئين وعند ممارسي اليوغا منذ عدة سنوات، فتبيَّن له أن متوسط النبض وتغيراته أقل في المجموعة الثانية منهما في المجموعة الأولى. وهذه النتيجة مرتبطة، على ما يبدو، بممارسة ضبط التنفس الذي يلوح أن أثَرَه على العصب المبهم (القحفي العاشر) وتباطؤ نظم القلب الناتج عنه تَحْكُمُه اعتبارات سنأتي على ذكرها لاحقاً. هذا وإن لوضع الجسم أهمية لا يستهان بها، كما لاحظ أحد البيولوجيين الذي أعاد من حيث لا يدري ابتكار تمارين يوغية. فقد رصد هذا الباحث غياب تسارع النبض في إثر القيام بتمارين جسمانية باتخاذ جلسة خاصة.[9] وأخيراً يمكن عزو انخفاض التغير إلى استقرار عاطفي وانفعالي أقوى. ومع أننا بانتظار إجراء مزيد من الأبحاث في هذا المجال لن نحجم الآن عن تحليل كيفية تأثير الآسنا الذي يقع، كما يلوح لنا، على مستويات ثلاثة: مستوى فسيولوجي، مستوى عصبي–فسيولوجي، ومستوى ذهني.

 

المنحنيان البيانيان 1 و 2: تأثير ممارسة اليوغا على تبدُّل النبض. إذا رمزنا إلى تبدُّل النبض بالانزياح σ نجد أن هذا الأخير يكون أقل لدى التلامذة المتقدمين منه لدى المبتدئين. أما المتوسط m، فهو كذلك أقل لدى المتقدمين منه لدى المبتدئين. وتشير هذه النتائج التي تم الحصول عليها في حالة الراحة إلى أن اليوغا يعدِّل ثبات المتعضِّية على نحو دائم. ونشاهد في الأعلى التبدُّل بين أفراد المجموعة نفسها في لحظة معطاة؛ أما في الأسفل فنشاهد التبدُّل الوسطي خلال عشرة فحوص متوالية موزعة على مدى شهر. ويبيِّن المنحنى توزيع الأشخاص (المحور العمودي) بحسب قيم النبض (المحور الأفقي).

 

إن أوضاع الهاتهايوغا تمارَس وفق متواليات محددة بدقة، بحيث تعقب كل وضعيةٍ وضعيةٌ مضادة أو معاكسة لها (الصورتان 3 و 4). فتأثيرهما الجسماني إذن متوازن للغاية، ويتجلَّى على المستويين العضلي والعظمي–المفصلي، وعلى مستوى الأحشاء العميقة، ولاسيما الغدد الصم. إن لوضع الشمعة، على سبيل المثال، تأثير محسوس على الغدة الدرقية التي تنضغط من جرائها انضغاطاً خفيفاً، بينما لوضع الثعبان، على ما يبدو، تأثير على الكلية برمتها وعلى الكظر (=الغدة فوق الكلية) (الصورتان 11 و 12 والمخطط البياني 3). ويبدو أن هذه التأثيرات، مثلها مثل تأثيرات أخرى على المعدة (الصورة 5) وناحية الحوض الصغير (الصورة 2) والعمود الفقري (الصورة 9)، تأثيرات نوعية نسبياً على الأجهزة المذكورة. فلعل لها تأثيراً منظِّماً، لا هو بالحاثِّ ولا هو بالناهي، يمكن عزوه إلى منعكسات وعائية وإلى تدليكات باطنية. من الأمثلة بهذا الصدد مثال جلسة مهامودرا أو التنويع عليها جانوشيراسنا المستعملتان في الهند لعلاج حالات داء السكري الشيخي الخفيفة (الصورة 8). ويؤكد أطباء هنود أنهم رصدوا نجاعة هذه المعالجة، وإن لم تُنشر إلى الآن، على حد علمنا، دراسة إحصائية دقيقة بهذا الخصوص، الأمر الذي يقتضي إجراء اختبارات أكثر جدية.

 

الصورة رقم 4  الصورة رقم 3

الصورتان 3 و 4: مثالان يوضحان وضعية (ثني) ووضعية مضادة (بسط). في الهاتهايوغا يجب دوماً ممارسة الوضعيات والوضعيات المضادة بالتناوب. جدير بالذكر أن الآسنا تبقى عديمة الفعالية ما لم تترافق بتنفس بطيء موقَّع وبتركيز ذهني ملائم.

 

غير أن أثر وضع الجسم على الفسيولوجيا البشرية قد سبق له أن صار محلَّ بعض الأبحاث: فوضع الاستلقاء، مثلاً، يُحدِث تبدلات في تركيب الدم، من بينها انخفاض في نسبة البروتينات المصلية.[10] أما وضع الانتصاب فيؤدي في غضون زمن قصير جداً إلى زيادة إنتاج الهرمونات الكظرية، الألدوستيرون والكاتيكولامين.[11] فكيف لا نقرُّ، والحال هذه، بأن لوضع مثل شرشاسنا sirshasana (الصورتان 7، أ و ب)، يُقلَب فيه أثر الجاذبية على الأجهزة، تأثيراً لا يستهان به على الغدد الصم، على التوعية المخية والوظائف الفكرية، وعلى اضطرابات الدوران الوريدي في الطرفين السفليين؟ بيد أن ممارسة هذا الآسنا، بخلاف الأوضاع الأخرى، ليست دوماً مأمونة العواقب. فبشيء من الاعتياد يصير بالإمكان الثبات على الرأس مدة ربع ساعة بدون احتقان دماغي يُذكَر، لكن العملية تتطلب شرايين مخية سليمة. من جانب آخر، فإن في الوقوف على الفقرات الرقبية، وإن يكن يتم بالاستناد إلى الساعدين، خطر شديد إذا لم تكن عضلات الرقبة على استعداد كافٍ لأداء هذا التمرين. ذلكم هو سبب إصرار أساتذة اليوغا على ضرورة ممارسة مسبقة للوضع المعاكس، شرفنغاسنا sarvangasana، أو وضع الشمعة (الصورة 11)، الذي يقوِّي بما لا يستهان به عضلات الرقبة ويحرِّض تطاولاً فسيولوجياً للعمود الرقبي. وبالإضافة إلى تأثيرات آلية واضحة،فقد تؤثر بعض الأوضاع بطريق انعكاسي. وإن دراسة مقارنة بين اليوغا والتأبير (فن الوخز بالإبر الصيني) وفنون تدليك المناطق الانعكاسية قد تقدم لنا توضيحات مفيدة في هذا المجال.

الصورة 5: هالاسانا، أو وضع المحراث، يفيد في حالات الأمراض المَعِديَّة.

 

يبدو أيضاً أن لممارسة متوازنة للآسنا تأثيراً إيجابياً على تمثيل التصوُّر البدني، في حين أن بعض الأوضاع (الصورة 10) ييسِّر نزوعاً إلى النكوص الذهني أو إلى حالة نصف نوامية. لقد دُرِست هذه النقطة دراسة مستفيضة عند الحيوان، وأقيم الدليل على وجود أوضاع مولِّدة للنوام نوعياً.[12] ويمكن تعزيز الآثار النفسية–الفسيولوجية للآسنا بممارسة مرافِقة للتنفس المتباطئ والانتباه المركَّز على السيالة التنفسية أو على نقطة معينة من البدن. وعلى ممارس اليوغا أن يحرص على المحافظة على إيقاع تنفس ليس بطيئاً جداً وحسب – يمكن لهذا الإيقاع أن ينخفض حتى تنفُّسين في الدقيقة –، بل واحد دوماً مهما كانت وضعية البدن. وهذه النقطة هامة لأنه بمقدار سهولة التنفس ببطء في مواقف معينة يكون التنفس صعباً في مواقف أخرى. وبحسب الأستاذ ب. ك. س. إيينْغَر، يسمح هذا النهج ببلوغ استقرار داخلي أعظم. وهو بالتأكيد مسؤول، جزئياً على الأقل، عن النتائج الملحوظة التي حصل عليها المريدون الذين أُجريت عليهم التجربة المبيَّنة في المنحنيين 1 و 2. أما عن تركيز الانتباه على مناطق معينة من الجسم، فهو، بالإضافة إلى تأثيره الخاص الذي سنأتي على ذكره لاحقاً، يفضي إلى استرخاء أحسن للأجزاء الأخرى من البنية.[13] من هنا فإن ما يصنع الهاتهايوغا هو الجمع بين هذه الأفعال الثلاثة: الوضع والتنفس والتركيز؛ فكل جلسة تستغني عن العاملين الثاني والثالث تدخل في باب التمرين الجسماني البحت، ولا تمت بصلة إلى اليوغا إلا من حيث المظهر فقط. إن مثل هذه التريُّض قد يكون مفيداً، لكن مداه محدود لأنه يتعمَّد تنحية الآثار الاسترخائية والمقوِّية للرياضتين الأخريين.

 

الصورة 6 - ب  الصورة 6 - آ

الصورة 6: غوموكهاسانا، أو جلسة وجه البقرة، تفيد في تنشيط عضلات الذراعين والكتفين والعضلات الصدروية والإربية وعضلات البطن، بالإضافة إلى عضلات الحوض والفخذين. (أ) منظر أمامي و(ب) منظر خلفي.

 

بعض التجليات المميِّزة وتأويلها العلمي

هناك، بالإضافة إلى التنفسات البطيئة التي تترافق مع الآسنا، تمارين تنفسية خاصة، الـبراناياما، يُفترَض فيها، أكثر من التمارين السابقة حتى، أن تزيد الاستقرار الباطن والتأثير على مستوى النفساني. من خصائصها ممارسة الـبندها bandha، أو التقليصات، بتركيز الانتباه على مناطق مختلفة من المخاطية التنفسية العلوية وبإبطاء التنفس المذكور آنفاً، بالترافق مع إمساك النفَس. إن البندها ثلاثة: جالاندهارابندها jalandharabandha عبارة عن لَيْ الرأس بما يسبب تقلصاً خفيفاً على مستوى الجيب السباتي؛ مولابندها mulabandha عبارة عن تقليص العضلة رافعة الشرج؛ أما أودِّيانابندها uddiyanabandha فهو يتم على النحو التالي: يباشر اليوغاني بعد الزفير حركة تنفسية والمزمار مغلق. من شأن هذه العملية أن تولد انخفاضاً في الضغط داخل جوف البطن، يمكن تعزيزه بالـناولي nauli، أي التقليص المعزول للعضلات المستقيمة الكبرى في أثناء الـأودِّيانا (الصورة 13). وهذا التمرين يولد في البطن "ضغطاً سالباً" كافياً للسماح للفرد بشفط الماء عبر مسبار موضوع في المستقيم أو المثانة أو المعدة. مثل هذه التجليات المذهلة نوعاً ما حملت بعضهم على الظن بأن بإمكان اليوغانية أن يتحكموا إرادياً في عضلاتهم الملساء، بيد أن هذا الأمر لم يثبت علمياً حتى الآن.

تقودنا هذه الملاحظة إلى التعليق على "كرامات" أخرى مفترضة أو سِدِّهي siddhi ناتجة عن ممارسة اليوغا: التوقيف القلبي الإرادي وبقاء المدفونين أحياء على قيد الحياة. لقد كانت د. تيريز بروسّ بلا منازع أول من لفت الأنظار إلى التحكُّم القلبي–الوعائي لليوغانيين،[14] حيث نشرت وثائق قيِّمة جداً حول تعديلات النبض والمخطط الكهربائي للقلب والحقل الكهربائي الأساسي والمخطط الكهربائي للمخ إبان ممارسة اليوغا. ولقد واصل بحَّاثة عديدون ما بدأت حول التوقيف الإرادي للقلب. وبالطبع، هناك إجماع، بخصوص هذه التجارب، على أن الأمر ليس أبداً عبارة عن توقُّف تام ومديد للقلب، يحول دون المحافظة على الوظائف الحيوية، إنما يُرصَد ببساطة تباطؤ قلبي bradycaria شديد، غالباً ما يترافق بتعديلات في المخطط الكهربائي للقلب وبانخفاض في شدة التقلصات القلبية. من هنا فإن النبض قد يبدو مختفياً تماماً بالجس بينما يواصل القلب الخفقان على نحو ضعيف. والعديد من الأفراد الذين فحصهم الفسيولوجيون يستعملون في الواقع وسائل فظة نوعاً ما: رفع الضغط داخل الصدر من جراء تقليص العضلات البطنية والصدرية، والمزمار مغلق، مع حقن الأوردة الوداجية واختفاء النبض والأصوات القلبية بالمسماع، مع بقاء المخطط الكهربائي القلبي طفيف التبدُّل. وبالتصوير الشعاعي لا يشاهَد إلا انكماش خفيف في العضلة القلبية. وفي حالات أخرى تختلف النتائج المرصودة اختلافاً تاماً. وهذا بالتحديد شأن حالة رصدها فِنْكر وبكشي وآنند تمكن صاحبها من الحفاظ على تواتر قلبي يتراوح بين 20 و25 خفقة في الدقيقة مدة حوالى 15 ثانية.[15] يستنتج هؤلاء الباحثون من مشاهداتهم – التي أُجريت باتخاذ كل الاحتياطات المطلوبة وحتى بالكثير من التشكك – أن اليوغاني المذكور ينبِّه إرادياً عصبه المبهم بوسيلة لم يتمكَّنوا من كشفها.

 

 الصورة 7 - ب

 الصورة 7 - آ

الصورة 7: شيرشاسانا، أو الوضع الرأسي. قد يكون هذا الوضع خطراً على الفقرات الرقبية إذا لم تسبقه ممارسة طويلة لـشارفانغاسانا (الصورة 11). (أ) الوضع الأساسي و(ب) محاولة تنويع عليه.

 

إن من شأن البراناياما أن تؤدي إلى مثل هذا الضبط. فممارستها تؤدي إلى تناقص التواتر القلبي (الصورة 14 والمخطط البياني 4) الذي قد يتم إما بتباطؤ التنفس وإما بتركيز الانتباه على مخاطية الأنف أو الحنجرة. إن إثارة هاتين المخاطيَّتين بالملامسات أو بغازات مخرِّشة تُحدِث بالفعل لدى الحيوان، وبدرجة أقل لدى الإنسان، تنبيهاً للعصب المبهم يترافق بتباطؤ في نظم القلب ملحوظ في بعض الأحيان. فلعل اليوغانية يتوصلون إلى هذه النتيجة عينها بدون عامل مخرش، ببساطة بزيادة التنبيهات المعتادة المرافقة للتنفس بممارسة التركيز. إن هذا الاقتراح الذي جئنا على ذكره أعلاه[16] يمكن أن يكون بمثابة فرضية عمل. فالمنعكسات المتولدة اعتباراً من المجرى التنفسي العلوي هي في الواقع من التعقيد بمكان، وكما يؤكد وِدِّكومب، فإن "الأهمية الفسيولوجية للمنعكسات التنفسية الأنفية المنشأ هي قضية تخمين".[17] أما اليوغانيون فهم منكبون على ممارسات عملية لهذه المسألة منذ ألفي عام على الأقل. فأي مانع من أن يكونوا قد اكتشفوا أموراً ما نزال نجهلها؟

 

الصورة 8: إن إشراك جانوشيراسانا مع أودِّيانا–باندها يسمح بإجراء تمسيد للأحشاء البطنية. وتؤدي ممارسته إلى تحسن ملحوظ في حالات السكري الخفيف.

 

إن تناقص الاستقلاب القاعدي لدى اليوغانيين المدفونين أحياء كان موضع بحث أنند ومعاونيه[18] على فرد قادر على المكوث مدة تتراوح بين 8 إلى 10 ساعات في صندوق زجاجي محكم الإغلاق. لقد كان استهلاك هذا "الفقير" للأكسجين في المتوسط 13 ل/سا، بينما كان الاستهلاك القاعدي المقاس قبلئذٍ مقدَّراً بـ 19,5 ل/سا. وفي نهاية التجربة كان هواء الصندوق يحوي 15 % أكسجين و 5 % بلا ماء الكربون بدون أن يحرض هذا فرط تنفس hyperpnea أو تسرعاً قلبياً tachycardia كما هي الحال عادة. هذا الانخفاض في استهلاك الأكسجين مرتبط، أغلب الظن، بنقص في القوة العضلية. ففي الحالة السوية، في وضع الراحة وحتى في أثناء النوم، لا تسترخي العضلات كل الاسترخاء؛ فهي تحتفظ بمقوِّية تستلزم إنفاقاً في الطاقة واستهلاكاً للأكسجين غير مهمل. فلعل فقير التجربة التي نحن بصددها كان قادراً على رخي عضلاته بما يتعدى الحدود التي يبلغها الإنسان السوي عادة في وضع الراحة.

استكمالاً للموضوع يجدر بنا أن نشير أخيراً إلى أن إمساك النفَس المديد الممارَس في البراناياما يمكن أن يؤثر في عمل المخ بإنقاص نسبة الأكسجين وبرفع نسبة غاز الكربون في الدم الجاري. أما تركيز الانتباه على الشجرة القصبية فيقود على المدى الطويل إلى حالات نوامية. وقد وُصِفت فنون مشابهة لفنون اليوغا بوصفها مناهج للتحريض الذاتي للنوام.[19]

 

الصورة 9: أردها–ماتسييندراسانا من أوضاع الفتل العديدة المستعملة في الهاتهايوغا لإكساب العمود الفقري مرونة فائقة.

 

التأمل والتحكُّم بالانتباه

التأمل meditation نوع من التفكُّر العميق المديد، يقوده ويشكل محوره منهاج واضح قائم على تركيز ذهني متحرِّر، قدر الإمكان، من الأفكار المسبقة والنماذج الذهنية التقليدية. وهو، من حيث المبدأ، قد يتناول بالتركيز أي موضوع كان، شريطة أن ينكب عليه الذهن بدأب وعناية. كما أنه يتطلب عند المبتدئ (أي القادر على التركيز الذهني التام) بذل طاقة نفسية كبيرة ومجهود منطقي لا يستهان به – تحليلي أولاً ثم تأليفي –؛ الأمر الذي يميِّز التأمل عن "الشرود" الذي يمثل فوضى ذهنية مطبقة من جهة، وعن التداعي الحر الذي تتوالى فيه الأفكار بدون تنظيم أو منهجية واضحين من جهة ثانية.

يدأب المتأمِّل، شيئاً فشيئاً، على تحقيق انتباه داخلي يقظ، وحضور ذهني تام في الآنة الراهنة، تكون فيه الملكة الذهنية فيه في حالة من السكون، تحجم فيها تماماً عن الانصياع لجدول التداعيات، أو لمراكمة الخواطر، وتخف فيها الحاجة إلى تشييد نماذج ذهنية معقدة عن الذات، وصولاً إلى حالة يستغرق فيها الذهن والإدراك كله في وعي جديد، علوي،[20] ويتلاشى فيه تماماً كل نموذج ذهني، كما تزول أصلاً الحاجة إلى بناء نماذج ذهنية لصوغ معرفة المتأمِّل لنفسه وللعالم. في هذا الوعي يزول كل تمييز قائم على النمذجة الذهنية بين "الأنية" و"الهوية"، بين ذات تعرِف وموضوع يُعرَف، بين الراصد والمرصود، بين العقل والطبيعة، فيعي الإنسان أنه والوجود كلَّه من ماهية واحدة.

الصورة 10: كورماسانا، أو جلسة السلحفاة. مهما بدت فنون الهاتهايوغا بهلوانية في ظاهرها فإنها تكرس وضعيات تشريحية ووظيفية يكون فيها الجسم البشري وعاءً لطاقة لطيفة تتخلله وتنقِّيه. على هذا الأساس، يتعدَّى تأثير وضعية كهذه المستوى البدني البحت إلى المستوى النفساني.

 

أما وقد حاولنا من جانبنا أن نعرِّف بالتأمل كما نفهمه،[21] يجدر بنا أن نميِّز، ولاسيما في الراجايوغا، بين الممارسة – أي التمارين النفسية–الذهنية التي يلقنها الأستاذ للمريد –، وبين الحالة النفسية الناجمة – أي ما يستشعره المريد ذاتياً في أثناء هذه الممارسة أو بعدها –، وبين المشاهدات التي يقوم بها موضوعياً راصد خارجي، إما مباشرة، وإما بأدوات قياس، كالتخطيط الكهربائي للدماغ. فعند اليوغانيين، كما رأينا أعلاه، ينبغي أن يكون الانتباه شديداً ومتواصلاً ومثبَّتاً على نقطة واحدة (إيكاكرا ekagra). وقد يكون موضوع التثبيت موضوعاً خارجياً، أو نقطة من البدن، أو صورة ذهنية. وقد يكون أحياناً صوتاً، حقاً أو متخيَّلاً. إن شدة القدرة على الانتباه تمارَس وتقوَّى بتمرينات تشكل رياضة حقيقية لهذه الملَكة. ذلكم هو دهارنا dharana الذي يقود الإمعان فيه إلى التأمل (دهيانا dhyana) فإلى الاستغراق (سمادهي samadhi). أما استمرارية الانتباه فغير ممكنة بالطبع ما لم يكن الفرد قادراً على الانقطاع عن العالم الخارجي، أي على قطع حقل وعيه عن كل شرود تتسبب فيه الرسائل الحواسية أو الصور والذكريات والانطباعات الداخلية والمعلومات "المعالَجة" المخزونة في الذاكرة عموماً. بيد أن ثمة سؤالين ينطرحان على الذهن: هل مثل هذا القطع، مثل هذا الانفكاك ممكن حقاً، أم أنه ليس إلا زعماً من محض الخيال؟ وإذا كان الانفكاك التام ممكناً ففي أي حالة نفسية وذهنية يكون اليوغاني عندئذٍ؟ هل هو واعٍ أم غير واعٍ – نائم مثلاً؟ وإذا كان واعياً، فأي شكل من أشكال الوعي هو وعيُه؟

 

الصورة رقم 12 الصورة رقم 11
Iode

تؤثر الآسنا، بحسب اليوغانيين، على أجهزة أو مناطق محددة تأثيراً نوعياً، سواء آلياً أو بتعديل التوعية الدموية. هكذا قد يسمح شارفانغاسانا، أو وضع الشمعة (الصورة 11) بتنظيم الوظيفة الدرقية، في حين قد يؤثر بهوجونغاسانا، أو وضع الثعبان (الصورة 12) في الغدة الكظرية (فوق الكلية) والناحية الكلوية على العموم. وتؤكد معايرة الهرمون الدرقي (اليود الدرقي) والهرمون الكظري (الكورتيزيول) في مصل الدم لدى عشرة أشخاص، قبل وبعد اتخاذ هذين الوضعين (الرسم البياني 3)، هذه التصريحات تأكيداً جزئياً. فالوظيفة الدرقية لا تتعدَّل على ما يبدو؛ بالمقابل فإن شارفانغاسانا يخفض نسبة الكورتيزول المصلي خفضاً ملموساً، في حين أن بهوجونغاسانا يزيد منها. لهذه النتائج الأخيرة مدلولات إحصائية هامة. وبالطبع، لا تسمح هذه التجربة بالتسرُّع في تبنِّي استنتاجات حول التأثير المديد الناجم عن ممارسة طويلة.

 

بالوسع في الوقت الحاضر أن نجيب على هذين السؤالين إجابة جزئية. الانفكاك – وإن لم يكن تاماً فعلى الأقل متقدم جداً – أمر ممكن.[22] وتشير إلى شيء من هذا القبيل أبحاث كهربائية دماغية عديدة نسبياً، أُجري أكثرُها برهاناً على أربعة يوغانيين في حالة تأمل.[23] لقد أُخضِع الأفراد لمنبِّهات خارجية المنشأ (إضاءات قوية، صخب شديد، ذبذبات)، أو حتى لاختبارات موجعة عادة (حروق، غمر الساعد في الماء المثلج)، بدون أن يظهر عليهم أي رد فعل خارجي. والمدهش أن المخطط الكهربائي الدماغي المسجَّل إبان مدة التجربة كاملة لا يُظهِر أي تبدل طارئ. فإذا لبث اليوغانيون غير قابلين للزعزعة فليس هذا بفضل قدرة "رواقية" على ضبط النفس وعدم الاكتراث بالألم، بل هو على العكس تماماً نتيجة عدم وصول أي تنبيه إلى قشر المخ أصلاً. وتبيِّن بحوث تجريبية أضحت تقليدية أهمية دور الانتباه المركَّز في توسيع أو تثبيط كمونات العمل المحرَّضة على مستوى المراكز العصبية من جراء منبهات خارجية المنشأ. فإذا لفت وجود فأر انتباه قطة فإن الأثر الناتج عادة عن صوت على مستوى المراكز السمعية يكاد ينعدم تماماً.[24] وهذه الظواهر تستلزم اشتراك التشكُّل الشبكيreticular formation الذي بات دوره معروفاً في حالات الصحو والنوم.

  الصورة رقم 13

إن ممارسة ناولي (الصورة 13) تسمح بتوليد ضغط سلبي هام داخل جوف البطن، كما يبيِّن ذلك التسجيل الذي تم الحصول عليه باستخدام مسبار موضوع في المعدة (الرسمان البيانيان 4). بهذا يصير من الممكن تفسير قدرة اليوغانيين على امتصاص سائل عبر المستقيم أو المثانة بدون الحاجة إلى سيطرة مباشرة على كل من هذين العضوين. ويرينا المخطط تأثير أودِّيانا وحده (U) وناولي (MN)؛ ويشير R إلى نهاية التمرين و DI و DE إلى الشهيق وإلى الزفير العميقين اللذين يسبقانه. نقلاً عن:

Swami Kuvalayananda & P. V. Karambelkar, Yoga-Mimamsa, 6, n° 4, 273-281, mars 1957.

 

تتمة البحث...


[1] نص الـيوغاسوترا الذي اعتمدناه في هذا البحث هو:

The Yoga Sûtra of Patanjali (with Vyâsa’s Commentary), Woods’ translation, Harvard Oriental Series XVII, Cambridge (Mass.) 1927.

[2] حاولنا أن نقدم إجابة على هذا التساؤل في بحث آخر لنا بعنوان: "اليوغا: فلسفة الانعتاق والاتحاد".

[3] أصل هاتها من ها ha، الشمس، وتها tha، القمر. هذا التضادُّ يقابل مقولتي الـيَنغ yang والـيِن yin في الطاوية الصينية، البرودة والحرارة. تقابل الشمس والقمر أيضاً برانا prana، هواء الشهيق، وأبانا apana، هواء الزفير، اللذين يتحدان في براناياما، شوط ضبط التنفس.

[4] أنظر:

E. Schreider, « Les régulations physiologiques : révision biométrique du problème de l’homéostasie », Biotypologie, 1958, 19, p. 125.

عن: جان جورج هنروت، "اليوغا والبيولوجيا".

[5] راجع:

Mircea Eliade, Le yoga, immortalité et liberté, Paris, 1977 ; Patanjali et le yoga, Paris, 1962.

[6] راجع: اِرنست وود، اليوغا: فلسفة الانعتاق والاتحاد، بترجمة ديمتري أفييرينوس، دمشق، 1986، للوقوف على خبرة إنسان غربي في مجال اليوغا، حاول أن يقدم الـراجايوغا بلغة يفهمها الإنسان الحديث، وكذلك:

B. K. S. Iyengar, The Illustrated Light on Yoga (Yoga Dipika), London, 1993; Selvarajan Yesudian & Elisabeth Haich, Yoga and Health, London, 1982; K. S. Joshi, Yoga and Personality, Allahabad, 1967.

[7] راجع:

Jean-Georges Henrotte, « Yoga et biologie », Atomes, Nº 265, pp. 283-92.

[8] بخصوص التطبيقات الطبية الممكنة لليوغا أنظر:

« Yoga et médecine », interview de J.-G. Henrotte, Medica, Nº 69, mars 1968.

[9] أنظر:

E. Schreider, « Suppression de l’accélération cardiaque à l’effort chez l’homme couché », Biotypologie, 1959, 20, pp. 1-5.

عن: جان جورج هنروت، "اليوغا والبيولوجيا".

[10] راجع: E. Schreider, Biotypologie, 1965, 26, pp. 213-19. عن: جان جورج هنروت.

[11] عن: جان جورج هنروت، ص 286.

[12] أنظر:

Paul Chauchard, Hypnose et suggestion, Coll. « Que sais-je ? » nº 457, Paris, 1981, pp. 26-7.

[13] أنظر:

J. H. Schultz, Le Training autogène, 4e éd. complétée, PUF, Paris, 1968.

[14] أنظر:

Th. Brosse, « Études instrumentales des techniques du yoga : expérimentation psychosomatique », École Française d’Extème-Orient, Nº LII, Paris, 1963.

[15] أنظر:

M. A. Wenger, B. K. Bagchi & B. K. Anand, Circulation, 1961, 24, pp. 1319-25.

[16] راجع الحاشية 8.

[17] بخصوص المنعكسات التنفسية ونتائجها غير المتوقعة غالباً راجع:

Samson Wright, Physiologie appliquée à la médecine, 2e éd., Paris, 1980, pp. 210-4.

[18] أنظر:

B. K. Anand, G. S. Chhina & B. Singh, Ind. J. Med. Res., 1961, 49, pp. 82-9.

[19] نذكر من هذه المناهج الصوفرولوجيا Sophrologia التي وضع أسسها الطبيب الإسباني كايسيدو، ولاسيما طريقته في "الاسترخاء الدينامي". للمزيد راجع:

Henri Baruk, L’hypnose, Coll. « Que sais-je ? » nº 1458, Paris, 1981, pp. 103-10 ; Ch. H. Godefroy, La dynamique mentale: autosuggestion, télépathie, intuition, sophrologie, Éd. Marabout, 1979, pp. 45-64.

[20] اصطلح بعضهم على تسمية هذا الوعي بـ"الوعي الكوني" Cosmic Consciousness أو "الوعي الفائق" Superconsciousness.

[21] وكما تلقينا أسسه مشافهة من معلِّمنا الأستاذ ندره اليازجي.

[22] نشير هنا إلى أن هذا الانفكاك الناتج عن تحكُّم اليوغاني بطرقه الحواسية لا يمتُّ بصلة إلى الحالة الذهنية الناجمة عن الحرمان من الإحساسات الخارجية. ففي تجارب الحَجْر في غرفة مظلمة ومعزولة صوتياً تشاهَد خطوط كهربائية دماغية شبيهة بنظيراتها إبان النوم، الأمر الذي لا يشاهَد أبداً في التأمل.

[23] أنظر:

B. K. Anand, G. S. Chhina & B. Singh, “Some Aspects of Electro-encephalographic Studies in Yogis”, Electroencephal. Clin. Neurophysiol., 1961, 13, pp. 452-6.

[24] أنظر مثلاً:

Samson Wright, op. cit., pp. 396-7.

 

 الصفحة الأولى

Front Page

 افتتاحية

Editorial

منقولات روحيّة

Spiritual Traditions

 أسطورة

Mythology

 قيم خالدة

Perennial Ethics

 ٍإضاءات

Spotlights

 إبستمولوجيا

Epistemology

 طبابة بديلة

Alternative Medicine

 إيكولوجيا عميقة

Deep Ecology

علم نفس الأعماق

Depth Psychology

اللاعنف والمقاومة

Nonviolence & Resistance

 أدب

Literature

 كتب وقراءات

Books & Readings

 فنّ

Art

 مرصد

On the Lookout

The Sycamore Center

للاتصال بنا 

الهاتف: 3312257 - 11 - 963

العنوان: ص. ب.: 5866 - دمشق/ سورية

maaber@scs-net.org  :البريد الإلكتروني

  ساعد في التنضيد: لمى       الأخرس، لوسي خير بك، نبيل سلامة، هفال       يوسف وديمة عبّود