|
إيكولوجيا عميقة
عندما نشرت راشيل كارسون كتابها الربيع الصامت، كناية عن موت الطيور بسبب المبيدات الزراعية، أثارت انتباه الرأي العام والأوساط الفكرية والعلمية والسياسية إلى المشكلات البيئية التي بدأت تلوح آثارها في أفق حياتنا، والتي تصاعدت وتيرتها لتتحول إلى أزمة شاملة تضع مصير البشر والأحياء والأرض على حافة الخطر. وقد واكبت الفروع المعرفية المختلفة، من فلسفة وعلم نفس وعلم اجتماع وغيرها، هذه الأزمة وبحثت في جذورها وتجلياتها فنشأت تيارات فكرية متنوعة ترى المشكلات البيئية وفق منظور يختلف عن منظور البحوث العلمية البحتة لتربطها بالنظرة إلى العالم وبالقيم والأفكار السائدة في الحضارة المعاصرة، وبنمط العيش الذي نشرته وعممته في كافة أرجاء الأرض.
يشير علم النفس الإيكولوجي إلى تنوع من المساعي والمحاولات لربط الفهم والطرائق المستخدمة في كل من الإيكولوجيا وعلم النفس، وذلك بغرض تشجيع علاقات سليمة بين البشر وكوكب الأرض. يرى الأساس النظري لعلم النفس الإيكولوجي أن كوكب الأرض منظومة حية. الكائنات البشرية ونفوسهم وكذلك منتجاتهم وثقافاتهم هي أجزاء جوهرية ومتكاملة في هذه المنظومة. تستند ممارسة علم النفس الإيكولوجي على الاعتراف بأن حاجات الأرض وحاجات الفرد البشري متواكلة interdependent ومترابطة وبأن السلامة البشرية ينبغي أن تتضمن علاقات قوية متبادلة ومستدامة sustainable مع العالم الطبيعي. يأتي في قلب علم النفس الإيكولوجي فهم مقومات علاقات سليمة بين البشر والأرض. ثمة وجهان لهذه العلاقة مهمان على نحو خاص، وسوف نتعرض لهما بإيجاز: الهوية والوعي.
|
|
|