عرف
القرنُ المنصرمُ دراساتٍ عديدةً حول المخيال
lʼimaginaire
وتأثيره على الفرد والجماعة. وإن أول مَن تطرَّق إلى المخيال، في الحقيقة، هو
أرسطو، معبِّرًا عنه بكلمة
phantasma؛
وقد أخذه عنه الفلاسفة العرب، كالفارابي وابن سينا وابن رشد وغيرهم، وعبَّروا
عنه بكلمة "فانتاسيا". أما الفلاسفة المعاصرون الذين اهتموا بهذه المسألة فنذكر
منهم كانط وفيخته وشلِّنغ وغيرهم. ومع تطور علوم النفس والدراسات
الأنثروپولوجية، توسعت الدراسات وظهرت بحوث جديدة، كتلك التي قام بها جان پول
سارتر وجلبير دُوران. وقد أولى المفكر اليوناني كورنيليوس كاستورياديس الموضوعَ
أهميةً خاصة، حيث خصَّص له كتابًا بعنوان التأسيس الخيالي للمجتمع.
الفلسفة،
في لحظة البدء، محبة. والمحبة علاقة الكائن بالوجود، بكلِّ شيء.
ولذلك فإن الفلسفة تنطلق من لحظة التجلِّي وإشارات العشق إلى معرفة الإنسان
ومدى تطابُقه مع سرِّ المعرفة. الفلسفة إرادة المعرفة وفهم الأشياء باللغة.
والفيلسوف يشتهي المعرفة بجسمه وبأسئلة الوقت. الوجود قمر الذات. الذات
قمر الوجود. لحظة الكشف تومئ إلى الوحي الذي يصوغ معطيات الفكر. إن الفلسفة،
عبر تطورها، منذ سقراط وأفلاطون وأرسطو، تبحث عن معرفة الذات لنفسها.
والمعرفة تشكِّل صورتَها عبر التهكُّم أو المحاكاة أو المنطق. وليس غريبًا عن
الفلسفة أن تبحر في طقس الشعر لتعرف كُنْهَ الوجود من خلال الخيلولة التي تبعث
الكينونة.
ولعل ما نجده في أفلاطونيات أثينا يكشف عن إقصاء الشعراء من "المدينة الفاضلة"
التي الحُكم فيها للفلاسفة، باعتبارهم أصحاب المعرفة والحكمة وبوصفهم اكتشفوا،
بحدسهم الخلاق، وَهْمَ ظلال الشمس لحظة التقيد في "الكهف". ومنه فإن قصدية
النفي للشعر من طرف أفلاطون هو عدم تطابُق الخيال مع جوهر المعرفة والواقع.
تلقَّيتُ
نُسَخَ مجلتكم الرأي الهندي، فسررتُ بالغ السرور بقراءة كل ما يمت فيها
بِصِلةٍ إلى اللاَّمقاومة،
وأود أن أشاطرك الخواطر التي ألهمتْني إياها هذه القراءة.
كلما تقدمتْ بي السن – ولاسيما الآن وأنا أشعر بدنوِّ الأجل – أزداد رغبةً في
أن أقول للآخرين ما أستشعره بكلِّ قوة وما يتسم في نظري بأهمية بالغة – وأقصد
ما يُسمَّى باللاَّمقاومة، وإنْ لم يكن في الواقع غير شريعة المحبة وقد
تخلَّصتْ من تفسيراتها الزائفة كلِّها. يشعر كل إنسان ويتعرف في أعماق نفسه
(وهذا نراه في وضوح عند الأطفال) بأن المحبة – أي توق النفوس إلى الاتحاد
والسلوك الناجم عنه – هي شريعة الحياة الوحيدة والعليا؛ إنه يعرف ذلك مادامت لم
تغرِّر به تعاليمُ العالم الكاذبة. وهذه الشريعة أعلنها حكماءُ الكون جميعًا،
رومانًا كانوا أم إغريقًا أم يهودًا أم صينيين أم هندوسًا. وأعتقد أن أجلى
صياغة لهذه الشريعة جاء بها المسيح، الذي أكد حتى إنها تلخِّص الناموس
والأنبياء.