تدعم
كل التعاليم الدينية العالمية "الوحدة الأساسية للعائلة البشرية على
الأرض" - كما جاء في كلمات البرلمان العالمي للأديان (12 - 1993). وليس
من المفاجئ أن أشهر قادة اللاعنف من أمثال أنغ سان سو كي
Aung San Suu Kyi
وعبد الغفار خان
Abdul Ghaffar Khan
وكينغ وغاندي بالطبع يستقون من أديانهم كمصدر إلهام، وأحيانًا يستقون
من الممارسات الروحية لهذه الأديان، لامتلاك القوة على الرؤية والعمل
اللاعنفي في وجه الأخطار أو الاعتداءات.
سواء كانت لدينا ميولاً دينية أو لم تكن (وهي الحالة السائدة في هذه
الأيام) يتطلب التعمق في مصادر اللاعنف معرفةَ أننا، وكما جاء في كلمات
كينغ عندما كان في سجن برمنغهام، "مرتبطون بمصير واحد". لابدَّ
أن هناك شيء من الوحدة حتى مع خصومنا، وبعض الثقة بإمكانية التواصل
معهم بغض النظر عن مدى عنف حالتهم العقلية الآنية. علينا أن ندرك بأننا
نملك مصادر داخلية تجعل من اعتمادنا على الأسلحة أو الأرقام أو المال
غير ضروري، وتقول بوجود معنىً للوجود تمامًا كما تقول بأنَّ لكل مشكلة
حل دون التسبب بالأذى لأيٍّ كان.
يقول أدولفو بيريز اسكويفل، وهو من قادة هذا النضال:
...اللاعنف هو قوة الناس الذين لا حول لهم، إنه سلاح الفقراء. لذا فهو
في جوهره شعبي وشراكي. إنه ليس نضالاً تخوضه نخبة...
...من هنا نرى أن هذا الخيار أقرب إلى الديمقراطية، أنه يحترم القاعدة
الشعبية، أنه يستند إلى قدرة البسطاء على الإبداع، وخاصة أنه أكثر
فعالية لأنه يدرج عددًا أكبر من الأشخاص في دينامية التحرير التاريخية.
إن أدهى ما تعاني منه الجماعات المغلوبة على أمرها هو شعورها بالعجز
والانتقاص، وهي بسبب من ذلك تتبنَّى رأي المتسلطين بها وحكمهم عليها
بالدونية، ذلك الحكم الذي يبررون به تسلطهم من جهة ويدعمونه من جهة
أخرى إذ يوهمون الخاضعين لهم بصحته فيعطلون بذلك قدرتهم على الانتفاض
والمقاومة، والمقهورون موضوع قابل، كما رأينا لتقبل هذا الوهم نظرًا
للوضع الدوني الذي يعانون منه ولاستعدادهم لقبول ما يصدر عن القوي من
أحكام... أما النضال اللاعنفي فإنه على قدر مشاركة الجماهير العريضة
فيه، يعيد لتلك الجماهير – وليس لمن يناضلون باسمها فحسب – الشعور
بقيمتها وقدراتها.