|
إضاءات
لعل إحدى أهم ميزات الأيام العصيبة التي نعيش أنها جعلت شعبًا بكامله يهتم بالجغرافيا السياسية. فالإنسان السوري العادي، ببساطته وعفويته، بات يحلل ويناقش خلفيات ما يجري من أحداث تختلف المواقف والتقويمات حولها بين مؤيدين للنظام يربطون كلَّ ما يجري بـ"مؤامرة كونية" ضد ما يعتقدون أنه حكم "ممانع" تؤيده أغلبية الشعب، وبين معارضين لهذا النظام يربط الكثير منهم ما يجري بمؤامرة كونية معاكسة للأولى تعطي هذا النظام الفرصة تلو الأخرى، ومنذ أكثر من عام ونصف، كي يسحق معارضيه، ويقتل شعبه ويقمع تطلعاته المشروعة. والجميع يفكِّر ويتساءل ويتابع باهتمام بالغ الأخبار والتحليلات. والكلُّ يضرب الأخماس بالأسداس محاولاً فهم ما يجري وإلى أي مآل ستقودنا الأحداث.
تمهيد: تهدف هذه المساهمة إلى تقديم تصور أولي وعام حول مشروع تجديد مناهج التفكير في النص الديني من خلال دراسة ثنائية "المداخل الفكرية" و"الأدوات المعرفية" باعتبارهما يشكلان معًا دعامتها الأساسية، ويصوغان جهازها المعرفي النظري والتطبيقي، ويعملان على تحديد بنية نظمها المعرفية حسب السقف المعرفي والمتاح الفكري زمن إنتاجها، ويقبلان التطور والتجاوز الحتميين، في إطار جدل معرفي يتسامى على العقدي والقبلي والإيديولوجي... لم يخالف في ذلك إلا رواد المدرسة التراثية ومن تبعهم. في البداية أود أن أحدد الجهاز المفاهيمي الذي أطر كل الطروحات الفكرية التي أثيرت في هذه الدراسة وذلك بشرح مفردات عنوانها: "جدل الفكري والأداتي في مناهج التفكير في النص الديني نحو مشروع للاستيعاب والتجاوز"، جاء في معجم مقاييس اللغة لابن فارس: الجيم والدال واللام (جدل) أصل واحد، وهو من باب استحكام الشيء في استرسال يكون فيه، والجدل عند هيجل: انتقال الذهن من قضية ونقيضها إلى قضية ناتجة عنهما، ثم متابعة ذلك حتى نصل إلى المطلق، فمن الاستحكام في استرسال وانتقال الذهن بالتناقض إلى النتائج تتحدد معاني الجدل المراد في هذه الدراسة...
كلمتان تخرجان من رحمٍ واحدة. أختان في اللغة وفي الحياة. ولئن كانتا عدوَّتين في اللفظ، فإنهما صديقتان في المعنى: عرْشٌ / نعش. ولا أعرف بيقينٍ إن كان في نيتي أن أكتب هنا عنهما، في ذاتهما، أو عمَّا حولهما، أو عمَّا تختزن دخائل كلٍّ منهما، أو عمَّا تحتهما وفوقهما، أو عمَّا وراءهما، أو عمَّا يجاورهما. ذلك أنَّني لا أنْوي أن أتوسَّل الأبديَّةَ لكي تحوِّلَ أيامَ الأسبوع، عندي، إلى ثمانية أيام. مع ذلك، يعتملُ في نفسي، في اللحظة ذاتها، شعورٌ مضادٌّ: أن أحوِّل النيَّةَ إلى عمل. وماذا سيحدث؟
كلمة نانو nanos هي كلمة إغريقية وتعنى القزم dwarf، في العلوم والتقنية النانو مقياس يساوي جزءًا من المليار جزء من المتر (إذا قسمنا المتر إلى مليار جزء فإن جزءًا واحدًا منه يساوي نانومتر). النانومتر أصغر من قطر شعرة الإنسان بعشرات آلاف المرات، وأصغر من خلية الإنسان بآلاف المرات وأصغر من فيروس البرد على سبيل المثال بمئة مرة. وحيز النانو nanoscale هو الحيز الذي تعارف عليه العلماء والممتد من 0.2 نانومتر إلى 100 نانو متر، وهو الحيز الذي تشغله الذرات والجزيئات. وقد لاحظ العلماء أن خواص المواد في هذا الحيز الصغير تختلف اختلافًا جذريًا عن خواص مثيلاتها في الحيز الأكبر، فالمواد في هذا الحيز لها مواصفات وخواص فيزيائية وكيميائية فريدة. فتصغير حجم جسيمات مادة لتكون في حيز النانو وبدون تغيير في المادة نفسها يغير في خواصها مثل التوصيلية الكهربائية والمغنطيسية والقوة والنشاط واللون ونقطة الإنصهار وغيرها، وهي الخواص التي تعتبر ثابتة (كما في الجدول الدوري) لمادة معينة. خواص المواد تتغير بشكل ملحوظ جدًا حسب مكوناتها النانونية، فالمركبات المكونة من حبيبات في حجم النانو، سواء كانت سراميكيات أو معادن أو غيرها، تكون أقوى كثيرًا من مثيلاتها في الحجم الأكبر، كما أن المواد غير الموصلة للكهرباء قد تكون موصلة أو شبه موصلة في حيز النانو مثل الكربون، والمواد الخاملة قد تصبح نشطة جدًا، والمواد قد تغير من لونها وتكتسب عدة ألوان أخرى في هذا الحيز مثل الذهب.
يعتبر مفهوم الإيديولوجيا من أشيع المفاهيم وأكثرها تداولاً، لكن معناها يظل مع ذلك من أكثر المعاني إثارة للجدل، ومن ثمة فهو من أقل المفاهيم ثباتًا، فهو عند البعض مفهوم علمي حثمي، وعند الآخرين معنى مبتذل، بل يمكن أن يكون سبة كما نجد عند ريمون آرون، بل إن نهايتها وشيكة كما ينظر لذلك فوكوياما. وهذا الوضع يبين أن مفهوم الإيديولوجيا نفسه، هو موضوع لعملية "أدلجة" مكثفة. ويعتبر المفكر المغربي عبد الله العروي في كتابه مفهوم الإيديولوجيا، أن كلمة "إيديولوجيا" دخيلة على جميع اللغات الحية، فهي لغويًا تعني في أصلها الفرنسي "علم الأفكار" كما أصَّل لها الفيلسوف الفرنسي ديتوت دى تراسي tracy De (1754- 1836). وكلمة إيديولوجيا Ideology كلمة يونانية تتكون من مقطعين، المقطع الأول Idea ويعنى الفكرة، والمقطع الثاني Logos يعني العلم فتكون الترجمة الحرفية "علم الأفكار"، وقد تأثر دي تراسي بالنظرية التجريبية للفيلسوف الإنجليزي جون لوك، كما تأثر بمذهب الفيلسوف الفرنسي كوندياك الذي يرد كل معرفة أو إدراك إلى أصول حسية بحثة، لكنها لم تحتفظ (أي الإيديولوجيا) بالمعنى اللغوي.
لا يقرُّ الفقه الإسلامي، قديمًا وراهنًا، بالمساواة في الحقوق والواجبات ما بين مواطني الدولة القائمة على الشريعة الإسلامية. هذا الفقه، وإن زعم تبنِّيه المواطنة أساسًا للحكم، لا يزال يميِّز بين المواطنين على أساس دينيٍّ ومذهبيٍّ. أمَّا حين يتحدَّث بعض الفقهاء والمفكِّرين الإسلاميين عن المواطنة، فتراهم يضعون استثناءات أو تحفُّظات تشريعية عن مشاركة غير المسلمين في الدولة الإسلامية.
ماذا يمكن للفلسفة أن تفعل للسياسة؟ ماذا يمكن للفلسفة أن تفعل لعالمها أو لعصرها؟ وإذا كان الجواب: لا شيء، فإنَّ السؤال يُصبح عندها: ما الفائدة من الفلسفة إذن؟ كما كان الحال عليه دائمًا في تاريخ الفلسفة، وحدهم كبار الفلاسفة هم من يُقدِّمون أجوبة مختلفة على نفس السؤال. هكذا فقد أجاب هيغل مثلاً على مسألة دور الفلسفة في مؤلَّفه الشهير مبادئ فلسفة الحقِّ بما يلي: "إنَّ بومة منيرفا لا تفرد جناحيها إلا بعد أن يرخي الليل سدوله". بهذه النظرة يصوِّر هيغل الفلسفة بوصفها تأتي لاحقة على الحدث، بل وبعد فوات الأوان وهو يؤكِّد ذلك باستطراده أن الفلسفة لا تظهر "إلا بعد أن يُكمل الواقع سيرورة تعيُّنه". الآن لو قبلنا بما طرحه "هيغل" من لاحقية الفلسفة على الواقع فإنَّ السؤال يظلُّ مطروحًا: إذا كان الحال كذلك فماذا يمكن للفلسفة أن تُقدِّم لعصرها وعالمها الذين تأتي متأخرة عنهما بخطوة؟ يجيب هيغل على هذا السؤال بقوله إنَّ الفلسفة بوصفها "فكرة العالَم" لا تستطيع أن تقدِّم أكثر من وصفٍ وفهمٍ وتأويلٍ للعصر الذي وجدت فيه.
تناقلت وسائل الإعلام خبرًا مفاده أنَّ عائلة الأمير عبد القادر الجزائري وجَّهت إلى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة رسالة تطالبه فيها بالتدخل لدى السلطات السورية لإنقاذ حياة خلدون الحسني، أحد أحفاد الأمير عبد القادر، بعدما أصدرت إحدى المحاكم العسكرية السورية حكمًا عليه بالإعدام بتهمة التعدِّي على "حقوق الأمة السورية". أعاد هذا الخبر إلى الذاكرة اسم الأمير الجزائري والدور الذي لعبه في الدفاع عن مسيحيي دمشق أثناء الأحداث الطائفية التي امتدت من جبل لبنان إلى سوريا في صيف 1860. |
|
|